انكماش اقتصادي

عودة للموسوعة

انكماش اقتصادي

الاقتصاد

التصنيفات العامة

الاقتصاد الجزئي • الاقتصاد الكلي
تاريخ الفكر الاقتصادي
المنهاجية • الطرق المغايرة

التقنيات

اقتصاد رياضي • اقتصاد قياسي
التجريبي • المحاسبة الوطنية

المجالات والمجالات الفرعية

السلوكي • الثقافي • التطوري
النمو • التنمية • التاريخ
الدولي • أنظمة اقتصادية
النقدي و مالي
عام و فهم اقتصاد الريع
الصحة • العمال • الاداري
المعلومات • نظرية الألعاب
منظمة صناعية  • القانون
الزراعي • الموارد الطبيعية
البيئة • البيئي
الحضري • الريفي • الإقليمي

القوائم

الدوريات · المطبوعات
تصنيفات · المواضيع · الاقتصاديين

بوابة الأعمال والاقتصاد
     

في الاقتصاد، الانكماش، هوانخفاض في مستوى أسعار السلع والخدمات. يحدث الانكماش عندما ينخفض معدل التضخم إلى أقل من 0% (معدل تضخم سلبي). ويخفض التضخم قيمة العملة، لكن الانكماش يزيد من قيمتها. يسمح الانكماش الاقتصادي للفرد شراء المزيد من السلع والخدمات بنفس المقدار الذي كان يستخدمه لشراء قدر أقل منها من قبل. يختلف الانكماش عن تخفيض معدل التضخم، وهوتعبير عن تباطؤ في معدل التضخم، أي ينخفض التضخم إلى معدل أقل لكنه يظل إيجابياً (أكثر من 0%).

يعتقد الاقتصاديون حتى الانكماش معضلة في الاقتصاد الحديث حيث يزيد من القيمة الحقيقية مقارنة بالقيمة الاسمية (اقتصاد)القيمة الحقيقية مقارنة بالقيمة الاسمية للدين، خاصة إذا كان الانكماش غير متسقطاً. قد يؤدي الانكماش أيضاً إلى تفاقم حالات الركود ويؤدي إلى دوامة انكماشية.

عادة ما يحدث الانكماش عندما يرتفع معدل العرض (عندما يحدث زيادة في الإنتاج)، وعندماقد يكون الطلب منخفضاً (عندما يحدث انخفاض في الاستهلاك)، أوعندما ينخفض العرض النقدي (يحدث أحياناً استجابة للركود الناتج عن الاستثمار المتهور أوالأزمات الائتمانية). كما يحدث نتيجة للمنافسة المفرطة أوالاحتكار المفرط للسوق.

ويحدث الانكماش الاقتصادي في الغالب نتيجة سياسة اقتصادية متعمدة، يميل معها مستوى الطلب الكلي ليغدوأدنى من مستوى العرض الكلي، مما يؤدي إلى تقليص الفاعليات والتداول النقدي، وارتفاع قيمة العملة الوطنية وكلفة القروض، مع ميل مستوى الأسعار والأجور نحوالانخفاض. ومهما بدا هذا التعريف شاملاً فإنه لا يستطيع حتى يحيط وحده بجميع أوجه الانكماش الاقتصادي.


المفهوم

إن مصطلح الانكماش حديث في الفكر الاقتصادي مثل مصطلح التضخم. ففي الفترة التي غلبت فيها المدرسة الكلاسيكية كان الانكماش ملحوظاً بوصفه نوعاً من الكساد الاقتصادي يحدث مؤقتاً بانتظار عودة التوازن العفوي بين العرض والطلب، أي بين الإنتاج والاستهلاك إلى حالته الطبيعية. لكن دخول الاقتصاد الرأسمالي في أزمات دورية منذ عام 1825 لفت النظر إلى ظاهرة الانكماش بوصفها وجهاً من أوجه الأزمة يظهر قبل الركود. وكان التضخم الذي لحظه الاقتصادي جان بودان في القرن السادس عشر قد غدا في القرن التاسع عشر مألوفاً. ولما ولج التضخم في الأدبيات الاقتصادية باسمه الإنگليزي المشار إليه أعلاه باتت حدثة الانكماش تعني عملية مقصودة لإزالة التضخم.

وقد ارتبط مفهوم الانكماش بمفهوم التضخم ارتباطاً وثيقاً، لكنه بقي ارتباطاً وحيد الطرف، فالانكماش حلٌ للتضخم، في حين لا يقول أحد بأن الانكماش يجد حلّه في التضخم، بل في عودة التوازن.

مع ذلك، فإن الانكماش حالة يمكن حتى تصيب الاقتصاد على نحوعفوي. وهويثير في الفكر الاقتصادي جملة من التعاريف، وتكمن صعوبة تحديده في طبيعته، وفي كونه مقصوداً أوغير مقصود، وخاصة عندما يختلط بغيره من الظواهر النقدية والاقتصادية.

مهما يكن الأمر فإن الحدود التي يمكن حصر الانكماش فيها هي حدود العرض والطلب الكليين: حدثا نزع الأول نحوالارتفاع نسبة إلى الثاني كان هناك انكماش، والعكس في التضخم، بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى ذلك. ومن هنا أيضاً كان الانكماش أمراً ملحوظاً في جميع الاقتصاديات، رأسمالية كانت أم اشتراكية أم نامية.

ففي الرأسمالية يمكن ملاحظة الانكماش، مثلاً، عندما يفقد اقتصاد السوق توازنه بعد بلوغه نقطة التشغيل الكامل بمفهوم الاقتصادي البريطاني كينز، كما يظهر حدثا ارتسمت علامات التشاؤم على الحياة الاقتصادية نتيجة لإلغاء احتمالات الربح أوالإفلاس في المشروعات أوتعطيل عوامل الإنتاج أوزيادة نفقات الإنتاج.

وفي الاشتراكية، يظهر الانكماش نتيجة تحديد أهداف للخطط الاقتصادية قاصرة عن استخدام جميع الموارد المتاحة أولأن الإنفاق الإجمالي أقل من قيمة الناتج الإجمالي.

أما في البلدان النامية، فيمكن حتى يظهر الانكماش ردة عمل للسياسة الهادفة إلى حمل معدلات التنمية بأساليب تضخمية، مما لا تستجيب له البنية الاقتصادية الاجتماعية، فيقع الانكماش.


الفرق بين الانكماش والركود

يختلف الانكماش عن الركود في حتى الأول، وإن اتسم بتباطؤ الفاعليات، ينتظم في مجموعة من التدابير التي من شأنها إعادة التوازن إلى الاقتصاد، أمّا الركود فهوحالة تجتاح الاقتصاد فيصاب بانخفاض الإنتاج فارتفاع الأسعار ووقوع البطالة، وتنعكس آثار ذلك كله على الحياة الاجتماعية. وقد يختلط الركود بالتضخم فيدعى آنذاك بالركود التضخمي وهي الحالة التي تسيطر اليوم على اقتصاديات الدول الرأسمالية، إذ يقترن التضخم النقدي بالركود الاقتصادي. وإذا كان الانكماش هوالوجه الآخر للتضخم، فإن الركود هوالوجه الآخر للازدهار. لكن لابد من الإشارة أيضاً إلى حتى الانكماش، حينما يستوطن، يؤدي إلى الركود ومن هنا اتىت بعض الالتباسات في تحديد جميع منهما.


أسباب وأنواع الانكماش

انكماش الدين

وهوجانب من سياسة متعمدة للتسليف تلجأ إليها الدولة من أجل توجيه عملية توافر النقود وتحقيق الأهداف الاقتصادية والمالية في فترة التضخم. وقد تلجأ الدولة إلى تحقيق نوع من التنمية من دون تضخم، يتسم معه الاعتدال في السياسة التسليفية بنوع من الانكماش. وأهم التدابير في إطار الانكماش التسليفي هوتحكم مصرف الإصدار بالسيولة النقدية وحمل كلفتها، تارة عن طريق ثمن إعادة الحسم مما يجبر مصارف الودائع على حمل معدلات الحسم لديها والإبطاء في العمليات التي من شأنها إيجاد وسائل الدفع وطوراً عن طريق منح الاعتمادات، وذلك بالتأثير في معدلات الفائدة في السوق المالية، وسلوك سياسة السوق المفتوحة فتبيع الدولة ما لديها من أوراق مالية تمتص بفضلها جزءاً من الودائع لدى البنوك مقلصة بذلك السيولة لدى هذه الأخيرة مما يحدّ من قدرتها على التسليف. وتعمد السلطات المالية إلى تدابير متممة منها تطبيق نظام الاحتياطي الإلزامي على المصارف، بحملها على إيداع نسبة من الأموال لدى المصرف المركزي معادلة لجزء من ودائع الزبائن، كما تفرض رقابة صارمة على السيولة النقدية يحظر بموجبها على المصارف تجاوز الاعتمادات، التي تمنحها، للمعدل الوسطي لمجموع المبالغ المودعة لديها. ويمكن حتى يضاف إلى ذلك ترشيد تخصيص الاعتمادات للمشروعات وفئاتها بطريقة اصطفائية ومنع منح هذه الاعتمادات لغايات المضاربة، وذلك بتحديد سقف الاعتماد الممنوح لبعض المشروعات. وتلجأ أكثر الدول النامية إلى سياسة الانكماش التسليفي لمجابهة التضخم ومنها سياسة ثمن الفائدة، لكن هذا الإجراء الأخير محكوم عموماً بأسعار الفائدة في الأسواق المالية الدولية. كما حتى أسلوب التمويل بعجز الميزانية المنتشر في هذه الدول يستدعي الاقتراض من المصارف، إذ تلجأ الدولة إلى ذلك لقاء أذونات خزينة، وغالباً من دونها، مما يعرقل سياسة الانكماش ويفتح الباب لضدها.


الانكماش النقدي

باستثناء بعض الحالات النادرة التي كانت تقع فيما يعهد بالاقتصاديات الاشتراكية، إذ قد يحصل الانكماش النقدي نتيجة لتقديرات خاطئة غير مقصودة تقلل من تدفقات الكتلة النقدية مقارنة بالتدفقات السلعية، فإن الانكماش النقدي لاقد يكون إلا نتيجة لسياسة نقدية متعمدة تهدف إلى تقليص الكتلة النقدية المتداولة وتصل إلى حدود ما يسمى بالبزل النقدي. وهذا البزل النقدي هوبقصد كبح جماح الأسعار أوإجبارها على الانخفاض بعمل التقليص القسري للكتلة النقدية. وتملك الدولة، من أجل ذلك، عدداً من الوسائل أهمها: الإقلال من الإصدار النقدي وسحب بعض فئات العملة من التداول، مما يحمل، في جميع الأحوال، من قيمة العملة الوطنية وينعكس في انخفاض الأسعار. وتقوم التغطية في ضبط الإصدار النقدي وتعريف الوحدة النقدية بطريقة سليمة لتحقيق الاستقرار النقدي. لذلك تحرص الدولة على هذه التغطية حرصها على استقرار أسعار عملتها. قامت بلجيكا في الأعوام 1944-1946 بعملية انكماشية جمدت بها الأوراق النقدية والحسابات المصرفية، وقد أدى ذلك إلى استقرار التداول النقدي وازدياد القوة الشرائية بنسبة نموالإنتاج وإلى انخفاض الأسعار. وأجرت ألمانية الاتحادية عام 1948 إصلاحاً نقدياً حدّت به من التدفقات النقدية المرتفعة في اقتصادها بتحويل المارك، عملة الرايخ القديمة، إلى دوتش مارك بنسبة: 1 إلى 10. وتظهر العلاقة بين الكتلة النقدية والأسعار بسهولة: فالأسعار = الكتلة النقدية/ كتلة المنتجات أونسبة الكتلة النقدية إلى كتلة المنتجات فإذا نقصت الكتلة النقدية (مع بقاء كتلة المنتجات على حالها) أدى ذلك إلى انخفاض الأسعار. لكن هذه السياسة الانكماشية ما كان لها حتى تنجح، كما يقول ريمون بار، لولا حتى بلجيكة استطاعت تحقيق استيرادات مكثفة سمحت بها موجوداتها من البتر الأجنبي (الدولار)، ولولا حتى ألمانية كان عليها حتى ترد إلى الشعب عملته. وسياسة الانكماش النقدي تنطوي كذلك على محاذير اجتماعية وخاصة ما له علاقة بخسارة المدينين وتقوية مركز المدخرين، وقد تعجز وحدها عن تخفيض الأسعار، وقد اعتمدت أمريكة على هذه السياسة، في عهد نيكسون في السبعينات، غير حتى الحدّ من السيولة النقدية في الاقتصاد الأمريكي أدى إلى تقليص الفاعليات الاقتصادية واستمرار الأسعار في الارتفاع، نتيجة للتضخم الناجم عن زيادة الكلفة، وكان لابد من مزج التدابير النقدية المقترحة من مدرسة شيكاغوبتدابير أخرى. وتفرض سياسة الانكماش النقدي نفسها على البلدان النامية، بيد حتى نمط الإنتاج الغالب في معظمها يملك آلية يستحيل معها تطبيق هذه السياسة لمعالجة التضخم، وهذا النمط نفسه ينتقص من مسألة التغطية ويضرب عرض الحائط بكل المعايير لدى إصداره النقدي المكشوف، فيخلق بذلك توترات تضخمية تجبر السلطات النقدية على السير في اتجاه سياسة معاكسة. إذا ازدياد أسعار السلع الضرورية والفاخرة في هذه البلدان، نتيجة لنقص الإنتاج من جهة وانخفاض قيمة العملة الوطنية من جهة أخرى، يحدث نوعاً من الادخار الإجباري بالكف عن الاستهلاك، لكنه ادخار يمضى جله إلى الاكتناز والمضاربات والمتاجرة بالعملات الأجنبية وتهريبها فيستشري التضخم، وبذلك تتبخر رغبات «التقشف» المعلنة.


انكماش الإنفاق

حين يقع الخلل بين حجم الإنتاج وحجم الإنفاق من تزايد هذا الأخير واتساع «الفجوة التضخمية»، تبدوسياسة الحدّ من الإنفاق الخاص والعام (حين لا يمكن زيادة الإنتاج) مسألة لابدّ من حلها وتأخذ الصور التالية:

1- في مجال الإنفاق الخاص: أول ما يخطر على البال هوتخفيض الأجور. والمعلوم أنه ليس لتخفيض الأجور والرواتب مكان واسع في الفكر الاقتصادي ولا هومستحب في مراحل التطور الاقتصادي الاجتماعي.

وأمام قضية ربط الأجور بالأسعار وتثبيت الأجور، وربط الأجور بالإنتاجية اختفت نغمة تخفيض الأجور. وقد يمكن تصور سياسة لتخفيض الأجور في الاقتصاديات الاشتراكية لدى زيادة فوائض الكميات المنتجة وانخفاض الأسعار. لكن هذا يبقى غير مستحب من الناحية النفسية، ولذلك تستعيض الدولة عن تخفيض الأجور بزيادة الضرائب لامتصاص القوة الشرائية الزائدة. وتفضل الضرائب الشخصية المباشرة بشرط حتى تصيب جميع الدخول المعلنة التي كان من السهل التهرب من إعلانها. أما الضرائب غير المباشرة فهي، لاشك، تحدّ من الاستهلاك لكنها تؤدي أيضاً إلى ازدياد الأسعار نتيجة ثقل عبئها، مما يقود إلى نوع آخر من التضخم. لذا فإن استعمال الضرائب غير المباشرة لاقد يكون على العموم مجدياً إلا إذا أصاب سلع الاستهلاك الترفي.

2- في مجال الإنفاق العام: تلجأ السلطات المعنية إلى السياسة الانكماشية في الموازنة العامة وذلك بالإقلال من النفقات من جهة وتحقيق وفر في الموازنة من جهة أخرى. وهوأمر يمكن حتى ينجح في الاقتصاديات الرأسمالية والاشتراكية. أما في الاقتصاد المتخلف، والمعلوم هنا حتى نسبة كبيرة من النفقات العامة الحكومية تميل إلى الارتفاع، كالرواتب والنفقات الإدارية والدفاعية والأمنية، فإن الحد من الإنفاق العام مهما تصدت له السلطات المعنية لا يمضى إلا إلى الإنفاق الاستثماري. ومن هنا كانت المفارقة؛ فالتنمية تتطلب زيادة في الإنفاق الحكومي لزيادة كمية المنتجات، والانكماش (التقشف) يعمل، بتخفيض هذا الإنفاق، على تخفيض إنتاج البضائع والخدمات الضرورية. ولذا كان لابد لهذه السياسة من حتى تأخذ بالحسبان صعوبة تقليص النفقات والتعويض منها بالحصول على الموارد. ولا ينجح ذلك إلا في فترة يتهيأ فيها الاقتصاد المتخلف للانتعاش. وفي هذه البلدان المتخلفة ذاتها لابد لسياسة الانكماش في الإنفاق من حتى تعمل على امتصاص القوة الشرائية الإضافية لدى ذوي الدخول العالية لردها إلى الدولة وتوجيهها نحوالاستثمار وزيادة التراكم. كما حتى استقرار الأسعار، ولوبصورة نسبية، يبقى ضماناً لنجاح سياسة الانكماش في الإنفاق، إضافة إلى حتى هذا الاستقرار يساعد على الاستقرار في أسعار الصرف وتحسين مركز البلد النسبي في التصدير. ومن ثم لابد من إخضاع أسعار الخدمات للمراقبة وإلا فإن الفعاليات الخدمية تنشط على حساب الفعاليات السلعية، مما يوجد خللاً يصعب إصلاحه، يسير في خط التضخم نفسه الذي يراد كبحه.

الآثار المترتبة عن الانكماش الاقتصادي

درج الفكر الاقتصادي على دق ناقوس الخطر حدثا سار الاقتصاد الوطني في طريق الانكماش. لأن الانكماش يؤدي إلى الكساد وهذا يحمل أسوأ العواقب على العمالة والفعاليات الاقتصادية. ولعل أكبر سابقة من هذا النوع كانت أزمة الثلاثينات (1929 وما بعدها). هذه الأزمة وضعت الفكر الاقتصادي أمام حالة من الانكماش أدت إلى الكساد إذ اجتاحت البطالة الولايات المتحدة وبريطانية وأكثر الدول الأوربية. مما نادى الاقتصاديين إلى التفكير بالوسائل الضرورية للخروج من الأزمة.

أسهمت التدابير الكينزية إسهاماً تاريخياً حين طالبت بحمل الأجور الاسمية لحمل مستوى الطلب الفعال، وحين اشهجرت الدولة في هذا وفي حل معضلة البطالة عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي وتمويل عناصره، ولاسيما «التمويل بعجز الموازنة» إذ تخطت الاقتصاديات الرأسمالية أزمتها بفضل هذه التدابير منتقلة إلى فترة من الازدهار، ثم عاشت بعدها في نشوة زيادة الإنتاج والاقتراب من مستوى التشغيل الكامل حتى بداية السبعينات حين اندلعت الأزمة الرأسمالية الجديدة، وهي أزمة جديدة اجتمع فيها التضخم والركود، فكان من الطبيعي أمام الركود التضخمي حتى تفقد التدابير الكينزية مسوغاتها، وأن تعود الرأسمالية إلى تدابيرها التقليدية (الكلاسيكية) لمعالجة التضخم بتوازن الموازنة والاستقرار النقدي وضغط الإنفاق، مكتشفة أهمية السياسة الانكماشية، أي حتى تعود إلى تدابيرها التقليدية لمكافحة الركود ومن أهمها الاتجاه بقوة نحوالأسواق الخارجية وجبهات القتال لتصريف فائض الإنتاج ولاسيما فائض إنتاج «العهد الصناعي الثالث» الذي تمخضت عنه الأزمة نفسها. لكن التدابير الكينزية مازالت تجد تطبيقاتها في البلدان النامية والمنطقة العربية منها خاصة في شروط لم تخطر على بال كينز، مما يؤجج التضخم ويقضي على التضامن الاجتماعي في هذه البلدان، حيث العمالة ذات دلالات مختلفة عما هي عليه في البلاد الرأسمالية، يتعايش التضخم الجامح مع البطالة بمختلف صورها، ولكن ليس لأسباب انكماشية قادت إلى الركود، بل لأسباب تضخمية سابقة، هي على العموم من منشأ نقدي (تواتر الإصدار النقدي الكينزي بلا تغطية) ولوجود آلية تخريبية في نمط الإنتاج الغالب تعطل الفعاليات السلعية لصالح النشاطات الخدمية الطفيلية. ولذلك، فإن الإمعان في استعمال «الوسائل الكينزية»، لأنها أسهل الوسائل، يؤدي إلى توفير سيولة نقدية تفوق المقدرة الإنتاجية الحقيقية، مما يطلق التضخم ولا يسمح لأي سياسة انكماشية حتى تعمل بأي حال من الأحوال. في هذه البلدان النامية لابد إذن من إحداث «الانعكاس» في الآلية المذكورة للتصدي بحزم للتضخم،) لأن البطالة في عوامل الإنتاج ليست بسبب الانكماش). ويجب حتى تعمل سياسة الانكماش في هذه البلدان للتأثير في العرض والطلب الكلي معاً، ويكون ذلك حتماً بالحدّ من زيادة الكتلة النقدية للحدّ من جموح الطلب الاستهلاكي، وبالعمل على ساحة العرض لزيادة إنتاج السلع الزراعية والصناعية، وفي هذا المجال يجب إعادة هيكلة الجهاز الإنتاجي واتخاذ جميع التدابير للهجريز على زيادة الإنتاجية وتنمية الموارد. إلى غير ذلك يؤمل الحصول على توازن في مستوى معين من الأسعار يتعامل مع مستوى معين من الأجور والرواتب. إذا عدم أخذ السياسة الانكماشية لمسألة الطلب الكلي في الحسبان هوكعدم مراعاة «سياسات التنمية بالتضخم» لقضية العرض الكلي في البلدان النامية. ولذا فإنه من أجل الحد من القوة الشرائية المتزايدة لابد من التعرض للريوع السهلة والأرباح الناشئة عن الوضع الاقتصادي الاجتماعي المتخلف ويكون ذلك بالضرائب المباشرة. إذا تعقيم القوة الشرائية المتراكمة بين أيدي فئات المستغلين والمضاربين والعابثين بمؤسسات الدولة يستدعي توجيه الفوائض إلى حساب خاص في الخزينة يخصص لزيادة الإنتاج. إلى ذلك كله يضاف ما له علاقة بمراقبة الاستيراد والتصدير ومعدلات الصرف ومكافحة التهريب وتسرب العملات إلى الخارج. ولعل ذلك يستدعي بالضرورة تغيير نمط الإنتاج الغالب.


الدوامة الانكماشية



مكافحة الانكماش

عند دخول اقتصاد أي دولة في هذه الفترة، يعمل البنك المركزي والحكومات على إنعاش الاقتصاد من خلال إجراءات تحفيزية وسياسات نقدية بهدف تحريك عجلة الاقتصاد مرة أخرى واستكمال مسار النمو. من هذه الإجراءات، يقوم البنك المركزي بخفض الفوائد السائدة، شراء السندات أوزيادة السيولة النقدية بالاقتصاد من خلال طباعة المزيد من أوراق النقد بهدف دفع الاقتصاد بعيداً عن الانكماش وإلى ناحية التضخم تدريجياً. أما من قبل الحكومات، فخفض الضرائب، زيادة الانفاق الحكومي حتى لويضم عجز مقبول في الموازنة. جملة الإجراءات التحفيزية تزيد من الأموال المُتاحة للمستهلك وبالتالي تلقائياً تنعكس على الانفاق. مثال، إذا كان متوسط ولج المواطن السنوي 50 ألف دولار أمريكي وضرائبه السنوية 15 ألف. فإن طالما خفض الضريبة إلى 12 ألف، فسيكون هناك مبلغ ثلاثة ألاف دولار سنوياً مُتاحة للإنفاق. مثال أخر، مواطن يريد شراء منزل حديث أوبترة أرض من خلال قرض بنكي، فحدثا تقلصت الفوائد السائدة، سيزيد عدد المُقترضين وبالتالي يبدأ الاقتصاد في التحرك تدريجياً. يجب أيضاً على البنك المركزي والحكومة التنسيق والدقة عند تفعيل أي من هذه المراحل حتى لا تؤدي لنتائج عكسية.

وتكمن مسئولية البنك المركزي والحكومات في الحفاظ على التوازن بين نسبة النموونسب التضخم/الانكماش. نسبة التضخم المُستهدفة لأي اقتصاد هي 2% وهورقم طبيعي طالما حتى الاقتصاد ينموبنفس النسبة ووان ارتفعت الأثمن بهذه النسبة سنوياً فلا يعتبر ذلك أمراً سلبياً.


ترتيبات الاقتراض الخاصة

رأس المال

أمثلة تاريخية

هونگ كونگ

أيرلندا

اليابان

المملكة المتحدة

الولايات المتحدة

معدلات التضخم السنوي (بالأزرق) والانكماش (بالأخضر) في الولايات المتحدة من 1666 حتى 2004.
مؤشر ثمن المستهلاك في الولايات المتحدة بدءاً من 1913؛ المصدر: وزارة العمل الأمريكية.



انظر أيضاً

  • تضخم حاد
  • تراجع النمو
  • تضخم مفرط
  • موجة كوندراتيڤ

الهوامش

  1. ^ Robert J. Barro and Vittorio Grilli (1994), European Macroeconomics, chap. 8, p. 142. ISBN 0-333-57764-7
  2. ^ O'Sullivan, Arthur; Sheffrin, Steven M. (2003). Economics: Principles in Action. Upper Saddle River, New Jersey: Pearson Prentice Hall. p. 343. ISBN .
  3. ^ Harry Wallop, Harry Wallop (18 November 2008). "Deflation: why it is dangerous". The Telegraph. Telegraph Media Group. Retrieved 20 September 2016.
  4. ^ "The Economist explains: Why deflation is bad". Economist. Economist magazine.سبعة Jan 2015. Retrieved 20 September 2016.
  5. ^ Krugman, Paul. "Why is Deflation Bad?". New York Times. New York Times. Retrieved 20 September 2016.
  6. ^ Walker, Andrew (29 January 2016). "Is deflation such a bad thing?". BBC. Retrieved 20 September 2016.
  7. ^ Thoma, Mark. "Explainer: Why is deflation so harmful?". Moneywatch. CBS. Retrieved 20 September 2016.
  8. ^ Hummel, Jeffrey Rogers. "Death and Taxes, Including Inflation: the Public versus Economists" (January 2007). [1]
  9. ^ Blanchard, O.; Dell’Ariccia, G.; Mauro, P. (18 August 2010). "Rethinking macroeconomic policy". Journal of Money, Credit and Banking. 42 (1): 199–215.
  10. ^ إسماعيل سفر. "الإنكماش الإقتصادي". الموسوعة العربية. Retrieved 2018-06-04.
  11. ^ "الانكماش الاقتصادي". دايالي فوركس. 2016-09-18. Retrieved 2018-06-04.

المصادر

  • إسماعيل سفر، محددات السياسة الاقتصادية العربية المعاصرة (1983)، أزمة الرأسمالية وعاملها الخارجي (1984)، النظرية الكينزية والمأساة الاقتصادية ـ الاجتماعية (1985): منشورات جامعة الدولة بمونص (بلجيكة) مركز الدراسات والبحوث العربية (CERA).
  • Nicola Acocella, ‘The deflationary bias of exit strategies in the EMU countries’, in: ‘Review of economic conditions in Italy’, 2-3: 471-93, (2011).
  • Ben S. Bernanke. Deflation: Making Sure "It" Doesn't Happen Here. USA Federal Reserve Board. 2002-11-21. Accessed: 2008-10-17. (Archived by WebCite at https://www.webcitation.org/5bdTTiZhU?url=http://www.federalreserve.gov/BOARDDOCS/SPEECHES/2002/20021121/default.htm
  • Michael Bordo & Andrew Filardo, Deflation and monetary policy in a historical perspective: Remembering the past or being condemned to repeat it?, In: Economic Policy, October 2005, pp. 799–844.
  • Georg Erber, The Risk of Deflation in Germany and the Monetary Policy of the ECB. In: Cesifo Forum أربعة (2003), 3, pp. 24–29
  • Charles Goodhart and Boris Hofmann, Deflation, credit and asset prices, In: Deflation - Current and Historical Perspectives, eds. Richard C. K. Burdekin & Pierre L. Siklos, Cambridge University Press, Cambridge, 2004.
  • International Monetary Fund, Deflation: Determinants, Risks, and Policy Options - Findings of an Independent Task Force, Washington D. C., April 30, 2003.
  • International Monetary Fund, World Economic Outlook 2006 – Globalization and Inflation, Washington D. C., April 2006.
  • Otmar Issing, The euro after four years: is there a risk of deflation?, 16th European Finance Convention, 2 December 2002, London, Europäische Zentralbank, Frankfurt am Main
  • Steven B. Kamin, Mario Marazzi & John W. Schindler, Is China "Exporting Deflation"?, International Finance Discussion Papers No. 791, Board of Governors of the Federal Reserve System, Washington D. C. January 2004.
  • Krugman, Paul (1998). "Its Baaaaack: Japan's Slump and the Return of the Liquidity Trap" (PDF). Brookings Papers on Economic Activity. 2: 137–205.

وصلات خارجية

اقرأ اقتباسات ذات علاقة بانكماش اقتصادي، في فهم الاقتباس.
  • Cato Policy Report – A Plea for (Mild) Deflation
  • Deflation (EH.Net economic history encyclopedia)
  • What is deflation and how can it be prevented? (About.com)
  • Deflation, Free or Compulsory from Making Economic Sense by Murray N. Rothbard
  • "Annual Inflation Rate – Japan". Archived from the original on 2008-04-10.
  • Why Are Japanese Wages So Sluggish? IMF Working paper
تاريخ النشر: 2020-06-04 20:09:34
التصنيفات: تضخم, اقتصاد نقدي, مشكلات الاقتصاد الكلي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

موسيماني يتحدث عن إصابة حمدي فتحي ومحمد هاني بعد مباراة بيراميدز

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:16:50
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 48%

في اليوم العالمي للمرأة.. وزيرات تربعن على عرش وزارة التضامن الاجتماعي

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:17:06
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

هبوط أرضي أسفل كوبري الطاهرة بحي الزيتون 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:17:04
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 59%

«يونيسف مصر» تشكر انتصار السيسي لرعايتها برنامج تمكين المرأة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:17:05
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 64%

موسيماني لبيراميدز: كنا الأذكى اليوم

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:17:00
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 36%

إيهاب جلال: الأهلي كان لديه روح جيدة.. وضغط الجمهور أثر على رمضان

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:16:53
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 41%

بايرن يذل سالزبورغ.. وليفاندوفسكي يدخل تاريخ الأبطال

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:16:33
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 90%

لأول مرة في مصر..  حفل مروان بابلو يوفر مكانا مخصصا للبنات فقط 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:17:06
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 70%

هاتف أبل الجديد.. قوة خارقة وسعر زهيد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:16:30
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 96%

موسيماني يكشف الجندي المجهول في فوز الأهلي على بيراميدز

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:16:54
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 44%

الأهلي: سنلعب على الفوز أمام صن داونز في عقر دارهم

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:16:51
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 45%

الصحة: تسجيل 882 حالة إيجابية جديدة بكورونا.. و22 حالة وفاة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:17:05
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 67%

ليفربول يخسر أمام إنتر ويتأهل

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:16:32
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 86%

موعد مباراة الأهلي المقبلة

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-03-09 00:17:00
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 35%

تحميل تطبيق المنصة العربية