المغيرة بن شعبة
المغيرة بن شعبة الثقفي (… ـ 50هـ) هولمغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي. أبوعيسى، وينطق : أبوعبد الله. من دهاة العرب وذوي آرائها.
ولد في ثقيف بالطائف، وبها نشأ، وكان كثير الأسفار، أسلم عام الخندق بعدما اغتال ثلاثة عشر رجلاً من بني مالك وفدوا معه على المقوقس في مصر، وأخذ أموالهم، فغرم دياتهم عمه عروة بن مسعود.
وأقام المغيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم وخرج معه في الحديبية، فبعثت قريش عروة بن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليفاوضه في الصلح وجعل يمس لحيته، والمغيرة قائم على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم مقنع في الحديد، فنطق لعروة: كُفَّ يدك قبل ألا ترجع إليك فنطق: من ذا يا محمد،يا ترى؟ ما أفظه وأغلظه، نطق: ابن أخيك المغيرة، فنطق : يا غدر والله ما غسلت عني سوءتك إلا بالأمس.
وشهد المغيرة بيعة الرضوان والمشاهد بعدها، ولما قدم وفد ثقيف أنزلهم النبي صلى الله عليه وسلم عنده، فأحسن ضيافتهم، وبعثه عليه الصلاة والسلام مع أبي سفيان بن حرب بعد إسلام أهل الطائف فهدما اللات. ولما دفن النبي صلى الله عليه وخرج علي من القبر الشريف ألقى المغيرة خاتمه ونطق: يا أبا الحسن خاتمي، نطق: انزل فخذه نطق المغيرة: فمسحت يدي على الكفن فكنت آخر الناس عهداً برسول الله صلى الله عليه وسلم. وحين تولى الصديق الخلافة أوفده إلى أهل النُجَير. ((حصن منيع باليمن لجأ إليه أهل الردة مع الأشعث بن قيس)).
ثم شهد اليمامة وفتوح الشام وفقئت عينه باليرموك، وكان رسول سعد بن أبي وقاص إلى رستم في القادسية. واستخدمه عمر على البحرين فنفر منه أهلها فعزله عمر، ثم خافوا حتى يعيده إليهم، فجمعوا مائة ألف وأوفدوها مع دهقانهم إلى عمر فنطق له: إذا المغيرة اختان هذا من مال الله (أي اختلسه) وأودعه عندي، فنادى عمر المغيرة فسأله فنطق: كذب ـ أصلحك الله ـ إنها كانت مائتي ألف. نطق: ما حملك على ذلك ،يا ترى؟ نطق: العيال والحاجة.فنطق عمر للدهقان: ما تقول،يا ترى؟ نطق: لا والله لأصدقنك ما دفع إلي قليلاً ولا كثيراً، فنطق عمر للمغيرة: ما أردت إلى هذا،يا ترى؟ نطق: كذب علي الخبيث فأحببت حتى أخزيه. ثم ولي البصرة لعمر ثلاث سنوات، فقاد الجيش وهووال عليها، وفتح بيسان ودست بيسان، وأبز قباذ ولقي العجم بالمرغاب فهزمهم، وفتح سوق الأهواز، وغزا نهر تيرى ومغاذر الكبرى، وفتح همذان ثم شهد نهاوند، وكان على ميسرة النعمان بن مقرن، وخط عمر وقتها: ((إن هلك النعمان فالأمير حذيفة فإن هلك فالأمير المغيرة)).
وكان أول من وضع ديوان البصرة وجمع الناس ليعطَوا عليه، ثم عزل عن البصرة لتهمة لم تثبت، وولاه عمر بعدها الكوفة، فكان الرجل يقول للآخر: ((غضب الله عليك كما غضب أمير المؤمنين على المغيرة عزله عن البصرة وولاه الكوفة)). وظل والياً للكوفة حتى اغتال عمر، فاستمر في عهد عثمان حيناً ثم عزله. واعتزل الفتنة أيام علي فلقيه عمار بن ياسر في سكك المدينة فنطق له: هل لك يا مغيرة حتى تدخل في هذه الدعوة فتسبق من معك وتدرك من سبقك،يا ترى؟ فنطق: وددت والله أني فهمت ذلك، وإني والله ما رأيت عثمان مصيباً ولا رأيت قبله صواباً فهل لك يا أبا اليقظان حتى تدخل بيتك وتضع سيفك وأدخل بيتي حتى تنجلي هذه الظلمة ويطلع قمرها فنمشي مبصرين،يا ترى؟ نطق عمار: أعوذ بالله حتى أعمى بعد إذ كنت بصيراً يدركني من سبقته ويفهمني من فهمته. فنطق المغيرة: يا أبا اليقظان إذا رأيت السيل فاجتنب جريته.
وحج بالناس سنة أربعين لما كان معتزلاً بالطائف.
ولما آل الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان قدم عليه، فاستشاره معاوية في حتى يولي عمروبن العاص على الكوفة، وابنه عبد الله على مصر، فنطق المغيرة: يا أمير المؤمنين تؤمر عمراً على الكوفة وابنه على مصر وتكون كالقاعد بين فكي الأسد، نطق: ما ترى ،يا ترى؟ نطق : أنا أكفيك الكوفة. فولي الكوفة لمعاوية إلى وفاته. وكان رضي الله عنه رجلاً طوالاً مهيباً ، ضخم الهامة، أصيبت عينه في اليرموك وقيل: في القادسية، وقيل: بل نظر إلى الشمس وهي مكسوفة فمضى ضوء عينه.
وكان واحداً من دهاة العرب المشهورين حتى قيل له: مغيرة الرأي.
حدث عنه بعض أصحابه نطق: صحبت المغيرة فلوحتى مدينة لها ثمانية أبواب لا يخرج من باب منها إلا بمكر لخرج من أبوابها كلها.
وما غلبه أحد في الدنيا كما كان يقول إلا شاب من قبيلة بلحارث بن كعب، حين خطب المغيرة امرأة فنطق له الشاب: أيها الأمير لا تنكحها فإني رأيت رجلاً يقبلها. فانصرف عنها، فتزوجها الشاب، فنطق له المغيرة: ألم تقل إنك رأيت رجلاً يقبلها،يا ترى؟ نطق: بلى رأيت أباها يقبلها وهي صغيرة. وكان مزواجاً مطلاقاً أحصن أكثر من ثمانين امرأة، وطعن في بطنه يوم القادسية فجيء بامرأة من طيء تخيط بطنه فلما نظر إليها نطق: ألك زوج،يا ترى؟ نطقت: وما يشغلك ما أنت فيه من سؤالك إياي؟ وكان يقول: صاحب الواحدة إذا زارت زار، وإن حاضت حاض، وإن نفست نفس، وإن اعتلت اعتل، وصاحب الثنتين في حرب هما ناران تشتعلان، وصاحب الثلاث في نعيم، فإذا كن أربع كان في نعيم لا يعدله شيء.
ومن أقواله رضي الله عنه: اشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك، فإنه لا بقاء للنعمة إذا كفرت ولا زوال لها إذا شكرت، إذا الشكر زيادة من النعم وأمان من الفقر. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث، وروى عنه أولاده عروة وحمزة وعقار، والمسور بن مخرمة ومسروق وغيرهم. توفي في الكوفة سنة خمسين عن سبعين سنة.
مصادر
- البداية والنهاية لابن كثير 8/50
- تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 1/191.
- تاريخ الإسلام للمضىي ((عهد معاوية)) ص117.
- مرآة الجنان 1/124
- سير أعلام النبلاء للمضىي 3/21
- سير أعلام النبلاء (3/21)
- مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر 25/154.
- تهذيب التهذيب لابن حجر 5/512.