روز أنطون

عودة للموسوعة

روز أنطون

روز أنطون

روز أنطون (1890 - 1980) محررة مصرية من أصل لبناني، هي شقيقة رائد نهضوي بارز هوفرح أنطون وزوجة رائد آخر هونقولا الحداد، ما حدا بفرح إلى الرد على الذين ينسبون إنجازاتها إليه بقوله: «فليفهموا أنني لم أطبع سطراً واحداً في الجامعة وخطها إلا بعد حتى اطلعت هي عليه ونظرت فيه. وكم من مرة في المناظرات الصعبة غيرت عزمي من شيء إلى شيْء». فمن هي هذه الرائدة وما هي إنجازاتها في نهضتنا الحديثة،يا ترى؟ اضطلعت المرأة بدور أساسي في النهضة العربية الحديثة. وقد أولت الدراسات الأدبية والفكرية اهتماماً كبيراً بالرائدات من النساء في الصحافة والأدب والشعر، من وردة اليازجي ومريانا مراش إلى مي زيادة ونظيرة زين الدين وزينب فواز وجوليا طعمة دمشقية ونجلاء أبي اللمع وهند نوفل وماري عجمي وسواهن ممن ساهمن مساهمات مميزة في نهضة العرب وتقدمهم الاجتماعي. إلا حتى ثمة رائدات بقين مجهولات وظلّت إنجازاتهن، رغم تميزها، طي التاريخ ومن دون حتى تعطى ما تستحقه من التقدير والاعتبار.

هذا ما جهد للإضاءة عليه أحمد أصفهاني في «روز أنطون محررة نهضوية مجهولة» (دار الفارابي - 2018)، إذ إذا غالبية المراجع لم تقدم أي إضاءة على روز أنطون الصحافية، لا في الفترة الأولى (1903 - 1906) عندما عملت مع أخيها في إصدار مجلة «السيدات والبنات» ولا في الفترة الثانية (1921 - 1930) عندما شاركت زوجها نقولا الحداد في إصدار مجلة «السيدات والرجال».

لا يمكن الإحاطة بمسقط روز النهضوي من دون فهم التقاطعات المتنوعة بين روز وفرح ونقولا، وتأثيراتها الواضحة في مساراتهم الفكرية والاجتماعية والمهنية، سواء في مصر أوفي الولايات المتحدة الأميركية. ففرح اعتبر، وفق سلامة موسى «الفاتح لدراسة النهضة الأوروبية الحديثة، وناشر الأفكار الديموقراطية الحرة، ومن أوائل من عهدوا بالمذاهب السياسية والاجتماعية الحديثة في المشرق العربي». هاجر إلى مصر في 1897 وأصدر في الإسكندرية في 1899 مجلة «الجامعة العثمانية»، ثم أسس في 1903 مجلة «السيدات والبنات»، موكلاً إدارتها إلى روز. انتقل إلى نيويورك في 1905 وتبعته روز ونقولا الحداد وأعاد هناك إصدار «الجامعة» ليرأس تحريرها الحداد وتساعده فيها روز. وبعد خلع عبدالحميد، عاد فرح وروز ونقولا إلى القاهرة فأصدر فرح في 1909 عددين من «الجامعة» التي ما لبثت حتى توقفت إلى غير رجعة.

أما نقولا الحداد الذي كان يحمل شهادة في الصيدلة من الجامعة الأميركية في بيروت، فقد عمل مع فرح في نيويورك وعاد إلى القاهرة ليعمل في جريدة «المحروسة» مع إلياس زيادة، والد مي. وكان يخط في الفهم وفي الأدب والسياسة، ويؤلف الروايات والمسرحيات، وينظم الشعر. فقد عاش في عصر الموسوعيين وكان واحداً منهم.

روز أنطون ونقولا حداد.

تناول المؤلف مجلة «السيدات والبنات»، فأشار إلى حتى قضايا المرأة شكلت عند فرح أنطون جوهر الوظيفة الاجتماعية، ففي إصلاح شؤونها، في رأيه، إصلاح الهيئة الاجتماعية كلها، لأن الإصلاح السياسي والاجتماعي مرهون بإصلاحها وتعليمها.

عاشت هذه المجلة بين 1903 و1906 وعرّفت بأنها مجلة نسائية للعائلات لصاحبتها روز أنطون التي لجأت إلى الأسلوب التفاعلي مع القراء، متجنبة المسائل الحساسة كالحجاب والاختلاط وتعدد الزوجات، منبهة إلى ما يجب على المرأة تفهمه أوما يجب تجنبه من العادات والأخلاق. وبعد انتنطق «الجامعة» إلى القاهرة ثم إلى نيويورك لم تلبث «السيدات والبنات» حتى انبترت عن الصدور، فالتحقت روز ونقولا بفرح، وكان على المجلة حتى تنتظر خمس عشرة سنة لتصدر في 1921 في القاهرة تحت اسم «السيدات والرجال»، بعد حتى أحدثت تغييراً في المحتوى لمصلحة المنوعات والأبحاث الفهمية والاجتماعية، طارحة موضوعات كانت شبه محرمة بل صادمة للمجتمع المصري في تلك الفترة، مثل الاختلاط في المدارس والمطالبة بحق الانتخاب للنساء، وإن بأسلوب يحميها من اللقاءة مع التنطقيد.

وقد خصصت المجلة منطقات للتنديد بالاستعمار وأخطار الحركة الصهيونية على المنطقة كما شجّعت الحركات الإصلاحية، وحضت على الوعي الوطني لنيل الاستقلال والحرية وتحقيق التقدم الاجتماعي، فخطت روز في العدد الأول 1921: «كفانا تمويهاً على نقائصنا وحسبنا نوماً وغفلة، والغرب ينتفع من غفلتنا». وخطت تحض المرأة على العمل: «إن السيدة التي لا تعمل تكون فريسة للضجر وللأمراض العصبية... لذلك أوصيك يا بنية حتى تحترسي من البقاء ساعة واحدة من دون عمل... لم أشعر بنفسي سيدة إلا وأنا أعمل وفي ذلك الوقتقد يكون افتخاري أعظم من وقت أكون فيه لابسة أجمل فساتيني». وخطت تدعوإلى استقلال الأمة وحريتها واعتمادها على ذاتها في التعليم: لا يفهم أولئك الأفراد المتمايزون بغناهم ووجاهتهم حتى حياتهم ومكانتهم وكرامتهم متوقفة كلها على قدر ما للأمة من الاستقلال والحرية، ما لا يمكن الحصول عليه إلا بالفهم والتربية الأهليين... فقد حان لنا حتى نخجل من الاعتماد على الأجانب في تعليم الناشئة وأن نتولى نحن تعليم ناشئتنا حتى تشب مرفوعة الرأس غير مثقلة بمنة لأجنبي. فإذا لم تكن النهضة داخلية فما هي نهضة بناء.

وكذلك تدعوروز إلى الاعتماد على النفس في الإنتاج بقولها: نحن الشرقيين تعودنا التقليد فنقتبس مصنوعات الغرب وهي بخسة وننفر من مصنوعنا بالرغم من متانته وأناقته، فلا أدري لما لا تقبل السيدات عليه بل يتهافتن على الأنسجة الغربية... في حين حتى ذلك «ليس أنه لا وطنية مخجلة فقط بل هوغرور بالغ إلى حد الجنون». لذلك، تحض روز المرأة العربية على خلع الموضة الإفرنجية ولبس الزي الوطني الذي لا يجيد صنعه إلا أبناء البلاد.

وترفض روز «التمادي في البذخ، لا سيما في اللبس»، لأن الإسراف في اللبس والتبرج لا يزيد قيمة الفرد بل هوذاهب سدى وذاهب بحياة البلاد. ولروز موقف متقدم من الغرب، إذ تقول: إما حتى نسلم بلادنا للآخرين، وإما حتى نسلّحها «بسلاح الغرب الجديد» الذي هوأمضى من الطيارات والدبابات، فنفهم أولادنا أخلاق الغرب التي هي حب النفس والتضحية من أجل الوطن واحتقار جميع ما لا يتفق مع مصالحنا.

هذه الشذرات لا تغطي فكر روز التنويري الذي لا تتسع له منطقة صحافية، وقد أجاد المؤلف بالإضاءة على أكثر من جانب من جوانبه فأدى عملاً جليلاً بالكشف عن رائدة مجهولة، لعلّ الكتاب ومختاراته يعطيها بعض حقها، ويحلها المكان الذي يليق بها في مسيرة الكتابة النسائية النهضوية في مصر وبلاد الشام خلال النصف الأول من القرن الماضي. إلا حتى ذلك لا يعفينا من تسجيل ملاحظات أساسية على هامش الكتاب:

أ - قول مارون عبود حتى فرح أنطون هو«أبوالنهضة الفكرية الحديثة في المشرق العربي»، الذي مال إليه المؤلف، كما يبدو، لا يمثل السيرورة التاريخية الحقيقية للفكر العربي الحديث. فأنطون ولد في 1874 وهوالعام الذي رحل فيه فرنسيس المراش الذي أطلق في مؤلفاته، بخاصة «غابة الحق» ( 1865) أفكار الحرية السياسية والاجتماعية، فنطق بـ «العقد الاجتماعي» والدولة المدنية وفصل الدين عن السياسة وسوى ذلك من مقولات التنوير التي كانت قد حظيت بمقاربات عملية في «الساق على الساق» (1855) لفارس الشدياق كما في «نفير سورية» (1860) لبطرس البستاني.

ب - وستين مسرة ليست أول أمرأة عربية تخط في صحيفة عربية كما يذكر المؤلف، بل إذا الحلبية مريانا مراش هي «المحررة الأولى التي نشرت أفكارها في الصحف العربية» وفق فيليب طرازي. أما منطقتها الأولى «شامة الجنان» فقد نشرت في «الجنان» لبطرس البستاني في الجزء الخامس عشر لعامها الأول في آب (أغسطس) عام 1870 وحضت فيها مريانا بنات جنسها على تفهم العلوم والصنائع والاضطلاع بالأعمال العقلية والتجارية والاقتداء بنساء الغرب حتى «إذ ما اضطرنا الحال وساعدتنا الظروف نكون أكفأ على الاقتداء بهن».

الهامش

  1. ^ كرم الحلو(2018-09-25). "روز أنطون الرائدة النهضوية المجهولة". صحيفة الحياة اللبنانية.
تاريخ النشر: 2020-06-04 21:08:49
التصنيفات: صحفيات مصريات, مصريون من أصل لبناني, مواليد 1955, وفيات 1980

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

السلطة الفلسطينية تعلن رفضها إجراءات إسرائيل العقابية ضدها

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 66%

ميلاد‏ ‏المحبة‏ ‏والسلام

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:07
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 65%

للمرة الاولي مزود الميلاد بالصوت والضوء بكنيسة بالمنيا 

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:06
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 60%

رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية: دور مصر إيجابى وواضح ولا لبس فيه

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:22
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 35%

الداخلية توفر السلع الاساسية بتخفيض 60 % بشوادر كلنا واحد.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:35
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 39%

أخبار مصر.. وفاة صاحبة أول عملية زراعة رئة بمستشفى جامعة عين شمس

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:29
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 45%

منظمات غير حكومية تتهم فرنسا بمحاولة ترحيل مهاجرين إلى سوريا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:56
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

أول قمر مكتمل فى 2023.. "قمر الذئب" يضىء سماء مصر اليوم فى مشهد بديع

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:43
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 45%

فلسطين تطالب بآليات دولية ملزمة لحماية الوضع القانوني للقدس

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:23:00
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 67%

جامعة عين شمس تعلن أسباب وفاة صاحبة أول عملية زراعة رئة فى مصر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:42
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 50%

روسيا تدين قرار ألمانيا توريد ناقلات جند مدرعة لأوكرانيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:53
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

حفل رائع لافتتاح خليجى 25 فى العراق بحضور إنفانتينو.. فيديو وصور

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:41
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 38%

بسبب «الجزيري» .. الزمالك مهدد بـ الإيقاف عن القيد 3 فترات مقبلة

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:06
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 51%

قناة إسرائيلية: حكومة نتنياهو أعدت حزمة عقوبات على السلطة ال

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:49
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

أبرز لقطات لا تفوتك من حفل افتتاح خليجى 25 فى العراق

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:23
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 50%

"محمد" الاسم رقم 2 فى اختيار الهولنديين لأسماء أطفالهم خلال 2022

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-01-06 18:22:37
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية