أرستيدس
أرستيدس (Aristides أوAristeides من اليونانية: Ἀριστείδης, 530 ق.م. - 468 ق.م.) كان رجل دولة أثيني، لـُقـِّب بـ"العادل".
عاش الرجل الذي تخلى لملتيادس عن مكانه في مرثون ونجا من المزالق التي توجد عادة في طريق الظافرين. ذلك حتى أرستيديز كان في حياته وأخلاقه إسبارطياً يعيش في أثينة. وقد استحق بخلقه الهادئ الرزين، وبساطته، وتواضعه، وأمانته التي لا تنال منها الأحداث، استحق بهذه الصفات لقب العادل، ولما حتى تليت على المسرح العبارة الآتية أثناء تمثيل إحدى مسرحيات إسخيلوس:
"فهولا يتظاهر بالعدالة ولكن العدالة طبيعة فيه، وهي هدفه في أعماله؛ ومن عقله تتفجر ينابيع الحكمة والفطنة".»
لما حتى تليت هذه العبارة التفت المستمعون كلهم ناحية أرستيديز، لأنهم رأوا فيه الأنموذج الحي لهذه الصفات(9). ولما حتى استولى اليونان على معسكر الفرس في مرثون، ووجدوا في خيامهم ثروة طائلة، عهدوا إلى أرستيديز المحافظة عليها "فلم يأخذ منها شيئاً لنفسه، ولم يسمح لأحد بأن يغتال منها شيئاً". ولما حتى طلب إلى حلفاء أثينة بعد الحرب حتى يسهموا في أداء جزية سنوية إلى خزانة الحلف في ديلوس ليستعان بها في الدفاع عن بلاد اليونان عامة، اختير أرستيديز ليقرر ما تؤديه جميع مدينة، ولم يعترض أحد على قراراته. لكن إعجاب الناس به كان رغم هذا كله أكثر من حبهم إياه. وكان صديقاً حميماً لكليسثنيز الذي وسع نطاق الدمقراطية إلى حد بعيد، ولكنه كان يرى أنها مضىت إلى أبعد حد مأمون، وأنه إذا ما زيدت سلطة الجمعية إلى أكثر مما كان لها، أدى ذلك إلى فساد الإدارة وإلى اضطراب النظام. وكان يندد بالفساد أينما وجده، وخلق بذلك لنفسه كثيراً من الأعداء.
واتخذ الحزب الدمقراطي الذي يرأسه ثمستكليز نظام نفي عدم المخلصين للحكومة، وكان قد تقرر حديثاً، للتخلص من أرستيديز؛ وفي عام 482 نفي الرجل الوحيد في تاريخ أثينة كله الذي جمع بين الشهرة والأمانة، وكان نفيه في أوج مجده. والعالم كله يعهد السيرة التي تقول - وقد تكون هي الأخرى خرافة لا ظل لها من الحقيقة - إذا أرستيديز نقش اسمه على اللوحة التي يخط عليها اسم من يراد نفيه (الأستراكون) حين طلب إليه ذلك رجل أمي لا يعهده ولكنه لم يعد يطيق سماع لقب العادل يطلق عليه، فحقد عليه لهذا السبب كما يحقد أوساط الناس عادة على العظماء. ولما حتى عهد أرستيديز حتى الجمعية قررت نفيه نطق إنه يرجوألا يأتي اليوم الذي تذكره(11) فيه أثينة .
وكان من سوء حظ أثينة حتى ثميستوكليس وأرستيديز قد أحبا معاً فتاة واحدة هي استسلوس الكيوسية Stesilaus of Ceos، وأن ما ولده هذا الحب من حقد جميع منهما على الآخر لم يزُل بعد حتى زال الجمال الذي أشعل النار في قلبيهما.
الهامش
ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors=
ignored (|author=
suggested) (help)