پيير بومارشيه

عودة للموسوعة

پيير بومارشيه

پيير-أوگستان كارون ده بومارشيه
Pierre-Augustin Caron de Beaumarchais
وُلِد 24 يناير 1732
پاريس
توفي 18 مايو1799
باريس
الوظيفة صانع ساعات، مخترع، موسيقي، سياسي، هارب، جاسوس، ناشر، تاجر سلاح، وثوري
القومية فرنسي، أمريكي
الفترة فرنسا الثورية
الأصناف مسرحيات؛ كوميدية ودرامية
أهم الأعمال حلاق أشبيلية، زواج فيگارو، الأم المذنبة

پيير-أوگستان كارون ده بومارشيه Pierre-Augustin Caron de Beaumarchais (و. 24 يناير 1732 - 18 مايو1799) كان صانع ساعات، مخترع، موسيقي، سياسي، هارب، جاسوس، ناشر، تاجر سلاح، وثوري (يحمل جنسيتي فرنسا والولايات المتحدة). أكثر ما اشتهر به، بالرغم من ذلك، كانت أعماله المسرحية، وخاصة مسرحيات فيگاروالثلاث.

بومارشيه

خط أرثر ينگ في 1788 يقول "حدثا خبرت المسرح الفرنسي وجدتني مضطراً إلى الاعتراف بتفوقه على مسرحنا، سواء في عدد ممثليه الأكفاء، أوفي نوعية الراقصين والمغنين والأشخاص الذين تعتمد عليهم صناعة المسرح، وكلهم راسخ القدم على نحورائع"(108). وكانت الحفلات التمثيلية تحيا جميع ليلة، بما فيها ليالي الأحد، في التياتر-فرانسيه الذي أعيد بناؤه في 1782، وفي كثير من المسارح الإقليمية. واتىت الآن فترة خلت فيها خشبة المسرح من فحول الممثلين فقد توفي لوكان، وتقاعدت صوفي أرنوفي 1778؛ ثم استهل تالما الذي سيصبح أثير نابليون حياته المسرحية مع الكوميدي-فرانسيز في 1787، وحقق أول فوز له في مسرحية ماري-جوزف شنييه "شارل التاسع" في 1789. وكان أحب كتاب العصر المسرحيين إلى الشعب ميشيل جان سيدين الذي ألف كوميديات عاطفية استأثرت بالمسرح الفرنسي طوال قرن من الزمان. ونحن نحييه وننتقل إلى الرجل الذي نفخ الحياة في "فيجارو" بمساعدة موتسارت وروسيني، ومنح الحرية لأمريكا (في زعمه).

وقد عاش هذا الرجل، وهوبيير-أوجستن كارون، كما عاش فولتير، أربعة وعشرين عاماً دون حتى يعهد أسمه التاريخي. وكان أبوه صانع ساعات في ضاحية سان-ديني الباريسية. وبعد حتى تمرد قليلاً راض نفسه على احتراف حرفة أبيه. فلما بلغ الحادية والعشرين اخترع ضرباً جديداً من الهروب مكنه من حتى يصنع "ساعات ممتازة بلغت غاية ما يناسب من الصغر والتسطح"(109). وقد أبهج لويس الخامس عشر بعينة منها، وصنع لمدام بومبادور تساعة تعبأ بمفتاح كانت من الصغر بحيث أمكن إدخالها في خاتمها، وزعم حتى هذه أصغر ما صنعه الصانعون من الساعات إطلاقاً. وفي 1755 اقتنى من مسيوفرانكيه المسن وظيفته التي كان يشغلها بوصفه أحد المشرفين على المائدة الملكية الذين كانوا يقومون على خدمة الملك خلال تناوله الطعام؛ ولم تكن بالوظيفة المرموقة، ولكنها أتاحت لبيير مدخلاً إلى البلاط. وبعد عام توفي فرانكيه، فتزوج بيير أرملته (1756) وكانت تكبره بخمس سنين. وإذ كانت تلك تملك لإقطاعية صغيرة، فقد أضاف بيير اسم الإقطاعة إلى اسمه، فأصبح بومارشيه، فلما ماتت زوجته (1757) ورث أملاكها.

ولم يكن قد حظي بأي تعليم ثانوي على الإطلاق، ولكن الجميع-حتى الأرستقراطيين الذين ساءهم تسلقه السريع-أقروا بتيقظ ذهنه وسرعة خاطره. والتقى في الصالونات والمقاهي بديدرو، ودالامبير، وغيرهما من جماعة الفلاسفة، فنهل من التنوير. وقد استرعى انتباه بنات لويس الخامس عشر العوانس تحسين أدخله في نظام دواسة الهارب، وفي 1759 بدأ يعطيهن دروساً في الهارب. وطلب المصرفي جوزف بآري-دوفرينه إلى بومارشيه حتى يستعين بالآنسات الملكيات في الحصول على تأييد لويس الخامس عشر للمدرسة الحربية التي كان رجل المال يديرها، وأفلح بيير في الأمر، فأعطاه باري-دوفرنيخ أسهماً قيمتها ستون ألف فرنك. يقول بومارشيه "لقد أطلعني على أسرار عالم المال... وبدأت أجمع ثروتي بإرشاده، وعملاً بنصيحته دخلت في مضاربات عديدة، أعانني في بعضها بماله أوباسمه"(110). إلى غير ذلك أصبح بومارشيه فيلسوفاً من أصحاب الملايين، مقتدياً في هذا وفي كثير غيره بالسوابق التي وضعها فولتير. فما وافى عام 1771 حتى بلغ من الثراء ما أعطى له شراء وظيفة سكرتارية شرفية لدى الملك، اتىته بلقب النبالة. وسكن منزلاً رائعاً في شارع كونديه أنزل فيه أباه وأخوته الفخورين.

وكان له أختان أخريان تعيشان في مدريد-إحداهما متزوجة والأخرى-واسمها ليزيت-مخطوبة لخوزيه كالافيجوأي فخاردوالمحرر المؤلف الذي ظل ست سنوات يؤجل الزواج غير مرة. وفي مايو1764 خرج بومارشيه في رحلة طويلة راكباً عربة البريد نهاراً وليلاً إلى العاصمة الأسبانية. فعثر على كلافيجو، ووعده هذا بأنه سيتزوج ليزيت عما قليل، ولكنه زاغ متنقلاً من مكان إلى مكان. وأخيراً أدركه بيير، وطالبه بالتوقيع على عقد الزواج، فاعتذر خوزيه بحجة أنه تناول لتوه مسهلاً، وكان القانون الأسباني يعتبر أي عقد يسقط في ظرف كهذا باطلاً. فهدده بومارشيه، فاستعدى عليه كلافجيوقوى الحكومة، وهزم الفرنسي الذكي بسلاح التسويف والمماطلة. فلما أقلع عن المطاردة، حول جهوده إلى ميدان التجارة وكون عدة شركات، إحداهما لإمداد المستعمرات الأسبانية بالعبيد الزنوج. (ونسي أنه قبل سنة واحدة فقط خط سيرة ذم فيها الرق)"(111). وتحطمت هذه الخطط جميعها على صخرة الموهبة الأسبانية، موهبة التسويف والتأجيل. على حتى بيير استمتع أثناء ذلك بالصحبة الطيبة وبخليلة تحم لقب النبالة، وخبر من العادات الأسبانية ما أعانه على تأليف تمثيلياته عن حلاق أشبيلي. أما ليزيت فقد وجدت حبيباً آخر، وقفل بومارشيه إلى فرنسا خاوي الوفاض إلا من الخبرة. وقد خط مذكرات رائعة عن رحلته، وألف منها جوته مسرحيته "كلافيجو" كما أسلفنا.

وفي 1770 توفي باري-دوفرنيه تاركاً وصية أقر فيها بأنه مدين لبومارشيه بخمسة عشر ألف فرنك. ونازع أبرز الورثة وهوالكونت دلابلاش على صحة هذه الفقرة مدعياً أنها مزورة. وأحيل النزاع على برلمان باريس، فعين المستشار لوي-فالنتن جوزمان ليبدي رأيه فيه. في هذا الظرف الحرج كان بومارشيه نزيل السجن نتيجة شجار عنيف مع الدوق دشولن على خليلة. فلما أفرج عنه مؤقتاً، أوفد "هدية" من مائة جنيه مضىي (لوي دور)، وساعة مرصعة بالماس، إلى السيدة جوزمان أغراء لها على حتى تمهد السبيل لاستماع زوجها إليه، فطلبت خمسة عشر جنيهاً مضىياً أخرى أجر "سكرتير"، فأوفدها. وظفر باللقاءة، ولكن المستشار اتخذ قراراً ضده، فأعادت السيدة جوزمان جميع شيء إلا الخمسة عشر جنيهاً مضىياً، وأصر بومارشيه على ردها هذا المبلغ أيضاً، واتهمه جوزمان بتقديم الرشوة. فعرض بيير الأمر على الشعب في سلسلة من "المذكرات" فيها من الحيوية والظرف ما أكسبه ثناء عريضاً باعتباره مجادلاً بارعاً إذا لم يكن رجلاً أميناً جميع الأمانة. وقد نطق فولتير عنها: لم أر قط شيئاً أقوى ولا أجرأ ولا أفكه ولا أطرف ولا أشد إذلالاً لخصومه. فهويحارب "دستة" منهم في وقت واحد ويحصدهم حصداً"(112). وأصدر البرلمان حكماً برفض دعواه في حقه في الميراث (6 أبريل 1773)، واتهمه في الواقع بالتزوير، وحكم عليه بدفع 56.300 جنيه نظير التعويض والديون.

فلما أفرج عن بومارشيه (8 مايو1773) استخدمه لويس الخامس عشر جاسوساً في بعثة إلى إنجلترا ليمنع تداول نشرة فاضحة في حق مدام دوباري. فنجح في مهمته، وواصل اشتغاله عميلاً في عهد لويس السادس عشر الذي كلفه بأن يعود إلى لندن ويرشوجوليلموانجيلوتشي كي يمتنع عن إصدار نشرة في حق ماري أنطوانيت. وسلم انجليلوتشي المخطوطة نظير 35.000 فرنك ورحل إلى نورمبرج؛ واشتبه بومارشيه في حيازته نسخة ثانية، فتبعه عبر ألمانيا، وأدركه قرب نويشتات، وأكرهه على تسليمه النسخة، ثم هاجمه قاطعاً الطريق، فدفعهما عنه، ولكنه جرح، وشق طريقه إلى فيينا، حيث قبض عليه بوصف جاسوساً، وقضى في السجن شهراً، ثم أطلق سراحه، فركب قافلاً إلى فرنسا.

ولكن مغامرته الجريئة التالية أحق بمكان في التاريخ. ذلك حتى فرجين أوفده في 1775 إلى لندن ليستطلع له حقيقة الأزمة المتصاعدة بين إنجلترا وأمريكا. وفي سبتمبر بعث بومارشيه إلى لويس السادس عشر بتقرير تنبأ بنجاح الثورة الأمريكية، وأكد وجود أقلية مناصرة للأمريكيين في إنجلترا.

وفي 29 فبراير 1776 وجه إلى الملك رسالة أخرى، أوصى فيها بإرسال المعونة الفرنسية سراً إلى أمريكا، بحجة أنه لا سبيل أمام فرنسا لحماية نفسها من التبعية إلا بإضعاف شوكة إنجلترا(113). ووافق فرجين على هذا الرأي، ورتب كما رأينا حتى يمول بومارشيه لتزويد المستعمرات الإنجليزية بالعتاد الحربي. وفرغ بومارشيه بحملته لهذه المغامرة. فنظم شركة "روددريج هورتاليه وشركائه". وراح يتنقل بين الثغور الفرنسية ويشتري السفن ويجهزها ويشحنها بالمؤونة والعتاد، ويجند الضباط الفرنسيين المدربين للجيش الأمريكي، وينفق (في زعمه) عدة ملايين من الجنيهات من ماله الخاص فوق المليونين اللذين أمدته بهما الحكومتان الفرنسية والأسبانية. وقد أبلغ سايلاس دين الكونجرس الأمريكي (29 نوفمبر 1776) "أنني ما كنت لأستطيع إنجاز مهمتي لولا جهود مسيوبومارشيه الذكية السخية التي يعتريها الكلل، هذا الرجل الذي تدين له الولايات المتحدة من جميع الوجوه، أكثر من دينها لأي رجل آخر على هذا الجانب من المحيط"(114). وفي نهاية الحرب قدر سايلاس حتى أمريكا تدين لبومارشيه بمبلغ 3.600.000 فرنك. أما الكونجرس الذي افترض حتى جميع العتاد كان منحة من الحلفاء، فقد رفض الطلب، ولكنه في 1835 دفع 800.000 جنيه لورثة بومارشيه.

ثم عثر أنه خلال هذا النشاط المحموم وقتاً لكتابة المزيد من المذكرات الموجهة إلى الشعب والتي يحتج فيها على مرسوم البرلمان الصادر فيستة أبريل 1773. وفيستة سبتمبر 1776 ألغى ذلك المرسوم، وردت إلى بومارشيه جميع حقوقه المدنية. وفي يوليو1778 أصدرت محكمة في اكس-أن-بروفانس حكماً لصالحه في النزاع على وصية باري-دوفرنيه، واستطاع بومارشيه حتى يحس أنه في النهاية برأ أسمه.

ولم تكفه جميع هذه المغامرات في الحب، والحرب، والتجارة، والقضاء، فقد بقي عالم لم يغزه بعد، هوعالم الكلام، والأفكار، والطباعة، وعليه ففي 1767 قدم للكوميدي-فرانسيز أولى تمثيلياته "أوجني"، وقد عرضت في 29 يناير 1769، واستقبلها النظارة استقبلاً حسناً، ولكن النقاد رفضوها. ثم سقطت تمثيلية أخرى هي "الصديقان" (13 يناير 1770) رغم الأعداد المألوف، "لقد ملأت الصالة بأفضل العمال، بأيد كالمجاديف، ولكن جهود العصبة المتآمرة" غلبته(115). ذلك حتى جمعية الأدباء التي يتزعمها فريرون قاومته باعتباره دخيلاً، ومجرماً مزمناً انقلب محرراً مسرحياً، تماماً كما ناصبه بلاط فرساي العداء لأنه صانع ساعات انقلب نبيلاً. ومن ثم نراه في مسرحيته التالية يجعل فيجارويصف "جمهورية الأدب" بأنها "جمهورية الذئاب، الذين لا يفتأ بعضهم ينشب مخالبه في رقاب البعض الآخر... جميع الحشرات، والبعوض الصغير والكبير، والنقاد، وكل الحاسدين من الصحفيين، والكتابيين، والرقباء".

ولقي بومارشيه في المسرح كما لقي في الحياة جيشاً من الأعداء فهزمهم جميعاً. وفي أروع لحظات الإبداع التي جادت بها عبقريته المتعددة المناحي تصور شخصية فيجاروالحلاق، والجراح، والفيلسوف، اللابس صدرية من الستان وسراويل ركوب، وقيثارته المعلق على كتفه، وذهنه المتوقد على استعداد لتذليل أي صعوبة، وذكاؤه يخترق حجب النفاق والأكاذيب والمظالم التي تلوث عصره. ويمكن القول حتى فيجارومن ناحية لم يكن خلقاً جديداً، إنما هوأسم وشكل جديدان لشخصية مألوفة هي شخصية الخادم الذكي في الكوميديا اليونانية والرومانية، وفي الكوميديا ديلارتي الإيطالية، وفي شخصية موليير "سجاناريل" ولكنه كله كما عهدناه من خلق بومارشيه إلا الموسيقى، لا بل حتى الموسيقى كانت أصلاً من صنعه. فقد ألف أول الأمر "حلاق أشبيلية" أوبرا هازلة عرضها على الكوميدي-ايتاليان في 1772 فرفضت، ولكن موتسارت تعهد إلى هذه الموسيقى حين كان في باريس(117). وعدل بومارشيه الأوبرا إلى كوميديا، فقبلها الكوميدي-فرانسيز وحدد تاريخاً لإخراجها ولكن سجن المؤلف (24 فبراير 1773) اضطر الفرقة لتأجيل عرضها. فلما أفرج عنه إستؤنف إعدادها للعرض ولكنها أجلت لأن مؤلفها وجهت إليه التهمة من البرلمان. غير حتى النجاح الذي لقيه دفاع بومارشيه عن نفسه في "مذكراته" حدا بالمسرح مرة أخرى إلى ترتيب إخراجها، فأعرب أنها ستعرض في 12 فبراير 1774. ويقول جريم "نفدت جميع المقاصير حتى الحفلة الخامسة"(118). ولكن حظرت التمثيلية في اللحظة الأخيرة بحجة أنها قد تحث تأثيراً ضاراً بالقضية المعلقة في البرلمان.

ومضت سنة أخرى، واتى ملك حديث خدمه بومارشيه ببسالة معرضاً حياته للخطر غير مرة، فمنح الإذن، وفي 23 فبراير 1775 وصلت "حلاق أشبيليه" آخر الأمر إلى خشبة المسرح. غير حتى الحظ لم يحالفها، فقد كانت مفرطة الطول، وكانت الإثارة التي مهدت لها قد جعلت جمهور النظارة يتسقط منها فوق ما ينبغي. وعليه ففي يوم واحد راجعها بومارشيه واختصرها في عملية جراحية رائعة، فنقيت الكوميديا من التعقيدات المشوشة، وأخليت الفكاهة من الإسهاب في الحديث، وأزال بومارشيه العجلة الخامسة من العربة على حد قوله-وحققت التمثيلية فوزاً في المساء الثاني ووصفتها مدام دودفان التي كانت تحضر الحفل بأنها "نجحت نجاحاً مفرطاً.. ولقيت من الاستحسان والتصفيق ما جاوز جميع الحدود"(119).

ثم تحداه الأمير كونتي حتى يخط تتمة للمسرحية يظهر فيها فيجاروشخصية أكثر تطوراً ونضجاً. وكان المؤلف مستغرقاً الآن في دور المنقذ لأمريكا، فلما أنجز تلك المهمة عاد إلى المسرح وأخرج كوميديا خلقت تاريخاً أكثر درامية حتى من "طرطوف" مولبير. ففي هذه الكوميديا-زواج فيجارو-نرى الكونت المافيفا وروزينا، وهما شخصيتا حلاق أشبيلية-يقضيان عدة سنين في حياتهما الزوجية، وكان قد مل المفاتن التي سحرته خلال الكثير من المواقف المعقدة، وانصرف الآن إلى مغامرة هي إغواء سوزان، خادمة الكونتيسة وخطيبة فيجاروالذي أصبح كبير خدم الكونت وقهرمان القصر الريف. ويقوم تابع في الثالثة عشرة يدعى شيروبان بدور أشبه باللحن الرشيق المصاحب للموضوع الرئيسي وذلك بعشقه الغرير للكونتيسة التي يبلغ عمرها ضعف عمره. أما فيجاروفقد تحول فيلسوفاً، ويصفه بومارشيه بأنه "العقل موشحاً بالمرح والملح"(120). ويكاد هذا حتىقد يكون تعريفاً للروح الغالية ولحركة التنوير.

يقول لسوزان "ولدت لأكون رجل بلاط"، فإذا رأت في هذه الوظيفة "حرفة عسيرة" أجابها "مطلقاً. الاستقبال، والأخذ، والطلب-هذا هوالسر في حدثات ثلاث"(121). وفي المناجاة التي جعلها روسيني تدوي في جنبات العالم كله يخاطب نبلاء أسبانيا (وفرنسا) باحتقار يوشك حتىقد يكون ثورياً، "ما الذي صنعتموه لتناولا هذا الحظ الوفير،يا ترى؟ لقد كلفتم أنفسكم مشقة حتى تولدوا، لا أكثر، وفيما عدا ذلك فأنتم قوم عاديون تماماً، في حين أنني أنا، التائه وسط الجماهير، كما علي في سبيل تحصيل قوتي فقط حتى أستعين بقدر من الفهم والحساب يفوق ما أنفق في حكم أسبانيا كلها هذه السنين المائة المنقضية"(122). وهويهزأ بالجنود الذين "يقتلون ويقتلون في سبيل مصالح يجهلونها تماماً. "أما أنا فأريد حتى أعهد لما يشتد غضبي"(123)، وحتى النوع الإنساني ينال ما يستحقه من قصاص: "أن يشرب وهوغير عطشان، وأن يمارس الحب في جميع المواسم-هذا وحده ما يميزنا عن سائر الحيوان"(124). ثم يكيل شتى الضربات لبيع الوظائف العامة، وسلطة الوزراء التعسفية، واخفاقات العدالة، وحالة السجون، والرقابة على الفكر واضطهاده "مسموح لي حتى أنشر ما أشاء، شريطة ألا أذكر في كتاباتي لا الحكام، ولا دين الدولة، ولا السياسة، ولا الأخلاق، ولا الموظفين، ولا المالية، ولا الأوبرا، ولا... أي إنسان ذي خطر، على حتى أخضع لتفتيش رقيبين أوثلاثة"(125). واتهمت فقرة جنس الذكور بأنهم مسئولون عن البغاة-وهي فقرة حذفها الممثلون، وربما لأنها اقتربت قرباً شديداً من مسببات ترفيههم-: حتى الرجال يخلقون العرض بطلباتهم، ثم يعاقبون بقوانينهم النساء اللائي يلبين هذا الطلب"(126). أما حبكة التمثيلية فلم تكتف بإظهار الخادم أذكى من سيده-فهذا تقليد مألوف جداً بحيث لا يسيء لأحد-بل أنها فضحت الكونت النبيل فأظهرته رجلاً زانياً بكل ما في الحدثة من معنى.

وقبل الكوميدي-فرانسيز "زواج فيجارو" في 1781، ولكن لم يتيسر إخراجها حتى 1784. ذلك أنها حين تليت على مسامع لويس السادس عشر احتمل بروح الفكاهة المتسامحة ما تخللها من هاتى عارض، ولكن حين سمع المناجاة وما اشتملت عليه من هزء بطبقة النبلاء وبالرقابة، أحس أنه لا يسعه السماح بأن تهان هذه المؤسسات الأساسية علانية، فصاح قائلاً "هذا شيء بغيض، ويجب ألا يمثل أبداً. حتى السماح بعرضه ليعدل تدمير الباستيل. فهذا الرجل يسخر من جميع شيء يحب احترامه في أي حكومة"(127). ثم حظر تمثيل المسرحية.

وقرأ بومارشيه أجزاء منها في بيوت خاصة، فأثار هذا فضول القوم, ورتب بعض الحاشية حتى تمثل أما البلاط، ولكن هذا أيضاً حظر في اللحظة الأخيرة. وأخيراً أذعن الملك للاحتجاجات والالتماسات، ووافق على اعتماد تمثيلها علناً بعد حتى ينقي الرقباء النص بعناية. وكانت حفلة العرض الأولى (27 أبريل 1784) حدثاً تاريخياً. وبدت باريس كلها مصممة على حضور هذه الحفلة الأولى. واقتتل الأشراف والعامة على دخول المسرح، وحطمت البوابات الحديدة، وهشمت الأبواب، واختنق ثلاثة أشخاص. وكان بومارشيه موجوداً، وقد سعد بهذا الشجار. وبلغ من نجاح المسرحية أنها مثلت ستين مرة دون انقطاع، وكان المسرح يغض بالنظارة في جميع حفلة تقريباً. أما الحصيلة فلم يسبق لها نظير، وتصدق بومارشيه بنصيبه كله-البالغ 41.999 جنيهاً(128).

ولقد رأى التاريخ في "زواج فيجارو" إرهاصاً بالثورة، ووصفها نابليون بأنها "الثورة وقد أخذت تعمل عملها"(129). ودخلت بعض عباراتها في خميرة العصر. وقد أنكر بومارشيه في المقدمة التي صدت بها بعد ذلك المسرحية المنشورة أي قصد ثوري، واستشهد بفقرات من كتاباته دافع فيها عن الملكية والأرستقراطية. فهولم يطلب هدم المؤسسات القائمة بل القضاء على المظالم المتصلة بها، وتوفير العدالة المتكافئة لجميع الطبقات، ومزيداً من حرية الفكر والنشر، وحماية الفرد من أوامر القبض المختومة وغيرهما من ضروب شطط السلطة الملكية. وقد رفض الثورة كما رفضها معبوده فولتير لأنها دعوة إلى الفوضى وطغيان الرعاع.

تمثال لبومارشيه، من خلق لوي كلوساد Louis Clausade (1895)، في الحي الرابع في پاريس


إحياء ڤولتير

وواصل دراسة أعمال فولتير طوال شتى الاضطرابات العارمة التي اكتنفته. وأدرك أزجه الشبه بينه وبين الشيخ-ولكن لعله لم يدرك البعد-: ذلك المركب الذي يجمع بين النشاط الذهني المحموم والدراية البارعة بأمور المال، وذلك الاحتقار للشكوك والوساوس الخلقية، وتلك الشجاعة في محاربة الظلم والمحن والشدائد. واعتزم حتى يحفظ أعمال فولتير وينشرها طبعة جامعة كاملة. وكان على يقين من حتى هذا غير ميسور في فرنسا حيث حظر الكثير من مؤلفات فولتير. لذلك مضى إلى موريا وأبلغه حتى كاترين الثانية مزمعة إصدار طبعة فرنسية في سانت بطرسبرج. ونطق إذا هذا سيكون وصمة عار على فرنسا، وأدرك الوزير المعنى المراد، ووعد بالإذن بتداول طبعة كاملة. وكان خطي باريسي يدعى شارل-جوزف بانكوك قد حصل على حقوق طبع مخطوطات فولتير التي لم تنشر، فاشتراها بومارشيه بمبلغ 160.000 فرنك. ثم جمع جميع ما وجده من مؤلفات فولتير المنشورة، واستورد حروف باسكرفيل الطباعية من إنجلترا، واقتنى مصانع للورق من الفوج. وظفر بكوندورسيه معلقاً ومترجماً لفولتير. واستأجر حصناً قديماً في كيل، عبر الرين من ستراسبورج، وركب المطابع، وأخرج طبعتين رغم مئات المحن والشدائد، إحداهما في سبعين مجلداً من بتر الثمن، والأخرى في اثنين وتسعين مجلداً من البتر الإثني عشري (1783-90). وهذا أضخم مشروع طباعي حاوله إنسان حتى ذلك التاريخ في أوربا، بما في ذلك "الموسوعة". وطبع بومارشيه خمسة عشر ألف مجموعة وهويتسقط بيعاً عاجلاً لها، فلم يبع منها غير ألفين، ومن جهة بسبب الحملات التي شنها البرلمان والأكليروس على المشروع(130)، ومن جهة ثانية بسبب الاضطرابات السياسية في 1788-90، ومن جهة ثالثة لأن قلقة مركز الناس المالي منعتهم من شراء المجموعة الغالية الثمن-وزعم بومارشيه أنه خسر في هذه المغامرة مليوناً من الجنيهات. على أنه أخرج أيضاً طبعة من أعمال روسو.


أما الثورة التي أعان على الإعداد لها فكانت نكبة عليه. ذلك أنه في 1789 بنى لنفسه ولزوجته الثالثة قصراً غالي التكلفة تجاه الباستيل، ملأه بالبديع من الأثاث والرياش وأحاطه بفدانين من الأرض. ونظر الرعاع الذين أثاروا الشغب مراراً في المنطقة شزراً إلى هذا الترف، فأغاروا على بيته مرتين، وأصبح بومارشيه الذي اكتمل الآن صممه وشاخ قبل الأوان مهدداً باعتباره أرستقراطياً. لذلك بعث بملتمس إلى كوميون باريس يعلن فيه إيمانه بالثورة، غير أنه قبض عليه رغم ذلك (23 أغسطس 1792) ثم افرج عنه بعد قليل. إلا أنه عاش في خوف من الاغتيال لا يفتأ يؤرقه. ثم دارت عجلة الخطر فكلفته حكومة الثورة (1792) بالسفر إلى هولندا وشراء المدافع للجمهورية. على حتى المفاوضات أخفقت وصودرت أملاكه في غيابه، وقبض على زوجته وابنته (5 يوليو1794)، فهرع قافلاً إلى باريس، وحصل على الإفراج عنهما، وسمح له باسترداد أملاكه. وعاش بعد ذلك ثلاث سنين محطم الجسد لا الروح، ورحب بصعود نجم نابليون. ثم توفي في 18 مايو1799 بالنقطة وقد بلغ السادسة والسبعين. وندر حتى في تاريخ فرنسا حتى عاش رجل الحياة بمثل هذا الملء والتنوع والمغامرة.

قائمة أعماله

  • 1760s - Various one-act comedies (parades) for private staging.
    • Les Député de la Halle et du Gros-Caillou
    • Colin et Colette
    • Les Bottes de sept lieues
    • Jean Bête à la foire
    • Œil pour œil
    • Laurette
  • 1765(?) - Le Sacristan, interlude (precursor to Le Barbier de Séville)
  • 1767 - Eugénie, drama, premiered at the Comédie Française.
  • 1767 - L'Essai sur le genre dramatique sérieux.
  • 1770 - Les Deux amis ou le Négociant de Lyon, drama, premiered at the Comédie Française
  • 1773 - Le Barbier de Séville ou la Précaution inutile, comedy, premiered in Jan. 3, 1775 at the Comédie Française
  • 1774 - Mémoires contre Goezman
  • 1775 - La Lettre modérée sur la chute et la critique du «Barbier de Sérville»
  • 1778 - La Folle journée ou Le Mariage de Figaro, comedy, premiered in Apr. 27, 1784 at the Comédie Française
  • 1784 - Préface du mariage de Figaro
  • 1787 - Tarare, opera with music by Antonio Salieri, premiered at the Opéra de Paris (full-text)
  • 1792 - La Mère coupable ou L'Autre Tartuffe, drama, premiered Jun. 26 at the Théâtre du Marais
  • 1799 - Voltaire et Jésus-Christ, in two articles.

قائمة أعمال ذات صلة

  • 1782 - Il barbiere di Siviglia, ovvero La precauzione inutile, music by Giovanni Paisiello, revised in 1787
  • 1786 - Le nozze di Figaro, opera based on the title play, libretto by Lorenzo Da Ponte and music by Wolfgang Amadeus Mozart
  • 1796 - Il barbiere di Siviglia, opera based on the title play, music by Nicolas Isouard
  • 1816 - Il barbiere di Siviglia, opera based on the title play, libretto by Cesare Sterbini, and music by Gioachino Rossini
  • 1905 - Chérubin, opera based on the title role, music by Jules Massenet, libretto by Francis de Croisset and Henri Cain
  • 1950 - Beaumarchais, comedy written by Sacha Guitry
  • 1966 - La Mère coupable, opera based on the title play, music and libretto by Darius Milhaud
  • 1991 - The Ghosts of Versailles, opera based loosely on La Mère coupable, music by John Corigliano, libretto by William M. Hoffman
  • 1991 - Den brottsliga modern, opera based on La Mère coupable, music by Inger Wikström, libretto by Inger Wikström and Mikaael Hylin.
  • 1996 - Beaumarchais l'insolent, film based on Sacha Guitry's play, directed by Édouard Molinaro


المصادر

  1. ^ توفي بومارشيه في ليلة 17-18 مايو[1]; the date 18 May is most frequently seen in sources.
  2. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير سليم؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Gillard
  • Jacques Barzun "From Dawn to Decadence: 500 Years of Western Cultural Life - 1500 to Present"
  • Lion Feuchtwanger, "Proud destiny", 1947, Viking - a novel based mainly on Beaumarchais and Benjamin Franklin, and their involvement in the American Revolution.

وصلات خارجية

  • "The Insolent"
اقرأ اقتباسات ذات علاقة بپيير بومارشيه، في فهم الاقتباس.
Wikisource has original works written by or about:
پيير بومارشيه
تاريخ النشر: 2020-06-04 20:05:36
التصنيفات: صفحات بأخطاء في المراجع, مواليد 1732, وفيات 1799, كتاب دراما ومسرحيات فرنسيون, فرنسيون في الثورة الأمريكية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

فرنسا تتخلى عن الكمامة وشهادة التلقيح

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:29
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 82%

كوفيد-19..كوريا الجنوبية تمدد تحذير السفر إلى الخارج

المصدر: MAP ANTI-CORONA - المغرب التصنيف: صحة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:13
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 100%

«التحالف» ينفذ 11 عملية على الحوثي ويدمر 6 آليات بمأرب عاجل

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:34
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

«بوتين» يقرر تأميم الطائرات المستأجرة 

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:45
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 68%

كوفيد-19.. 56 إصابة جديدة وأزيد من 5 ملايين و953 ألف ملقح بالكامل

المصدر: MAP ANTI-CORONA - المغرب التصنيف: صحة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:12
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 91%

الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما يعلن إصابته بكوفيد-19

المصدر: MAP ANTI-CORONA - المغرب التصنيف: صحة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:12
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 94%

«الشورى» يطالب بتحفيز مشاريع قطاع المعارض والمؤتمرات

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:35
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 68%

المملكة وسريلانكا تستعرضان آليات تطوير العمل المشترك

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:39
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 61%

كوفيد.. فرنسا تتخلى عن تعميم إلزامية وضع الكمامة وشهادة التلقيح

المصدر: MAP ANTI-CORONA - المغرب التصنيف: صحة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:11
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 97%

سكيكدة: العثور على جثة على الطريق بتمالوس

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:39
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 67%

انسداد غير معلن بالمجلس الشعبي البلدي لبلدية الميلية بجيجل

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:42
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 51%

الكويت.. السماح بالموائد وحملات الإفطار خلال رمضان 

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:46
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

اللجنة السعودية للايكيدو تقيم الدورة التمهيدية للمدربين

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-14 15:23:38
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 57%

تحميل تطبيق المنصة العربية