الحارث بن كلدة الثقفي

عودة للموسوعة

الحارث بن كلدة الثقفي

الطبيب الحارث بن كلدة الثقفي كان من الطائف وسافر في البلاد وتفهم الطب بناحية فارس وتمرن هناك وعهد الداء والدواء وكان يضرب بالعود تفهم ذلك أيضاً بفارس باليمن وبقي أيام رسول اللَّه صلى الله علية وسلم وأيام أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي اللَّه عنهم ونطق له معاوية ما الطب يا حارث فنطق الأزم يعني الجوع ذكر ذلك إبن جلجل ونطق الجوهري في كتاب الصحاح الأزم المسك ينطق أزم الرجل من الشيء أمسك عنه ونطق أبوزيد الأزم الذي ضم شفتيه وفي الحديث حتى عمر رضي اللّه عنه سأل الحارث بن كلدة ما الدواء فنطق الأزم يعني الحمية نطق وكان طبيب العرب.

ويروى عن سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه أنه سقم بمكة سقماً فعاده رسول اللَّه صلى الله علية وسلم فنطق إدعوا له الحارث بن كلدة فإنه رجل يتطبب فلما عاده الحارث نظر إليه ونطق ليس عليه بأس إتخذوا له فريقة بشيء من تمر عجوة وحلبة يطبخان فتحسّاها فبرئ.

وكانت للحرث معالجات كثيرة وفهم بما كانت العرب تعتاده وتحتاج إليه من المداواة وله كلام مستحسن فيما يتعلق بالطب وغيره كلام الحرث مع كسرى من ذلك أنه لما وفد على كسرى أنوشروان أذن له بالدخول عليه فلما وقف بين يديه منتصباً نطق له من أنت نطق أنا الحرث بن كلدة الثقفي نطق فما صناعتك نطق الطب نطق أَعربيّ أنت نطق نعم من صميمها وبحبوحة دارها نطق فما تصنع العرب بطبيب مع جهلها وضعف عقولها وسوء أغذيتها نطق أيها الملك إذا كانت هذه صفتها كانت أحوج إلى من يصلح جهلها ويقيم عوجها ويسوس أبدانها ويعدل أمشاجها فإن العاقل يعهد ذلك من نفسه ويمز موضع دائه ويحتزر عن الأدواء كلها بحسن سياسته لنفسه نطق كسرى فكيف تعهد ما تورده عليها ولوعهدت الحلم لم تنسب إلى الجهل نطق الطفل يناغي فيداوى والحية ترقى فتحاوى ثم نطق أيها الملك العقل من قِسَم اللّه تعالى قسمَه بين عباده كقِسمة الرزق فيهم فكلٌ من قمسته أصاب وخص بها قوم وزاد فمنهم مثر ومعدم وجاهل وعالم وعاجز وحازم وذلك تقدير العزيز العليم فأعجب كسرى من كلامه ثم نطق فما الذي تحمد من أخلاقها ويعجبك من مذاهبها وسجاياها نطق الحرث أيها الملك لها أنفس سخية وقلوب جُرية ولغة فصيحة وألسن بليغة وأنساب سليمة وأحساب شريفة يمرق من أفواههم الكلام مروق السهم من نبعة الرام أعذب من هواء الربيع وألين من سلسبيل المعين مطعموالطعام في الجدب وضاربوالهام في الحرب لا يرام عزهم ولا يُضام جارهم ولا يستباح حريمهم ولا يذل أكرمهم ولا يقرون بفضل للأنام إلا للملك الهمام الذي لا يقاس به أحد ولا يوازيه سوقة ولا ملك فاستوى كسرى جالساً وجرى ماء رياضة الحلم في وجهه لما سمع من محكم كلامه ونطق لجلسائه أني وجدته راجحاً ولقومه مادحاً وبفضيلتهم ناطقاً وبما يورده من لفظه صادقاً وكذا العاقل من أحكمته التجارب ثم أمره بالجلوس فجلس فنطق كيف من الممكن أن بصرك بالطب نطق ناهيك نطق فما أصل الطب نطق الأزم نطق فما الأزم نطق ضبط الشفتين والرفق باليدين نطق أصبت ونطق فما الداء الدوي،يا ترى؟ نطق إدخال الطعام على الطعام هوالذي يفني البرية ويهلك السباع في جوف البرّيّة.

نطق: أصبت.
ونطق فما الجمرة التي تصطلم منها الأدواء؟
نطق هي التخمة وإن بقيت في الجوف قتلت وإن تحللت أسقمت.
نطق صدقت.
ونطق فما تقول في الحجامة؟
نطق في نقصان الهلال في يوم صحولا غيم فيه والنفس طيبة والعروق ساكنة لسرور يفاجئك وهم يباعدك.
نطق فما تقول في دخول الحمام قل لا تدخله شبعاناً ولا تغش أهلك سكراناً ولا تقم بالليل عرياناً ولا تقعد على الطعام غضباناً وارفق بنفسك يكن أرخى لبالك وقلل من طعامك نطق ما لزمتك الصحة فاجتنبه فإن هاج داء فاحسمه بما يردعه قبل استحكامه فإن البدن بمنزلة الأرض إذا أصلحتها عمرت وإن هجرتها خربت.
نطق فما تقول في الشراب نطق أطيبه أهنأه وأرقه امرأه وأعذبه أشهاده لا تشربه صرفاً فيورثك صداعاً وتثير عليك من الأدواء أنواعاً
نطق فأي اللحمان أفضل نطق الضأن الفتي والقديد المالح مهلك للآكل واجتنب لحم الجزور والبقر نطق فما تقول في الفواكه نطق كلها في إقبالها وحين أوانها وأهجرها إذا أدبرت وولت وانقضى زمانها وأفضل الفواكه الرمان والأترج وأفضل الرياحين الورد والبنفسج وأفضل البقول الهندباء والخس.
نطق فما تقول في استهلك الماء
نطق هوحياة البدن وبه قوامه ينفع ما استهلك منه بقدر وشربه بعد النوم ضرر أفضله أمرأه وأرقه أصفاه ومن عظام أنهار البارد الزلال لم يختلط بماء الآجام والآكام ينزل من صرادح المسطان ويتسلل عن الرضراض وعظام الحصى في الإيفاع
نطق فما طعمه
نطق لا يوهم له طعم إلا أنه مشتق من الحياة
نطق فما لونه نطق اشتبه على الأبصار لونه لأنه يحكي لون جميع شيءقد يكون فيه
نطق أبلغني عن أصل الإنسان ما هو؟
نطق أصله من حيث استهلك الماء يعني رأسه
نطق فما هذا النور في العينين مركب من ثلاثة أشياء فالبياض شحم والسواد ماء والناظر ريح نطق عملى كم جبل وطبع هذا البدن نطق على أربع طبائع المرة السوداء وهي باردة يابسة والمرة الصفراء وهي حارة يابسة والدم وهوحار رطب والبلغم وهوبارد رطب نطق فلم لم يكن من طبع واحد
نطق لوخلق من طبع واحد لم يأكل ولم يشرب ولم يسقم ولم يهلك نطق فمن طبيعتين لوكان اقتصر عليهما نطق لم يجز لأنهما ضدان يقتتلان
نطق فمن ثلاث نطق لم يصلح موافقان ومخالف فالأربع هوالاعتدال والقيام نطق فأجمل لي الحار والبارد في أحرف جامعة
نطق جميع حلوحار وكل حامض بارد وكل حريف حار وكل مر معتدل وفي المر حار وبارد نطق فاضل ما عولج به المرة الصفراء نطق جميع بارد لين نطق فالمرة السوداء
نطق: لين.
نطق: والبلغم نطق جميع حار يابس.
نطق: والدم؟
نطق: إخراجه إذا زاد وتطفئته إذا سخن بالأمور الباردة اليابسة نطق فالرياح نطق بالحقن اللينة والأدهان الحارة اللينة
نطق أفتأمر بالحقنة نطق نعم قرأت في بعض خط الحكماء حتى الحقنة تنقي الجوف وتكسح الأدواء عنه والعجب لمن احتقن كيف من الممكن أن يهرم أويعدم الولد وأن الجهل جميع الجهل من أكل ما قد عهد مضرته ويؤثر شهوته على راحة بدنه
نطق فما الحمية
نطق الاقتصاد في جميع شيء فإن الأكل فوق المقدار يضيق على الروح ساحتها ويسد مسامها
نطق فما تقول في النساء وإتياتهن
نطق كثرة غشيانهن رديء وإياك وإتيان المرأة المسنة فإنها كالشن البالي تجذب قوتك وتسقم بدنك ماؤها سم قاتل ونفسها موت عاجل تأخذ منك الكل ولا تعطيك البعض والشابة ماؤها عذب زلال وعناقها غنج ودلال فوها بارد وريقها عذب ريحها طيب وهنها ضيق تزيدك قوة إلى قوتك ونشاطاً إلى نشاطك
نطق فأيهن القلب اليها أميل والعين برؤيتها أسر نطق إذا أصبتها المديدة القامة العظيمة الهامة واسعة الجبين اقناة العرنين كحلاء لعساء صافية الخد عريضة الصدر مليحة النحر في خدها رقة وفي شفتيها لعس مقرونة الحاجبين ناهدة الثديين لطيفة الخصر والقدمين بيضاء فرغاء جعدة غضة بضة تخالها في الظلمة بدراً زاهراً تبسم عن أقحوان وعن مبسم كالارجوان كأنها بيضة مكنونة ألين من الزبد وأحلى من الشهد وأنزه من الفردوس والخلد وأزكى ريحاً من الياسمين والورد تفرح بقربها وتسرك الخلوة معها
نطق فاستضحك كسرى حتى اختلجت كتفاه ونطق ففي أي الأقات إتياتهن أفضل نطق عند إدبار الليلقد يكون الجوف أخلى والنفس أهدى والقلب أشهى والرحم أدفى فإن أردت الاستمتاع بها نهاراً تَسرح عينُك في جمال وجهها وويجتني فوك من ثمرات حسنها ويعي سمعُك من حلاوة لفظها وتسكن الجوارح كلها إليها. نطق كسرى للَّه درك من إعرابي لقد أعطيت فهماً وخصصت فطنة وفهماً وأحسن صلته وأمر بتدوين ما نطق به.

ونطق الواثق باللّه في كتابه المسمى بالبستان إذا الحرث بن كلدة مر بقوم وهم في الشمس فنطق عليكم الظل فإن الشمس تنهج الثوب وتنقل الريح وتشحب اللون وتهيج الداء الدفين ومن كلام الحرث البطنة بيت الداء والحمية رأس الدواء وعودوا جميع بدن ما اعتاد - وقيل هومن كلام عبد الملك بن أبجر وقد نسب قوم هذا الكلام إلى رسول صلى الله عليه وآله وسلم وأوله المعدة بيت الداء وهوأبلغ من لفظ البطنة - وروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه أنه نطق من أراد البقاء ولا بقاء فليجود الغذاء وليأكل على نقاء وليشرب على ظمأ وليقل من استهلك الماء ويتمدد بعد الغذاء ويتسار بعد العشاء ولا يبيت حتى يعرض نفسه على الخلاء ودخول الحمام على البطنة من شر الداء ودخلة إلى الحمام في الصيف خير من عشر في الشتاء وأكل القديد اليابس في الليل معين على الفناء ومجامعة العجوز تهدم أعمار الأحياء وروي بعض هذه الحدثات عن الحرث بن كلدة وفيها من سره النساء ولا نساء فليكر العشاء وليباكر الغداء ليخفف الرداء وليقل غشيان النساء - ومعنى فليكر يؤخر والمراد بالرداء الدين وسمي الدين رداء لقولهم هوفي عنقي وفي ذمتي فلما كانت العنق موضع الرداء سمي الدين رداء وقد روي عن طريق آخر وفيه وتعجيل العشاء وهوأصح وروى أبوعوانة عن العشاء وليخفف الرداء وليقل الجماع.

وروى حرب بن محمد نطق حدثنا أبي نطق نطق الحرث بن كلدة: أربعة أشياء تهدم البدن الغشيان على البِطنة ودخول الحمام على الامتلاء وأكل القديد ومجامعة العجوز.

وروى داود بن رشيد عن عمروبن عوف نطق لما احتضر الحرث بن كلدة اجتمع إليها الناس فنطقوا مرنا بأمر ننتهي إليه من بعدك فنطق لا تزوجوا من النساء إلا شابة ولا تأكلوا الفاكهة إلا في أوان نضجها ولا يتعالجن أحد منكم ما احتمَل بدنُه الداء وعليكم بالنورة في جميع شهر فإنها مذيبة للبلغم مهلك للمرة منبتة للحم وإذا تغدى أحدكم فلينم على إثر غدائه وإذا تعشى فليخط أربعين خطوة ومن كلام الحرث أيضاً نطق دافع بالدواء ما وجدت مدفعاً ولا تشربه إلا من ضرورة فإنه لا يصلح شيئاً إلا أفسد مثله ونطق سليمان بن جلجل أبلغنا الحسن بن الحسين نطق أبلغنا سعيد بن الأموي نطق أبلغنا عمي محمد بن سعيد عن عبد الملك بن عمير نطق كان أخوان من ثقيف من بني كنه يتحابان لم يرقطّ أحسن ألفة منهما فخرج الأكبر إلى سفر فأوصى الأصغر بامرأته فسقطت عينه عليها يوماً غير معتمد لذلك فهويها وضني وقدم أخوه فاتىه بالأطباء فلم يعهدوا ما به إلى حتى اتىه بالحارث بن كلدة فنطق أرى عينين محتجبتين وما أدري ما هذا الوجع وسأجرب فاسقوه نبيذاً فلما عمل النبيذ فيه نطق‏:‏ ألا رفقاً ألا رفقاً قليلاً ما أكوننه ألِمَّا بي إلى الأبيات بالخيف أزرهنه غزالا ما رأيت اليوم في دور بني كنه فنطقوا له أنت أطب العرب ثم نطق رددوا النبيذ عليه فلما عمل فيه نطق أيها الجيرة أسلموا وقفوا كي تحدثوا وتقضوا لبانة وتحبوا وتنعموا خرجت مزنة من البحر ريا تحمحم هي ما كنَّتي وتزعم أني لها حم نطق فطلقها أخوه ثم نطق تزوج بها يا أخي فنطق واللَّه لا تزوجتها فمات وما تزوجها.

وللحرث بن كلدة الثقفي من الخط كتاب المحاورة في الطب بينه وبين كسرى أنوشروان النضر بن الحرث بن كلدة الثقفي هوابن خالة النبي صلى الله علية وسلم وكان النضر قد سافر البلاد أيضا كأبيه واجتمع مع الأفاضل والفهماء بمكة وغيرها وعاشر الأحبار والكهنة واشتغل وحصل من العلوم القديمة أشياء جليلة القدر واطلع على علوم الفلسفة وأجزاء الحكمة وتفهم من أبيه أيضاً ما كان يفهمه من الطب وغيره وكان النضر يؤاتي أبا سفيان في عداوة النبي صلى الله علية وسلم لكونه كان ثقفياً كما نطق رسول اللَّه صلى الله علية وسلم قريش والأنصار حليفان وبنوأمية وثقيف حليفان.

وكان النضر كثير الأذى والحسد للنبي صلى الله علية وسلم ويتحدث فيه بأشياء كثيرة كيما يحط من قدره عند أهل مكة ويبطل ما أتي به بزعمه ولم يفهم بشقاوته إذا النبوة أعظم والسعادة أقدر والعناية الألهية أجل والأمور المقدرة أثبت وإنما النضر افترض حتى بمعلوماته وفضائله وحكمته يقاوم النبوة وأين الثرى من الثريا والحضيض من الأوج والشقي من السعيد. وما أحسن ما وجدت حكاية ذكرها أفلاطن في كتاب النواميس في حتى النبي وما يأتي به لا يصل إليه الحكيم بحكمته ولا العالم بفهمه نطق أفلاطون وقد كان مارينون ملك اليونانيين الذي يذكره أوميرس الشاعر باسمه وجبروته وما تهيأ لليونانيين في سلطانه رمي بشدائد في زمانه وخوارج في سلطانه ففزع إلى فلاسفة عصره فتأملوا مصادر أموره ومواردها ونطقوا له قد تأملنا أمرك فلم نجد فيه من جهتك شيئاً يدعوإلى ما لحقك وإنما يفهم الفيلسوف الافراطات وسوء النظام الواقعين في الجزء فأما ما خرج عنه فليس تبحث عنه الفلسفة وإنما يوقف عليه من جهة النبوة وأشاروا عليه حتى يطلب نبي عصره ليجتمع له مع فهمهم ما ينبئ به ونطقوا أنه لا يسكن في البلدان العامرة وإنماقد يكون بين أقاصي المقفرة بين فقراء ذلك العصر فسألهم ما يجب حتىقد يكون عليه رسله إليه وماقد يكون دليلاً لهم عليه فنطقوا اجعل رسلك إليه من لانت سجيته وظهرت قناعته وصدقت لهجته وكان رجوعه إلى الحق أحب من ظفره به فإن بين من استولى عليه هذا الوصف وبينه وصلة تدلهم عليه وتقدم إليهم في المسألة عنه عند مسقط رأسه ومنشئه وسيرته في هذه المواضع فإنك تجده زاهداً في النعيم راغباً في الصدق مؤثراً للخلوة بعيداً من الحيلة غير حظي من الملوك ينسبونه إلى تجاوز حده والخروج عما جرى عليه أهل طبقته تتأمل فيه الخوف وتخال فيه الغفلة إذا تحدث في الأمر توهمت أنه عالم بأصوله وليس يعهد ما يترقى إليه به وإذا سئل عما يصدر عنه ذكر أنه يلقى على لسانه وفي خاطره في اليقظة وبين النوم واليقظة ما لم ير فيه وإذا سئل عن شيء رأيته كأنه يقتضي الجواب من غيره ولا يفكر فيه تفكير القادر عليه والمستنبط له وإذا وجدوه فسيجمع لهم إلى ما تقرر من وصفه أعاجيب تظهر على لسانه ويده‏.‏

فجمع سبعة نفر وأضاف إليهم أمثل من عثر من الفلاسفة فخرجوا يلتمسونه فوجدوه على مسافة خمسة أيام من مستقر مارينوس في قرية قد خرج أكثر أهلها عنها وسكنوا قريباً من مدينة مارينوس لما آثروه من لين جواره وكثرة الانتفاع به ولم يبق فيها إلا نفر من الزهاد قد قعدوا عن الاكتساب ومشايخ وزمنى خلفهم الجهد وهوبينهم في منزلة شعث وحول النزل جماعة من هؤلاء القوم قد شغفهم جواره وإلهاهم عن الحظوظ التي وصل إليها غيرهم فتلقاهم أهل القرية بالترحيب وسألوهم عن سبب دخولهم قريتهم الشعثة التي ليس فيها ما يحبس أمثالهم عليه فنطقوا رغبنا في لقاء هذا الرجل ومشاركتكم في فوائده وسألوهم عن وقت خلوته فنطقوا ما له شيء يشغله عنكم فدخلوا إليه فوجدوه مختبياً بين جماعة قد غضوا أبصارهم من هيبته فلما رآه السبعة نفر سبقتهم العبرة وغمرتهم الهيبة ومعهم الفيلسوف ممسك لنفسه ومتهم لحسه يريد حتى يستبرئ أمره فسلموا عليه فرد عليهم السلام ردا ضعيفاً وهوكالناعس المتحير ثم زاد نعاسه حتى كادت حبوته حتى تنحل فلما تبين من حوله ما تغشاه غضوا أبصارهم ووقفوا وقوف المصلي فنطق يا رسل الخاطئ الذي ملك جزءاً من عالمي فنظر إلى صلاحه في سوق الخيرات الجسدية إليه فأفسده بما غمره منها وكان سبيله سبيل من وكل بجزء من بستان كثير الزهر والثمار فصرف إليه أكثر من حصته من ماء ذلك البستان وظن أنه أصلح له فكان ما زاده منه على حصته ناقصاً من طعوم ثماره ورائح أزهاره وسبباً لجفاف أشجار جزءٍ جزءٍ منه وتصويح نبته فلما سمع السبعة نفر هذا لم يملكوا أنفسهم حتى قاموا مع أولئك فوقفوا وقوف المصلين نطق الفيلسوف فبقيت جالساً خارجاً عن جملتهم لاستبرئ أمره وأتقصى عجائبه فصاح بي أيها الحسن الظن بنفسه الذي كان أقصى ما لحقه حتى سلك بفكره بين المحسوسات الجزئية والمعقولات الكلية واستخلص منها فهماً وقف به على طبائع المحسوسات وما قرب منها فظن أنه يبلغ به جميع علة ومعلول أنك لا تصل إلي بهذه الطريق لكن بمن جعلته بيني وبين خلقي ونصبته للدلالة على إرادتي فاصرف أكثر عنايتك إلى الاستدلال عليه فإذا أصبته فأردد إليه ما فضل من معهدتك فقد حملته من جودي ما فرقت به بينه وبين غيره وجعلته سمة له يستعرضها إفهام المخلصين للحق‏.‏

ثم تماسك وقوي طرفه فرجع من حوله إلى ما كانوا عليه وخرجت من عنده فلما كان العشية عدت إليه فسمعته يخاطب أصحابه والسبعة نفر بشيء من كلام الزهاد وينهاهم فيه عن طاعة الجسد فلما انقضى كلامه قلت له قد سمعت ما سلف لك في صدر هذا اليوم وأنا أسألك زيادتي منه فنطق حدثا سمعته فإنما هوشيء صور في نفسي وأُنطق به لساني وليس لي فيه إلا التبليغ وإن كان منه شيء سنقف عليه فأقمت عنده ثلاثة أيام أُدِّبر السبعة نفر على الرجوع إلى أوطانهم فيأبون ذلك علي فلما كان اليوم الرابع دخلت عليه فما تمكنت من مجلسه حتى تغشاه ما كان غشيه في اليوم الذي دخلنا عليه ثم نطق يا رسول الخاطئ المستبطئ نفسه في الرجوع له ارجع إلى بلدك فإنك لا تلحق صاحبك وإني أنسخه بمن يعدِّل ميل الجزء الذي في يده فخرجت من عنده فلحقت بلدي وقد قضى نحبه وتولى الأمر كهل من أهل بيت مارينوس فرد المظالم وخلص الأرواح مما غشيها من لبوسات الترفة والبطالة.

مقتله يوم بدر

أقول ولما كان يوم بدر والتقى فيه المسلمون ومشركوقريش. وكان المقدم على المشركين أبوسفيان وعدتهم ما بين التسعمائة والألف والمسلمون يومئذ ثلاثمائة وثلاثة عشر وأيد اللَّه الإسلام ونصر نبيه صلى الله علية وسلم وسقطت الكسرة على المشركين وقتلت في جملتهم صناديد قريش وأسر جماعة من المشركين فبعضهم استفكوا أنفسهم وبعضهم أمر النبي صلى الله علية وسلم بقتلهم وكان من جملة المأسورين عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحرث بن كلدة فقتلهما عليه السلام بعد منصرفه من بدر‏.‏

حدثني شمس الدين أبوعبد اللَّه محمد بن الحسن بن محمد المحرر البغدادي ابن الكريم نطق حدثنا أبوغالب محمد بن المبارك بن محمد بن الميمون عن أبي الحسن علي بن أحمد بن الحسين بن محمويه الشافعي اليزدي عن أبي سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن أبي القاسم الصيرفي البغدادي عن أبي غالب محمد بن أحمد بن سهل بن بشران النحوي الواسطي عن أبي الحسين علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار المحرر عن أبي الفرج علي بن الحسين بن محمد المحرر الأصبهاني نطق حدثنا محمد بن جرير الطبري نطق حدثنا ابن حميد نطق حدثنا مسلمة عن محمد بن إسحاق نطق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان حتى رسول اللّه صلى الله علية وسلم اغتال يوم بدر عقبة بن أبي معيط صبراً، أما عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح الأنصاري فضرب عنقه ثم أقبل من بدر حتى إذا كنا بالصفراء اغتال النضر بن الحرث بن كلدة الثقفي أحد بني عبد الدار فقد أمر علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه حتى يضرب عنقه.

فنطقت قتيلة بنت الحارث ترثيه:

يا راكبا إذا الأثيل مظنة من صبح خامسة وأنت موفقُ
أبلغ بها ميتا بأن تحية ما إذا تزال بها النجائب تخفقُ
مني إليك وعبرة مسفوحة جادت بواكفها وأخرى تخنقُُ
هل يسمعني النضر إذا ناديته أم كيف من الممكن أن يسمع ميت لا ينطقُ
أمحمد يا خير ضنءِ كريمة في قومها والفحل فحل معرقُ
ما كان ضرك لومننت وربما منّ الفتى وهوالمغيط المحنقُ
أوكنت قابل فدية فلينفقن بأعز ما يلغوبه ما ينفقُ
فالنضر أقرب من أسرت قرابة وأحقهم إذا كان عتق يعتقُ
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه لله أرحام هناك تشققُ
صبرا يقاد إلى المنية متعبا رسف المقيد وهوعانٍ موثقُ

نطق أبوالفرج الأصبهاني فبلغنا حتى النبي صلى الله علية وسلم نطق: "لوسمعت هذا قبل حتى أقتله ما قتلته." فينطق حتى شعرها أكرم شعر موتورة وأعفه وأكفه وأحلمه أقول كان عليه السلام أنما أخر اغتال النضر بن الحرث إلى حتى وصل الصفراء ليتروى فيه ثم أنه رأى الصواب قتله فأمر بقتله ويروى أيضاً في قولها والنضر أقرب من قتلت قرابة تشير إلى أنه قرابة النبي عليه السلام وكانت سقطة بدر في السنة الثانية من الهجرة وبدر موضع وهواسم ماء نطق الشعبي بدر بئر كانت لرجل يدعى بدراً ومنه يوم بدر والصفراء من بدر على سبعة عشر ميلاً ومن المدينة على ثلاث ليال قواصد‏.‏


الهامش

تاريخ النشر: 2020-06-04 20:07:42
التصنيفات: صحابة, بنو ثقيف, أطباء عرب, غزوة بدر, وفيات 624

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

خصم 18 نقطة من "فيتيس" الهولندي بسبب الترخيص والفريق يصبح رصيده -1!

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 00:06:46
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى"نظام شمولي"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 00:07:06
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 91%

نظام الكابرانات.. نمر من ورق يرعبه قميص وخارطة!!

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-19 21:24:47
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 52%

زيلينسكي يلوم أعضاء حلف "الناتو" ويوجز تذمره بخمس نقاط

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 00:07:12
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 91%

مراسل RT يلخص مجمل العمليات العسكرية الإسرائيلية شمالي غزة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 00:07:10
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 91%

السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء "الجنوبي" قرب أوديسا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 00:07:07
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 97%

“السمسرة” في مواعيد “الفيزا” تسائل بوريطة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-19 21:25:42
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

“السمسرة” في مواعيد “الفيزا” تسائل بوريطة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-19 21:25:36
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

البطولة الاحترافية/ أولمبيك آسفي يفوز 1-0 على مضيفه يوسفية برشيد

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-04-20 00:06:45
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 60%

تعرض الدولي المغربي نايف أكرد للإصابة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-19 21:24:50
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 63%

تحميل تطبيق المنصة العربية