متحف بنك مصر
متحف بنك مصر يكشف أسرار مؤسس أول مصرف وطني. المتحف يضم عشرات الوثائق والكنوز والمقتنيات الخاصة بطلعت باشا حرب.
"علاج مصر الاقتصادي ومشروع بنك المصريين" أبرز مؤلفات طلعت حرب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر استعان بكتاب "قناة السويس" عند اتخاذ قرار التأميم طلعت حرب أوفد عدة بعثات إلى السعودية للبحث عن فرص إقامة مشروعات اقتصادية وخدمية بها.
تحل في 25 نوفمبر الحالي ذكري ميلاد طلعت حرب باشا الذي أنشأ بنك مصر وافتتحه في 1920 كأول بنك مصري مملوك بنسبة 100% للمصريين، وقد قامت كاميرا مسقط "صدى البلد" بجولة داخل مبني البنك التاريخي ومتحفه الذي يزخر بمقتنيات شخصية ووثائق ترتبط بطلعت حرب باشا، وترصد جوانب مهمة من تاريخ مصر.
اصطحبنا في تلك الجولة أشرف الشريف مساعد مدير عام المخط الفني للمتابعة ومدير ادارة توثيق التراث واعمال المخطة والمتحف بالبنك وشيماء صلاح مديرة بالمتحف، حيث شاهدنا فتارين العرض التي أقيمت بعناية بين أروقة البنك، والمتحف الذي يضم عشرات الوثائق الأثرية والتاريخية والكنوز ومقتنيات طلعت حرب باشا مؤسس البنك.
ومن أبرز ما رصدناه في جولتنا كتابين أحدهما باللغة العربية والأخر ترجمة له باللغة الفرنسية تعبير عن أعمال المؤتمر المصري الأول "28 أبريل - أربعة مايو1911" والذي تمت فيه مناقشة أحوال البلاد الإقتصادية والإجتماعية وكانت من أبرز نتائجه الدعوة إلي إنشاء مصرف وطني برؤوس أموال مصرية، وقد شكلت لجنة أطلق عليها "لجنة مشروع البنك "قامت بدعوة طلعت حرب بك في 15 يناير 1912 للتقدم بأفكاره عن تأسيس ذلك البنك إلي سكرتارية اللجنة لمناقشتها، ومحضر اجتماع مجلس الإدارة رقم ثلاثة بتاريخسبعة مايو1920 الذي تضمن الدعوة لزيادة رأسمال البنك من 80 ألف جنيه إلي مليوني جنيه.
كما رصدنا خلال الجولة أيضا خريطة لقناة السويس عام 1907 يرجح استعانة محمد طلعت حرب باشا بها عند إصدار كتاب "قناة السويس" عام 1910م، والذي ساهم في إقناع وموافقة البرلمان المصري في ذلك الوقت علي عدم أعطى امتياز إدارة القناة لمدة 40 سنة"من 1968-2008"، وهوأحد المراجع المهمة التي استند إليها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما اتخذ قراره بتأميم قناة السويس.
ويضم المتحف تقارير عن البلاد المقدسة ضمها كتاب يحوي عدة أبحاث عن المملكة العربية السعودية أعدت بواسطة بعض البعثات التي أوفدها طلعت حرب عام 1926 م للبحث عن فرص إقامة المشروعات الإقتصادية والخدمية بها، وملحقا خاصا بمجلة اللطائف المصورة صدر بتاريخثمانية مايو1935م بمناسبة إحتفال بنك مصر بمرور 15 عاما علي تأسيسه، ويحتوي الملحق علي صور تذكارية وشرحا للجوانب الجمالية لمبني البنك، ومحضر اجتماع مجلس الإدارة رقم 176 بتاريخ 19 سبتمبر 1939 ويتضمن نص خطاب استنطقة طلعت حرب.
ورغم أنه كان محبا للعمل ويفكر في جميع أوقاته لمصلحة مصر، فقد وجدنا ضمن المقتنيات الشخصية علبة لعبة الدومينوالخاصة بطلعت باشا حرب، حيث كان بارعا فيها ويستخدمها في أوقات الفراغ مع بعض أصدقائه من الأعيان، إذ كان يستثمر هذا الوقت في التعهد علي أحوال البلاد، وعصاه من الخشب، واليد محلاة بنقوش من المضى مع الحروف الأولي من اسم طلعت حرب بالإنجليزية MTH ، وكان استخدام مثل هذه العصا شائعا حتي منتصف القرن العشرين كمظهر من مظاهر الوجاهة الإجتماعية، بالاضافة إلى مجموعة فناجين وأطباق خاصة به وتحمل الأحرف الثلاثة الأولي من إسمه "م ط ح"، وقد أهديت لبنك مصر من السيدة مرفت صالح حفيدة السيدة فاطمة طلعت حرب، فضلا عن كشف حساب طلعت حرب شخصيا ضمن المجلد لحساب عملاء البنك.
وشاهدنا خلال الجولة علبة النشوق الخاصة بطلعت حرب باشا والمصنوعة من الخشب المطعم بالصدف، وساعة مخطة ذات وجهين ومحفور عليها اسم طلعت حرب باشا، وساعة أثرية كبيرة بالبندول تعمل حتي الأن، ومقياس للضغط الجوي والحرارة وفوقه جزء من كسوة الكعبة المشرفة مهداة من العاهل السعودي الراحل الملك عبد العزيز آل سعود لطلعت حرب عام 1937م.
كما يضم المتحف قلادة النيل العظمي التي منحت لإسم طلعت باشا حرب من الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1980م، خلال الاحتفال بالذكري 60 لتأسيس بنك مصر، وتم إهداء القلادة لبنك مصر من المرحوم السفير جلال عزت حفيد طلعت حرب، وكان خطاب منحه القلادة محررا بتاريخ 25 سبتمبر1980 م، واتى نصه: "من أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية إلي أسرة المرحوم محمد طلعت حرب رائد الإقتصاد المصري ورئيس نادي التجارة سابقا، إظهارا لما للمرحوم فقيدكم لدينا من عظيم المكانة وكبير الاعتبار، ولما قدمه للإقتصاد القومي من جليل الخدمات، قد منحنا لاسمه قلادة النيل العظمي وهي أكبر مظاهر الشرف لدينا".
ورصدنا أيضا في جولتنا صورة شهادة الباشوية من الملك فؤاد ملك مصر إلي محمد طلعت حرب، واتى نصها: "من فؤاد ملك مصر بعناية الله تعالي إلي حضرة صاحب السعادة محمد طلعت حرب باشا نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، لما تقدموه من جليل الأعمال وما عهدناه فيكم من الإخلاص والمناقب الحميدة، قد منحناك رتبة الباشوية بما يتبعها من لقب وحقوق.. تحرير بسراي عابدين الملكية بالقاهرة في اليوم الخامس من شهر ذي الحجة لسنة ألف وثلاثمائة وتسعة وأربعين من هجرة خاتم المرسلين".
ويحتوي المتحف علي سجل خاص يضم توقيع الملك فاروق والرئيس الفرنسي ألبير لوبرون بمناسبة افتتاح جناح شركات بنك مصر بالمعرض الدولي بفرنسا عام 1937م، وسجل خاص يضم توقيع الملك فاروق خلال زيارته لبنك مصر في يوليو1944م ونوفمبر عام 1945م.
كما يضم صورة في اليوم السابق لافتتاح مبني بنك مصر الرئيسي، تجمع بين سعد زغلول ومدحت يكن وفؤاد سلطان وطلعت حرب في صالة المبني "يونيو1927"، وصورة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مع قيادات بنك مصر حينها عبد الحميد الشريف رئيس مجلس الإدارة ومحمد رشدي ومحمود العتال، وعدد من مؤلفات طلعت حرب باشا الذي كان بجانب كونه رائد الإقتصاد الوطني، مفكرا وأديبا ومحررا في مختلف أمور الحياة السياسية والتاريخية والإجتماعية، فقد كان موسوعة ثقافية متكاملة ومحررا ذا أسلوب أدبي رفيع باللغتين العربية والفرنسية.
ومن أبرز مؤلفاته كتاب "تاريخ دول العرب والإسلام"عام 1897م وهوفي سن 30 سنة، كما أصدر كتابين عن المرأة أولهما "تربية المرأة والحجاب" عام 1899م، والكتاب الثاني "فصل الخطاب في المرأة والحجاب" عام 1901، وفي عام 1910 أصدر كتابا مهما بعنوان "قناة السويس" يعارض فيه أعطى امتياز القناة لأربعين سنة أخري تنتهي في 2008، وأصدر في 1911 كتابه الشهير "علاج مصر الاقتصادي ومشروع بنك المصريين أوبنك الأمة"، وهذا الكتاب يعد دراسة اقتصادية متكاملة مهدت لإنشاء بنك مصر، وفي نفس العام صدر كتاب له بالفرنسية بعنوان "مدرسة التجارة والتعليم التجاري بمصر".
المصدر
- دانيال البرزي
