محمد الفاتح

عودة للموسوعة

محمد الفاتح

محمد الفاتح
پورتريه السلطان محمد الثاني، 1480، بريشة جنتيلى بليني (1429–1507)، زيت على كانڤاس وربما منقول من على الخشب، 69.9 x 52.1 سم. الآن في National Portrait Gallery في المملكة المتحدة.
السلطان العثماني السابع (السلطان)
الحكم الأول أغسطس 1444 – سبتمبر 1446
سبقه مراد الثاني
تبعه مراد الثاني
الحكم الثاني 3 فبراير 1451 – ثلاثة مايو1481
سبقه مراد الثاني
تبعه بايزيد الثاني
Consorts
  • گول‌بهار خاتون
  • گول‌شاه خاتون
  • ستي‌شاه خاتون
  • چيچك خاتون
  • خديجة خاتون
الأنجال
  • بايزيد الثاني
  • سلطان جم
  • شيخ زاده مصطفى
  • جوهرخان خاتون
الاسم الكامل
محمد بن مراد
أسرة ملكية العثمانيون
الأب مراد الثاني
الأم هوما خاتون
وُلِد 30 مارس 1432
إدرنه، إيالة روملي، الدولة العثمانية
توفي 3 مايو1481(1481-05-03) (عن عمر 49 عاماً)
Hünkârçayırı (Tekfurçayırı)، بالقرب من گبزه، الدولة العثمانية
الدفن مسجد الفاتح، اسطنبول، هجريا
الديانة الإسلام السني
طغراء

السلطان الغازي محمد الثاني الفاتح (بالهجرية العثمانية: فاتح سلطان محمد خان ثانى؛ وبالهجرية الحديثة: Fatih Sultan Mehmed Han II أوII. Mehmed) والذي عُرف في أوروبا خلال عصر النهضة باسم "Mahomet II"، وهوذات اللفظ الذي كان الأوربيون يلفظون به اسم نبي الإسلام، هوسابع سلاطين الدولة العثمانية وسلالة آل عثمان، يُلقب، إلى جانب "الفاتحبأبي الفتوح وأبوالخيرات، وبعد فتح القسطنطينية أضيف لقب "قيصر" إلى ألقابه وألقاب باقي السلاطين الذين تلوه. حكم ما يقرب من ثلاثين عامًا عهدت توسعًا كبيرًا للخلافة الإسلامية.

يُعهد هذا السلطان بأنه هومن قضى نهائيًا على الإمبراطورية البيزنطية بعد حتى استمرّت أحد عشر قرنًا ونيفًا، ويعتبر الكثير من المؤرخين هذا الحدث خاتمة العصور الوسطى وبداية العصور الحديثة، وعند الأتراك فهذا الحدث هو"فاتحة عصر الملوك" (بالهجرية: çağ açan hükümdar).

تابع السلطان محمد فتوحاته في آسيا، فوحّد ممالك الأناضول، وتوغّل في أوروبا حتى بلغراد. من أبرز أعماله الإدارية دمجه للإدارات البيزنطية القديمة في جسم الدولة العثمانية المتوسعة آنذاك. يُلاحظ حتى محمد الثاني لم يكن أول حاكم هجري للقسطنطينية، فقد كان أحد الأباطرة الروم السابقين، والمدعو"ليون الرابع" (باليونانية: Λέων Δ΄) من أصول خزرية، وهؤلاء قوم من الهجر شبه رحّل كانوا يقطنون سهول شمال القوقاز. كان محمد الثاني عالي الثقافة ومحبًا للفهم والفهماء، وقد تكلّم عدداً من اللغات إلى جانب اللغة الهجرية، وهي: الفرنسية، اللاتينية، اليونانية، الصربية، الفارسية، العربية، والعبرية.

بداية حياته

إخبار نبي الإسلام عنه

نبوءة النبي محمد حول فتح القسطنطينية، منقوشة على إحدى بوابات آيا صوفيا.

يؤمن المسلمون بأن النبي محمد بن عبد الله تحدث عن أمير من أفضل أمراء العالم، وأنه هومن سيفتح القسطنطينية ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية، فقد ورد في مسند أحمد بن حنبل في الحديث رقم 18189:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ

مولده ونشأته

رسم بيد السلطان محمد الثاني مأخوذ من كتاب رسوماته عندما كان صبيّا، وتظهر في الأعلى طغرائه المكونة من حروف متشابكة.

وُلد محمد الثاني، للسلطان "مراد الثاني" و"هما خاتون"، فجر يوم الأحد بتاريخ 20 أبريل، 1429 م، الموافق في 26 رجب سنة 833 هـ في مدينة أدرنة، عاصمة الدولة العثمانية آنذاك. عندما بلغ محمد الثاني ربيعه الحادي عشر أوفده والده السلطان إلى أماسيا ليكون حاكمًا عليها وليكتسب شيءًا من الخبرة اللازمة لحكم الدولة، كما كانت عليه عادة الحكّام العثمانيين قبل ذلك العهد. فمارس محمد الأعمال السلطانية في حياة أبيه، ومنذ تلك الفترة وهويعايش صراع الدولة البيزنطية في الظروف المتنوعة، كما كان على اطلاع تام بالمحاولات العثمانية السابقة لفتح القسطنطينية، بل ويفهم بما سبقها من محاولات متكررة في العصور الإسلامية المتنوعة. وخلال الفترة التي قضاها حاكماً على أماسيا، كان السلطان مراد الثاني قد أوفد إليه عددًا من المفهمين لكنه لم يمتثل لأمرهم، ولم يقرأ شيئاً، حتى أنه لم يختم القرآن الكريم، الأمر الذي كان يُعد ذا أهمية كبرى، فطلب السلطان المذكور، رجلاً له مهابةٌ وحدّة، فذكر له المولى "أحمد بن إسماعيل الكوراني"، فجعله مفهمًا لولده وأعطاه قضيبًا يضربه به إذا خالف أمره، فمضى إليه، ودخل عليه والقضيب بيده، فنطق: "أوفدني والدك للتعليم والضرب إذا خالفت أمري"، فضحك السلطان محمد الثاني من ذلك الكلام، فضربه المولى الكوراني في ذلك المجلس ضربًا شديدًا، حتى خاف منه السلطان محمد، وختم القرآن في مدة يسيرة.

هذه التربية الإسلامية كان لها الأثر الأكبر في تكوين شخصية محمد الفاتح، فجعلته مسلمًا مؤمنًا ملتزمًا بحدود الشريعة، مقيدًا بالأوامر والنواهي، معظمًا لها ومدافعًا عن إجراءات تطبيقها، فتأثر بالفهماء الربانيين، وبشكل خاص مفهمه المولى "الكوراني" وانتهج منهجهم. وبرز دور الشيخ "آق شمس الدين" في تكوين شخصية محمد الفاتح وبث فيه منذ صغره أمرين هما: مضاعفة حركة الجهاد العثمانية، والإيحاء دومًا لمحمد منذ صغره بأنه الأمير المقصود بالحديث النبوي، لذلك كان الفاتح يطمع حتى ينطبق عليه حديث نبي الإسلام.

اعتلاؤه العرش للمرة الأولى وتنازله عنه

السلطان مراد الثاني، والد السلطان محمد الفاتح.
معركة فارنا، بريشة "يان ماتيكو".

في 13 يوليوسنة 1444 م، الموافق 26 ربيع الأول سنة 848 هـ، أبرم السلطان مراد الثاني معاهدة سلام مع إمارة قرمان بالأناضول، وعقب ذلك توفي أكبر أولاد السلطان ومسماه علاء الدين، فحزن عليه والده حزنًا شديدًا وسئم الحياة، فتنازل عن الملك لابنه محمد البالغ من العمر أربع عشرة سنة، وسافر إلى ولاية أيدين للإقامة بعيدًا عن هموم الدنيا وغمومها. لكنه لم يمكث في خلوته بضعة أشهر حتى أتاه خبر غدر المجر وإغارتهم على بلاد البلغار غير مراعين شروط الهدنة اعتمادًا على تغرير الكاردينال "سيزاريني"، مندوب البابا، وإفهامه لملك المجر حتى عدم رعاية الذمة والعهود مع المسلمين لا تُعد حنثًا ولا نقضًا.

وكان السلطان محمد الثاني قد خط إلى والده يطلب منه العودة ليتربع على عرش السلطنة تحسبًا لوقوع معركة مع المجر، إلا حتى مراد رفض هذا الطلب. فرد محمد الثاني الفاتح : «إن كنت أنت السلطان فتعال وقف على قيادة جيشك ورياسة دولتك وإن كنت أنا السلطان فإني آمرك بقيادة الجيش». وبناءً على هذه الرسالة، عاد السلطان مراد الثاني وقاد الجيش العثماني في معركة فارنا، التي كان فيها النصر الحاسم للمسلمين بتاريخعشرة نوفمبر سنة 1444 م، الموافق في 28 رجب سنة 848 هـ.

لم تطل إقامته أكثر من ثلاثة أشهر إذ اضطر للعودة إلى أدرنة قاعدة الدولة حيث استصغر قادة الجيش العثمانيين من الانكشارية السلطان الصغير، إذ عصوا أمره، ونهبوا المدينة، ووصل السلطان فأدب القادة وأشغلهم بالقتال في بلاد اليونان.

يُنطق بأن عودة السلطان مراد الثاني إلى الحكم كان سببها أيضًا الضغط الذي مارسه عليه الصدر الأعظم "خليل جندرلي باشا"، الذي لم يكن مولعًا بحكم محمد الثاني، بما حتى الأخير كان متأثرًا بمفهمه المولى "الكوراني" ويتخذ منه قدوة، وكان الكوراني على خلاف مع الباشا.


الفترة في مانيسا (1446-1451)

مسقط مانيسا في هجريا.

انتقل السلطان محمد الثاني إلى مانيسا الواقعة بغرب الأناضول بعد ثورة الإنكشارية عليه، وبعد حتى جمعهم والده وانتقل لخوض حروبه في أوروبا. ليس هناك من معلومات كثيرة تفيد بالذي قام به السلطان محمد في الفترة التي قضاها في مدينة مانيسا، ولكن يُعهد أنه خلال هذه الفترة، تزوج السلطان بوالدة ولي العهد، كما كان يُطلق على زوجات السلاطين، "أمينة گلبهار" ذات الجذور اليونانية النبيلة، من قرية "دوفيرا" في طرابزون، والتي توفيت بعد ذلك عام 1492 بعد حتى أنجبت السلطان بايزيد الثاني. وكان السلطان مراد الثاني قد عاد إلى عزلته مرة أخرى بعد حتى انتصر على المجر واستخلص مدينة فارنا منهم، لكنه لم يلبث فيها هذه المرة أيضا، لأن عساكر الإنكشارية ازدروا ملكهم الفتى محمد الثاني وعصوه ونهبوا مدينة أدرنة عاصمة الدولة، فرجع إليهم السلطان مراد الثاني في أوائل سنة 1445 وأخمد فتنتهم. وخوفًا من رجوعهم إلى إقلاق راحة الدولة، أراد حتى يشغلهم بالحرب، فأغار على بلاد اليونان والصرب طيلة سنواته الباقية، وفتح عددًا من المدن والإمارات وضمها إلى الدولة العثمانية. تزوج السلطان محمد في هذه الفترة أيضا بزوجته الثانية "ستّي مكرم خاتون" الأميرة من سلالة ذي القدر الهجرمانية.

قام محمد الفاتح خلال المدة التي قضاها في مانيسا، بضرب النقود السلجوقية باسمه، وفي أغسطس أوسبتمبر من عام 1449، توفيت والدته، وبعد هذا بسنة، أي في عام 1450، أبرم والده صلحًا مع "اسكندر بك"، أحد أولاد "جورج كستريو" أمير ألبانيا الشمالية الذين كان السلطان مراد الثاني قد أخذهم رهائن وضمّ بلاد أبيهم إليه بعد موته. وكان اسكندر المذكور قد أسلم، أوبالأحرى تظاهر بالإسلام لنوال ما يكنه صدره وأظهر الإخلاص للسلطان حتى قرّبه إليه، ثم انقلب عليه أثناء انشغاله بمحاربة الصرب والمجر، وبعد عدد من المعارك لم يستطع الجيش العثماني المنهك استرجاع أكثر من مدينتين ألبانيتين، فرأى السلطان مصالحة البك ريثما يعود ليستجمع جيشه قوته ثم يعود لفتح مدينة "آق حصار".

{{quote| يعد الخليفة محمد الفاتح أحد السلاطين الأقوياء في الدولة العثمانية . فهوالذي دمر الإمبراطورية البيزنطية ، وفتح عدة ممالك ومدن منها كورنته وغالاتا وارغوس وجنوه ، وقاد الجيش بنفسه في حصار بلغراد عاصمة صربية تم فتحها بفضل الله واستولى على مملكة طرابزون اليونانية ، وفي عام 1462 فتح رومانيا ، والبوسنة والهرسك وأصبحت ألبانيا وقونية جزءا من الدولة العثمانية.

وفي عام 1476 فتح المجر ومولدافيا. ويكفيه فخراً وعزاً أنه حقق بشارة النبي صلى الله عليه وسلم حين نطق : " لتفتحن القسطنطينية ، فنعم الأمير أميرها، ونعم الجيش ذلك الجيش " .

اعتلاؤه العرش للمرة الثانية وفتح القسطنطينية

تربّع السلطان محمد الثاني على عرش الدولة العثمانية.
الدولة العثمانية والدول والإمارات المحيطة بها عام 1450، أي قبل تربّع محمد الثاني على العرش بسنة واحدة.

عاد السلطان مراد الثاني إلى أدرنة، عاصمة ممالكه ليُجهز جيوشًا جديدة كافية لقمع الثائر على الدولة، "اسكندر بك"، لكنه توفي في يومسبعة فبراير سنة 1451، الموافق فيخمسة محرم سنة 855هـ. وما حتى وصلت أنباء وفاة السلطان إلى ابنه محمد الثاني، حتى ركب فوراً وعاد إلى أدرنة حيث توّج سلطانا للمرة الثانية في 19 فبراير من نفس العام، وأقام جنازة لوالده الراحل وأمر بنقل الجثمان إلى مدينة بورصة لدفنه بها، وأمر بإرجاع الأميرة "مارا" الصربية إلى والدها، أمير الصرب المدعو"جورج برنكوفيتش"، الذي زوّجها للسلطان مراد الثاني عندما أبرم معه معاهدة سلام قرابة عام 1428.

عندما تولى محمد الثاني الملك بعد أبيه لم يكن بآسيا الصغرى خارجًا عن سلطانه إلا جزء من بلاد القرمان ومدينة "سينوب" ومملكة طرابزون الروميّة. وصارت مملكة الروم الشرقية قاصرة على مدينة القسطنطينية وضواحيها. وكان إقليم "موره" مجزءاً بين البنادقة وعدّة إمارات صغيرة يحكمها بعض أعيان الروم أوالإفرنج الذين تخلفوا عن إخوانهم بعد انتهاء الحروب الصليبية، وبلاد الأرنؤد وإيبيروس في حمى إسكندر بك سالف الذكر، وبلاد البشناق المستقلة، والصرب التابعة للدولة العثمانية تبعية سيادية، وما بقي من شبه جزيرة البلقان كان داخلاً تحت سلطة الدولة كذلك.

الإعداد للفتح

قلعة روملي حصار كما تبدواليوم، كما يراها الناظر من مضيق البوسفور.

أخذ السلطان محمد الثاني، بعد وفاة والده، يستعد لتتميم فتح ما بقي من بلاد البلقان ومدينة القسطنطينية حتى تكون جميع أملاكه متصلة لا يتخللها عدومهاجم أوصديق منافق، فبذل بداية الأمر جهودًا عظيمة في تقوية الجيش العثماني بالقوى البشرية حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون جندي، وهذا عدد كبير مقارنة بجيوش الدول في تلك الفترة، كما عني عناية خاصة بتدريب تلك الجموع على فنون القتال المتنوعة وبمختلف أنواع الأسلحة التي تؤهلهم للغزوالكبير المنتظر، كما أعتنى الفاتح بإعدادهم إعدادًا معنويًا قويًا وغرس روح الجهاد فيهم، وتذكيرهم بثناء النبي محمد على الجيش الذي يفتح القسطنطينية وعسى حتىقد يكونوا هم الجيش المقصود بذلك، مما أعطاهم قوة معنوية وشجاعة منبترة النظير، كما كان لانتشار الفهماء بين الجنود أثر كبير في تقوية عزائمهم.

أراد السلطان، قبل حتى يتعرض لفتح القسطنطينية حتى يُحصّن مضيق البوسفور حتى لا يأتي لها مدد من مملكة طرابزون، وذلك بأن يُقيم قلعة على شاطئ المضيق في أضيق نقطة من الجانب الأوروبي منه لقاء القلعة التي أسست في عهد السلطان بايزيد في البر الآسيوي. ولمّا بلغ إمبراطور الروم هذا الخبر أوفد إلى السلطان سفيرًا يعرض عليه دفع الجزية التي يُقررها، فرفض الفاتح طلبه وأصر على البناء لما يفهمه من أهمية عسكرية لهذا المسقط، حتى اكتملت قلعة عالية ومحصنة، وصل ارتفاعها إلى 82 مترًا، وأطلق عليها اسم "قلعة روملي حصار" (بالهجرية: Rumeli Hisarı)، وأصبحت القلعتان متقابلتين، ولا يفصل بينهما سوى 660 مترًا، تتحكمان في اجتياز السفن من شرقي البوسفور إلى غربه وتستطيع نيران مدافعهما منع أية سفينة من الوصول إلى القسطنطينية من المناطق التي تقع شرقها مثل مملكة طرابزون وغيرها من الأماكن التي تستطيع دعم المدينة عند الحاجة. كما فرض السلطان رسومًا على جميع سفينة تمر في مجال المدافع العثمانية المنصوبة في القلعة، وكان حتى رفضت إحدى سفن البندقية حتى تتوقف بعد حتى منح العثمانيون لها عدداً من الإشارات، فتمّ إغراقها بطلقة مدفعية واحدة فقط.

مدفع سلطاني عثماني مماثل للمدفع الذي استخدم عند حصار القسطنطينية. تمّ صب هذا المدفع عام 1464، وهوالآن موجود في متحف الترسانة الملكية البريطانية.

اعتنى السلطان عناية خاصة بجمع الأسلحة اللازمة لفتح القسطنطينية، ومن أهمها المدافع، التي أخذت اهتمامًا خاصًا منه حيث أحضر مهندسًا مجريًا يدعى "أوربان" كان بارعًا في صناعة المدافع، فأحسن استقباله ووفر له جميع الإمكانيات المالية والمادية والبشرية. تمكن هذا المهندس من تصميم وتصنيع الكثير من المدافع الضخمة كان على رأسها "المدفع السلطاني" المشهور، والذي ذكر حتى وزنه كان يصل إلى مئات الأطنان وأنه يحتاج إلى مئات الثيران القوية لتحريكه، وقد أشرف السلطان بنفسه على صناعة هذه المدافع وتجريبها.

ويُضاف إلى هذا الاستعداد ما بذله الفاتح من عناية خاصة بالأسطول العثماني؛ حيث عمل على تقويته وتزويده بالسفن المتنوعة ليكون مؤهلاً للقيام بدوره في الهجوم على القسطنطينية، تلك المدينة البحرية التي لا يكمل حصارها دون وجود قوة بحرية تقوم بهذه المهمة وقد ذُكر حتى السفن التي أعدت لهذا الأمر بلغت أكثر من أربعمائة سفينة، بينما نطق آخرون حتى هذا الرقم مبالغ فيه وأن عدد السفن كان أقل من ذلك، حيث بلغت مائة وثمانين سفينة في الواقع.


عقد معاهدات

عمل الفاتح قبل هجومه على القسطنطينية على عقد معاهدات مع أعدائه المختلفين ليتفرغ لعدوواحد، فعقد معاهدة مع إمارة غلطة المجاورة للقسطنطينية من الشرق ويفصل بينهما مضيق القرن المضىي، كما عقد معاهدات مع جنوة والبندقية وهما من الإمارات الأوروبية المجاورة، ولكن هذه المعاهدات لم تصمد حينما بدأ الهجوم العملي على القسطنطينية، حيث وصلت قوات من تلك المدن وغيرها للمشاركة في الدفاع عن المدينة.

في هذه الأثناء التي كان السلطان يعد العدة فيها للفتح، استمات الإمبراطور البيزنطي في محاولاته لثنيه عن هدفه، بتقديم الأموال والهدايا المتنوعة إليه، وبمحاولة رشوة بعض مستشاريه ليؤثروا على قراره، ولكن السلطان كان عازمًا على تطبيق مخططه ولم تثنه هذه الأمور عن هدفه، ولما رأى الإمبراطور البيزنطي شدة عزيمة السلطان على تطبيق هدفه عمد إلى طلب المساعدات من مختلف الدول والمدن الأوروبية وعلى رأسها البابا زعيم الممضى الكاثوليكي، في الوقت الذي كانت فيه كنائس الدولة البيزنطية وعلى رأسها القسطنطينية تابعة للكنيسة الأرثوذكسية وكان بينهما عداء شديد، وقد اضطر الإمبراطور لمجاملة البابا بأن يتقرب إليه ويظهر له استعداده للعمل على توحيد الكنيستين الشرقية والغربية، في الوقت الذي لم يكن الأرثوذكس يرغبون في ذلك. قام البابا بناءً على ذلك بإرسال مندوب منه إلى القسطنطينية، خطب في كنيسة آيا صوفيا ونادى للبابا وأعرب توحيد الكنيستين، مما أغضب جمهور الأرثوذكس في المدينة، وجعلهم يقومون بحركة مضادة لهذا العمل الإمبراطوري الكاثوليكي المشهجر، حتى نطق بعض زعماء الأرثوذكس: "إنني أفضل حتى أشاهد في ديار البيزنط عمائم الهجر على حتى أشاهد القبعة اللاتينية".

الهجوم والغزو

محمد الفاتح يقود جيش المسلمين في حصار القسطنطينية.

سعى السلطان، بعد جميع هذه الاستعدادات، في إيجاد سبب لفتح باب الحرب، ولم يلبث حتى عثر هذا السبب بتعدي الجنود العثمانيين على بعض قرى الروم ودفاع هؤلاء عن أنفسهم، حيث قُتل البعض من الفريقين. عمل السلطان على تمهيد الطريق بين أدرنة والقسطنطينية لكي تكون صالحة لجر المدافع العملاقة خلالها إلى القسطنطينية، وقد تحركت المدافع من أدرنة إلى قرب القسطنطينية، في مدة شهرين حيث تمت حمايتها بقسم الجيش حتى وصلت الأجناد العثمانية يقودها الفاتح بنفسه إلى مشارف القسطنطينية في يوم الخميسستة أبريل، 1453 م، الموافق 26 ربيع الأول، 857 هـ، فجمع الجند وكانوا قرابة مائتين وخمسين ألف جندي أي ربع مليون، فخطب فيهم خطبة قوية حثهم فيها على الجهاد وطلب النصر أوالشهادة، وذكّرهم فيها بالتضحية وصدق القتال عند اللقاء، وقرأ عليهم الآيات القرآنية التي تحث على ذلك، كما ذكر لهم الأحاديث النبوية التي تبشر بفتح القسطنطينية وفضل الجيش الفاتح لها وأميره، وما في فتحها من عز للإسلام والمسلمين، وقد بادر الجيش بالتهليل والتكبير والنادىء.

وبهذا ضرب السلطان الحصار على المدينة بجنوده من ناحية البر، وبأسطوله من ناحية البحر، وأقام حول المدينة أربع عشرة بطارية مدفعية وضع بها المدافع الجسيمة التي صنعها "أوربان" والتي قيل بأنها كانت تقذف كرات من الحجارة زنة جميع واحدة منها اثنا عشر قنطارًا إلى مسافة ميل، إلا حتى المؤرخين المعاصرين يقولون حتى هذا الرقم مبالغ فيه بوضوح، فإنه ولووُجد في ذلك الزمان آلة تستطيع حتى تقذف هذا الوزن الكبير، فإنه لا يوجد أناس قادرين على حمل هذا الوزن ليضعوه في المدفع، فالقنطار يساوي 250 كيلوغراما، فوزن القذيفة على هذا الاعتبارقد يكون 3000 كيلوغراما، وبالتالي فلعلّ المقصود كان 12 رطلا وليس قنطارا. وفي أثناء الحصار اكتُشف قبر "أبي أيوب الأنصاري" الذي استشهد حين حاصر القسطنطينية في سنة 52 هـ في خلافة معاوية بن أبي سفيان الأموي.

خريطة تُظهر سور القسطنطينية وميناءها.
السلطان محمد الثاني يُشرف على جرّ السفن برًا إلى داخل مضيق القرن المضىي.

وفي هذا الوقت كان البيزنطيين قد قاموا بسد مداخل ميناء القسطنطينية بسلاسل حديدية غليظة حالت بين السفن العثمانية والوصول إلى القرن المضىي، بل دمرت جميع سفينة حاولت الدنووالاقتراب. إلا حتى الأسطول العثماني نجح على الرغم من ذلك في الاستيلاء على جزر الأمراء في بحر مرمرة. استنجد الإمبراطور قسطنطين، آخر ملوك الروم، بأوروبا، فلبّى طلبه أهالي جنوة وأوفدوا له إمدادات مكونة من خمس سفن وكان يقودها القائد الجنوي "جوستنياني" يُرافقه سبعمائة مقاتل متطوع من دول أوروبية متعددة، فأتى هذا القائد بمراكبه وأراد الدخول إلى ميناء القسطنطينية، فاعترضته السفن العثمانية ونشبت بينهما معركة هائلة في يوم 21 أبريل، 1453 م، الموافق يوم 11 ربيع الثاني، 857 هـ، انتهت بفوز جوستنياني ودخوله الميناء بعد حتى حمل المحاصرون السلاسل الحديدية ثم أعادوها بعد مرور السفن الأوروبية كما كانت. حاولت القوات البحرية العثمانية تخطي السلاسل الضخمة التي تتحكم في مدخل القرن المضىي والوصول بالسفن الإسلامية إليه، وأطلقوا سهامهم على السفن الأوروبية والبيزنطية ولكنهم فشلوا في تحقيق مرادهم في البداية، فارتفعت بهذا الروح المعنوية للمدافعين عن المدينة. بعد هذا الأمر، أخذ السلطان يُفكر في طريقة لدخول مراكبه إلى الميناء لإتمام الحصار برّاً وبحراً، فخطر بباله فكر غريب، وهوحتى ينقل المراكب على البر ليجتازوا السلاسل الموضوعة لمنعها، وتمّ هذا الأمر المستغرب بأن مهدت الأرض وسويت في ساعات قليلة وأتي بألواح من الخشب دهنت بالزيت والشحم، ثم وضعت على الطريق الممهد بطريقة يسهل بها انزلاج السفن وجرها، وبهذه الكيفية أمكن نقل نحوسبعين سفينة وإنزالها في القرن المضىي على حين غفلة من البيزنطيين.

قسطنطين الحادي عشر، آخر أباطرة الدولة البيزنطية، حكم في الفترة الممتدة منستة يناير 1449 إلى 29 مايو1453.
السلطان محمد الثاني يدخل إلى القسطنطينية، بريشة "فوستوزونارو".

استيقظ أهل المدينة صباح يوم 22 أبريل وفوجئوا بالسفن العثمانية وهي تسيطر على ذلك المعبر المائي، ولم يعد هناك حاجز مائي بين المدافعين عن القسطنطينية وبين الجنود العثمانيين، ولقد عبّر أحد المؤرخين البيزنطيين عن عجبهم من هذا العمل فنطق: «ما رأينا ولا سمعنا من قبل بمثل هذا الشيء الخارق، محمد الفاتح يحول الأرض إلى بحار وتعبر سفنه فوق قمم الجبال بدلاً من الأمواج، لقد فاق محمد الثاني بهذا العمل الأسكندر الأكبر». أيقن المحاصرون عند هذا حتى لا مناص من نصر العثمانيين عليهم، لكن لم تخمد عزائمهم بل ازدادوا إقداماً وصمموا على الدفاع عن مدينتهم حتى الممات. وفي يوم 24 مايوسنة 1453م، الموافق 15 جمادى الأولى سنة 857هـ، أوفد السلطان محمد إلى الإمبراطور قسطنطين رسالة نادىه فيها إلى تسليم المدينة دون إراقة دماء، وعرض عليه تأمين خروجه وعائلته وأعوانه وكل من يرغب من سكان المدينة إلى حيث يشاؤون بأمان، وأن تحقن دماء الناس في المدينة ولا يتعرضوا لأي أذى وأعطاهم الخيار بالبقاء في المدينة أوالرحيل عنها، ولما وصلت الرسالة إلى الإمبراطور جمع المستشارين وعرض عليهم الأمر، فمال بعضهم إلى التسليم وأصر آخرون على استمرار الدفاع عن المدينة حتى الموت، فمال الامبراطور إلى رأي القائلين بالقتال حتى آخر لحظة، فرد الامبراطور رسول الفاتح برسالة نطق فيها إنه يشكر الله إذ جنح السلطان إلى السلم وأنه يرضى حتى يدفع له الجزية أما القسطنطينية فإنه أقسم حتى يدافع عنها إلى آخر نفس في حياته فإما حتى يحفظ عرشه أويُدفن تحت أسوارها، فلما وصلت الرسالة إلى الفاتح نطق: «حسناً عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أوقد يكون لي فيها قبر».

عند الساعة الواحدة صباحاً من يوم الثلاثاء 29 مايو، 1453م، الموافق 20 جمادى الأولى سنة 857 هـ بدأ الهجوم العام على المدينة، فهجم مائة وخمسون ألف جندي وتسلقوا الأسوار حتى دخلوا المدينة من جميع فج وأعملوا السيف فيمن عارضهم واحتلوا المدينة شيءًا فشيئًا إلى حتى سقطت بأيديهم، بعد 53 يومًا من الحصار. أما الإمبراطور قسطنطين فقاتل حتى توفي في الدفاع عن وطنه كما وعد، ولم يهرب أويتخاذل. ثم ولج السلطان المدينة عند الظهر فوجد الجنود مشتغلة بالسلب والنهب، فأصدر أمره بمنع جميع اعتداء، فساد الأمن حالاً. ثم توجه إلى كنيسة آيا صوفيا وقد اجتمع فيها خلق كبير من الناس ومعهم القسس والرهبان الذين كانوا يتلون عليهم صلواتهم وأدعيتهم، وعندما اقترب من أبوابها خاف المسيحيون داخلها خوفاً عظيماً، وقام أحد الرهبان بفتح الأبواب له فطلب من الراهب تهدئة الناس وطمأنتهم والعودة إلى بيوتهم بأمان، فأطمأن الناس وكان بعض الرهبان مختبئين في سراديب الكنيسة فلما رأوا تسامح الفاتح وعفوه خرجوا وأعربوا إسلامهم، وقد أمر الفاتح بعد ذلك بأن يؤذن في الكنيسة بالصلاة إعلانًا بجعلها مسجدًا. وقد منح السلطان للنصارى حرية إقامة الشعائر الدينية واختيار رؤسائهم الدينين الذين لهم حق الحكم في النظر بالقضايا المدنية، كما منح هذا الحق لرجال الكنيسة في الأنطقيم الأخرى ولكنه في الوقت نفسه فرض الجزية على الجميع. ثم قام بجمع رجال الدين المسيحيين لينتخبوا بطريركًا لهم، فاختاروا "جورجيوس كورتيسيوس سكولاريوس" (باليونانية:Γεώργιος Κουρτέσιος Σχολάριος)، وأعطاهم نصف الكنائس الموجودة في المدينة، أما النصف الأخر فجعله جوامع للمسلمين. وبتمام فتح المدينة، نقل السلطان محمد مركز العاصمة إليها، وسُميت "إسلامبول"، أي "تخت الإسلام" أو"مدينة الإسلام".

ما بعد الفتح

السلطان محمد الثاني مع البطريرك جورجيوس سكولاريوس.

بعد تمام النصر والفتح، اتخذ السلطان لقب "الفاتح" و"قيصر الروم" (بالهجرية: Kayser-i Rûm)، على الرغم من حتى هذا اللقب الأخير لم تعترف به بطركيّة القسطنطينية ولا أوروبا المسيحية. وكان السبب الذي جعل السلطان يتخذ هذا اللقب هوحتى القسطنطينية كانت عاصمة الإمبراطورية الرومانية، بعد حتى نُقل مركز الحكم إليها عام 330 بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية، وكونه هوسلطان المدينة فكان من حقه حتى يحمل هذا اللقب. وكان للسلطان رابطة دم بالأسرة الملكية البيزنطية، بما حتى كثيرا من أسلافه، كالسلطان أورخان الأول، تزوجوا بأميرات بيزنطيات. ولم يكن السلطان هوالوحيد الذي حمل لقب القيصر في أيامه، إذ حتى إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة في أوروبا الغربية، "فريدريش الثالث"، نطق آنذاك بأنه يتحدر مباشرة من شارلمان، الذي حصل على لقب "قيصر" عندما توّجه البابا "ليوالثالث" عام 800، على الرغم من عدم اعتراف الإمبراطورية البيزنطية بهذا الأمر عندئذ.

وكان السلطان قد أمر بحبس الصدر الأعظم "خليل جندرلي باشا"، الذي اتهم أثناء حصار القسطنطينية بالتعامل مع العدوأوتلقيه رشوة منهم لفضح تحركات الجيش العثماني، فحُبس لمدة أربعين يومًا وسُملت عيناه، ثم حُكم عليه بالإعدام فأعدم. تُفيد بعض المصادر حتى السلطان محمد الفاتح قصد المسقط الذي بُنيت فيه مدينة طروادة في قديم الزمان، بعدعشرة سنوات من فتح القسطنطينية، حيث نطق أنه انتقم للطرواديين أخيراً، بعد حتى قضى على الإغريق، أي البيزنطينين، وغزاهم كما غزوا طروادة. يروي المؤرخ البريطاني "ستيفن رونسيمان" سيرة منقولة عن المؤرخ البيزنطي "دوكاس"، المعروف بإضفائه النكهة الدرامية والمواصفات المؤثرة على كتاباته، أنه عندما ولج محمد الثاني القسطنطينية، أمر بإحضار الابن الوسيم للدوق الأكبر "لوكاس نوتاراس" البالغ من العمر 14 ربيعًا، ليُشبع معه شهوته، وعندما رفض الأب تسليم ولده إلى السلطان، أمر الأخير ببتر رأس كليهما حيث وقفا. يروي عالم اللاهوت ورئيس أساقفة ميتيليني "ليونارد الصاقيزي" نفس السيرة في رسالة أوفدها إلى البابا نيقولا الخامس. يرى المؤرخون المعتدلون والمؤرخون المسلمون، حتى هذه الرواية عارية عن الصحة، وأن سببها كان الصدمة العنيفة التي تعرض لها العالم الأوروبي المسيحي عند سقوط المدينة المقدسة بيد المسلمين، حيث بذل الشعراء والأدباء ما في وسعهم لتأجيج نار الحقد وبراكين الغضب في نفوس النصارى ضد المسلمين، وعقد الأمراء والملوك اجتماعات طويلة ومستمرة وتنادوا إلى نبذ الخلافات والحزازات والتوحد ضد العثمانيين. وكان البابا نيقولا الخامس أشد الناس تأثراً بنبأ سقوط القسطنطينية، وعمل جهده وصرف وقته في توحيد الدول الإيطالية وتشجيعها على قتال المسلمين، وترأس مؤتمرًا عُقد في روما، أعربت فيه الدول المشاركة عزمها على التعاون فيما بينها وتوجيه جميع جهودها وقوتها ضد العدوالمشهجر. وأوشك هذا الحلف حتى يتحقق إلا حتى الموت عاجل البابا في 24 مارس سنة 1455، فلم تتم أي من هذه الخطط.

حياته

حصار قسطنطينية
دخول محمد الفاتح للقسطنطينية للرسام زونارو

بنى قلعة على مضيق البوسفور على الشاطئ الأوروبي لقاء القلعة التي بناها السلطان بايزيد على الشاطئ الآسيوي كي يتحكم بالمضيق ، ويمنع وصول الإمدادات إلى القسطنطينية من مملكة طرابزون الروحية الواقعة على ساحل البحر الأسود شمال شرقي الاناضول ، ورأى قسطنطين حتى محمد الثاني عازم على دخول مدينته فعرض دفع الجزية التي لم يريد فرفض السلطان ، ورأى حتى يتزوج بأرملة السلطان مراد الثاني أم السلطان محمد وكانت لا تزال على نصرانيتها فرفضت واعتكفت في بعض الأديرة. أراد السلطان الفاتح بعدئذ حتى يتوجه إلى بلاد المورة لاحتلالها، فأوفد ملكها وفداً إليه يعرض عليه دفع جزية سنوية قدرها 12 ألف دوك مضى. ثم بدأ الإمبراطور يستنجد الدول المسيحية، وتم حصار القسطنطينية والاستيلاء عليها بعد عامين فقط من توليه السلطة .

وصالح أمير الصرب لقاء جزية قدرها ثمانون ألف دوك عان 857، وفي السنة الثانية ولج السلطان إلى بلاد الصرب، وحاصر بلغراد ، ودافع عنها المجر ، ولم يتمكن العثمانيون من احتلالها، ثم صار الصدر الأعظم محمود باشا فاستولى عليها بين ( 861 – 863 ). وتمكن من احتلال بلاد المورة (عام 863/1453م)، وفر ملكها إلى إيطاليا ، كما استولى على الجزر التي في بحر ايجه قرب مضيق الدردنيل . وعقد صلحاً مع اسكندر بك أمير البانيا .توجه سراً إلى الاناضول فاستولى على ميناء (اماستريس) الذي يتبع جنوه، وأكثر سكانه من التجار، كما ولج ميناء سينوب ، واحتل مملكة طرابزون دون مقاومة ، وكانت تتبع القسطنطينية .

سار إلى أوروبا لمحاربة أمير الأفلاق لظلمه وتعديه على العثمانيين ، فطلب الأمير صلحاً لقاء جزية سنوية قدرها عشرة آلاف دوك ، فوافق السلطان غير حتى هذا الأمير لم يطلب هذا الصلح إلا لتتاح له الفرصة ليتفق مع ملك المجر لمحاربة العثمانيين. فلما اتفقا، وفهم السلطان أوفد إليه رجلين يستوضح الخبر فقتلهما أمير الأفلاق، وسار مغيراً على أملاك الدولة العثمانية في بلغاريا، فأفسد فيها ، واستاق الأسرى. فأوفد إليه السلطان وفداً يطلب منه حتى يعيد الأسرى، ويبقى على صلحه ، فمثل بهم، فسار إليه السلطان ففر أمير الأفلاق إلى ملك المجر ، فضم السلطان الأفلاق إلى العثمانيين ، وعين أخا أمير الأفلاق والياً عليها من قبله.

وامتنع أمير البوسنة عن دفع الخراج فسار إليه السلطان ، وانتصر عليه ، وضم البوسنة للدولة العثمانية ، وحاول ملك المجر مساعدة أهل البوسنة (البوشناق) لكنه هزم. وأسلم الكثير من البوشناق بعد ذلك. واصطدم السلطان مع البنادقة الذين يملكون بعض المواقع في بلاد المورة ، وجزراً كثيرة في بحر ايجه ، وقد هاجم البنادقة بعض المراكز العثمانية ودخلوها ، فسار إليهم السلطان ففروا من مواقعهم ، ودخلها العثمانيون . وبعد هدنة سنة عاد البنادقة لغيهم إذ أرادوا استعادة ما فقدوه ، وبدؤوا يغيرون على الدولة فكانت النتيجة حتى فقدوا بعض مواقعهم المهمة.

بدأ البابا يدعوإلى حملة صليبية فشجع اسكندر بك أمير البانيا على نقض عهده مع السلطان، ونادى ملوك أوروبا وأمرائها لمساندته، غير حتى البابا قد توفي ولم تقم الحملة الصليبية، لكن اسكندر بك نقض العهد، وحارب العثمانيين، وكانت الحرب سجالاً بين الطرفين. وتوفي اسكندر بك عام 870 .اتجه السلطان إلى الاناضول فضم إليه إمارة القرمان نهائياً إذ اختلف أبناء أميرهم إبراهيم الذي أوصى عند وفاته لابنه إسحاق فنازعه إخوته، فأيد السلطان إخوة إسحاق عليه وهزمه ، وعين مكانه أحد إخوته ، فلما عاد السلطان إلى أوروبا ، احتل إسحاق قونية وفرض نفسه ، فرجع إليه السلطان وهزمه ، وضم الإمارة إلى الدولة العثمانية. وهاجم اوزون حسن أحد خلفاء تيمورلنك شرقي الأناضول ، واحتل مدينة توقات ، فأوفد إليه السلطان جيشاً هزمه عام 1469 / 874 ، ثم سار إليه السلطان بنفسه على رأس جيش وأجهز على ما بقي معه من جنود.

عرض السلطان عام( 878 / 1473 ) على أمير البغدان اصطفان الرابع الجزية حتى لا يحاربه فلم يقبل الأمير، فأوفد إليه جيشاً وانتصر عليه بعد حروب عنيفة، ولكن لم يستطيع غزوهذا الإقليم ، فعزم السلطان على دخول القرم للإفادة من فرسانها في قتال البغدان ، وتمكن من احتلال أملاك الجنوبيين الممتدة على شواطئ شبه جزيرة القرم ، ولم يقاوم التتار سكان القرم العثمانيين بل دفعوا لهم مبلغاً من المال سنوياً . وأقلعت السفن الحربية العثمانية من القرم إلى مصب نهر الدانوب فدخلت ، وكان السلطان يدخل بلاد البغدان عن طريق البر ، فانهزم اصطفان الرابع ، فتبعه السلطان في طريق مجهولة ، فانقض عليه اصطفان الرابع وانهزم السلطان ، وارتفع اسم اصطفان الرابع وذلك عام 881 .

وصالح السلطان البنادقة ، وانهزم أمام المجر عندما سار لغزوترانسلفانيا ، ولكنه في البحر استولى على الجزر التي بين اليونان وإيطاليا ، كما احتل مدينة (اوترانت) في جنوبي شبه جزيرة إيطاليا عام 885 ، وحاصر في العام نفسه جزيرة رودوس ولم يتمكن من احتلالها. وفي أثناء حصار القسطنطينية عهد قبر ابي أيوب خالد بن زيد الانصاري ، فبنى بجواره مسجداً ، وأصبح تنصيب السلاطين يتم بهذا المسجد.

أهم أعماله

اهتمامه بالمدارس والمعاهد

فقد كان محباً للفهم والفهماء، لذلك اهتم ببناء المدارس والمعاهد في جميع أراتى دولته، وفاق أجداده في هذا المضمار، وبذل جهوداً كبيرة في نشر الفهم وإنشاء المدارس المعاهد، وأدخل بعض الإصلاحات في التعليم وأشرف على تهذيب المناهج وتطويرها، وحرص على نشر المدارس والمعاهد في كافة المدن والقرى وأوقف عليها الأوقاف العظيمة.

ونظم هذه المدارس ورتبها على درجات ومراحل، ووضع لها المناهج، وحدد العلوم والمواد التي تدرس في جميع فترة، ووضع لها نظام الامتحانات الدقيقة للانتنطق للفترة التي تليها، وكان من الممكن يحضر امتحانات الطلبة ويزور المدارس ولا يأنف من سماع الدروس التي يلقيها الأساتذة، ولا يبخل بالعطاء للنابغين من الأساتذة والطلبة ، وجعل التعليم في كافة مدارس الدولة بالمجان ، وكانت المواد التي تدرس في تلك المدارس: التفسير والحديث والفقه والأدب والبلاغة وعلوم اللغة والهندسة، وأنشأ بجانب مسجده الذي بناه بإسطنبول ثمان مدارس على جميع جانب من جوانب المسجد أربعة مساجد يتوسطها صحن فسيح، وفيها يقضي الطالب الفترة الأخيرة من دراسته وألحقت بهذه المدارس مساكن الطلبة ينامون فيها ويأكلون طعامهم ووضعت لهم منحة مالية شهرية، وأنشأ بجانبها مخطة خاصة وكان يشترط في الرجل الذي يتولى أمانة هذه المخطة حتىقد يكون من أهل الفهم والتقوى متبحراً في أسماء الخط والمؤلفين، وكانت مناهج المدارس يتضمن نظام المجال، فكان للعلوم النقلية والنظرية قسم خاص وللعلوم التطبيقية قسم خاص أيضاً.

اهتمامه بالفهماء

الإمبراطورية العثمانية
تاريخ عثماني
سلاطين الدولة العثمانية
عثمان الأول
أورخان غازي
مراد الأول
بايزيد الأول
محمد الأول
مراد الثاني
محمد الفاتح
بايزيد الثاني
سليم الأول
سليمان القانوني
سليم الثاني
مراد الثالث
محمد الثالث
أحمد الأول
مصطفى الأول
عثمان الثاني
مصطفى الأول
مراد الرابع
إبراهيم الأول
محمد الرابع
سليمان الثاني
أحمد الثاني
مصطفى الثاني
أحمد الثالث
محمود الأول
عثمان الثالث
مصطفى الثالث
عبد الحميد الأول
سليم الثالث
مصطفى الرابع
محمود الثاني
عبد المجيد الأول
عبد العزيز الأول
مراد الخامس
عبد الحميد الثاني
محمد الخامس
محمد السادس
عبد المجيد الثاني
      


فقد قرب الفهماء وحمل قدرهم وشجعهم على العمل والإنتاج وبذل لهم الأموال ووسع لهم في العطايا والمنح والهدايا ويكرمهم غاية الإكرام، ولما هزم أوزون حسن أمر السلطان بقتل جميع الأسرى إلا من كان من الفهماء وأصحاب المعارف ليستفاد منهم. وكان من مكانة الشيخ أحمد الكوراني أنه كان يخاطب السلطان باسمه ولا ينحني له، ولا يقبل يده بل يصافحه مصافحة، وأنه كان لا يأتي إلى السلطان إلا إذا أوفد إليه، وكان يقول له: مطعمك حرام وملبسك حرام عمليك بالاحتياط.

اهتمامه بالشعراء والأدباء

فكان شاعراً مجيداً مهتماً بالأدب عامة والشعر خاصة، وكان يصاحب الشعراء ويصطفيهم، واستوزر الكثير منهم، وكان في بلاطه ثلاثون شاعراً يتناول جميع منهم راتباً شهرياً قدره ألف درهم، وكان مع هذا ينكر على الشعراء التبذل والمجون والنادىرة ويعاقب من يخرج عن الآداب بالسجن أويطرده من بلاده.

اهتمامه بالترجمة

لوحة للسلطان محمد الفاتح للفنان جنتيلي بلليني, 1480 المعرض الوطني, لندن

فقد كان متقناً للغة الرومية، وأمر بنقل كثير من الآثار المكتوبة باليونانية واللاتينية والعربية والفارسية إلى اللغة الهجرية، ونقل إلى الهجرية كتاب التصريف في الطب للزهراوي، وعندما عثر كتاب بطليموس في الجغرافيا وخريطة له طلب من العالم الرومي جورج اميروتزوس وابنه حتى يقوما بترجمته إلى العربية وإعادة رسم الخريطة بالغتين العربية والرومية وكافأهما على هذا العمل بعطايا واسعة، وقام العلامة القوشجي بتأليف كتاب بالفارسية ونقله للعربية وأهداه للفاتح.

كما كان مهتماً باللغة العربية فقد طلب من المدرسين بالمدارس الثماني حتى يجمعوا بين الخط الستة في تدريسهم وبين فهم اللغة كالصحاح.. ودعم الفاتح حركة الترجمة والتأليف لنشر المعارف بين رعاياه بالإكثار من نشر الممحرر العامة وأنشأ له في قصره خزانة خاصة احتوت على غرائب الخط والعلوم، وكان بها اثنا عشر ألف مجلد عندما احترقت.

اهتمامه بالعمران والبناء والمستشفيات

كان السلطان محمد الفاتح مغرماً ببناء المساجد والمعاهد والقصور والمستشفيات والخانات والحمامات والأسواق الكبيرة والحدائق العامة، وأدخل المياه إلى المدينة بواسطة قناطر خاصة . وشجع الوزراء وكبار رجال الدولة والأغنياء والأعيان على تشييد المباني وإنشاء الدكاكين والحمامات وغيرها من المباني التي تعطى المدن بهاء ورونقاً، واهتم بالعاصمة ("اسلامبول":اى مليئة بالإسلام وقد غير مصطفى كمال اتاتورك هذا الاسم إلى "استانبول" بعد عزل السلطان وانهاء الخلافة العثمانية في هجريا ) اهتماماً خاصاً، وكان حريصاً على حتى يجعلها (أجمل عواصم العالم) وحاضرة العلوم والفنون. وكثر العمران في عهد الفاتح وانتشر ، واهتم بدور الشفاء ، ووضع لها نظاماً مثالياً في غاية الروعة والدقة والجمال، فقد كان يعهد بكل دار من هذه الدور إلى طبيب – ثم زيد إلى اثنين – من حذاق الأطباء من أي جنس كان، يعاونهما كحال وجراح وصيدلي وجماعة من الخدم والبوابين ، ويشترط في جميع المشتغلين بالمستشفي حتىقد يكونوا من ذوي القناعة والشفقة والإنسانية، ويجب على الأطباء حتى يعودوا السقمى مرتين في اليوم ، وأن لاتصرف الأدوية للسقمى إلا بعد التدقيق من إعدادها، وكان يشترط في طباخ المستشفي حتىقد يكون عارفاً بطهي الأطعمة والأصناف التي توافق السقمى منها ، وكان العلاج والأدوية في هذه المستشفيات بالمجان ويغشاها جميع الناس بدون تمييز بين أجناسهم وأديانهم.

الاهتمام بالتجارة والصناعة

اهتم السلطان محمد الفاتح بالتجارة والصناعة وعمل على إنعاشهما بجميع الوسائل والعوامل والأسباب. وكان العثمانيون على دراية واسعة بالأسواق العالمية ، وبالطرق البحرية والبرية وطوروا الطرق القديمة ، وأنشأوا الكباري الجديدة مما سهل حركة التجارة في جميع أجزاء الدولة ، واضطرت الدول الأجنبية من الاستيلاء على موانيها لرعايا الدولة العثمانية ليمارسوا حرفة التجارة في ظل الراية العثمانية . وكان من أثر السياسة العامة للدولة في مجال التجارة والصناعة حتى عم الرخاء وساد اليسر والرفاهية في جميع أراتى الدولة، وأصبحت للدولة عملتها المضىية المتميزة، ولم تهمل ا لدولة إنشاء دور الصناعة ومصانع الذخيرة والأسلحة ، وأقامت القلاع والحصون في المواقع ذات الأهمية العسكرية في البلاد.

الاهتمام بالتنظيمات الإدارية

عمل السلطان محمد الفاتح على تطوير دولته ؛ ولذلك قنن قوانين حتى يستطيع حتى ينظم شؤون الإدارة المحلية في دولته ، وكانت تلك القوانين مستمدة من الشرع الحكيم . وشكل السلطان محمد لجنة من خيار الفهماء لتشرف على وضع (قانون نامه) المستمد من الشريعة الغراء وجعله أساساً لحكم دولته، وكان هذا القانون مكوناً من ثلاثة أبواب ، يتعلق بمناصب الموظفين وببعض التنطقيد وما يجب حتى يتخذ من التشريفات والاحتفالات السلطانية وهويقرر كذلك العقوبات والغرامات ، ونص صراحة على جعل الدولة حكومة إسلامية قائمة على تفوق العنصر الإسلامي أياً كان أصله وجنسه. واهتم محمد الفاتح بوضع القوانين التي تنظم علاقة السكان من غير المسلمين بالدولة ومع جيرانهم من المسلمين ، ومع الدولة التي تحكمهم وترعاهم ، وأشاع العدل بين رعيته ، عثر في ملاحقة اللصوص وقطاع الطرق ، وأجرى عليهم أحكام الإسلام ، فاستتب الأمن وسادت الطمأنينة في ربوع الدولة العثمانية. وعندما تعلن الدولة الجهاد وتدعوا أمراء الولايات وأمراء الألوية، كان عليهم حتى يلبوا الدعوة ويشهجروا في الحرب بفرسان يجهزونهم تجهيزاً تاماً ، وذلك حسب نسب مبينة، فكانوا يجهزون فارساً تام السلاح قادراً على القتال عن جميع خمسة آلاف آقجه من إيراد اقطاعه ، فإذا كان إيراد إقطاعه خمسمائة ألف آقجة مثلاً كان عليه حتى يشهجر بمائة فارس ، وكان جنود الإيالات مؤلفة من مشاة وفرسان ، وكان المشاة تحت قيادة وإدارة باشوات الإيالات وبكوات الألوية. وقام محمد الفاتح بحركة تطهير واسعة لكل الموظفين القدماء غير الأكفاء وجعل مكانهم الأكفاء ، واتخذ الكفاية وحدها أساساً في اختيار رجاله ومعاونيه وولاته.

اهتمامه بالجيش والبحرية

وقد تميز عصر السلطان محمد الفاتح بجانب قوة الجيش البشرية وتفوقه العددي ، بإنشاءات عسكرية عديدة متنوعة ، فأقام دور الصناعة العسكرية لسد احتياجات الجيش من الملابس والسروج والدروع ومصانع الذخيرة والأسلحة ، وأقام القلاع والحصون في المواقع ذات الأهمية العسكرية ، وكانت هناك تشكيلات متنوعة في تمام الدقة وحسن التنظيم من فرسان ومشاة ومدفعية وفرق مساعدة ، تمد القوات المحاربة بما تحتاجه من وقود وغذاء وعلف للحيوان وإعداد صناديق الذخيرة حتى ميدان القتال . وكان هناك صنف من الجنود يسمى ، " لغمجية" وظيفته الحفر للألغام وحفر الأنفاق تحت الأرض أثناء محاصرة القلعة المراد الاستيلاء عليها وكذلك السقاؤون كان عليهم تزويد الجنود بالماء. ولقد تطورت الجامعة العسكرية في زمن الفاتح وأصبحت تخرج الدفعات المتتالية من المهندسين والأطباء والبيطريين وفهماء الطبيعيات والمساحات ، وكانت تمد الجيش بالفنيين المختصصين. استحق معه حتى يعده المؤرخون مؤسس الأسطول البحري العثماني ، ولقد استفاد من الدول التي وصلت إلى مستوى رفيع في صناعة الأساطيل مثل الجمهوريات الإيطالية وبخاصة البندقية وجنوا أكبر الدول البحرية في ذلك الوقت.

اهتمامه بالعدل

سيف السلطان محمد الفاتح , قصر طوپ قپو، اسطنبول

إن إقامة العدل بين الناس كان من واجبات السلاطين العثمانيين ، وكان السلطان محمد شأنه في ذلك شأن من سلف من آبائه – شديد الحرص على إجراء العدالة في أجزاء دولته، ولكي يتأكد من هذا الأمر كان يرسل بين الحين والحين إلى بعض رجال الدين من النصارى بالتجوال والتطواف في أنحاء الدولة ، ويمنحهم مرسوماً مكتوباً يبين مهمتهم وسلطتهم المطلقة في التنقيب والتحري والاستقصاء لكي يطلعوا كيف من الممكن أن تساس أمور الدولة وكيف يجري ميزان العدل بين الناس في المحاكم ، وقد منح هؤلاء المبعوثون الحرية الكاملة في النقد وتسجيل ما يرون ثم يحملون ذلك كله إلى السلطان. وقد كانت تقرير هؤلاء المبعوثين النصارى تشيد دائماً بحسن سير المحاكم وإجراء العدل بالحق والدقة بين الناس بدون محاباة أوتمييز ، وكان السلطان الفاتح عند خروجه إلى الغزوات يتوقف في بعض الأنطقيم وينصب خيامه ليجلس بنفسه للمظالم ويحمل إليه من شاء من الناس شكواه ومظلمته. وقد اعتنى الفاتح بوجه خاص برجال القضاء الذين يتولون الحكم والفصل في أمور الناس ، فلا يكفي في هؤلاء حتىقد يكونوا من المتضلعين في الفقه والشريعة والاتصاف بالنزاهة والاستقامة وحسب بل لا بد إلى جانب ذلك حتىقد يكونوا موضع محبة وتقدير بين الناس ، وأن تتكفل الدولة بحوائجهم المادية حتى تسد طرق الإغراء والرشوة ، فوسع لهم الفاتح في عيشهم جميع التوسعة ، وأحاط منصبهم بحالة مهيبة من الحرمة والجلالة والقداسة والحماية. أما القاضي المرتشي فلم يكن له عند الفاتح من جزاء غير القتل. وكان السلطان الفاتح - برغم اشتغاله بالجهاد والغزوات - إلا أنه كان يتتبع جميع ما يجري في أراتى دولته بيقظة واهتمام ، وأعانه على ذلك ما حباه الله من ذكاء قوي وبصيرة نفاذة وذاكرة حافظة وجسم قوي ، وكان كثيراً ما ينزل بالليل إلى الطرقات والدروب ليتعهد على أحوال الناس بنفسه ويستمع إلى شكاواهم بنفسه، كما ساعده على فهم أحوال الناس جهاز أمن الدولة الذي كان يجمع المعلومات والأخبار التي لها علاقة بالسلطنة وتحمل إلى السلطان الذي كان يحرص على دوام المباشرة لأحوال الرعية ، وتفقد أمورها والتماس الإحاطة بجوانب الخلل في أفرادها وجماعاتها.

محمد الفاتح (الثاني) 855/886 هجري 1451/1481م

وفاته

قاد السلطان يقود حملة لم يحدد وجهتها، لكن المؤرخون يخمنون بأنها كانت إلى إيطاليا. عرض أهل البندقية على طبيبه الخاص يعقوب باشا حتى يقوم هوباغتياله، يعقوب لم يكن مسلما عند الولادة فقد ولد بإيطاليا، وقد ادعى الهداية، وأسلم. بدأ يعقوب يدس السم تدريجيا للسلطان، ولكن عندما فهم بأمر الحملة زاد جرعة السم. وتوفى السلطان في العام 1481م، عن عمر 49 عاما، وبلغت مدة حكمه 31 عاما. انفضح أمر يعقوب، فأعدمه حرس السلطان. وصل خبر موت السلطان إلى البندقية بعد 16 يوما، اتى الخبر في رسالة البريد السياسي إلى سفارة البندقية في إسطنبول، احتوت الرسالة على هذه الجملة "لقد توفي النسر الكبير". انتشر الخبر في البندقية ثم إلى باقي أوروبا، وراحت الكنائس في أوروبا تدق أجراسها لمدة ثلاثة أيام بأمر من البابا.

هنالك المزيد من الملفات في ويكيميديا كومنز حول :
محمد الفاتح

مراجع

  1. ^ "Dates of Epoch-Making Events", The Nuttall Encyclopaedia. (Gutenberg version)
  2. ^ Related to the Mahomet archaisms used for Mohammad. See Medieval Christian view of Muhammad for more information.
  3. ^ İDARİ DÜZENLEMELER: Fatih Sultan Mehmed, klasik manada Osmanlı devletinin idari kurucusu sayılabilir.
  4. ^ المصوّر في التاريخ، الجزء السادس، تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان، دار الفهم للملايين - بيروت، الطبعة التاسعة، تشرين الثاني/نوفمبر 1992؛ النتائج التي ترتبت على سقوط القسطنطينية، صفحة 124
  5. ^ Oxford Dictionary of Turkce 2e, Oxford University Press, 2003, "Middle Ages" article
  6. ^ Norwich, John Julius (1995). Byzantium:The Decline and Fall. New York: Alfred A. Knopf. pp. 413–416. ISBN .
  7. ^ Runciman, Steven (1965). The Fall of Constantinople: 1453. London: Cambridge University Press. p. 56. ISBN .
  8. ^ رواه البخاري في التاريخ الكبير عن بشر الغنوي، 2/81. ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب عن بشر الغنوي، 1/250.
  9. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير سليم؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة babinger30
  10. ^ "Fatih Sultan Mehmed". Unknown parameter |ilk= ignored (help); Unknown parameter |son= ignored (help); Unknown parameter |erişimtarihi= ignored (help); Unknown parameter |erişimyılı= ignored (help); Unknown parameter |tarih= ignored (help); Unknown parameter |yayımcı= ignored (help)
  11. ^ تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 160 ISBN 9953-18-084-9
  12. ^ الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 358-359 خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صالح؛ الاسم "الفتوح الإسلامية عبر العصور" معهد أكثر من مرة بمحتويات مختلفة.
  13. ^ الشقائق النعمانية في فهماء الدولة العثمانية، صفحة 52 نقلاً عن تاريخ الدولة العثمانية، صفحة 43.
  14. ^ تاريخ الدولة العثمانية، د.علي حسون، صفحة 43.
  15. ^ İnalcık, Halil (1995)IFatih Period on Tests and Vesika s.56-57
  16. ^ "> Babinger, Franz's.40 age-41
  17. ^ تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 157 ISBN 9953-18-084-9
  18. ^ تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 158 ISBN 9953-18-084-9
  19. ^ شاكر، محمود (2000). التاريخ الاسلامي، العهد العثماني، المجلد الثامن. المخط الإسلامي. ص 82
  20. ^ The Nature of the Early Ottoman State, Heath W. Lowry, State University of New York Press (SUNY Press), p.153
  21. ^ Babinger, Franz a.g 'ep.62
  22. ^ Babinger, Franz's.67 age
  23. ^ Wedding portrait
  24. ^ Babinger, Franz's.68 age
  25. ^ Babinger, Franz age'p.69
  26. ^ Barletius, Noli 1947, etc
  27. ^ تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 158 - 159 ISBN 9953-18-084-9
  28. ^ Kinross, Lord,'s.93 age
  29. ^ Atilla Şahiner (2008). "Osmanlı Tarihi". Lacivert Yayınları. pp. s. 80.
  30. ^ Babinger, Franz's.73-74 age
  31. ^ تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 160 - 161 ISBN 9953-18-084-9
  32. ^ تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 145 ISBN 9953-18-084-9
  33. ^ سلاطين آل عثمان، صفحة 26.
  34. ^ Silburn, P. A. B. (1912).
  35. ^ الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 361.
  36. ^ محمد الفاتح، صفحة 90، سالم الرشيدي.
  37. ^ تاريخ سلاطين آل عثمان، صفحة 58.
  38. ^ فتح القسطنطينية، محمد صفوت، صفحة 69.
  39. ^ المصوّر في التاريخ، الجزء السادس، تأليف: شفيق جحا، منير البعلبكي، بهيج عثمان، دار الفهم للملايين، بيروت، الحرب بين السلطان والإمبراطور، صفحة: 123.
  40. ^ محمد الفاتح، صفحة 89، سالم الرشيدي.
  41. ^ أطلس التاريخ الحديث. صفحة 69
  42. ^ سلاطين آل عثمان، صفحة 24-25.
  43. ^ أطلس التاريخ الحديث.صفحة69.اعداد:د.سيف الدين المحرر، طبعة 2008 ISBN 9953-61-129-7
  44. ^ تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 162 ISBN 9953-18-084-9
  45. ^ محمد الفاتح، صفحة 98؛ العثمانيون والبلقان، صفحة 89.
  46. ^ العثمانيون والبلقان، د.علي حسون، صفحة 92.
  47. ^ محمد الفاتح، سالم الرشيدي، صفحة 120.
  48. ^ السلطان محمد الفاتح، عبد السلام فهمي، صفحة 100.
  49. ^ السلطان محمد الفاتح، عبد السلام فهمي، صفحة 102.
  50. ^ تاريخ الدولة العثمانية، يلماز أوزنتونا، صفحة 135.
  51. ^ محمد الفاتح للرشيدي، صفحة 119.
  52. ^ محمد الفاتح، عبد السلام فهمي، صفحة 116.
  53. ^ الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 376.
  54. ^ محمد الفاتح، صفحة 139.
  55. ^ تاريخ الدولة العليّة العثمانية، تأليف: الأستاذ محمد فريد بك المحامي، تحقيق: الدكتور إحسان حقي، دار النفائس، الطبعة العاشرة: 1427 هـ - 2006 م، صفحة: 164 ISBN 9953-18-084-9
  56. ^ الفتوح الإسلامية عبر العصور، د. عبد العزيز العمري، صفحة 384.
  57. ^ Babinger, Franz's.103 age
  58. ^ TURKS :: Ottomans
  59. ^ Crowley, Roger (2006). Constantinople: The Last Great Siege, 1453. Oxford: A.P.R.I.L. Publishing.
  60. ^ Steven Runciman, The Fall of Constantinople 1453. Cambridge University Press, 1965.
  61. ^ J.R. Melville Jones, trans., "The Siege of Constantinople 1453: Seven Contemporary Accounts"
  62. ^ السلطان محمد الفاتح، صفحة 136-137.
  63. ^ الشبكة الإسلامية، توفي النسر الكبير - تاريخ الولوج = 16-7-2008

المصادر

  • مسقط التاريخ
  • التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر 8/86،والدولة العثمانية لعلي الصلابي ، ص139
  • الحكام والسلالات الحاكمة - العثمانيون


إسلام أون لاين: محمد الفاتح.. صاحب البشارة       تصريح


→ سبقه
مراد الثاني
سلاطين عثمانيون
خلفه ←
بايزيد الثاني
تاريخ النشر: 2020-06-07 08:13:05
التصنيفات: صفحات بأخطاء في المراجع, Pages with citations using unsupported parameters, سلاطين عثمانيون, عن إسلام أون لاين.نت, عثمانيون, قادة عسكريون مسلمون, مواليد 1432, وفيات 1481

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

اسعاف سبعة أشخاص من عائلة واحدة بالشقفة بجيجل

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:23:31
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 62%

ضبط 250 كجم من الأغذية الفاسدة بمستودع مخالف في عسير

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:23:37
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 66%

الآلاف يحتجون ضد قرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة تونس

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:22:35
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 99%

إغلاق 7 منشآت ورصد 29 مخالفة للاحترازات بجدة

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:23:38
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 65%

تقرير: تشارلز وكاميلا سيتوّجان «جنباً إلى جنب في حفل بسيط»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:22:35
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 92%

العراق: المحكمة الاتحادية تقضي بعدم ترشح زيباري لرئاسة الجمهورية

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:22:35
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 85%

كرزاي: قرار بايدن بشأن الأصول الأفغانية المجمدة «عمل وحشي»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:22:36
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 100%

خمسة أسئلة لعبد المنعم سامي، أحد مؤسسي منشورات "Le Manifeste"

المصدر: MAP ANTI-CORONA - المغرب التصنيف: صحة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:23:09
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 90%

الداخلية تشرع في إحصاء أصحاب المهن الحرة غير الملقحين ضد فيروس كورونا

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:23:19
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 82%

1.33 مليار لمشاريع رابغ والكامل وخليص السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:22:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 57%

تصريحات سابقة لــ"حمد الله" تُناقض كلامه ضد "وحيد" وطاقمه(فيديو)

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:23:23
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 70%

كورونا اليوم.. 19 حالة وفاة و969 إصابة جديدة

المصدر: طنجة 7 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:23:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

هل يصنف مجلس الأمن الحوثي إرهابياً الثلاثاء ؟ - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:22:39
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

ضبط 28168 مخالفة للإجراءات الاحترازية.. خلال أسبوع - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:22:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 52%

مجهولون يطعنون طالبا فلسطينيا بمحيط القطب الجامعي الثاني بجيجل

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:23:33
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

القصر الكبير.. "مسخوط الوالدين" ينهي حياة أبيه بـ"حجرة"

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:23:20
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 72%

انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الأورو

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-13 15:23:22
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 84%

تحميل تطبيق المنصة العربية