السلطان مولاي الحسن الأول والسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية (1873-1894)

عودة للموسوعة

السلطان مولاي الحسن الأول والسيادة المغربية على الأنطقيم الجنوبية (1873-1894)

غلاف كتاب "السلطان مولاي الحسن الأول والسيادة المغربية على الأنطقيم الجنوبية (1873-1894)".

شهدت سواحل المغرب الجنوبية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تنافسا حادا بين الكثير من الدول الأجنبية من أجل الظفر باحتلال ساحل يمكنها من بناء وكالات تجارية لتسهيل عمليات البيع والشراء مع القبائل فجهزت جميع دولة على حدة سفنا وشحنتها بمواد تجارية مختلفة وبهدايا ثمينة ومتنوعة لتوزيعها على شيوخ القبائل لكسب ثقتهم وربط علاقات مثينة معهم، ولم تجرؤ هذه الدول على ممحررة المخزن المغربي للحصول على موافقته لتشييد هذه المستونادىت التجارية، بل ظنت حتى التعاقد مباشرة مع السكان سيرغم السلطان المغربي على الخضوع للأمر الواقع والتسليم بأن هذه المناطق لا تخضع لسلطته كما زعمت أغلب الحكومات الأوربية التي كانت لها أطماع استعمارية في سواحل المغرب الجنوبية.

وفي ظل هذه الظروف المشحونة بتطاول الأوروبيين على سيادة الكثير من الدول النامية، تقلد السلطان مولاي الحسن الأول عرش أسلافه، وحاول منذ الوهلة الأولى القيام بإصلاحات كبرى في شتى الميادين للنهوض بالبلاد من حديث خاصة بعد النكبات التي توالت عليها من جراء تقديم المساعدة الحربية والمالية للجارة الجزائر أثناء محنتها مع الغزوالفرنسي منذ سنة 1830، فنجم عن ذلك الموقف النبيل حتى انهزمت الجيوش المغربية في معركة ايسلي سنة 1844، وأرغم المغرب على التوقيع على اتفاقية للا مغنية المجحفة سنة 1845.

ثم اتىت النكبة الثانية التي كشفت عن الضعف الذي دب إلى جسم الدولة المغربية من خلال انهزامه مرة ثانية أمام الإسبانيين في حرب تطوان (1859-1860)، وفرض غرامة مالية أثقلت كاهل خزينة البلاد لسنوات عدة، بالإضافة إلى تعنت الإسبانيين ومطالبتهم بالتنازل لهم عن بترة أرض في الجنوب المغربي لإعادة بناء ذلك الحصن اللغز المسمى "سانتا كروز دي ماربيكينيا".

كل هذه الأوراش الإصلاحية التي إنكب عليها السلطان مولاي الحسن الأول لم تثن من عزيمته للدفاع عن وحدة بلاده وعن سيادته على الأنطقيم الصحراوية، فجهز فرسه وانطلق في حركاته المخزنية يجوب جميع أطراف مملكته لتفقد أحوال الرعية والوقوف بعين المكان على مكامن الخلل والضعف، ولم يغتر بطيب العيش في قصوره بل قرر حتى يحمل معه عرشه فوق صهوة جواده، ولم ينعم طيلة فترة حكمه الممتدة من سنة 1873 إلى حدود سنة 1894، بالاستقرار في عاصمة مملكته أكثر من ثلاثة أشهر فقط، وخص الأنطقيم الصحراوية بحركتين سلطانيتين الأولى كانت سنة 1882، تصدى من خلالها للمزاعم الانجليزية التي روجت أكاذيب حول عدم خضوع ساحل طرفاية لسلطة ملك المغرب.

وفنذ الأباطيل التي ادعتها الدبلوماسية الانجليزية، وأظهر للجميع وخاصة لأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في بلاده بمدينة طنجة بأن هذه السواحل جزء لا يتجزأ من الدولة المغربية، وأثناء حلوله ببلاد وادي نون، قام بتنصيب عدد من العمال والقواد وكلفهم بإقامة حراسة دائمة على طول سواحل المغرب الجنوبية لمنع رسوالسفن الأجنبية والضرب بقوة على أيدي جميع من سولت له نفسه التعامل معهم أوالترخيص لهم للإقامة بين ظهرانيهم، وعزز سلطته ونفوذه على هذه الأنطقيم بأن نصب الشيخ ماء العينين خليفة عنه بالصحراء منذ سنة 1879 أي قبل مجيء الأسبان بخمس سنوات وإنادىئهم بأن هذه الأرض كان خلاء لا حاكم لها.

أما الحركة الثانية فكانت سنة 1886، للرد على المزاعم الاسبانية القائلة باحتلالها لسواحل وادي المضى منذ سنة 1884، واستقبل مولاي الحسن الأول أثناء وجوده بڭليمين سنة 1886 الكثير من شيوخ القبائل الصحراوية ومن أعيانها وفهماءها ووجهاءها وفقهائها، وجددوا له البيعة وامتثلوا لأوامره ونواهيه، وقرر الجميع التصدي للمحاولات الإسبانية، ولم ينعم الاسبانيون بالاستقرار في شبه جزيرة وادي المضى، إذ هبت جميع أطياف القبائل الصحراوية إلى الانضمام في الهجوم الذي قاده أولاد دليم ضد مركز ڤيلا سيسنيروس فيتسعة مارس 1885، وتمكنوا من إرغام الاسبانيين على الفرار نحوالبحر ومنه نحوجزر الكنارياس. فاضطرت الحكومة الاسبانية إلى بعث احتجاج رسمي إلى السلطان المغربي وطالبته بتعويض مالي عن الخسائر التي أصابت رعاياها بوادي المضى بل مضىت إلى حد مطالبته بمعاقبة منفذي هذا الهجوم، وهذا اعتراف صريح ورسمي من طرف الحكومة الاسبانية بسيادة السلطان المغربي على هذه المناطق. وكان من نتائج هذا الهجوم انكماش الوجود الاسباني في شبه جزيرة وادي المضى إلى حدود سنة 1934، ومحاولاته المتعددة لاستمالة شيوخ القبائل الصحراوية عن طريق منحهم مبالغ مالية ومواد غذائية وهدايا متنوعة لثنيهم عن معاودة الهجوم على رعاياهم، وحاولنا في هذا المؤلف التطرق كذلك إلى المواقف الشجاعة للسلطان مولاي الحسن الأول ضد المحاولات الفرنسية بالأنطقيم الجنوبية، فقارعها بالحجة والبراهين والمواثيق القانونية المعتمدة آنذاك عن حقوقه السيادية بهذه الأنطقيم، وذكرها بالوفود الصحراوية التي استقبلها سنة 1882 والتي جددت له بيعتها وولاءها وتبعيتها لسلطانه وامتطى صهوة جواده من حديث وانطلق في حركته التاريخية نحوواحات تافيلالت سنة 1893، واستقبل شيوخ القبائل التي وفدت على الحضرة السلطانية من توات، كورارة، تديكلت، كلومب بشار ومن تنذوف والذين صرحوا له أمام الحكام العسكريين الفرنسيين على أنهم ريشة من جناح الدولة المغربية، وأنهم لن يتخلوا عن هويتهم المغربية وعن حدة بلدهم وعن البيعة التي والىبها أبائهم وأجدادهم أباء وأجداد السلطان مولاي الحسن الأول، هذه صورة جد مقتضبة عن ملحمة النضال والوفاء والإخلاص التي قادها السلطان مولاي الحسن الأول للدفاع عن وحدة البلد وعن مغربية هذه الأنطقيم الصحراوية.

المصادر

  1. ^ الدكتور نور الدين بلحداد (2012). السلطان مولاي الحسن الأول والسيادة المغربية على الأنطقيم الجنوبية (1873-1894). المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
تاريخ النشر: 2020-06-07 12:53:18
التصنيفات: كتب 2012, كتب مغربية, الصحراء الغربية, الحسن الأول من المغرب

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بسبب الدورة الشهرية.. إسبانيا تتجه نحو إقرار عطلة استثنائية للسيدات

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:49
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

ذياب بن زايد : الشيخ خليفة سطر مسيرة بيضاء وقدم إنجازات تاريخية

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:44
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 54%

وزير التربية: الإمارات في عهد خليفة حققت منجزات تعليمية متنوعة

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:44
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 62%

الملك يعلن الحداد ثلاثة أيام على وفاة الشيخ خليفة

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:50
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

الحسيني: خليفة عزز أركان الاتحاد

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:42
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

ساكنة البيضاء تُطالب بإعادة شرطة “كرواتيا” للشوارع

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:23
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 71%

"الإيسيسكو": إسهامات بارزة للشيخ خليفة في العمل الإقليمي والدولي

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:42
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 60%

المغربي نايف أكرد على رادار “وست هام” الإنجليزي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:19
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 78%

"اليويفا" يدرس تنظيم بطولة مصغرة افتتاحية لدوري أبطال أوروبا

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:48
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 70%

الرئيس الجزائري: وفاة الشيخ خليفة فاجعة أليمة

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:46
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 52%

بوريس جونسون: أشعر بحزن عميق لوفاة الشيخ خليفة

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:46
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 52%

المغرب يراهن على أن يصبح منتج عالمي للهيدروجين الأخضر

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:22
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 77%

بيان توضيحي لإدارة المدرسة الوطنية للتجارة و التسيير-الدارالبيضاء

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:50
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 66%

ابنة المستشار الملكي أزولاي مرشحة لرئاسة حكومة ماكرون

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:26
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 83%

عمره 22 عاما..انتخاب مغربي في منصب عمدة لوستمنستر بلندن

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:17
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 75%

تفاصيل لقاء بنكيران برؤساء فرق المعارضة في منزله بالرباط

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:20
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 76%

محمد بن حمد بن طحنون يعزي في وفاة فقيد الوطن

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:40
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 52%

دعوة لأوروبا للخروج من منطقة الراحة وتبني موقف واضح من قضية الصحراء

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:24
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 73%

عهود الرومي: الإمارات فقدت قائدا فذا وأبا حانيا ورجلا عز نظيره

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-05-13 21:18:45
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

تحميل تطبيق المنصة العربية