فرانسواز دوبينيه، مركيزة مينتنون

عودة للموسوعة

فرانسواز دوبينيه، مركيزة مينتنون

فرانسواز دوبينيه
Françoise d'Aubigné
مركيزة مينتنون
وُلـِد (1635-11-27)27 نوفمبر 1635
نيور، فرنسا
توفي 15 أبريل 1719(1719-04-15) (عن عمر 83 عاماً)
Saint-Cyr-l'École
اللقب مركيزة مينتنون
الوالدان Constant d'Aubigné
Jeanne de Cardillac

فرانسواز دوبينيه، مركيزة مينتنون Françoise d'Aubigné, Marquise de Maintenon (عاشت 27 نوفمبر 1635 - 15 أبريل 1719) كانت الزوجة الثانية عهدية للملك لويس الرابع عشر من فرنسا. وكانت تعهد بعد أول زيجة بإسم Madame Scarron، ثم لاحقاً Madame de Maintenon. زقابلا من الملك لم يـُعلن رسمياً ولم يـُعترف به.

بعد وفاة "ماري تريز" (30 يوليه 1683) كانت الملكة المتوجة لفرنسا "الأرملة سكارون" المركيزة دي مينتنون، مربية أبناء الملك غير الشرعيين، وسرعان ما أصبحت (يناير 1684؟) زوجته غير المتكافئة والتي لا ترث عرشه، وكانت منذ ذلك التاريخ ذات أكبر نفوذ شخصي طيلة حكمه. ومن العسير اليوم حتى نعهد حقيقة خلقها، ولا يزال المؤرخون يختلفون عليه. وكان لها أعداء كثيرون كرهوا صعودها وقوتها. وخط بعضهم التاريخ وأسلمها إلينا وغداً أنانياً ماكراً مدبراً للمكائد. ومهما يكن من أمر، فإنها حين كان من الميسور لها حتى تحل محل مدام مونتسبان "خليلة الملك"-بكل ما يأتي به هذا من نفوذ وسيطرة-أبت، وبدلاً من ذلك، حرضت الملكة آنذاك في الثانية والأربعين من العمر، أصغر من دي مينتنون بثلاثة أعوام، ولم يكن ثمة ما يبر تسقط موتها الباكر. وظاهر حتى المركيزة، في هذه الآونة، آثرت الفضيلة على السيطرة والنفوذ، وعندما اختطفت يد المنون الملكة ظلت المربية على رفضها حتى تكون خليلة، وسعت وراء أهداف عليا، مغامرة بوظيفتها الحالية. وإذا كانت فضيلتها طموحاً فإنها لم تتلطخ به أكثر ما تلطخ به تواضع عانس متعلقة ليس لها أمناً إلا مفاتنها تساوم بها من أجل حياتها، وتظن حتى مضاجعة ليلة واحدة أقل أمناً من خاتم العرس. ولما تزوج لويس من مينتنون كان عمرها ثمانية وأربعين عاماً. ورسمها مينارد عقيلة لطيفة جاوزت فترة الإغراء أوالفتنة الجسدية، وكانت في أحسن الأحوال تقية مخلصة في تقواها، وفي أسوأ الأحوال قامرت مقامرة جريئة وخط لها الفوز.

وخصص لها آنذاك مسكناً قريباً من مسكن الملك، فعاشت في قصر فرساي في بساطة برجوازية تقريباً. "كانت حياة البلاط تضايقها، ولم تجد لذة في التباهي والتفاخر(1)". ولم تجمع ثروة، وحتى في قمة سعود نجمها لم تكن تملك إلا القليل إلى جانب قصر مينتنون الذي هجرته غير مؤثث ولم يستخدم. وينطق حتى لويس، في أعوامها الأخيرة، نطق لها يوماً "ولكنك يا سيدتي لا تملكين شيئاً، وإذا ما مت فستكونين فقيرة خاوية الوفاض، خبريني ماذا يمكن حتى أعمل من أجلك؟". فطلبت بعض الامتيازات والرعاية المتواضعة لذوي قرباها، ومبالغ كبيرة من المال لمشروعها الأثير لديها: الكلية التي أسست 1686 في سان سير لبنات الأسرات الكريمة اللاتي أفنى عليها الدهر. ولم يكن خيلاؤها بل خيلاء الملك هوالذي جند الرجال وخصص الأموال لقناة الماء التي لم يتم بناؤها، والتي حملت أسمها.

وكانت دي مينتنون، من نواح كثيرة، زوجة صالحة. وكان شغلها الشاغل في يوم حافل حتى تقف حائلاً بين الملك وبين العالم، وأن تحافظ على السلام والهدوء، وسط أطماع أفراد البلاط ودسائسهم، وتلاطف سرباً من الطامعين في المناصب، وتعمل خالة عطوفة لحفدة زوجها، وتفي بمتطلباتهم بوصفه رجلاً، وتواسيه في إخفاقه وهزائمه. وترفه "عن الرجل الذي من أصعب الصعب الترفيه عنه في مملكة بأسرها(3)"، وتخلق جواً من الهدوء المنزلي، في حياة كان لزاماً في جميع ساعة تقريباً حتى تتخذ فيها قرارات يتأثر بها مليون حياة. وفي أوراقها الخاصة التي وجدت بعد وفاتها، عثر على هذا النادىء، وظاهر أنه خط فور زقابلا:

يا إلهي، لقد بوأتني هذا المكان الذي أنا فيه الآن، وإني لأهجر نفسي رهن تدبيرك وعنايتك دون قيد أوشرط، امنحني النعمة الإلهية، حتى أستطيع، كمسيحية، حتى أحتمل الآلام، وأقدس المسرة، والتمس في جميع شيء مجدك، و.... أعاون على خلاص الملك، وحل بيني وبين الاستسلام لتهيجات ذهن قلق. ولتكن مشيئتك يا إلهي، مشيئتي، فإن السعادة جميع السعادة، في هذه الدنيا وفي الآخرة هي موضوع لمشيئتك أنت دون تحفظ.

اغمر نفسي بهذه الحكمة، وبسائر الهبات الروحية اللازمة لتلك المنزلة العالية التي وضعتني فيها. ولتجعلها مثمرة تلك القدرات التي طاب لك حتى تمنحني إياها. يا إلهي، أنت يا من تمسك بين يديك قلوب الملوك، افتح قلب الملك حتى أصب فيه من الخير ما تشاء أنت سبحانك. أوعزني حتى أسعده وأسره وأواسيه وأشجعه، بل حتى حتى أزعجه وأحلب عليه الحزن إذا اقتضى الأمر تمجيداً لك. هيئ لي ألا أخفي عنه شيئاً يجدر حتى يفهمه مني، مما لا يجد الآخرون في أنفسهم الشجاعة ليبلغوه إياه. هيئ لي حتى أنقذ نفسي وأنقذه معي، وأن أحبه فيك ومن أجلك يا إلهي. وهيئ له حتى يحبني بنفس الطريقة. هب لنا حتى نسير معاً في ملكوتك دون لوم أوخزي حتى يوم قدومك(4).

وهذا النادىء جميل قدر جمال أية رسالة من ألواز إلى أبيلارد، ونأمل حتىقد يكون أصح وأصدق. ومثل هذا النادىء يمكن حتى يمنح القوة، بصرف النظر عن أية استجابة خارجية، وربما كانت ثمة إرادة خفية للسيطرة والسلطة في ثنايا الرغبة في إصلاح الآخرين وهدايتهم، ولكن السنوات الباقية من عمر مينتنون أثبتت أصدق تقواها وضيق أفق هذه التقوى معاً. يقول سان سيمون "لقد وجدت ملكاً يعتقد في نفسه أنه رسول أوحواري لأنه طيلة حياته يضطهد الجانسينة.... وهذا أوحى إليها بنوع الحب الذي تبذر به الحقل لتجني أعظم حصاد(5)". (عهدت من أين تؤكل الكتف). هوشجعت مينتنون على اضطهاد الهيجونوت،يا ترى؟ إلى غير ذلك يظن سان سيمون(6)، ولكن التحقيقات اللاحقة تميل إلى تبرئتها من هذه الوحشية التي كان بطلها عدوها اللدود لوفوا. ورأى فيها لورد أكتون، وهومؤرخ كاثوليكي، نادراً ما كان مناصراً للكاثوليكية:

أعظم امرأة ثقافة وتفكيراً وإدراكاً. وكانت بروتستانتية من قبل. واحتفظت لأمد طويل بحماسة المرتدة وغيرتها. وكانت تعارض الجانسنية معارضة شديدة، وكانت تحظى بثقة أفاضل رجال الدين إلى حد كبير، وساد الاعتقاد بأنها شجعت الاضطهاد وحرضت الملك على إلغاء مرسوم نانت. وأبرزت رسائلها شواهد على ذلك. ولكن رسائلها كانت قد حرفت بواسطة محرر كان مزيفاً مشوهاً(7) .

أن مينتنون-مثل فنيلون، ومدام دي سفيني ومعظم الكاثوليك في ذاك العصر. أقرت إلغاء مرسوم نانت، ولكنها استخدمت نفوذها-بنجاح غالباً، كما يروي البروتستانتي ميشيليه-في وقف قساوة الاضطهاد أوالحد منها(8).

وحتى لا تطغي النزعة الرومانتيكية على إضفاء المثالية على المرأة، فتلون الصورة بألوان وردية زاهية، فلننظر إلى المركيزة من خلال آراء أخرى فيها تحامل عليها. حتى كبرياء سان سيمون النابعة من لقب الدوق أوالدوقة، لم تكن لتغفر صعود البرجوازية الوضيعة إلى مرتبة سيدة فرنسا: أن العوز والفقر اللذين عاشت في براثنهما لفترة طويلة قد ضيقا من أفق تفكيرها، وهبطا إلى الحضيض بقلبها وعواطفها. حتى مشاعرها وأفكارها كانت محدودة، إلى درجة أنها كانت دائماً في الحقيقة أقل حتى من مدام سكارون... وليس ثمة شيء أشد إثارة للنفور والاشمئزاز من منبت وضيع يتبوأ مكاناً متألقاً إلى هذا الحد(9).

ولكن الدوق نفسه عثر بعض المزايا والفضائل وسط أخطائها وعيوبها:

كانت مدام دي مينتنون امرأة على جانب كبير من الذكاء الذي احتملته الرفقة الطيبة التي عاشت بين ظهرانيها أولاً، ولكن تألقت فيها سريعاً، وصقلتها كثيراً وزودتها بزينة الفهم الدنيوية، التي جعلتها الكياسة البالغة من أكثر ألوان الفهم استساغة وقبولاً. وجعلتها المناصب المتنوعة التي شغلتها مداهنة متملقة راضية تسعى دائماً إلى إرضاء الناس. حتى حاجتها إلى الدسائس، وأولئك الذين التقت بهم من جميع الأنماط، واختلطت بهم من أجل شخصها ومن أجل الآخرين، أضفوا عليها ذوقهم وعاداتهم. حتى كياسة لا تضاهى وسلوكاً هيناً ليناً رضياً، ولكنه كدروس، يدعوإلى الاحترام، وكأنه نتيجة لطول خمول ذكرها قد أصبح أمراً طبيعياً بالنسبة لها، جميع أولئك ساعد على تنمية مواهبها بشكل عجيب، إلى جانب لغة مهذبة محكمة حسنة للتعبير، فصيحة موجزة بشكل طبيعي. أما أسعد أيامها، حيث كانت تكبر الملك بثلاث أوأربع سنوات، فكانت فترة التودد ومطارحة الغرام والمغازلة الرقيقة.... وبعدها أحاطت نفسها بهالة من الأهمية وجلال الشأن. وتقلص ظل هذه تدريجياً لتحل محلها هالة من التقوى أحاطت بها نفسها بكيفية تدعوإلى الإعجاب. ولم تكن نزاعة إلى الخداع والغدر، ولكن الحاجة ألجأتها إلى حتى تكون كذلك. وجعلها طيشها الطبيعي تبدومخادعة ضعف ما هي عليه في حقيقة الأمر(10). وأثار بعد الشقة في نفس ماكولي شيئاً من الشفقة، فنظر إلى مدام دي مينتنون نظرة أكثر اتساماً بالشهامة والاحترام، وربما أحس بأنه يمكن حتى يغتفر الكثير لسيدة كانت "تمتاز بالفصاحة والإيجاز معاً:

أنها حين جذبت انتباه مليكها، لم تكن في وضع تستطيع معه حتى تتيه عجباً بشبابها أوبجمالها، ولكنها، وبدرجة غير عادية، كانت تتمتع بتلك المفاتن الأبقى على الزمن، والتي يقدرها أعظم التقدير الرجال الذين يتحلون بحسن الإدراك في شريكة الحياة... كانت دي مينتنون تتميز بعقل منصف، ومعين لا ينضب، ولكنه غير ممل إطلاقاً، من حديث عقلاني رقيق مرح، ومزاج لا يتكدر صفوه أبداً، ولباقة فاقت لباقة بنات جنسها، بقدر ما فاقت لباقة جنسها لباقة جنسنا نحن. تلك هي المناقب التي جعلت من أرملة المهرج في أول الأمر صديقة جديرة بالثقة، ثم زوجة لأقوى ملوك أوربا وأكثرهم غطرسة وغروراً(11).

وأخيراً نراها من خلال قلم هنري مارتن، وهومؤرخ فرنسي غير مشهود له بالبراعة كثيراً:

كان ثمة توافق في الذهن والطباع بين الاثنين (المركيزة والملك)، وهوتوافق قدر له حتى يزداد على مر الأيام، كما حتى جمالها الناعم المتناسق الرزين الذي زاد منه وقار طبيعي نادر، كان هوالجمال الذي يرضي لويس أساساً. وأحبت هي التأمل والبحث، وأحب هوالعظمة والمجد. وكانت مثله متحفظة حذرة، ومع ذلك تفيض جاذبية ورقة. ولحديثها نفس السحر والفتنة، اللتين دعمتهما طويلاً بفضل خيال أخصب وتعليم ذي جوانب أكثر تعدداً. وكانت ذات شخصية تتميز بالأنانية واتخاذ التدابير القوية، ومع ذلك كانت أهلاً لعواطف متينة ثابتة وإن لم تكن حارة، وكانت في نفس الوقت أقل انفعالاً وأشد ثباتاً من الملك الذي لم يكن مخلصاً حقاً في الصداقة وفي الحب، إلا لها وحدها. ولكنها لم تعهد قط بم تضحي من أجل عواطفها، بمصالحها أوبهدوئها, وعلى النقيض من لويس الرابع عشر، كانت تهتم بالبسيط من الأمور، ولا تتسامح في عظائمها. حتى طبيعتها الهادئة المفطورة على التأمل والتفكير، البعيدة عن الانفعالات والأوهام، ساعدتها على الدفاع عن الفضيلة غالباً كانت محصورة(12).

ومهما يكن من أمر، فلا بد حتى هذه السيدة تحلت بمناقب جديرة بالإعجاب، وقع بملك مستبد إلى حتى يختارها زوجة له، ويعهد إليها بالنظر في أدق شئون الدولة. وكان عادة يلتقي بوزرائه في حجرتها الخاصة، تحت سمعها وبصرها، وعلى الرغم من أنها كانت تجلس على مسافة معقولة منهم، تلتزم الصمت، حكمة وحزماً منها، منهمكة في أشغال الإبرة، كان لويس "أحياناً يتجه إليها ويسألها رأيها(13)" وأطلق عليها المتشككون "سيدة اللحظات الراهنة" مقدرين أنها لن تلبث حتى ينضم إليها المنافسات أويجلينها عن مكانتها ليحللن محلها، ولكن على النقيض من ذلك، ظل الملك الزوج المحب الوفي لها حتى وفاته.

وعظم نفوذها عاماً بعد عام. وكان مقروناً بالخير والإحسان قدر ما سمحت به تقواها. وحاولت حتى تحد من إسراف الملك وتبذيره، وأن تصرفه عن الحرب. ومن هنا كان عداء لوفوا لها. ووفرت دي مينتنون إعانات ملكية للصدقات والمستشفيات والأديار، ومساعدة النبلاء المفلسين، ومهور البنات(14)ولم يحظ بالترشيح للوظائف من جانبها إلا الكاثوليك الأخيار، وكست التماثيل العارية والصور الزيتية العادية التي ازدان بها قصر فرساي بالأستار أوالنباتات المعترشة(15). وحولت كنيسة سان سير إلى دير (1693) أغلقت أبوابه بعد ذلك أمام العالم. وأصبحت هي نفسها راهبة في قصر، "كانت قعيدة القصر تقضي الساعات وحيدة، ومن ثم بدت وكأن لها قدماً في الدير(16)".

وبدأ الملك بالسخرية من تقواها، وانتهى بتقليدها في هذا التواضع. وابتهج القساوسة المحيطون به ليروا مداومته على تأدية طقوس العبادة، ولكن زوجته كانت تفهمه فهماً جيداً، فنطقت "أن الملك لا يخطأ موضعاً في الصليب، أوموقفاً للكفارة أبداً، ولكنه لا يستطيع حتى يدرك الحاجة إلى الخشوع أوإلى إذلال نفسه حتى تتجلى فيه الروح الحقيقية للتوبة والندم(17)". وكان البابا اسكندر الثامن راضياً على أية حال، وهنا مدام دي مينتنون على هداية الرجل الفرنسي الذي كان يوماً معادياً للبابوية، وربما زاد من تقوى الملك اعتلال صحته وضعف جسمه بعد 1680، ومعاناته من ناسور في الشرج، حيث ذكره هذا كله بأنه فان. وفي 18 نوفمبر 1686 استسلم لعملية أليمة، احتملها في شجاعة أملاها عليه وعيه الطبقي أوإدراكه أنه ملك لا ينبغي حتى يخور أويضعف. ولفترة من الوقت ابتهج الائتلاف المعادي لفرنسا للشائعات التي راجت بأنه على وشك حتى يقضي نحبه(18). ولكنه بقي على قيد الحياة. وعندما قصد كنيسة نوتردام (30 يناير 1687) ليقدم الشكر لله على شفائه، حيته جميع فرنسا الكاثوليكية وابتهجت لإبلاله من سقمه وكأنه يوم عيد.

نطق فولتير "ومنذ ذلك الوقت لم يمضى الملك إلى المسرح قط(19)، حتى المرح المقرون بالوقار والعظمة، والذي كان يميز النصف الأول من حكمه، وقد ولى ليحل محله وقار ورزانة قاربتا أحياناً الصرامة القاتمة والتزمت، ولكنه جاز بين الحين والحين بشيء من الإفراط في النوم والطعام(20). وقد أضناه الإرهاق والتعب، وحيث شجعته مينتنون، فإنه أنقص من حفلات البلاط وعروضه، وأوى إلى حياة أكثر انعزالاً، قانعاً بألفة الحياة الأسرية التي عودته إياها زوجته. وظل مسرفاً في الإنفاق على القصور والحدائق، وظل مزهواً أبياً مثل صولجانه، حساساً مثل فكيه. وفي مارس 1686 أجاز لرجل متذلل خنوع من رجال الحاشية، فرنسوا دي أوبيسون دوق دي لافياد فيما بعد، حتى يقيم له في "ميدان الفوزات" تمثالاً يرمز إلى أنه "الرجل الخالد". على أننا يجب حتى نضيف أنه عندما أراد أوبيسون حتى يضع، وفاء بنذر، أمام التمثال مصباحاً يضاء ليل نهار، حظر عليه الملك افتراض الألوهية والقداسة بهذا الشكل المبتسر غير الجائز.

وضربت جماعة محدودة من الأرستقراطيين المخلصين، على رأسهم دوق ودوقة شفريز، ودوقتي بوفليير ومورتمار، وبنات كولبير الثلاث، ضربت حول الملك وزوجته "نطاقاً كريماً من الأتقياء" وكان كثير منهم متمسكين بأهداب الدين حقاً، كما نقل بعضهم عن مدام جويون طمأنينتها المتصوفة. وحوالي هذا الوقت ألف شاعر فرنسي غير معروف الترنيمة الذائعة الصيت والمعروفة باسم "المؤمنون الأخيار" وشارك بقية أفراد البلاط، الملك مزاجه الجديد، ظاهرياً فقط. وتخلوا عن اللهووالعبث، وكثيراً ما حضروا القداس وتناولوا القربان المقدس، وقل شيئاً فشيئاً ذهابهم إلى الأوبرا والمسرح اللذين هبطا آنذاك بسرعة من عليائهما على عهد للي ومليير، واستمر الصيد والقنص والمآدب الباذخة وحفلات الرقص، ولعب الورق بمبالغ ضخمة، ولكن في جومن الاعتدال تشوبه مسحة من الكآبة. وأخفى المعربدون الصاخبون والمفكرون الأحرار في باريس رؤوسهم، انتظار للثأر في ظل وصي يرقبون مجيئه بفارغ الصبر. ولكن شعب فرنسا ابتهج لقداسة مليكه، واحتمل الصمت، في الموت وفي الضرائب، أعباء الحرب المتزايدة.


الهامش


المصادر

  • Herman, Eleanor. Sex with Kings. New York, HarperCollins, 2004. ISBN 0-06-058543-9
  • A Picture of Françoise d'Aubigné as a young woman from the Lëtzebuergesch Wikipedia.
  • Additional picture of Françoise d'Aubigné from the German Wikipedia.
  • Another additional picture of Françoise d'Aubigné from the Swedish Wikipedia.
  • ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Buckley, Veronica,The Secret Wife of Louis XIV: Franoise D'Aubigne, Madame de Maintenon, Farrar, Straus & Giroux, 528 pages.[1]

للاستزادة

  • L'allée du Roi", Françoise Chandernagor, Memories of Françoise d’Aubigné, Marquise de Maintenon, wife of the king of France, French, Paris, Julliard, 1995 ISBN 2-266-06787-7
  • Buckley, Veronica. Madame De Maintenon: The Secret Wife of Louis XIV. London, Bloomsbury, 2008. ISBN 0-7475-8098-7
تاريخ النشر: 2020-06-07 10:13:38
التصنيفات: Articles with hCards, Pages with citations using unsupported parameters, مواليد 1635, وفيات 1719, People from Niort, Marquesses of Maintenon, متحولون للكاثوليكية from Calvinism, روم كاثوليك فرنسيون, Ladies-in-waiting, Morganatic spouses

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تطورات مثيرة في ملف “المحامي والوسيطة” | جريدة الصباح

المصدر: جريدة الصباح - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:20:04
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى اليوم السبت 3 سبتمبر 2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:20:53
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

انفجار في مصفاة للنفط يوقع ثمانية جرحى في كندا

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:19:51
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 70%

البحوث الفلكية: عام 2025 سيشهد أسخن صيف على الإطلاق - أي خدمة

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:20:28
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 51%

تشييع جنازة المخرج على عبد الخالق من مسجد السيدة نفيسة اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:21:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 64%

توقعات حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم السبت 3 سبتمبر فى مصر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:20:52
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 70%

الصين تسجل 440 إصابة محلية العدوى بـ«كورونا» - أخبار العالم

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:20:33
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 65%

أميركا تعلن عن صفقة أسلحة بقيمة 1,1 مليار دولار لتايوان

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:19:49
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

بورصة الدواجن الرئيسية.. أسعار البيض والفراخ اليوم السبت 3-9-2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:21:29
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 65%

السطو على شركة عقارية بشيكين مزورين | جريدة الصباح

المصدر: جريدة الصباح - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:20:06
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 66%

الولايات المتحدة تعلن عن خطط بيع أسلحة بقيمة 1.1 مليار دولار لتايوان

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:21:25
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 57%

لأول مرة.. قرار لبورصة لندن يمثل أكبر صدمة فى تاريخها

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:21:25
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

مقتل 8 رجال شرطة بهجوم في كولومبيا

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:19:50
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

جبايات جماعات خارج القانون | جريدة الصباح

المصدر: جريدة الصباح - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:20:05
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 50%

بكر … رحيل الساخر الأكبر | جريدة الصباح

المصدر: جريدة الصباح - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:20:07
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 54%

توقف قلبه 138 مرة... ساعة «آبل» الذكية تنقذ حياة رجل بريطاني

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:19:49
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 64%

دعاء الصباح اليوم السبت 3-9-2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:20:52
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 69%

أردوغان: تركيا تواجه سيناريوهات مماثلة لما شهدته العراق وسوريا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:20:55
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 60%

نصب بالملايير أمام رئيس النيابة العامة | جريدة الصباح

المصدر: جريدة الصباح - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-03 09:20:03
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 57%

تحميل تطبيق المنصة العربية