ڤيدانتا

عودة للموسوعة

ڤيدانتا

تمثال أدي شانكارا، أبرز شارح مؤثر للڤـِدانتا.

جزء من سلسلة عن
الفلسفة الهندوسية

المدارس

سامخيا • يوگا • نيايا
ڤايششيكا • پورڤا ميمامسا
ڤيدانتا (Advaita • ڤيشي شتاد ڤايتا •
Dvaita)

الأشخاص

القدامى
كاپيلا • Patañjali • گوتاما
كنادا • جايميني • Vyasa
Markandeya
العصور الوسطى
Vallabha • أدي شانكارا • Ramanuja
Madhva • Madhusudana • طكرام
Namadeva • تولسيداس • كبير
المعاصرين
راما كريشنا • رامانا مهارشي
سوامي ڤيڤك أناندا
Yogananda • نرايانا گورو
Nataraja Guru · N.C. Yati
Aurobindo • Sivananda
Nisargadatta Maharaj • Anandamurti
Satyananda • Chinmayananda
Ayya Vaikundar • Coomaraswamy
Pandurang Shastri Athavale


     

ممضى ڤـِدانتا (دڤانگاري: वेदान्त, Vedānta؛ بالإنگليزية: Vedanta) هوأحد مذاهب الفلسفة الهندية ، وحدثة "فيدانتا" معناها في الأصل ختام الفيدات- أعني اليوبانشاد ؛ أما اليوم فيطلقها الهنود على الممضى الفلسفي الذي حاول حتى يدعم بالمنطق بناء الفكرة الأساسية التي وردت في خط اليوبانشاد- تلك الفكرة التي تسود نغمتها جوانب الفكر الهندي بأسره - وهي حتى الله (براهما) والروح (أتمان) شيء واحد ؛ وأقدم صورة وصلتنا لهذه الفلسفة التي هي أوسع الفلسفات الهندية شيوعاً ، هي كتاب "براهما سوترا" لصاحبه "بدارايانا" (حوالي 200 ق.م) وقوام الكتاب خمسمائة وخمسة وخمسون حكمة ، تعلن أولاها الغاية من الكتاب كله ، وهي: "لنفرغ الآن إلى الرغبة في فهم براهما" ؛ وكادت تمضي بعد ذلك ألف عام ، حين خط "جودايادا" تعليقا على هذه "السوترات" (أي الحكم) ثم فهم "جوفندا" أسرار الممضى ، وهذا بدوره لقَّنها لشانكارا ، الذي ألف أشهر ما خط عن الفيدانتا من شروح ، وكان بما ألف أعظم الفلاسفة الهنود جميعاً.

إستطاع "شانكارا" في حياته القصيرة البالغة إثنين وثلاثين عاماً ، حتى يحقق الإتحاد بين شخصيتي الحكيم والقديس ، بين صفتي الحكمة والرحمة ، وهوإتحاد يتصف به أسمى ما أنجبته الهند من صنوف الإنسان ؛ ولد بين جماعة نشيطة في البحث العقلي من براهمة ملبار ، وهم المعروفون بإسم البراهمة النمبرديين ، وزهد في ترف الدنيا ، ولإنخرط في سلك "الساميناسيين" وهولم يزل يافعاً ، يعبد الآلهة الهندية على إختلافها دون حتى يزعم لنفسه القدرة على فهمها على الرغم من أنه كان مغموراً في موجة من التصوف تكشف له عن فكرة "براهما" الواحد الذي يضم الآلهة جميعاً ؛ وخُيّل إليه أنه ما ورد في خط اليوبانشاد ، هوأعمق الدين وأعمق الفلسفة في آن معاً ؛ فهويستطيع حتى يعفوا عن عامة الناس في عبادتهم لآلهة متعددة ، لكنه لا يجد ما يغفر به عن الإلحاد في "سانخيا" أوعن لا أدرية "بوذا" ؛ سافر إلى الشمال ليمثل الجنوب فيه فإكتسب هناك شهرة في جامعة بنارس ، حدت بالجامعة حتى تخلع عليه أسمى ما عندها من مسببات التكريم ، وبعثت به مصحوباً بطائفة كبيرة من الأتباع ، ليذود عن البرهمية في جميع ساحات المناظرة في الهند ؛ ولعله خط وهوفي بنارس شرحه المشهور لليوبانشاد ، وألف "بهاجافاد- جيتا" الذي هاجم فيه بحماسة دينية ودقة إسكولائية طوائف الزنادقة في الهند ، وأعاد للبرهمية زعامتها الفكرية التي سلبها إياها "بوذا" و"كابيلا". يشيع في هذه الأبحاث الجدلية كثير من الميتافيزيقا، وفيها أقفار يباب من نصوص معروضة ، لكننا نغفر ذلك كله لرجل إستطاع وهوفي سن الثلاثين حتىقد يكون في الهند "أكويناس" و"كانت" معاً ؛ فهومثل "أكويناس" يسلم بكل ما في الخط المقدسة في بلده من حجة على أنها وحي سماوي ثم يطوف باحثاً عن أدلة من خبرته ومن منطق العقل ، يؤيد بها جميع تعاليم تلك الخط المنزلة ؛ لكنه مع ذلك يختلف عن "أكويناس" في أنه ينكر على العقل وحده قدرته على القيام بهذه المهمة ؛ بل هوعلى عكس ذلك ، يتساءل قائلاً ألم نبالغ في قوة العقل وما يقوم به ، وفي وضوحه وجدارته بالركون إليه،يا ترى؟ فقد أصاب "جيميني" حين نطق إذا العقل محام مستعد للبرهنة على جميع ما نريد البرهنة عليه ؛ لأن العقل يستطيع حتى يجد لكل حجة حجة تدحضها وتكون مساوية لها ؛ والنتيجة التي ينتهي إليها هي شك يزعزع جميع ما في أخلاقنا من قوة ، ويزلزل جميع ما في حياتنا من قيم.

ويقول "شانكارا": ليس المنطق هوالذي يعوزنا إنما تعوزنا البصيرة النافذة ؛ وهي ملكة (شبيهة بملكة الفنون) ندرك بها دفعة واحدة ما حيوي في الأمر الذي نحن بصدده ، فنميزه مما ليس بذي خطر ، ونفرق بها بين ما أبدي وما هوزمني عابر ، ونخرج بها الكل من الجزء ؛ تلك هي أول ما يلزم للفلسفة من شروط ؛ والشرط الثاني هوحتى نقبل إقبالاً عن طواعية على الملاحظة والبحث والتفكير ، لا نبتغي من ذلك كله غاية وراء الفهم لذاتها ، لا نريد من ورائه إختراعاً أوثراء أوقوة ؛ إنه بمثابة إنسحاب الروح حتى لا تتعرض لكل ما يصاحب العمل من إستثارة وميل مع الهوى وإستمتاع بالثمرة ؛ وثالث الشروط هوحتى يكتسب الفيلسوف ضبطاً لنفسه وصبراً وهدوءاً ، ولابد له حتى يروض نفسه على الحياة المتحملة عن الإغراء الجسدي والمشاغل المادية وأخيراً يجب حتى تشتعل في أعماق نفسه رغبة في "الموكشا" ومعناها التحرر من الجهل ، والقضاء على جميع الشعور بنفسه الفردية المنفصلة عن سواها ، والإندماج السعيد في براهما الذي هوالفهم الكاملة والإتحاد اللانهائي. وإختصاراً ، ليس الطالب بحاجة إلى منطق العقل بقدر ما بحاجة إلى تطهير الروح ورياضتها رياضة تزيد أغوارها عمقاً ؛ ولعل في ذلك سر التربية الحقيقية في شتى صورها.

فلسفة الڤـِدانتا

أقام "شانكارا" أساس فلسفته عند نقطة عميقة دقيقة ، لم يستطع أحد بعده حتى يدركها إدراكاً واضحاً ، حتى قيض الله لها بعد ألف عام (عمانوئيل كانت) فخط كتابه (نقد العقل الخالص) ؛ ذلك أنه ألقى على نفسه سؤالاً هو: كيف من الممكن أن تمكن الفهم،يا ترى؟ إذا جميع فهمنا فيما يظهر آت من الحواس ، فهولا يكشف عن الواقع الخارجي كما هوفي ذاته، بل يكشف عن كيفية تشكيلنا لذلك الواقع بحواسنا- وربما بلغ التشكيل حد التغيير من الصورة الأصلية تغييراً أساسياً- وإذن فبالحس وحده يستحيل حتى نعهد "الحقيقي" فهم تامة ؛ وكل ما قد نعهده عنه هوالفهم به وهوفي ثوب المكان والزمان والسببية ، وقد يحدث ذلك الثوب نسيجاً خلقته حواسنا وعقولنا ، فصَوَّرته أوطوَّرته على نحويتيح له حتى يتصيد ثباتاً من هذا الواقع السيال المفلات ، وأن يمسك بهذه الصور الثابتة عنه ، مع أننا إذا إستطعنا حتى نحدس بوجود ذلك الواقع الخارجي ، فيستحيل علينا أبداً حتى نصف خصائصه الموضوعية كما تقع في ذاتها ؛ ذلك لأن أسلوبنا في الإدراك سيظل إلى الأبد ممتزجاً بالشيء المدرك امتزاجاً لا سبيل إلى عزل الواحد عن الآخر.

وليس هذا بالذاتية الجوفاء ، التي يقول بها من يريد حتى يغلق على طويته دون حتى يجد سبيلاً لإتصاله بالعالم الخارجي ، والذي يظن أنه مستطيع حتى يحطم العالم تحطيماً إذا هجره وإسترسل في النعاس ؛ إذا العالم موجود ، لكنه "مايا" وليس معنى الحدثة أنه وهم بل هوظواهر ، هومظهر إشهجر عقل الإنسان في تكوينه ؛ وعجزنا عن إدراك الأمور إلا في صورها التي تعرض علينا وهي في الزمان والمكان ، ثم عجزنا عن التفكير فيها إلا على أساس السببية والتغير ، إذا هوإلا قصور فطري في طبائعنا ، هو"أفيديا" أوجهل مرتبط إرتباطاً شديداً بطريقة إدراكنا نفسها ، وعلى ذلك فهوجهل خط على الجسد حتى يصاب به ؛ إذا "مايا" و"أفيديا" هما الجانبان الذاتي والموضوعي للوهم الأعظم الذي يحمل العقل على الظن بأنه يعهد حقيقة العالم ؛ إننا نرى كثرة في الأمور وتياراً من التغير ، بسبب "مايا وأفيديا" أعني بسبب ما ورثناه منذ الولادة من جهل محتوم ؛ وحقيقة الأمر هي حتى ثمة كائناً واحداً، وما التغيير إلا "مجرد إسم" نطلقه على تغير صور الأمور في سطوحها الظاهرة ؛ ووراء "المايا" أي النقاب الذي يحجب عنا الحقيقة ، والذي قوامه تغير الأمور ، تستطيع حتى تنفذ إلى الحقيقة الكلية الواحدة ، براهما ، لا بطريق الحواس ولا بقوة العقل ، بل بالبصيرة النافذة والإدراك الفطري المباشر من روح مرنت على ذلك الضرب من الإدراك. هذا القصور الطبيعي للحس والعقل ، الذي تسببه لهما أعضاء الحس وصور التفكير العقلي ، يحول كذلك بيننا وبين إدراك الروح الواحد الصمد الذي يكمن وراء الأرواح والعقول الجزئية الفردية ، فنفوسنا المنعزل بعضها عن بعض ، والتي نراها بالإدراك الحسي والتفكير العقلي ، لا تقل بطلاناً عن خيالات الزمان والمكان ؛ إذا الفروق بين الأفراد ، والتمييز بين الشخصيات مرتبطان بالجسم والمادة ، وهما من خصائص عالم التغير الذي يشبه في تغيره تصاوير الكاليدوسكوب وهذه النفوس التي لا تزيد على مجرد ظواهر زائلة ، ستمضي بإنقضاء الظروف المادية التي هي جزء منها ، أما الحياة الكامنة وراءها والتي نحسها في دخائلنا حين ننسى المكان والزمان والسببية والتغير ، هي جوهرنا الصميم وحقيقتنا الأصيلة ؛ تلك هي "أتمان" التي نشهجر فيها مع سائر النفوس والأمور ، والتي لا تتجزأ ولا يخلومنها مكان، وهي وبراهما ، أي الله ، شيء واحد بعينه. ولكن ما الله،يا ترى؟ إنه كما في النفس نفسان: الذات و"أتمان" ، والعالم عالمان: عالم الظواهر وعالم الحقائق فكذلك الرب ربان: إشفارا ، أي الخالق ، وهوالذي تعبده عامة الناس لما يتبدى لهم من مكان وزمان وسببية وتغير ، وبراهما أي الكائن الخالص ، وهوالذي يعبده المتدينون المتفلسفون الذين يبحثون- ويجدون- حقيقة واحدة عامة وراء الأمور والنفوس المستقل بعضها عن بعض ؛ وتلك الحقيقة الواحدة لا تتغير وسط هذه التغيرات كلها ، ولا تتجزأ رغم هذه الإنقسامات كلها. أبدية رغم تغير الأمور في صورها ورغم جميع ما نشاهده من ولادة وموت ؛ فتعدد الآلهة- بل العقيدة في وجود الله نفسها- نتيجة تتفرع عن عالم "المايا" و"الأفيديا" ؛ وهي صور تعبدية تقابل صور الإدراك الحسي والتفكير؛ وهي ضرورية لحياتنا الخلقية على نحوماقد يكون المكان والزمان والسببية عناصر ضرورية لحياتنا الفكرية ، لكن حقيقتها ليست مطلقة ، وليس لها صدق موضوعي في واقع الوجود.

وليس وجود الله معضلة في رأي شانكارا ، لأنه يعرّف الله بالوجود ، ويجعل الكون الحقيقي كله والله شيئاً واحداً بعينه ؛ أما عن وجود إله مشخص ،قد يكون خالقاً ومُخَلّصاً ، فقد يحدث هناك- في رأيه- موضع للشك ؛ مثل هذا الإله في ممضى هذا المفكر الذي تجاوز "كانت" في تفكيره ، لا تمكن البرهنة عليه بالعقل ، وكل ما نستطيعه إزاءه هوحتى نفرض وجوده فرضاً بإعتباره ضرورة عملية ، يهب الطمأنينة لعقولنا القاصرة والتشجيع لأخلاقنا المتهافتة. قد يجوز للفيلسوف حتى يعبد الله في أي معبد شاء ، ويركع أمام أي إله بغير تفريق ، لكنه سيجاوز هذه الصور العامية في العقيدة الدينية ، التي ُتغْتفَر للعوام ، وسيشعر بما في هذا التعدد من وهم خادع ، مدركاً ما بين الأمور كلها من وحدة لا تعهد التعدد ، إنه سيقدس الكون نفسه على أنه الكائن الأعلى- هذا الكائن الذي يعز على الوصف ، لا تحده الحدود ، ولا يحصره المكان ولا الزمان ولا يخضع للسببية ، ولا يطرأ عليه التغير ؛ إنه مصدر الحقيقة كلها ومادتها ، ويجوز لنا حتى نصف براهما بأنه شاعر بذاته وعاقل بل وسعيد ما دام براهما يشتمل على النفوس كلها ، ويمكن حتى تتصف النفوس بأمثال هذه الصفات ، لكن إلى جانب ذلك أيضاً يمكن حتى نصف براهما بسائر الصفات جميعاً ، مادام مشتملاً على خصائص الأمور كلها ؛ وبراهما في جوهره محايد يرتفع عن كونه مشخصاً أومذكراً أومؤنثاً ، وهويسموعلى الخير والشر ، وهوفوق جميع الفوارق الخلقية ، وكل أوجه الإختلاف بين الأمور وكل الخصائص والصفات وكل الشهوات والغايات ؛ إذا براهما هوالسبب والمسبب معاً وهوجوهر العالم الخفي الذي لا تحدده قيود الزمان.

وهدف الفلسفة هوحتى تجد ذلك السر بحيث يذوب الواجد فيما عثر من سرّ ؛ ففي رأي شانكارا حتى إندماج الإنسان بالله معناه حتى يسموعلى- أويغوص إلى ما دون- إنفصال النفس عن سائر النفوس ، وقِصَر أمدها في الحياة ، وكل ما لها من مصالح وأغراض توافه ؛ وأن يصبح على غير شعور بالأجزاء والأقسام والأمور جميعاً ، وأنقد يكون مندمجاً في سكينة ، وفي إتحاد نرفاني خال من جميع شهوة ، بذلك المحيط الكوني العظيم الذي لا تصطرع فيه الغايات ولا تتنافس النفوس ، وليس فيه أجزاء ولا تغير ولا مكان ولا زمان ؛ ولكي يظفر الإنسان بهذه السكينة السعيدة (التي تسمى أناندا) فلا يكفي الإنسان حتى ينكر العالم ، بل يجب إلى جانب ذلك حتى ينكر ذاته ؛ لا ينبغي حتى يأبه لأملاك أوأدوات للمتاع ، بل لا ينبغي حتى يأبه حتى بخير أوشر ؛ يجب حتى ينظر إلى الألم والموت نظرته إلى "مايا" ، أي حوادث تقع على سطح الجسم والمادة والزمان والتغير ؛ ولا يجوز له حتى يفكر فيما يصيب إنسان من قضاء أوحتى يفكر فيما له من خصائص ؛ فلحظة واحدة يعني فيها بمصلحة ذاته أويزهى فيها بنفسه كافية لهدم طريق الخلاص الذي يرجوه ؛ إذا أعمال الخير لا تهيئ للإنسان خلاصاً ، لأن أعمال الخير إنما تكون ذات قيمة أومعنى في عالم " المايا " وحده ، أي عالم المكان والزمان ؛ ولا يأتي بإخلاص إلى فهم القديس ، وما الخلاص إلا في إدراك الإتحاد بين النفس والكون ، "أتمان" و"براهما" ، أي الروح والله ، وإمتصاص الجزء في الكل ؛ ويستحيل حتى تقف دورة حلول الروح في أجساد جديدة إلا إذا تم هذا الإمتصاص عندئذ سيتبين حتى الروح الجزئية والشخصية المفردة ، التي تصيبها عودة التجسد ، وَهْمٌ ليس له وجود ، وأن الذي يعيد الولادة للنفس على صعيد العقاب أوالثواب هو"إشفارا" أي إله "مايا" ؛ ويقول شانكارا: "إنه إذا ما عهدت وحدة أتمان وبراهما ، إختفت على الفور الروح الجزئية وإختفى براهما بإعتباره خالقاً (أي بإعتباره إشفارا" وتنتمي "إشفارا" و"كارما"- كما تنتمي الأمور والأنفس - إلى ممضى الأفيدانتا المعروف ، في صورته المحورة تحويراً يناسب حاجات الرجل من عامة الناس ؛ أما الجانب الخفي السري من الممضى ، فيعتبر الروح وبراهما شيئاً واحداً ، لا يتجزأ ولا يموت ولا يتغير. وإنها لحكمة من شانكارا حتى يحصر الجانب الخفي من ممضىه في الفلاسفة وحدهم ؛ لأنه- كما رأى فولتير- كما أنه لا يمكن لمجتمع حتى يعيش بغير قانون إلا مجتمع من فلاسفة ، فكذلك لا يستطيع حتى يعيش فوق الخير والشر إلا مجتمع من الإنسان الأعلى ؛ ولقد توجه الناقدون بنقد ، هوأنه إذا كان الخير والشر جانبين من "مايا" أي من العالم الزائف إذن فلا يعود للفوارق الخلقية وجود ، وتصبح الشياطين والقديسون في منزلة واحدة ؛ وهاهنا يجيب شانكارا في ذكاء ، بأن هذه الفوارق الخلقية حقيقية داخل عالم الزمان والمكان ، وهي ملزمة لهؤلاء الذين يعيشون في هذه الدنيا ، وليس فيها إلزام على الروح التي دمجت نفسها في براهما ؛ فمثل هذه الروح لا تقترف الإثم ، لأن الإثم يتضمن الشهوة وتحقيقها بالعمل ، والروح التي تحررت- بحكم تعريفها- لا تتحرك في دنيا الشهوات والعمل (الذي يحقق لها شهواتها) ، إذا ما يُنْزل الأذى بغيره عامداً ، يعيش في مستوى "مايا" ، ويخضع لما فيها من فوارق ومن أخلاق وقوانين ، فلا حرّ إلا الفيلسوف ، ولا حرية إلا الحكمة.

لقد كانت هذه الفلسفة أدق وأعمق مما ينتظر من صبي في العقد الثالث من عمره ؛ ولم يكْف شانكارا حتى يفصل أجزاءها فيما خط ، وأن يوفق في الدفاع عنها في نقاشه مع الناس ، لكنه كذلك عبّر عن أجزاء منها في شعر هومن أرهف الشعر الهندي الديني إحساساً ؛ ولما حتى فرغ شانكارا من رد جميع إعتراض وُجّه إليه ، إنتبذ صومعة في الهمالايا ، وتقول الرواية الهندية إنه توفي في سن الثانية والثلاثين ، ونشأت عشر جماعات دينية تحمل إسمه ، وإعتنق فلسفته كثير من الأتباع ، ثم إرتقوا بها ؛ وقد خط أحد هؤلاء الأتباع- وبعضهم يقول: إذا شانكارا نفسه هوالذي خط- عرضاً شعبياً للفيدانتا ، وأسماه "موهامودجارا" ومعناها "مطرقة الحماقة"- عرض أسس الممضى عرضاً موجزاً في وضوح وقوة: "أيها الأحمق! إمح من نفسك هذا الظمأ للمال ، وإقتلع من قلبك جميع الشهوات ، وإقنع نفساً بما تكسبه لك من "كارما" ...لا يأخذنك زهوبمال أوأصدقاء أوشباب ؛ إذا الزمن يقضي عليها جميعاً في لحظة واحدة ؛ فإذا ما أسرعت وهجرت جميع هذا- وإنه لملئ بالأوهام- فإدخل حيث براهما ... إذا الحياة رجراجة مثل قطرة الماء على ورقة اللوتس ... إذا الزمن لاه والحياة زائلة- ومع ذلك فأنفاس الأمل لا تنبتر ؛ إذا الجسد قد أصابه التجعيد والشعر قد شاب ، والفم قد خلا من أسنانه ، والعصا ترتعش في قبضة اليد ، ومع ذلك فالإنسان لا يني متشبثاً بمواضع الراتى ...إحتفظ باتزانك دائماً ...إن فشنووحده يسكن فيك وفيّ الآخرين ؛ ومن العبث حتى تغضب أوتثور ؛ أنظر إلى نفس جزئية في النفس الكلية الكاملة ، ولا تعد تفكر فيما بيننا من فوارق.


المصادر

ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

الهامش

انظر أيضاً

  • Badarayana
  • Monistic idealism
  • Svayam bhagavan
  • ديپاك چوپرا

للاستزادة

  • The System of Vedanta by Paul Deussen. 1912. Reprint 2007.
  • The Eye of Shiva. New York, William Morrow & Co. 1981. Amaury de Reincourt
  • Forgotten Truth: The Primordial Tradition by Huston Smith
  • Theology After Vedanta by Francis X. Clooney
  • Sankara and Indian Philosophy, by Natalia Isayeva
  • A History of Early Vedanta Philosophy by Hajime Nakamura
  • Encyclopedia of Indian Philosophies and "Vedanta Sutras of Narayana Guru" by Karl Potter and Sibajiban Bhattacharya
  • Isherwood, Bowles, Vedanta, Wicca, and Me by Lee Prosser. 2001. ISBN 0-595-20284-5
  • The Upanishads by Sri Aurobindo [1]. Sri Aurobindo Ashram, Pondicherry. 1972.
  • Vedanta Treatise- The Eternities by Swami Parthasarathy [2]
  • Vedanta: A Simple Introduction by Pravrajika Vrajaprana [3]
  • Swami Bhoomananda Tirtha Narayanashrama Tapovanam

وصلات خارجية

تاريخ النشر: 2020-06-04 21:19:51
التصنيفات: Articles containing non-English-language text, Pages with citations using unsupported parameters, مفاهيم فلسفية هندوسية, فلسفة هندية, ڤدانتا, Sanskrit words and phrases, Metaphilosophy, Vedas, Movements in ancient Indian philosophy, أستيكا, Nondualism, Dualism, Consciousness

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

اليوم .. 60 ألف طالب يؤدون امتحانات الشهادة الاعدادية في كفر الشيخ

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:20:46
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

كل ما تريدين معرفته عن مرض التهاب الكبد الغامض عند الأطفال

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:21:21
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 38%

%89 من القراء يؤيدون الأصوات المطالبة بتغليظ عقوبة جرائم التنمر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:21:25
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 35%

حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية السبت 14 مايو 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:20:39
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 53%

الصين تسجل 2072 إصابة جديدة بكوفيد-19

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:20:57
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 64%

لحظات مع العذراء مريم في الشهر المريمي (١٤)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:21:10
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

تعرف علي سعر اليورو الأوروبي مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 14-5-2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:21:02
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

موعد عيد الأضحى المبارك 2022 فى مصر ووقفة عرفات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:20:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 63%

الخزانة الأمريكية تبحث مع بنوك أجنبية تشديد القيود ضد روسيا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:20:58
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

أسعار بورصة الدواجن الرئيسية اليوم السبت 14 مايو 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:21:01
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

اليوم.. أولى جلسات محاكمة قاتل كاهن الإسكندرية بمحكمة الجنايات

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:21:26
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 45%

أوكرانيا تعلن خطة تعبئة لتجنيد مليون شخص

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:20:57
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 50%

سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى اليوم السبت 14-5-2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:21:01
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 64%

اليوم.. محاكمة المقاول الهارب محمد على و102 متهم فى قضية «الجوكر»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:20:40
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 56%

متى يطبق قانون "جرائم الإنترنت" على "غير المصريين"؟.. 6 حالات تعرف عليها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:21:20
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 38%

186 ألف طالب يبدأون امتحانات الشهادة الإعدادية بـ689 مدرسة غدًا بالجيزة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:21:24
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 37%

الأرصاد: طقس حار على أغلب الأنحاء اليوم.. والعظمى بالقاهرة 31 درجة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:21:23
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 49%

بدء امتحان الكيمياء الورقى بأسئلة مقالية للصف الأول الثانوى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-05-14 09:21:22
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 46%

تحميل تطبيق المنصة العربية