العصر الحجري القديم

عودة للموسوعة

العصر الحجري القديم

نظام الحقب الثلاث
هولوسين (عصر جيولوجي حديث) عصر تاريخي
عصر حديدي
  عصر برونزي أخير  
  عصر برونزي وسيط
  عصر برونزي مبكر
عصر برونزي
    عصر نحاسي    
  عصر حجري حديث
عصر حجري وسيط / Epipal.
عصر جليدي     عصر حجري قديم علوي  
    عصر حجري قديم وسيط
    عصر حجري قديم سفلي
  عصر حجري قديم
عصر حجري

العصر الحجري القديم (Palaeolithic) هوأطول أقدم العصور الحجرية وأطولها، بدأ في العالم (إفريقيا) منذ حوالي 2300000 سنة خلت، وانتهى في حدود 12000 ق.م، وهوعصر عاش فيه الإنسان متنقلاً، معتمداً في غذائه على الصيد وجمع النباتات والثمار، واستخدم بعض الأدوات التي خلق بعضها من حجر الصوان، والتي أصبحت المادة الرنيسية في دراسة أحوال (القناصون - الجماعون) من البشر في العصور السحيقة.

العصر الحجري القديم، أوعصر الباليوليت paléolithique مصطلح مستخدم منذ نحومنتصف القرن التاسع عشر، وهوذوأصل يوناني، palaios قديم وlithos حجر، وهوالعصر الذي يمثل الفترة الأولى والأطول من عصور ما قبل التاريخ préhistoire، أي العصور التي سبقت فهم الكتابة، وتسمى أيضاً العصور الحجرية.

بدأ الباليوليت مع ظهور الأدوات الحجرية الأولى، وذلك منذ 2.5 مليون سنة خلت تقريباً، بينما تُؤرخ نهايته منذ 12000 سنة تقريباً.

أقسام العصر الحجري

يُقسم العصر الحجري القديم إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي:

1- العصر الحجري القديم الأدنى (الباليوليت الأدنى) paléolithique inférieur: بدأ منذ نحو2.5مليون سنة، وانتهى منذ نحو200 ألف سنة خلت.

2- العصر الحجري القديم الأوسط (الباليوليت الأوسط) paléolithique moyen: بدأ منذ نحو200 ألف سنة خلت، وانتهى منذ نحو40 ألف سنة خلت.

3- العصر الحجري القديم الأعلى (الباليوليت الأعلى) paléolithique supérieur: بدأ منذ نحو40 ألف سنة خلت، وانتهى منذ نحو12 ألف سنة ق.م.


التطور البشري

This cranium, of Homo heidelbergensis, a Lower Paleolithic predecessor to Homo neanderthalensis and possibly Homo sapiens, dates to sometime between 500,000 to 400,000 BP.

Human evolution is the part of biological evolution concerning the emergence of humans as a distinct species.


الجغرافيا العتيقة والمناخ

The Paleolithic climate consisted of a set of glacial and interglacial periods

امتد مناخ العصر الحجري القديم ليغطي حقبتين جيولوجيتين تُعهدان بالاسمين Pliocene and the Pleistocene. Both of these epochs experienced important geographic and climatic changes that affected human societies.


Many great mammals such as wooly mammoths, wooly rhinoceros, and cave lions inhabited places like Siberia during the Pleistocene.
Paleoindians hunting a glyptodont. Glyptodonts were hunted to extinction within 2 millennia after humans' arrival to South America.
Currently agreed upon classifications as Paleolithic geoclimatic episodes
العمر
(منذ)
أمريكا اوروبا الأطلسية العربي اوروبا المتوسطية اوروبا الوسطى
10,000 سنة Flandrian interglacial Flandriense Mellahiense Versiliense Flandrian interglacial
80,000 سنة وسكنسن Devensiense Regresión Regresión فترة وسكنسن
140,000 سنة Sangamoniense Ipswichiense Ouljiense Tirreniense II y III Eemian Stage
200,000 سنة إلينوي Wolstoniense Regresión Regresión فترة ولستون
450,000 سنة Yarmouthiense Hoxniense Anfatiense Tirreniense I فترة هوكسنيان
580,000 سنة كانزس Angliense Regresión Regresión فترة كانزس
750,000 سنة Aftoniense Cromeriense Maarifiense Siciliense Cromerian Complex
1,100,000 سنة نبراسكا Beestoniense Regresión Regresión فترة بيستون
1,400,000 سنة interglaciar Ludhamiense Messaudiense Calabriense Donau-Günz


أهل العصر الحجري القديم

بطانة جيولوجية - الأنماط البشرية في ذلك العصر


خط لنا الكُتَّابُ عدداً ضخماً من الخط ليوسّع نطاق فهمنا بالإنسان البدائي، ويخفوا معالم جهلنا به، ونحن نهجر للعلوم الأخرى ذات الخيال المبدع مهمة وصف الناس في العصرين الحجريين القديم والحديث، ونكتفي هنا بما نحن مَعنِيُّون به، وهوتعقّب الإضافات التي أضافتها الثقافات الحجرية بعصريها القديم والحديث، إلى حياتنا المعاصرة.

إن الصورة التي ينبغي حتى نكونّها لأنفسنا بطانةً للسيرة التي نرويها، هي صورة أرض تختلف اختلافاً بيّنا عن الأرض التي تحملنا اليوم في حياتنا العابرة؛ هي صورة أرض من الممكن كانت ترتجف بأنهار الثلج التي كانت تجتاحها حيناً بعد حين، والتي جعلت من المنطقة المعتدلة اليوم منطقة متجمدة مدى آلاف السنين، وكوَّمَت جلاميد من الصخر مثل جبال الهمالايا والألب والبرانس، في طريق هذا المحراث الثلجي الذي كان يشق الأرض في سيره شقاً .

فلوأخذنا بنظريات الفهم المعاصر على سرعة تغيّرها قلنا إذا الكائن الذي أصبح فيما بعد إنساناً حين تفهمّ الكلام، كان أحد الأنواع القادرة على الملاءمة بين نفسها وبين البيئة، التي بقيت بعد هذه القرون المتجمدة بجليدها؛ وبينما كان الجليد يتراجع في المراحل التي تتوسط العصور الجليدية، "بل قبل ذلك بكثير فيما نفهم" استكشف هذا المخلوق العجيب النار، وطَوَّرَ فنَّ نحت الصخر والعظم ليصنع أسلحة وآلات، فمهد السبيل بذلك لقدوم المدنيَّة.

ولقد وجدت بقايا كثيرة ترجع إلى هذا الإنسان السابق للتاريخ- ولوحتى هذه المعلومات أصابها كثير من التعديل فيما بعد- ففي سنة 1929 كشف صيني شاب عالم بالحفريات الحيوانية والنباتية، وهو"و.س.بي" W.C.pei في كهف عند "تشوكوتين"- وهويبعد عن "بيبين" Peiping نحوسبعة وثلاثين ميلاً- عن جمجمة، وقد نطق عنها فهماءُ خبراءُ مثل "الأب بريل" Abbe Breuil و"ج.إليَت سمث" G. Eliot Smith أنها جمجمة بشرية ووجدت آثار من النار بالقرب من الجمجمة؛ كما وجدت أحجار استخدمت آلات بغير شك؛ لكنهم وجدوا كذلك عظام حيوان ممزوجة بتلك الآثار، أجمع الرأي على أنها ترجع إلى عصر البليستوسين الأول وهوعصر تاريخه مليون سنة مضت(3)؛ هذه الجمجمة التي وجدت عند "بيبين" هي بإجماع الآراء أقدم ما نعهد من القواقع البشرية، والآلات التي وجدت معها هي أقدم مصنوعات في التاريخ؛ وكذلك وَجَدَ "دُوسُن" Dawson و"وُودوُورد" Woodward عند "بلِتداون" في مقاطعة سَسِكس بإنجلترا، سنة 1911 قطَعاً من العظم يمكن حتى تكون بشرية، وهي التي تعهد اليوم باسم "إنسان بلِتداون" أوباسم "يوانتروبس" Eoanthropus "معناها إنسان الفجر" والتاريخ الذي يحددونه يتراوح على مسافة طويلة من الزمن، من سنة مليون إلى 000ر125 ق.م؛ ومثل هذه التخمينات يدور أيضاً حول عظم الجمجمة وعظم الفخذ التي وجدت في جاوة سنة 1891 وعظمة الفك التي وجدت قرب هيدلبرج سنة 1907؛ وأقدم القواقع التي لا ريب في أنها بشرية وجدت في "نياندرتال" بالقرب من دسلدورف بألمانيا سنة 1857، وتاريخها فيما يظهر هوسنة 000ر40 قبل الميلاد، وهي تشبه البقايا البشرية التي كُشف عنها في بلجيكا وفرنسا وأسبانيا بل وعلى شواطئ بحر جاليلي؛ حتى لقد صَوَّر الفهماء عصراً بأسره من "إنسان النياندرتال" ساد أوربا منذ حوالي أربعين ألف عام قبل عصرنا هذا؛ وكان هؤلاء الناس قصاراً، لكن لهم جماجم سعة الواحدة منها 1600 سنتيمتر مكعب أي أنها أكبر من جمجمة الرجل في هذا العصر بمائتي سنتيمتر مكعب(4).

ويظهر حتى قد حل جنس حديث اسمه "كرو- مانيون" Cro-Mangon حول سنة 000ر20 ق.م محل هؤلاء السكان الأقدمين لأوربا، كما تدلنا الآثار التي كُشف عنها (سنة 1868) في مغارة بهذا الاسم في منطقة "دوردوني" في فرنسا الجنوبية؛ ولقد استخرجت بقايا كثيرة من هذا النمط ترجع إلى العصر نفسه؛ من مواضع مختلفة في فرنسا وسويسرا وألمانيا وويلز. وكلها تدل على قوم ذوي قوة عظيمة وقوام فارع يتراوح طوله من خمس أقدام وعشر بوصات إلى ست أقدام وأربع بوصات ولهم جماجم سعة الواحدة منها تختلف من 159 إلى 1715 سم مكعب(5)، وتعهد فصيلة "كرو- مانيون" كما تعهد فصيلة "نياندرتال" باسم "سكان الكهوف" ذلك لأن آثارهم وجدناها في الكهوف، لكن ليس هناك مرشد واحد على حتى الكهوف كانت جميع ما لديهم من المساكن؛ فقد يحدث ذلك سخرية بنا من الزمن، أعني حتى فهماء الحفريات لم يجدوا من آثار هؤلاء الناس إلا آثار من سكنوا الكهوف ولاقوا فيها مناياهم؛ والنظرية الفهمية اليوم تمضى إلى حتى هذه الفصيلة العظيمة إنما اتىت من آسيا الوسطى مارة بإفريقية. حتى بلغت أوربا، وأنها شقت طريقها فوق جسور من اليابس ينطق أنها كانت عندئذ تربط إفريقية بإيطاليا وأسبانيا(6). وأن كيفية توزيع هذه القواقع البشرية ليميل بنا إلى الظن بأنهم لبثوا عشرات من السنين بل من الممكن لبثوا قروناً طوالا يقاتلون فصيلة "نياندرتال" قتالا عنيفاً لانتزاع أوربا من أيديهم. إلى غير ذلك ترى حتى النزاع بين ألمانيا وفرنسا ضارب بجذوره في القدم؛ ومهما يكن من أمر فقد زال إنسان "نياندرتال" عن ظهر الأرض حيث عمرها إنسان "كرو- مانيون" الذي أصبح السلف الأساسي الذي عنه اتىت أوربا الغريبة الحديثة، وهوالذي وضع أساس المدنية التي انتهت إلى أيدينا اليوم.

إن الآثار الثقافية لهذه الأنماط البشرية التي بقيت في أوربا من العصر الحجري القديم تقع في سبعة أقسام رئيسية تختلف باختلاف المواضع التي وجدنا فيها أقدم الآثار أوأهمها في فرنسا. وكلها جميعاً إنما تتميز باستخدام آلات غير مصقولة؛ والأقسام الثلاثة الأولى منها قد تم لها التكوين في الفترة المضطربة التي توسطت العصرين الجليديين الثالث والرابع.

1- الثقافة "أوالصناعة" السابقة للعهد الشيلي Pre-Chellean وهوعصر يقع تاريخه حول سنة 000ر125 ق.م ومعظم الأحجار الصوّانية التي وجدناها في هذه الطبقة الوطيئة من طبقات الأرض لا تدل دلالة قوية على حتى أهل ذلك العصر قد صاغوها بصناعتهم والظاهر أنهم قد استخدموها كما صادفوها في الطبيعة (ذلك إذا كانوا قد استخدموها إطلاقا) لكن وجود أحجار كثيرة بينها لها مقبض يلائم قبضة اليد، ولها حَدُّ وَطَرَفُ "إلى حَدّ ما" يجعلنا نزعم هذا الشرف للإنسان السابق للعهد الشيلي، شرف صناعة أول آلة استخدمها الأوربيون، وهي المدية الحجرية.

2- الثقافة الشيلية ويقع تاريخها حول سنة 000ر100 ق.م وقد تحسنت فيها الآلة بإرهاف جانبيها إرهافاً على شيء من الغلظة وبتدبيبها بحيث تتخذ شكل اللوزة، ثم بتهيئتها تهيئة تكون أصلح لقبضة اليد البشرية.

3- الثقافة الأشولية Acheulean ويقع تاريخها حول 000ر75 ق.م ولقد تخلفت عنها آثار كثيرة في أوربا وجرينلندة والولايات المتحدة والمكسيك وإفريقية والشرق الأدنى والهند والصين؛ وهذه الفترة لم تُصلح من المدية الحجرية إصلاحاً يجعلها أكثر تناسقاً وأحَدَّ طرفا فحسب، بل أنتجت إلى جانب ذلك أنواعاً كثيرة من الآلات الخاصة كالمطارق والسندانات والكاشطات والصفائح ورءوس السهام وسنان الرماح والمدى، وفي هذه الفترة تستطيع حتى ترى صورة تدل على فترة نشيطة للصناعة البشرية.

4- الثقافة الموستيرية Mousterian، وتوجد آثارها في القارات كلها، مرتبطة ارتباطاً يسترعي النظر ببقايا إنسان النياندرتال، وذلك في تاريخ يقع على نحوالتقريب ق.م بأربعين ألفا من السنين؛ والمدية الحجرية نادرة نسبيا بين هذه الآثار، كأنما أصبحت عندئذ شيئا عفا عليه الزمان وحلّ محله شيء جديد؛ أما هذه الآلات الجديدة فقوام الواحدة منها رقيقةّ واحدة من الصخر، أخف من المدية السابقة وزنا وأرهف حَداً وأحسن شكلا، صنعتها أيد طال بها العهد بقواعد الصناعة؛ فإذا صعدت طبقة من الأرض في طبقات العهد البليستوسيني في جنوب فرنسا وجدت بقايا الثقافة التالية.

5- الثقافة الأورجناسية Aurignacian وتقع حول عام 000ر25 ق.م، وهي أول المراحل الصناعية بعد أعصر الجليد، وأولى الثقافات المعروفة لإنسان "كرو- مانيون"؛ وهاهنا في هذه الفترة أضيفت إلى آلات الحجر آلات من العظم- مشابك وسندانات وصاقلات الخ- وظهر الفن في نقوش غليظة منحوتة على الصخر، أوفي رسوم ساذجة بارزة، أغلبها رسوم لنساء عاريات(7) ؛ ثم اتىت في فترة متقدمة من مراحل تطور إنسان "كرومانيون" ثقافة أخرى، هي؛

6- الثقافة "السُّولَترْيه" Solutrean التي ظهرت حول سنة 000ر20 ق.م في فرنسا وأسبانيا وتشيكوسلوفاكيا وبولندة؛ وهنا أضيفت إلى أسلحة العهد الأورجناسي السالف وأدواته، مُدّى وصفائح ومثاقب ومناشير ورماح وحراب وصُنِعَتْ كذلك إبَرّ دقيقة حادة من العظم، وقُدَّت آلات كثيرة من قرن الوعل؛ وترى قرون الوعل منقوشة أحيانا برسوم جسوم حيوانية أرقى بكثير من الفن في العصر الأورجناسي السابق، وأخيرا عندما بلغ إنسان كرومانيون ذروة تطوره، ظهرت:

7- الثقافة المجدلية Magdalenian التي ظهرت في أراتى أوربا كلها حول سنة 000ر16 ق.م، وهي تتميز في الصناعة بمجموعة كبيرة منوعة من رقيق الآنية المصنوعة من العاج والعظم والقرن، وهي تبلغ حدها الأقصى في مشابك وإبر متواضعة لكنها تصل حد الكمال في الإتقان، وهذه الفترة هي التي تميزت في الفن برسوم "أَلتَاميرا" Altamira وهي أدق وأرق ما صنعه إنسان كرومانيون.

وضع إنسان ما قبل التاريخ، في هذه الثقافات التي شهدها العصر الحجري القديم، أسس الصناعات التي كُتِبَ لها حتى تظل جزءا من التراث الأوربي حتى الثورة الصناعية، وكان مما سَهَّل نقلها إلى المدنيَّة الكلاسيكية والمدنية الحديثة انتشار صناعة العصر الحجري القديم؛ والجمجمة وتصاوير الكهوف التي وجدناها في روسيا سنة 1921، والأحجار الصَّوانية التي كشف عنها في مصر "دي مورجان" De Morgan سنة 1896، وآثار العصر الحجري القديم التي وجدها "سِتُن كار" Seton-Karr في الصومال؛ ومستونادىت العصر الحجري القديم في منخفض الفيوم وثقافة جليج ستِل في جنوب إفريقية، كلها تدل على حتى "القارة المظلمة" قد اجتازت نفس المراحل تقريبا التي أوجزناها فيما سلف عن أوربا قبل التاريخ، وذلك من حيث صناعة الرقائق الحجرية(8)؛ بل من الممكن كانت الآثار التي وجدناها في تونس والجزائر، مما يشبه آثار العصر الأورجناسىّ، يؤيد النظرية القائلة بأن إفريقية هي الأصل في تلك الثقافة، أوهي الحد الذي وقف عنده إنسان "كرومانيون"، وبالتالي الإنسان الأوربي(9) ولقد احتُفِرَت آلات من العصر الحجري القديم في سوريا والهند والصين وسيبيريا وغيرها من أصقاع آسيا(10) كما عثر عليها "أندرو" وسابقوه من الجزويت في منغوليا(11)؛ وكذلك احتُفِرَت هياكل لإنسان النياندرتال وأحجار صَوَّانية كثيرة من العهدين "الموستيري" و"الأورجناسىّ" في فلسطين، ولقد رأينا كيف من الممكن أن كشف حديثا في "ببين" عن أقدم ما نعهده من بقايا الإنسان وأدواته، ووجدت آلات من العظم في نبراسكا، وأراد بعض الفهماء الذين يتأثرون بالروح الوطنية حتى يردوها إلى عام 000ر500 ق.م، وكذلك وجدت رءوس سهام صنعت عام 000ر350 ق.م، إلى غير ذلك تراه جسرا عريضا ذلك الذي نقل عَبرَ إنسان ما قبل التاريخ أسس المدنيَة إلى زميله الإنسان الذي يظهر في عصور التاريخ.


ثقافة العصر الحجري القديم

الغاية من دراسة ما قبل التاريخ - فتنة الدراسة الأثرية


إننا في حديثنا السابق، لن نلتزم الدقة في الحديث، فهذه الثقافات البدائية التي عرضناها كوسيلة لدراسة عناصر المدنيَّة، لم تكن بالضرورة الأصول التي تفرعت عنها مدنيَّتنا؛ فليس ما يمنع حتى تكون بقايا متحللّةً لثقافات أعلى تدهورت حين تحركت زعامة البشر في إثر الثلوج التي كانت تنزاح عن صدر الأرض، فانتقلت من المدارين إلى المنطقة الشمالية المعتدلة، ولقد حاولنا حتى نفهم كيف من الممكن أن تنشأ المدنيَّة بصفة عامة وكيف يتم تشكيلها؛ ولا يزال أمامنا حتى نتعقب أصول مدنيتنا الخاصة فيما قبل التاريخ ، ونحب الآن حتى نبحث بحثاً موجزاً- لأن مجال هذا البحث لا يمس أغراضنا إلا من هوامشها- فنتعقب المراحل التي خطاها الإنسان قبل التاريخ، ليمهد السبيل إلى المدنيَّة التي عهدها التاريخ؛ كيف من الممكن أن أصبح إنسان الغابة أوإنسان الكهف هوالمعماري المصري، أوالفلكي البابلي، أوالنبي العبري، أوالحاكم الفارسيّ، أوالشاعر اليوناني، أوالمهندس الروماني، أوالقديس الهندي، أوالفنان الياباني، أوالحكيم الصيني؛ لا بد لنا حتى نسلك سبيلنا من فهم الأجناس البشرية- عن طريق فهم الآثار- لننتهي إلى التاريخ.

إن الباحثين ليملأون بطاح الأرض كلها ينقبونها بحثاً: طائفة ترغب المضى، وطائفة ترغب الفضة، وثالثة تنشد الحديد، ورابعة تسعى وراء الفحم، وكثيرون إلى جانب هؤلاء يطلبون الفهم؛ فيالها من مهمة عجيبة هذه التي يضطلع بها مَن يستخرجون آلات العصر الحجري من جوف الأرض عند ضفاف السوم، ويدرسون بأعناق مشرئبة الصور الناصعة المرسومة على أسقف الكهوف من عهد ما قبل التاريخ، ويخرجون جماجم قديمة من مدافنها عند "تشوكوتين" Chou Kou Tien ويكشفون عن المدائن الدفينة في "موهنجودارو" Mohengo-daroأو"يقطان" Yucaton؛ وينقلون الأنقاض في سلال تحملها القوافل في مقابر المصريين التي استنزل أصحابها اللعنة على نابشيها، وينفضون التراب عن قصور "مينوس" و"بريام" ويزيلون الغطاء عن "برسوبوليس" ويحفرون الأرض في إفريقية حفراً ليجدوا بقية من قرطاجنة، وينقذون من ثنايا الغابات معابد "أنجور" العظيمة! لقد عثر في فرنسا "جاك بوشيه دي برت" في سنة 1839 على أول أثر من الصوّان مما خلَّفه العصر الحجري؛ ولبث العالم يسخر منه تسعة أعوام كاملة، لأنه كان في رأي العالم عندئذ مخدوعاً؛ وفي سنة 1872 أزال "شليمان"- بماله الخاص، ويوشك حتىقد يكون قد أعتمد على يديه دون غيرهما في ذلك- أزال التراب عن أحداث مدائن طروادة وإنها لكثيرة؛ لكن العالم كله ابتسم له ابتسامة المرتاب؛ ولعل التاريخ لم يشهد من قرونه قرناً اهتم أهله بالتاريخ كالقرن الذي تلا رحلة شامبليون الشاب في صحبة نابليون الشاب إلى مصر (عام 1798) وعاد نابليون من رحلته خالي الوفاض؛ أما شامبليون فقد عاد وفي قبضته مصر بأسرها، ماضيها وحاضرها؛ ومنذ ذلك الحين، أخذ جميع جيل يستكشف مدنيات جديدة وثقافات جديدة، ويرجع خطوة وراء خطوة بحدود فهم الإنسان لتطوره؛ فلن تجد جوانب كثيرة من حياة هذا النوع البشري السافك للدماء، أجمل من هذا الشغف الشريف بالاستطلاع، هذه الرغبة القلقة المغامرة في سبيل الفهم.

الحياة الاجتماعية

An artist's rendering of a temporary wood house, based on evidence found at Terra Amata (في نيس، فرنسا) and dated to the Lower Paleolithic (حوالي 400,000 BP).

لم يكن المستوى الاقتصادي والاجتماعي للجماعات البشرية التي عاشت على امتداد العصر الحجري القديم واحداً، ففيه فروق تطورية شاملة في مختلف مراحله، كما حتى النوع البشري قد تطور من فترة إلى أخرى، ففي أوائل العصر الحجري القديم الأدنى عاش نمط بدائي من البشر، هوما سمي «الإنسان الماهر» Homo-Habilis الذي أتى متطوراً عن أسترالوپثيكس Australopitheque، وقد عُثر في إفريقيا، فقط، على مواقع قليلة لهذا الإنسان، وجدت فيها أدوات حجرية بسيطة التصنيع تسمى القواطع أوالأدوات القاطعة، وهي أقدم أدوات معروفة حتى اليوم. ثم تلاه الإنسان منتصب القامة «هوموإركتوس» Homo Erectus الأكثر تطوراً من النوع السابق. وكان صيد الحيوانات وجمع النباتات البرية، مصدر عيش ذلك الإنسان، والأدوات الحجرية التي عُثر عليها في مواقعه المتنوعة من إفريقيا وآسيا وأوربا، هي أبرز مخلفاته.

المعلومات قليلة جداً أوشبه معدومة عن الواقع الاجتماعي والروحي لهذا النوع من البشر، ولابد أنه عاش في إطار مجموعات بدائية تربطها علاقات اجتماعية واقتصادية محدودة، وربما عهد لغة بسيطة سهلت الاتصال بين مختلف أفراده.

الهوموإركتوس (الإنسان المنتصب القامة)، هوصانع ما أصبح يُعهد بالحضارة الأشولية، نسبة إلى المسقط الفرنسي الشهير سانت آشول Saint Acheul، حيث وجدت أول مرة الأدوات الحجرية المميزة لهذا العصر، وهي لفؤوس حجرية يدوية. في العصر الحجري القديم الأوسط، ظهر نمط حديث من البشر هو«إنسان النياندرتال» Neanderthal، الذي كان أكثر تطوراً، شكلاً وحضارة، من سلفه، انتشر على مساحات أكبر، ومخلفاته الحضارية أغنى وأكثر تنوعاً، وهوأول نوع إنساني مارس طقوس العبادة وعهد الفنون البسيطة الأولى، وقد عُثر على دلائل أثرية، من أوربا خاصة، تشير إلى أنه من الممكن قدّس الدب. وهناك مكتشفات غنية من أوربا والشرق الأوسط، وخاصة من فلسطين والعراق وسورية، لأقدم المدافن الفردية أوالجماعية لهذا الإنسان، مما يشير على مستواه الروحي المتطور.

التكنولوجيا

Picture of two Lower Paleolithic bifaces
Picture of a stone ball from a set of Paleolithic bolas.

ومع حتى حياة النياندرتال بقيت معتمدة على الموارد الحيوانية والنباتية البرية، إلا حتى سيطرته على خيرات بيئته كانت أكبر واستهلاكه لها أفضل، وإلى النياندرتال تُنسب الحضارة الموستيرية (نسبة إلى مسقط لوموستييه Le Moustier في فرنسة) التي اشتهرت بتصنيع الحراب والأدوات المشذبة ذات التقنيات اللوفالوازيه (نسبة إلى مسقط لوڤالوا Levallois في فرنسا أيضاً).

في القسم الأخير من العصر الحجري القديم، أي في العصر الحجري القديم الأعلى، ظهر نوع الإنسان العاقل Homo-Sapiens، وهوالجد المباشر للإنسان الحالي، وكان أكثر تطوراً فيزيولوجياً وحضارياً من جميع الأنواع السابقة، استوطن في القارات الخمس كلها، فكان بذلك أول من وصل إلى أمريكة وأستراليا، وسادت هذا العصر حضارات مختلفة، بحسب المناطق، أكثرها أهمية في أوربا الحضارة الأورينياسية Aurignacien والسولوترية Solutrien والمجدلانية Magdalenien، وكلها من أسماء مواقع فرنسية.

النظام الاجتماعي

Humans may have taken part in long-distance trade between bands for rare commodities and raw materials (such as stone needed for making tools) as early as 120,000 years ago in Middle Paleolithic.


الفن والموسيقى

The Venus of Willendorf is one of the most famous Venus figurines.
ملف:Valtorta cave painting.jpg
Cave painting from Valtorta, Spain depicting Upper Paleolithic humans hunting deer with bows (c. 13,000 years ago).

الآلات - النار - التصوير - النحت


لوأننا في هذا الموضع أوجزنا ذكر الآلات التي صنعها إنسان العصر الحجري القديم، لصورَّنا لأنفسنا صورة عن حياته أوضح مما لوهجرنا لخيالنا الحبل على الغارب؛ وطبيعي حتىقد يكون أول الآلات حجرا في قبضة الإنسان، فكم من حيوان كان في مستطاعه حتى يفهمّ الإنسان هذه الآلة؛ وإذن فقد أصبحت المدية الحجرية المُدبَبَةُ في أحد طرفِيها، والمستديرة في طرفها الآخر لتلائم قبضة اليد، أصبحت هذه المدية الحجرية للإنسان البدائي مطرقة وفأساً وإزميلاً وكاشطة وسكيناً ومنشاراً؛ إلى يومنا هذا ترى الحدثة "الإنجليزية" التي نستعملها لتدل على المطرقة: "hammer" معناها حجر من حيث أصلها اللغوي(2) ثم وقع على مَرّ الأيام حتى تنوعت هذه الآلات في أشكالها حتى بَعُدَت عن أصلها المتجانس، فثقبت الثقوب لهجريب مقبض، وأُدخلت الأسنان لتكون الآلة منشارا، وغرزت فروع في المدية الحجرية لتصبح مغرازا أوسهما أوحربة؛ كما أصبح الحجر الكاشط الذي كان يتخذ شكل القسقطة، مجرافا أومعزاقا؛ وأما الحجر الخشن الملمس فقد جعلوه مِبرَداً، وجعلوا حجر المقلاع أداة للقتال بقيت قائمة حتى اجتاز بها الإنسان عصر المدنيَّة الكلاسيكية ذاتها؛ ولما ظفر إنسان العصر الحجري القديم بالعظم والخشب والعاج إلى جانب الحجر، خلق لنفسه مجموعة منوعة من الأسلحة والآلات: خلق الصاقلات والهاونات والفؤوس والصفائح والكاشطات والمثاقب والمصابيح والمدى والأزاميل والشواطير والحراب والسندانات، وحافرات المعادن والخناجر وأشصاص السمك وحراب الصيد والخوابير والمغازير والمشابك وكثيراً غير هذه بغير شك(14)؛ فكان يَعُثرُ في جميع يوم على عِلمٍ جديد، وكان له من قدرته العقلية أحيانا ما يُطوَرُ به مكتشفات المصادفة إلى مخترعات مقصودة.

لكن آيته العظمى هي النار، وفي ذلك أشار "دارون" إلى حتى حمم البراكين الحار قد يحدث هوالذي فهمّ الإنسان ما النار؛ ويقول لنا "أسخيلوس" إذا "برومثيوس" خلق النار بإشعاله حَطَبةً في فوهة بركان مشتعل على جزيرة "لمنوس" (15)؛ وبين آثار إنسان النياندرتال قِطَعُّ من الفحم وبتر من العظم المحترق، وإذن فالنار التي صنعها الإنسان تمضى في القِدَم إلى أربعين ألف عام مضت(16) وقد أعد إنسان "كرو- مانيون" لنفسه آنية خاصة تمسك الشحم الذي كان يشعله ليستضيء بضوئه، وإذن فالمصباح كذلك له من العمر هذا الزمن الطويل؛ والراجح حتى تكون النار هي التي مكنت الإنسان من اتقاء البرد الناشئ عن الجليد الزاحف؛ وهي التي أتاحت له النوم في الليل آمنا من الحيوان الذي ارتعد لهذه الأعجوبة ارتعاداً يَعدِل عبادة الإنسان البدائي إياها؛ وهي التي قهرت الظلام فكانت أول عامل من العوامل التي حَدَّت من الخوف، والتقليل من خوف الإنسان أحد الخيوط المضىية في نسيج التاريخ الذي ليست جميع خيوطه مضىا، وهي التي أدت أخيرا إلى صهر المعادن والتحام بعضها في بعض، وهي المستوى الوحيدة الحقيقية التي تقَدَمها الإنسان في فنون الصناعة من عهد إنسان "كرو- مانيون" إلى عصر الانقلاب الصناعي (17).

وإننا لنروي لك عجبا- وكأنما نرويه لنوضح قصيدة "جوتييه" على الفن الجبار الذي يحيا بعد فناء الأباطرة وزوال الدول- إننا نروي لك عجباً إذ نقول إذا أوضح آثار خلفها لنا إنسان العصر الحجري القديم هي قِطَع من فنه؛ فقد وقع منذ ستين عاما حتى سقط "السنيور مارسلينودي سوتولا" Marceleno de Soutuola على كهف واسع في مغرسته في "أَلتَاميرا" في شمال أسبانيا، وكان هذا الكهف قد لبث آلاف الأعوام مقفل الباب كأنه صومعة راهب، أقفلته صخور سقطت عليه وأمدتها الطبيعة بملاط من لدنها حين ربطت بعضها ببعض بأعمدة من رواسب؛ ثم اتى الإنسان فضرب في هذا الموضع بضرباته لينشئ لنفسه جديدا، فإذا به يكشف بضرباته عن مدخل الكهف بطريق المصادفة؛ ومرت بعدئذ ثلاثة أعوام ثم اتى "سوتولا" ليستطلع الكهف فلحظ على جدرانه علامات غريبة؛ وذات يوم صحبته ابنته الصغيرة، ولما لم تكن بذات طول يُلزمها الانحناء كما كانت الحال مع أبيها، فقد صعَّدت بصرها نحوالسقف تشهد ما فيه، فرأت تخطيطا غامضاً لبَيزُونٍ ضخم "البيزون هوثور بريُّ"

جميع الرسم ناصع الألوان؛ فلما فُحص السقف وفُحصت الجدران فحصاُ دقيقاً وجدت صور أخرى كثيرة، وفي عام 1880 نشر "سوتولا" تقريراً عن مشاهدته، فقابله فهماء الآثار بريبة هي من خصائصهم دائماً؛ وتفضل عليه بعض هؤلاء الفهماء بزيارة يفحص فيها تلك الرسوم، وينتهي بها إلى الإعلان بأن الرسوم زائفة خطتَّها يد خادعة؛ ودام هذا الشك- الذي ليس لأحد حتى يعترض عليه مدى ثلاثين عاماً؛ ثم اكتُشِفت رسوم أخرى في كهوف يُجمع الرأي على أنها من عهد ما قبل التاريخ "مما فيها من آلات صَوَّانية غير مصقولة وعظم وعاج مصقولين" فأيدت ما كان وصل إليه "سوتولا" من رأي لكن "سوتولا" عندئذ لم يكن على قيد الحياة؛ واتى الجيولوجيون إلى "ألتاميرا" وأقروا بإجماع استوعب الحقيقة بعد أوانها، أقروا بإجماع حتى الرواسب التي كانت تغطي بعض الرسوم إنما ترجع إلى العصر الحجري الأول(18) وأن الرأي السائد الآن هوحتى رسوم "ألتاميرا"- والجزء الأكبر من بواقي الفن التي بقيت لنا من عهد ما قبل التاريخ- ترجع إلى الثقافة المجدلية؛ أي إلى عهد يقع نحوسنة 000ر16 ق.م(19)؛ وكذلك وجدت رسوماً أحدث تاريخا من هذه بقليل، لكنها ما زالت من بقايا العصر الحجري القديم، في كهوف كثيرة في فرنسا .

وتمثل الرسوم في معظم الحالات صنوفا من الحيوان- أوعالا وماموث وجياداُ وخنازير ودببة وغيرها؛ وربما كانت هذه الصنوف عن إنسان ذلك العصر طعاما شهيا، ولذلك كانت موضع عنايته في صيده؛ وأحيانا نرى صورة حيوان مطعونا بالسهام، ومن رأى "فريزر" و"ريناخ" Reintach حتى أمثال هذه الصور قُصد بها حتى تكون رسوما سحرية تأتي بالحيوان في قبضة الفنان أوالصائد، وبالتالي تأتي به إلى معدته(20) ومن الجائز أنها رسوم لم يقصد بها إلا إلى الفن الخالص. دفع إليها الإبداع الفني وما يصاحبه من لذة فنية خالصة؛ ذلك لأن أغلظ الرسوم كان يكفي لتحقيق غايات السحر، على حين ترى هذه الصور في كثير من الحالات قد بلغت من الرقة والقوة والمهارة حداً يوحي إليك بما يحزنك، وهوحتى الفن- في هذا الميدان على أقل تقدير- لم يتقدم كثيراً في شوط التاريخ الإنساني الطويل؛ فها هنا الحياة والحركة والفخامة قد عُبّر عنها تعبيراً قوياً أخاذا بخط واحد جريء أوخَطين؛ وهاهنا خَط واحد يصور حيواناً حياً مهاجماً"أم هل تكون سائر الخطوط قد محاها الزمن؟" تُرى هل تظل صورة "العشاء الأخير" لـ "ليوناردو" Leonardo أوصورة الانادىء للرسام "إلجريكو" El Greco كما بقيت رسوم "كرو- مانيون" فتظهر خطوطها وألوانها بعد عشرين ألف عام؟.

إن التصوير فن مترف، لا يظهر إلا بعد قرون طوال تنقضي في تطور عقلي وفني؛ ولوأخذنا بالنظرية السائدة اليوم "ومن الخطر دائما حتى تأخذ بالنظريات السائدة" فالتصوير قد تطور عن صناعة التماثيل، التي بدأت بتماثيل كاملة، ثم تطورت إلى تماثيل بارزة على لوحة منحوتة، وعن هذه اتىت خطوة التصوير بالخطوط والألوان؛ وإذن فالتصوير تعبير عن نحت نقص بعد من أبعاده؛ والمستوى الوسطى من فن ما قبل التاريخ تراها ممثلة خير تمثيل في نحت بارز يدهشك بقوة وضوحه؛ والنحت تمثال لرجل رامٍ بسهم "أوبحربة" وهومنقوش على الصخور الأورجناسيّة "بلوسل" في فرنسا؛ وكَشَفَ "لوي بجوان" Louis Begouen في كهف "بأربيج" في فرنسا- بين آثار مجدلية أخرى عن كثير من المقابض المزخرفة صنعت من قرون الأوعال؛ وأحد هذه المقابض يشير على فن ناضج ممتاز، كأنما كان الفن عندئذ قد اجتاز أجيالا من التدريب والتطور؛ وكذلك ترى في أراتى البحر الأبيض المتوسط منذ عهد ما قبل التاريخ- في مصر وكريت وإيطاليا وفرنسا وأسبانيا- صوراً لا عدد لها لنساء سمينات قصيرات تدل إما على عبادة هؤلاء الناس للأمومة، وإما على تصوير الإفريقيين عندئذ للجمال؛ واستخرجت من الأرض في تشكوسلوفاكيا تماثيل حجرية لحصان وحشي ووعل وماموث، وجدت بين آثار ترجع- على سبيل الشك- إلى سنة 000ر30 ق.م(22) .

إن تفسيرنا لسير التاريخ على أنه سير إلى الأمام، لينهار من أساسه إذ شككنا في حتى هذه التماثيل وهذه النقوش البارزة وهذه الصور- على كثرة عددها- قد لا تكون إلا جزءاً صغيراً جداً من الفن الذي عبر به الإنسان البدائي عن نفسه، أوالذي زَيَّنَ به حياته؛ إذا ما بقى لنا كله في كهوف، حيث عَزَّ على عوامل المناخ حتى تتسلَّل إليها فتفسدها، ولكن ذلك لا يقتضي حتى إنسان ما قبل التاريخ لم يكن فناناً إلا حين سكن الكهوف؛ فربما نحتوا في جميع مكان كما يعمل اليابانيون، وربما أكثروا صناعة التماثيل مثل اليونان، وربما لم يقتصروا في تصويرهم على صخور الكهوف، بل صوروا كذلك رسومهم على أقمشة وخشب وعلى جميع شيء آخر- غير مستثنين أجسامهم؛ من الممكن أبدعوا في الفن آيات تفوق بكثير هذه البتر التي بقيت لنا؛ ففي أحد الكهوف وجدنا أنبوبة مصنوعة من عظم الوعل وملآنة بمادة ملونة لجلد الإنسان(23)؛ وفي كهف آخر وجدنا لوحة مصور فنان مما يوضع عليه الألوان عند التصوير، وجدناها لا تزال تحمل على سطحها طلاء مَغْرَةٍِ "تراب حديدي" أحمر، على الرغم من مائتي قرن مضت عليه(24)؛ فالظاهر حتى الفنون بلغت درجة عالية من التطور، واتسع نطاقها بين الناس منذ ثمانية عشرة ألف عام؛ فيجوز حتى قد كان بين أهل العصر الحجري القديم فنانون محترفون، ويجوز حتى قد كان بينهم كذلك همج متأخرين يتضورون جوعا ويسكنون الكهوف الحقيرة، حيث ينكرون الطبقات الغنية من التجار، ويتآمرون على اغتال المجاميع الفهمية، ويصنعون بأيديهم أشياء وصلت إلينا فأصبحت تُحفَا.

الدين والمعتقدات

Picture of a half-human, half-animal being in a Paleolithic cave painting in Dordogne. فرنسا. Archeologists believe that cave paintings of half-human, half-animal beings may be evidence for early shamanic practices during the Paleolithic.

الغذاء والتغذية

People may have first fermented grapes in animal skin pouches to create wine during the Paleolithic.


Large game animals such as deer were an important source of protein in Middle and Upper Paleolithic diets.

الباليوليت في سورية

بدأ العصر الحجري القديم في سورية منذ نحومليون سنة خلت، وقد اكتُشفت أدوات حجرية في مواقع تعود لذلك العصر في جميع من حوضي نهر الكبير الشمالي (مسقط ست مرخو) ونهر العاصي (مسقط خطاب)، ثم انتشر الاستيطان لاحقاً، منذ نحو700ألف سنة، إلى بقية المناطق في البادية والفرات حيث أصبحت المواقع أكثر وآثارها أغنى. وأهمها اللطامنة والقرماشي في حوض العاصي، والميرا والندوية والجوَّال والقدير في حوضة الكوم في شمال تدمر. لقد وُجدت في جميع هذه المواقع أدوات حجرية، وخاصة الفؤوس اليدوية، التي تُنسب إلى الحضارة الآشولية، وهناك معطيات حيوانية ونباتية تساعد على فهم بيئة ذلك العصر ومناخه.

وفي العصر الحجري القديم الأوسط امتد الاستيطان بكثافة ليضم المناطق الجغرافية في سورية كلها، وقد عُثر على آثار منوعة، أهمها أدوات حجرية، وخاصة المقاحف والحراب المنسوبة إلى الحضارة اللوفالوازية الموستيرية، إضافة إلى المواقد والبقايا المستحاثية النباتية والحيوانية وغيرها. وتعد ملاجئ وادي سكفتا في يبرود وكهف الدوارة وجرف العجلة في منطقة تدمر وأم التلال في حوضة الكوم من أبرز مواقع هذا العصر. كما وتنقب اليوم مغاور منطقة عفرين، حيث عُثر في مغارة الديدرية على مكتشفات بالغة القيمة الفهمية، أهمها هيكلان عظميان لطفلين من نوع النياندرتال، قُدر عمر جميع منهما بنحوالسنتين، دُفنا في تلك المغارة منذ نحو100ألف سنة خلت، وهما أقدم ما عُثر عليه في سورية، كما حتى أحدهما هوأكمل هيكل معروف في العالم، ويدل على عملية دفن شعائرية منظمة.

في العصر الحجري القديم الأعلى تراجع استيطان سورية والمنطقة عموماً، وأصبحت المواقع أندر، والآثار أقل من العصر السابق، إذ لا وجود هنا للفنون ولا للبناء ولا للأدوات العظمية، وغير ذلك من المعطيات الفنية المعروفة من أوربا، وتهجرز الأبحاث حول تحديد مسببات ذلك، التي قد تكون جغرافية ومناخية أوغير ذلك. ومن أبرز مواقع هذا العصر ملاجئ يبرود وأم التلال في حوضة الكوم ومنطقة تدمر، حيث عُثر على الأدوات الحجرية، الأورينياسية والكبارية الباكرة، ومعظمها مكاشط وسكاكين وحراب وغيرها.

مع انتهاء الباليوليت بدأت فترة جديدة في عصور ما قبل التاريخ، هي فترة العصر الحجري الوسيط mesolithique ذي الصفات الخاصة والمميزة.

أحداث

  • ح. 10500 ق.م. - الهنود القدماء يصلون تييرا دل فويگو.

انظر أيضا

  • مطير العباسية Abbassia Pluvial
  • رجل الكهف
  • Japanese Paleolithic
  • لاسكوLascaux
  • Late Glacial Maximum
  • List of archaeological sites by continent and age#Palaeolithic
  • امرأة لوزيا Luzia Woman
  • Models of migration to the New World
  • Mousterian Pluvial
  • Palaeoarchaeology
  • صبي هجرانا Turkana Boy
  • سنة
  • عصر حجري
  • تاريخ قديم

الهامش

  1. ^ Gamble, Clive (1990), El poblamiento Paleolítico de Europa, Barcelona: Editorial Crítica. ISBN 84-7423-445-X.
  2. ^ William Cocke. "First Wine? Archaeologist Traces Drink to Stone Age". National Geographic News. Retrieved 2008-02-03.

وصلات خارجية

  • Scotese, Christopher (2001–2010). "Last Ice Age". Paleomap Project. Map of Earth during the late Upper Paleolithic.
  • White, Nancy (2003). "Middle and Upper Paleolithic Hunter-Gatherers The Emergence of Modern Humans, The Mesolithic". MATRIX, Indiana University Bloomington.
تاريخ النشر: 2020-06-04 19:29:32
التصنيفات: صفحات تحوي وصلات ملفات معطوبة, العصر الحجري القديم, پلايستوسين, ما قبل التاريخ, العصر الحجري

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

عمران خان يختبر شعبيته بترشحه للانتخابات الفرعية

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:41
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 89%

حقائق عن تركيا

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:33
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 97%

بوتين يعزي أردوغان بضحايا حادث انفجار منجم الفحم في تركيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:48
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 98%

بطولة ألمانيا: الإصابة تبعد نوير عن مباراة بايرن وفرايبورغ

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:42
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 99%

أردوغان يتفقد مكان حادثة انفجار المنجم في بارتن

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:50
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 90%

بطولة إسبانيا: تشواميني-كونديه شقيقان-عدوان في الكلاسيكو الأوّل

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:40
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 98%

تباطؤ اقتصادي في الصين مع اقتراب شي جينبينغ من ولاية رئاسية ثالثة

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:41
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 89%

غوارديولا: "ليفربول أكبر منافسينا على لقب الدوري الإنجليزي"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:24
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

بطولة إنكلترا: "لا يمكن منافسة سيتي بعد قدوم هالاند" (كلوب)

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:42
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 99%

واشنطن تتهم بكين بمنع تخفيف ديون الدول الإفريقية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:47
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 96%

مكتب زيلينسكي يدعو سكان كييف للاقتصاد في الكهرباء

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:49
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 100%

كلوب: "هالاند أفضل مهاجم في العالم.. قدراته غير عادية"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:25
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 62%

تحميل تطبيق المنصة العربية