حساسية

حساسية
Allergy

تصنيفات ومصادر خارجية
ICD-10 T78.4
ICD-9 995.3
DiseasesDB 33481
MedlinePlus 000812
eMedicine med/1101 
MeSH D006967


الحساسية Allergy تفاعل يحدُث في الجسم لأشخاص لديهم حساسية لبعض المواد.وقد تكون إحدى المواد غير الضارة لشخص غير مصاب بالحساسية سببًا لحدوث أعراض تتراوح ما بين أعراض شديدة وخفيفة إذا تعرض لها إنسان مصاب بالحساسية. والإصابة بالحساسية تحدث للشخص في أي وقت، ولكن في معظم الأحيان، يبدأ ظهور الأعراض في فترة الطفولة.

تضم الصور العامة للحساسية الربووحمى القش والحساسية الأنفية التي يُطلَق عليها اسم التهاب الأنف التحسسي الدائم. وهناك أنواع أخرى وهي الإكزيما (تورمات حمراء مع هرش على الجلد) والشَرَى والصداع التحسسي، والاضطرابات الهضمية التحسسية.

يُطلق على المادة التي تُسبب الحساسية اسم المُستَأرج، وتضم المُستأرِجَات التي تُسَبب معظم حالات الربووحمى القش وحساسيات الجهاز التنفسي الأخرى، غبار المنزل، وبعض أنواع الفطر الصغيرة، وحبوب اللقاح وقشور أوشعر الحيوانات الأليفة الموجودة بالمنزل. وقد تُسبب أغذية كثيرة تفاعلات الحساسية. وتضم هذه الأغذية الشيكولاتة ولبن البقر والبيض والقمح وبعض الأغذية البحرية، وبخاصة الأسماك الصدفية. ومن المُستَأرِجات الشائعة المواد المضافة إلى الأغذية، مثل المواد الملونة للغذاء والمواد الحافظة.

تؤكد المصادر المتنوعة أنه من المُحتمل حتىقد يكون البشر قد أصيبوا بأمراض الحساسية منذ أزمان سحيقة، ومازالت هذه الأمراض موجودة في كثير من الحيوانات والناس. بيد حتى الأطباء لم يبدأوا تفهم الأسباب الخاصة بالحساسية ومواصفاتها حتى بداية القرن العشرين وغالبًا ما يُستعَمَل المصطلح حساسية في هذه الأيام إشارة إلى مجال تخصصي في الطب، واختصاصي الحساسية هوطبيب يعالج أمراض الحساسية.

إكتشاف الحساسية

ترجع دراسة تاريخ ظاهرتي الأرجية allergie وفرط التحسس hypersinsibilité إلى عام 1837 حين سجل ماجندي Magendie الملاحظات الأولى حول هاتين الظاهرتين من دون حتى يوثقهما تجريبياً. كما حتى الدراسات الرائدة التي أجراها ريشه وبورتييه Richet et Portier في مطلع القرن العشرين جعلت من هاتين الظاهرتين لغزاً محيراً، ذلك حتى الأمر كان يتعلق برد عمل يناقض الحماية المألوفة التي توفرها عادة الاستجابة المناعية. وعلى الرغم من حتى دور الأضداد في إحداث ظاهرتي الأرجية وفرط التحسس قد اتضح بالدراسات التي أجراها براوسنيتز Prausnitz عام 1921 على مساعده كوستنر Kustner، إذ اكتشف هذا الباحث تفاعل التأق المنعمل anaphylaxie Passive، أوتفاعل براوسنيتز - كوستنر المعروف. وعلى الرغم من ذلك، فإن الأساس المناعي الواضح لظاهرتي الأرجية وفرط التحسس لم يثبت إلا في عام 1966، عندما اكتشف إيشيزاكا Ishizaka وزوجته في دنفر بالولايات المتحدة الأمريكية الغلوبلين المناعي (IgE)E، وبيّنا دور الخلايا البدينة mastocytes والخلايا الأسِسَة (الأسِسَات) basophiles في حدوث هاتين الظاهرتين. ولقد جاز اكتشاف المستأرجات allergenes التي تثير التفاعلات المؤدية إلى حدوث الأرجية لأول مرة في أواخر الستينات بوضع تعريف فهمي محدد للأرجية وفرط التحسس العاجل يمكن تلخيصه على النحوالتالي: تنجم هاتان الظاهرتان عن التأثير المتبادل بين المستأرج والغلوبلين المناعي (IgE)E، الذي يتثبت على سطح الخلية البدينة أوالخلية الأسسَه، مسبباً زوال الحبيبات الموجودة داخل هذه الخلايا، وتحرر محتوياتها من المواد الوسيطة médiateurs (الهيستامين histamine في الإنسان) المسؤولة عن التأثيرات الموضعية والعامة. أما أنماط فرط التحسس الأخرى غير فرط التحسس العاجل، فإنها تبدأ، هي الأخرى، بتفاعل الضد والمستضد، ولا تتطلب بالضرورة وجود IgE ولا تحرر الهيستامين. وكما يتضح مما سبق، فإن التفاعلات التي تنتهي بحدوث الأرجية وفرط التحسس تبدأ بتفاعل المستضد antigéne مع الضد anticorps.

وعلى ذلك فإن إيضاح الأساس المناعي لهاتين الظاهرتين يقتضي تلخيص الأفكار الأساسية عن الجهاز المناعي وعن الاستجابة المناعية، وذلك قبل عرض المعطيات المتوافرة عن الأرجية وفرط التحسس.


كيف تنشأ الحساسية

يتفاعل الشخص المصاب بالسقم مع مُستَأرِج معين أوعدة مُستأرجات كان الجسم قد تعرض لها من قبل. ويستطيع المُستأرج تحفيز الجسم لإنتاج بروتينات تسمى أجسامًا مضادة وتتفاعل المُستأرجات مع الأجسام المضادة بعد ذلك، حيث تفرز خلايا الجسم مواد معينة في الدم، وسوائل الجسم الأخرى. وتُسبب هذه المواد التي يُطلَق عليها اسم المواد الهـائية حدوث تفاعلات في خلايا أوأنسجة أخرى. ويُحتَمل حتى يُسَبِب كثير من المواد الهائية تفاعلات الحساسية في الناس والحيوانات. ويعد الهستامين المادة الهائية الرئيسية التي تُسَبِب الحساسية عند الناس.

تؤثر المواد الهائية التي تُفرَز في الجسم على أنسجة تحسسية مستهدفة، تضم معظم هذه الأنسجة الشعيرات الدموية (أوعية دموية صغيرة) أوالغدد المخاطية أوالعضلات الملساء (عضلات المعدة وأعضاء داخلية أخرى باستثناء القلب). ويُحَدد مسقط هذه الأنسجة في الجسم بالإضافة إلى استجابتها الخاصة لمواد هائية ـ السقم التحسسي المعين. كما يُسبب الهستامين بوجه عام تضخم الشعيرات الدموية وإفراز الغدد المُخاطية وشدًّا في العضلات الملساء.

وبعد إنتاج جسم إنسان ما للأجسام المضادة استجابة لمُستأرِج معين، فإن أي تعرض لهذا المُستأرِج في المستقبل يفترض أن يحرض على إنتاج الجسم المضاد. بيد حتى هذه الأجسام المضادة التحسسية لا تسلك الطريقة نفسها التي تَسلكها الأجسام المضادة الدفاعية التي يُنتجها جسم الشخص عند مقاومته للعدوى. وتُكافح الأجسام المضادة الدفاعية الكائنات المسببة للسقم وتُدمرها أوتَجعلها غير ضارة. وإذا استمر الجسم في إنتاج تلك الأجسام المضادة، بعد تدمير الكائنات، يُحتَمل حتى يكتسب الشخص مناعة ضد السقم.

عوامل انفعالية

لايفسر التفاعل بين المُستأرِج والجسم المضاد له موضوع الحساسية تفسيرًا وافيًا لأن الأنسجة التحسسية المستهدفة تكون تحت سيطرة الجهاز العصبي التلقائي أساسًا. يميل الجهاز العصبي إلى المحافظة على هذه الأنسجة لتكون في حالة توازن طبيعية. ولكن الجهاز العصبي التلقائي نفسه يدخل في استجاباتٍ بدنيةٍ أخرى، مثل الانفعالات. ولذلك فإن الانفعالات القوية تُؤثر أيضًا في تفاعل النسيج التحسسي المُستَهدَف. وتضم أنماط الانفعالات التي تزيد من احتمال الاستجابة التحسسية الغضب والخوف والاستياء والقلق وعدم الثقة بالنفس.

وتشهجر المراكز العصبية في الدماغ في الاستجابات الانفعالية، حيث يتحكم تحت المهاد البصري ـ وهوجزء من الدماغ ـ في الجهاز العصبي التلقائي ويوجهه. ويتأثرتحت المهاد البصري بدوره تأثرًا بَيِّنًا بقشرة المخ في الدماغ. فحينما تَصل مؤثرات معينة إلى الدماغ نتيجة رؤية أوسمع، فإنها تشكل رسالة في قشرة المخ. وإذا كانت الرسالة من الرسائل التي قد تُسبب أي نوع من الاستجابة الانفعالية، فإنها تتجه إلى تحت المهاد البصري (الوطاء) الذي يرسل بدوره حينئذ الرسالة إلى الأنسجة التحسسية المستهدفة عن طريق الجهاز العصبي التلقائي. وإذا استقبلت الأنسجة التحسسية المستهدفة رسالة انفعالية مؤلمة، فإنها تصبح أكثر قابلية للاستجابة للهستامين انظر: الدماغ.

عوامل وراثية

هناك أمراض حساسية، مثل الربووحمى القش والإكزيما والتهابات الأنف والتحسسية الدائمة، وبعض أنواع الصداع التحسسي، كلها أمراض تميل إلى الانتشار في بعض العائلات. فقد يصاب فردٌ من أفراد أسرة ما بالربوويصاب فرد آخر بحمى القش، وربما أصيب فردٌ غيره بالإكزيما وحمى القش. وقد لاحظ بعض الأطباء حتى هناك نزعة وراثية للإصابة بالحساسية. فإذا كان الوالدان مصابين بالحساسية، فإن هناك احتمالاً بنسبة 75% حتى يصاب جميع طفل من أطفالهما بسقمٍ من الأمراض التحسسية. وإذا كان أحد الوالدين فقط مصابًا بالحساسية، فإن الاحتمال ينخفض إلى 50% أوأقل.

ويبدوحتى النزعة الوراثية تجاه الحساسية لا تتبع أي قاعدة وراثية ثابتة، لذلك، فإنه من الأفضل حتى يُنطق عن الحساسية في هذه الحالات إنها عائلية على حتى ينطق إنها وراثية مباشرة.

حدود الحساسية

قد تؤثر عوامل كثيرة إلى جانب الانفعالات والوراثة في استجابة إنسان ما إلى المُستأرِجات. فكل سقمى الحساسية لديهم حدود تحسسية وهي المستوى الخاص لمقاومة أجسامهم للسقم. وتختلف حدود الحساسية باختلاف نمط وخطورة العوامل المتنوعة في وقت معين. على سبيل المثال، يعتمد احتمال ظهور سقم الربومن عدمه في بعض الناس ـ حينما يتعرضون لحبوب لقاح أوغبار ـ على حالتهم الانفعالية أوتغير الطقس. وقد يعتمد أيضًا على ما إذا كان السقمى مصابين بسقمٍ آخر أوأنهم مجهدون. فالزيادة في واحد أوأكثر من هذه العوامل قد تخفض مستوى حدود الحساسية للمريض بدرجة كافية لإحداث نوبة تحسسية. وعلى الجانب الآخر، فإن النقص في واحد أوأكثر من هذه العوامل قد يؤدي إلى حمل حدود الحساسية وانخفاض احتمالات النوبة.

وعندما يقوم اختصاصي الحساسية بتشخيص وعلاج أي حالة من حالات الحساسية، ينبغي عليه حتى يضع في الاعتبار جميع القوى المؤثرة على المريض التي قد تُسهِم في حالته. ويساعد هذا الأسلوب في فهم السبب وراء طول المدة التي يستغرقها العلاج الدقيق للحساسية في حالات كثيرة.


التشخيص والعلاج

ليس هناك شفاء تام من السقم. وقد يستطيع الناس تجنب أعراض سقم تحسسي معين، وذلك بتجنب المُستأرِج الذي يسببه، وبالرغم من ذلك، فإنهم يظلون حساسين لهذه المادة.

وعلى جانب آخر، من الممكن التحكم في الحساسية، حيث يمكن حتى يقل معدل حدوث وخطورة النوبات، كما يمكن منع المضاعفات. وإذا ابتدأ العلاج في معظم الحالات بمجرد التعهد على الأعراض الأولى، واستمر على أُسس منتظمة، فإن هذا يؤدي إلى نتائج علاجية طيبة. وفي حالة عدم علاج الحساسية، فإنها تميل إلى الأسوأ أكثر من ميلها إلى الأحسن.

وفي بادئ الأمر، يفحص الطبيب المريض فحصًا بدنيًًا، ويُشخص وجود سقم تحسسي من خلال أعراض السقم. وتستخدم اختبارات جلدية دقيقة للتعهد على المُستأرِجات التي سببت السقم. ويحقن الطبيب أكثر المواد المسببة للحساسية شيوعًا، تحت الجلد مباشرة وذلك في مناطق متفرقة. وتؤدي المواد التي تسبب حساسية عند المريض لاحمرار الجلد وتورم خفيف في موضع الحقن. ويسبب هذا الإجراء بعض المتاعب الخفيفة،سرعان ما تزول.

بعد ذلك، يقارن اختصاصي الحساسية نتائج اختبار الجلد بنتائج الفحص البدني للمريض وتاريخه الطبي. ولا تُعطي اختبارات الجلد دائمًا إجابات مؤكدة، ولكنها تفيد كدلائل للتعهد على المُستأرجات. يساعد في التشخيص أيضًا اختبارات الدم وفحص عينات من المخاط الأنفي للمريض.

ولا يمكن التعهد على الحساسية الغذائية بوساطة اختبارات الجلد إذا كان الغذاء يسبب الإصابة بالحساسية فقط بعد تغيره خلال عملية الهضم. وللتأكد من هذه الحساسية التي يسببها الغذاء، يضع الطبيب الغذاء الذي يتناوله المريض تحت المراقبة. ويوصي اختصاصي الحساسية بتجنب تناول جميع الأطعمة التي غالبًا ما تسبب الإصابة بالحساسية بوجه عام، وعدم إدراجها في وجبات المريض. قد يؤدي هذا الإجراء إلى تخفيف الأعراض. وإذا وقع ذلك يُوصي الطبيب بالعودة إلى تلك الأطعمة وإدماجها ضمن وجبات المريض، جميع منها في وقت مختلف عن الآخر. وإذا انطلقت الحساسية مرة أخرى بعد حتى يتناول الشخص أحد هذه الأطعمة، فإنه يحتمل حتىقد يكون لديه حساسية لهذا الطعام.

وبعد التعهد على المادة أوالمواد التي تؤدي إلى الإصابة بالحساسية، فإنه من الضروري حتى يتجنبها المريض بقدر الإمكان. وقد يُصبح هذا الأمر سهلاً تمامًا إذا كانت المادة طعامًا، مثل الشيكولاتة أوشعرًا لنوعٍ من الحيوانات. أما إذا كان المُستأرِج غبار المنزل أوبذورًا من عشب، فإن الشخص قد يجد صعوبة بالغة في محاولة تجنبه.

وفي حالة عدم إمكانية تجنب المُستأرج، فإن الطبيب قد يُعطي المريض أدوية لتخفيف الأعراض. وتضم هذه الأدوية مضادات الهستامين. وفي الحالات الشديدة جدًا يفضل استعمال الإستيرويدات.

يُفيد علاج يطلق عليه اسم إنقاص الحساسية أوإزالة الحساسية في بعض أنماط حساسية الجهاز التنفسي، وبخاصة الربووحمى القش والتهاب الأنف التحسسي الدائم. ويَستَهدِف علاج إنقاص الحساسية على وجه التخصيص التفاعل بين المُستأرِج والجسم المضاد. ويَحْقِن الطبيب المريض بجرعة مُتناهية الصغر من حبوب اللقاح أوأي مُستأرج آخر بصفة مُنتظمة. وفي معظم الحالات، يُحقن المريض مرتين أسبوعيًا لمدة شهرين تقريبًا، ثم يُحقن مرةً واحدةً في الأسبوع بعد ذلك. ويزيد الطبيب من كمية المُستأرج تدريجيًا إلى حتى يصل إلى جرعة يُطلق عليها اسم الجرعة الاستمرارية. وتُسبب الحقنات في هذه الحالة تكوين أجسام مضادة مع المُستأرجات، وهذا ما يؤدي بدوره إلى تفاعل ضئيل مع المستأرجات، التي تُتْرك طليقة بدون اتحاد مع الأجسام العادية المضادة للحساسية.

خلايا الجهاز المناعي

إذا كانت خاصة التعهد وخاصة اختزان المعلومات (الذاكرة) معيارين لدرجة تطور أجهزة جسم الإنسان، فإن الجهاز المناعي يأتي في المقدمة. إذا خلايا الجهاز المناعي تستطيع حتى تميز مكونات الجسم (الذات self أوsoi)، من المواد الغريبة (اللاذات nonself أوnonsoi)، كما تستطيع الخلية الواحدة حتى تتعهد جزيئات بروتينية معينة توجد على سطح خلية أخرى، فتستجيب بردود عمل محددة. كما يمكن لخلايا هذا الجهاز حتى تختزن المعلومات الناجمة عن هذه الاستجابات، لتسترجعها عندما تقتضي الحالة ذلك. ومع حتى معظم الكريات البيض تدخل في بنية الجهاز المناعي، فإن هذا البحث سيقتصر على الخلايا الرئيسة في هذا الجهاز، أي البلاعم macrophages والبائيات cllules B والتائيات cellules T. كما حتى البحث لن نتعرض للجزيئات البيولوجية التي تفرزها هذه الخلايا (الأنترلوكينات interleukines واللمفوكينات lymphokines)، والتي تؤثر في مستوى الاستجابة المناعية.

البلاعم

تتشكل البلاعم، شأنها شأن خلايا الدم الأخرى، في نقي العظم، وتتجول في الدم واللمف. كما تصادف بين خلايا النسج الضامة لجميع الأعضاء تقريباً، وخاصة أسناخ الرئتين، والكبد، والطحال، والصفاق، إذ تصل إلى هذه الأعضاء من الشعريات الدموية بالانسلال diapédése. وتتصف البلعميات بشكلها المتغير وأرجلها الكاذبة، وغنى سيتوبلاسماها بالجسيمات الحالة المشحونة بعدد من الأنظيمات وخاصة الأنظيمات الحالة للبروتين. وتزداد كمية هذه الأنظيمات عند تفعيل البلعميات.

تقوم البلعميات بوظيفة تخليص الدوران والنسج من الأجسام الغريبة، فتدخل هذه الأجسام، بغض النظر عن طبيعتها، إلى سيتوبلاسماها بعملية الالتقام الخلوي endocytose، وتقوم عندئذ بحلمهة مكوناتها بوساطة أنظيمات الحلمهة. إذا البلعميات تنجز إذن وظيفة دفاعية غريزية وغير نوعية. وإضافة إلى هذه الوظيفة المناعية البدائية فإن البلعميات تقوم في الفقاريات العليا، وخاصة الثدييات والإنسان، بوظيفة مناعية على درجة كبيرة من الأهمية، فهي لا تحلمه الأجسام الغريبة، وخاصة المستضدات، بغية التخلص منها فحسب، إنما تعرض على سطحها بتراً من جزيء المستضد، يعهد باسم المحددة المستضدية determinant antigénique مربوطة إلى بروتين آخر موجود أصلاً على سطح البلعمية، وتعهد بمستضد الكريات البيض البشرية human leukocyte antigen (أوHLA-D، أصل الاسم بالإنكليزية)، وتشكل جزءاً من بروتينات معقد التوافق النسيجي الرئيسي أوcomplexe majeur d,histocompatibilité (أوCMH). فالجسم الغريب لا يصبح استضدادياً إلا إذا عرض على سطح البلعمية مرتبطاً بمستضد الكريات البيض البشرية HLA-D، حيث تستطيع الخلية التائية تعرّفه. إذا البلعمية إذن تقوم بدور خلية مقدِّمة للمستضد (CPA) cellule presentant L,antigene. إذا الاستجابة المناعية لا تحدث من دون هذا التقديم.


البائيات

اكتشف هذه الخلايا أول مرة عند الطيور في جراب فبريسيوس bourse de Fabricius (ومن هنا أتى الحرف B اسماً لهذه الخلايا). وتتشكل هذه الخلايا عند الإنسان والثدييات في نقي العظم (bone marrow - بالإنكليزية - ولهذا استبقي الاسم نفسه)، وتتمايز فيه، أي إذا جميع خلية بائية تصطنع نوعاً معيناً من الغلوبلين المناعي M وD (IgM) و(IgD) تضعه على سطحها فيعمل مستقبلاً نوعياً للمستضد. وتختلف نوعية جميع مستقبل في جميع خلية بائية عن نوعية أي مستقبل آخر في أية خلية أخرى. ويقدر عدد أنواع البائيات الوظيفية في الإنسان بنحو1×10سبعة نوع أونسيلة clone، في حين يبلغ عدد البائيات الكلي نحو1×10عشرة خلية. إلى غير ذلك، فإن عدد خلايا النسيلة الواحدة يبلغ 1×10 ثلاثة خلية تقريباً. وكما سيأتي، فإن تفعيل الخلية البائية من قبل الخلية التائية يؤدي إلى نضجها.

ويتضمن النضج انقسام الخلية البائية عدداً من المرات، حيث تعطي في النهاية نمطين من الخلايا، يبلغ مجموعها نحوألف خلية وهي: الخلايا المَصوَّرية plasmocyte، التي تفرز أضداداً نوعية ضد المستضد الذي استهل الاستجابة المناعية، وخلايا الذاكرة cellules à mémoire، التي تظل هاجعة مدة طويلة نسبياً (أحياناً بضع سنوات)، فإذا ما ولج المستضد من جديد، فإنها تتعهده وتبدأ بإفراز الضد النوعي. وكما هومعروف فإن الضد يرتبط بمستضده في الدوران، ويتشكل معقد يسهل على الجسم التخلص منه. وكما يتضح من هذا العرض فإن البائيات مسؤولة عن المناعة الخلطية immunité humorale. وتجدر الإشارة هنا إلى حتى عدد أنواع الأضداد التي تصطنعها البائيات يساوي عدد نسائلها (أي نحو1×10سبعة نوع، ويتجاوز هذا العدد نظرياً الرقم 1×10تسعة نوع).

التائيات

لقد تم تعهد هذه الخلايا لأول مرة في التيموس thymus، ومن هنا أتى الحرف T اسماً لهذه الخلايا. تتشكل التائيات في نقي العظم، وتنتقل بالدوران إلى التيموس، حيث تتمايز فيها وتنضج (تخضع لعملية تربية).

أي تصطنع بروتينات تضعها على سطحها تعهد بمستقبلات الخلية التائية، وهي أداة الفهم الأولى لهذه الخلايا. وتختلف هذه المستقبلات بين خلية وأخرى. وتتساوى التائيات تقريباً مع البائيات من حيث العدد الكلي ومن حيث عدد النسائل (أي 1×10عشرة خلية، و1×10سبعة نسيلة). إذا تمايز التائيات ونضجها في التيموس يؤدي إلى تربية ثلاثة أنماط من التائيات: التائيات المؤازرة T helpers والتائيات الكابتة Tsuppressives والتائيات السامة للخلاياT cytotoxiques. وتتعمل الخلية التائية عندما تلتقي بالمستضد معروضاً على سطح البلعمية، أوعلى سطح الخلية التائية عندما تلتقي بالمستضد معروضاً على سطح البلعمية، أوعلى سطح الخلية البائية (التي تدخل بالالتقام الخلوي، تماماً كما تعمل البلعمية). فتصبح هذه الخلية التائية خلية تائية مساعدة نوعية، وتقوم عندئذ بتفعيل الخلية البائية التي تحمل على سطحها نوع المحددة المستضدية نفسه، التي عرضتها البلعمية، مرتبطة أيضاً ببروتين HLA- Dأما الخلية التائية الكابتة فتثبط فاعلية الخلية التائية المساعدة والخلية البائية المفَعَّلة عندما يرتفع هجريز الضد في الدم فوق مستوى معين. وتتعهد الخلية التائية القاتلة للخلايا الخلية المخموجة بالحمة (بالفيروس)، والخلية الطافرة، وخلية الطعم (في حالة النسج والأعضاء المزروعة)، وتعمل على حلها.

ويتضح من هذا العرض حتى المناعة الخلوية Immunité cellulaire ترتبط ارتباطاً أساسياً بوظائف نمط من أنماط الخلية التائية (التائيات القاتلة للخلايا). ولا بد من التنويه هنا بنوع خلوي ذي أصل مجهول حالياً، يرجح أنه ينتمي إلى التائيات، ويعهد باسم القاتلة الطبيعية NK- natural killer (أصل الاسم بالإنكليزية)، وتقوم هذه الخلايا، هي الأخرى، بقتل الخلايا الغريبة، أوالطافرة، عن طريق إطلاق جذور كيمياوية غنية فوق الأكاسيد، تحرق الخلية الهدف.

الاستجابة المناعية

تتلخص الوظيفة النهائية للاستجابة المناعية بحماية الجسم من المواد الغريبة (البروتينات والجراثيم، والفيروسات، والفطور، والطفيليات وغيرها). وتنجز المناعة الخلطية وظيفة التخلص من الأجسام الغريبة الموجودة بالدوران، إذ تعمل هذه الأجسام، أومكوناتها، مستضدات، فيشكل لها الجسم أضداداً تتحد بها، فينشأ عندئذ معقد يسهل على الجسم التخلص منه بوساطة البلاعم macrophages والبفهميات phagocytes عامة. أما المناعة الخلوية، فتحمي الجسم من الحمات (الفيروسات)، والطفيليات، والخلايا الطافرة، كما تقوم بدور في رفض الطعم، ذلك حتى عملية نقل الأعضاء لا تحدث في الطبيعة، وهي عمل صنعي استحدثه الإنسان. يتضح من التعريف السابق حتى الاستجابة المناعية تشتمل على جانبين اثنين:

1ـ التأثيرات المتبادلة المناعية. 2ـ خصائص الأضداد. وفيما يلي نظرة عن هاتين الناحيتين.

مراحل حدوث الاستجابة المناعية: تحدث الاستجابة المناعية وفقاً للخطوات التالية (الشكل1):

تمثيل مراحل حدوث الاستجابة المناعية


ـ دخول المستضد إلى الجسم، ويشترط في هذا المستضد حتىقد يكون مستمنعاً immunogénique.

ـ يؤخذ المستضد من قبل إحدى البلعميات أوبعضها، ومن قبل خلية بائية محددة تحمل على سطحها مستقبلاً (IgD وIgM) تتطابق منطقته المتغيرة فراغياً region variable بالتتامية complémentarité مع المحددة المستضدية، أوالموضع المستضدي épitope.

ـ تتعهد خلية تائية معينة المحددة المستضدية المرتبطة مع بروتين HLA- D والمعروضة على سطح البلعمية، فتتعمل الخلية التائية عندئذ، وتتحول إلى خلية تائية مساعدة.

ـ تقوم الخلية التائية المساعدة بتفعيل الخلية البائية التي تعرض على سطحها نوع المحددة المستضدية نفسه. فتنقسم عدداً من المرات (نحوعشرة انقسامات) وتعطي 1000 خلية تقريباً (تشكل نسيلة واحدة)، معظمها يتحول إلى خلايا مصوّرية، تصطنع ضداً نوعياً، تفرزه في الدوران، في حين يتحول بعضها إلى خلايا ذاكرة، محتفظة على سطحها بالغلوبلين المناعي D، تتحول إلى خلايا مصورية (بلاسمية) مفرزة للضد عند دخول المستضد الجسم مرة ثانية. فإذا كان المستضد موجوداً في الدوران، فإن الضد الذي تفرزه الخلايا المصورية ينتسب إلى أحد صفيفات صف الغلوبلين المناعي G (IgG2 وIgG1 مثلاً). أما إذا كان المستضد موجوداً في أحد السوائل الإفرازية (اللعاب، والدموع، والعصارة الهضمية وغيرها)، فإن الغلوبلين المناعي المفرز هو(IgA) A. وإذا كان المستضد مادة مستأرجة allérgene (حبات الطلع أوالغبار المنزلي مثلاً)، فإن الغلوبلين المناعي المفرز هوIgE. وعندماقد يكون المستضد خلية مخموجة بالحمة (فيروس) أوخلية طافرة، أوطفيلياً (دودة البلهارسيا مثلاً)، أوخلايا من طعم أوعضومزروع، فإن الخلية التائية التي تكتشف هذه الأجسام الغريبة تتعمل، وتصبح خليةً قاتلة للخلايا.

خصائص الأضداد

توجد في الثدييات ومنها الإنسان خمسة صفوف classes من الغلوبلين المناعي immunoglobulines (Ig)، هي: IgM، وIgD، وIgG، وIgA، وIgE. وتتألف الصفوف IgM، وIgG، وIgA. من صفيفات sous- classes. وتحمل جميع خلية بائية عذراء على سطحها نوعاً محدداً من IgM وIgD. وعندما تُعمل وتنضج، فإنها تفرز في الدوران IgM خماسي الجزيء.

تمثيل جزيء الغلوبلين المناعي IgG1) G). يرمز الحرف L إلى السلسلة الخفيفة، وH إلى السلسلة الثقيلة، وV إلى المنطقة المتغيرة، وC إلى النهاية الكاربوكسيلية وS-S إلى الرابطة الثنائية الكبريت ( M.Z.Atassi et al.1984)


يتألف جزيء الضد، بصورة عامة، من نوعين من السلاسل المتعددة الببتيد: سلسلتين ثقيلتين، يرمز لكل منهما بالحرف H (من heavy)، وسلسلتين خفيفتين، يرمز لكل منهما بالحرف L (من light) هما السلسلة لامدا والسلسلة كابا. أما السلسلة الثقيلة فلها خمسة أنواع، يحدد جميع نوع صفاً من صفوف الغلوبلين المناعي، أي حتى هنالك السلاسل الثقيلة التالية: ميو، ودلتا، وغاما، والفا، وابسيلون (أعطيت السلاسل أحرفاً يونانية تماثل الأحرف اللاتينية للصفوف). وتتألف جميع سلسلة من قسمين، ثابت C (من constant)، ومتغير V (من variable). وتشكل المنطقة الثابتة في السلسلة الثقيلة ربع السلسلة أوخمسها، وتتقاسم المنطقتان الثابتة والمتغيرة السلسلة الخفيفة مناصفة تقريباً. وهنالك روابط ثنائية الكبريت تربط السلاسل بعضها ببعض (روابط ضمن نوع السلسلة الواحدة، وروابط بين السلسلتين الثقيلة والخفيفة). ويأخذ الجزيء (الشكل2) شكل حرف Y منفلق الأطراف، يتألف جذعه من نصفي السلسلتين الثقيلتين، في حين يتألف جميع ذراع من نصف السلسلة الثقيلة تقريباً وكامل السلسلة الخفيفة. وتأخذ نهاية جميع ذراع من الذراعين (نهاية المنطقتين المتغيرتين للسلسلتين الثقيلة والخفيفة) شكلاً فراغياً محدداً، يظهر على شكل جيب سطحي، يطلق عليه اسم الموضع الضدي site d,anticorps (أوparatope). ويختلف نوع الغلوبلين المناعي باختلاف الشكل الفراغي لهذا الجيب. فهناك إذن نحو1×10سبعة نوع من الأشكال الفراغية، الذي يمثل جميع واحد منها نسيلة من النسائل الخلوية البائية.

ويلخص الجدول (1) بعض خصائص صفوف وصفيفات الغلوبلينات المناعية.

ولا تخرج ظاهرتا الأرجية وفرط التحسس عن كونهما نمطين خاصين من أنماط الاستجابة المناعية المتطرفة.

الأرجية

تنجم ظاهرة الأرجية وفرط التحسس العاجل hypersensibilité immediate كما أشير في البدء عن التأثير المتبادل بين المستضد (المستأرج) وبين أحد صفوف الغلوبلين المناعي، وخاصة IgE الذي يتثبت على سطح الخلايا البدينة أوالأسسه، مسبباً تحرر الهيستامين الذي كان يوجد داخل هذه الخلايا. وقد قدمت الظاهرتان في تعريف واحد لأن الأرجية تدرس الآن على أنها شكل خاص من أشكال فرط التحسس العاجل. ولا بد من التأكيد حتى تحرر الهيستامين والمواد الوسيطة الأخرى في الاستجابة المناعية السوية المتوازنة هوعمل دفاعي يسهم في

"الگلوبولينات المناعية وخصائصها"
الگلوبلين المناعي IgG1 IgG2 IgG3 IgG4 IgM IgA1 IgA2 SIgA IgD IgE
السلسلة الثقيلةاگاما 1 غاما 2 غاما 3 غاما 4 ميو الفا 1 الفا 2 الفا 1 أوالفا 2 دلتا ابسيلون
متوسط الهجريز في المصل (ميكروغرام/ميلي لتر) 9 3 1 0.5 1.5 3.0 0.5 0.05 0.03 0.0005
ثابت التثفل (مقدراً بالوحدة س) 7 7 7 7 19 7 7 11 7 8
الوزن الجزيئي (كيلودالتون) 146 146 170 146 970 60 160 385 184 188
الوزن الجزيئي للسلسلة الثقيلة 51 51 60 61 65 56 52 25-56 69.7 72.5
السكريات (%) 2-3 2-3 2-3 2-3 12 7-11 7-11 7-11 9-14 12



التخلص من المستضد ومن تأثيراته المسقمة (في حالة الخمج بالجراثيم مثلاً). أما في الأرجية وفرط التحسس العاجل فإن الاستجابة المناعية تكون عنيفة، وتُحرر، بالتالي، كمية كبيرة من الهيستامين والأمينات الأخرى الفاعلة وعائياً.

توجد الأرجية في نحوعشرة بالمئة من السكان، وتنجم إما عن غبار الطلع لعدد من النباتات، وإما عن الغبار المنزلي (الذي يحوي مفصليات أرجل دقيقة جداً تدخل الجسم عن طريق التنفس)، وإما عن وبر الثدييات أورياش الطيور. كما يمكن حتى تكون الأغذية مصدراً للأرجية لدى بعض الأفراد. ويتطلب حدوث الاستجابة المناعية الأرجية دخول المستأرج الجسم في المرة الأولى، مما يسبب تحسيس الفرد نحوهذا المتسأرج، أي إذا الخلايا البائية تصطنع الغلوبلين المناعي (IgE)E. الذي يصبح في الدم، فيرتبط عندئذ بسطح الخلايا البدينة أوالأسسة. ولدى دخول المستأرج الجسم في المرة الثانية يحدث التفاعل الأرجي.

ولأن التماس الأول مع المستأرج يسبب تشكل الغلوبلين المناعي E (التحسيس) فلقد صُمم اختبار من قبل الباحث أوفاري Ovary عام 1964 للكشف في ثدييات المخبر عن وجود IgE فعال نحومستأرج معين. وتؤخذ، في هذا الاختبار، كمية معينة من مصل أحد الثدييات (الفأر مثلاً) الذي يحتوي على IgE نوعي نحومستضد معين، وتحقن تحت جلد الجرذ.

ويتم في اليوم التالي حقن الجرذ عن طريق الوريد (بعيداً عن مكان الحقن الأول) بمحلول المستضد نفسه والذي أضيف إليه صباغ أزرق ايفانbleu d,Evans. وحيثما يلتقي المستضد بالغلوبلين المناعي E، الذيقد يكون عادة مثبتاً على سطح الخلايا البدينة للجلد، وخاصة في منطقة الحقن الأولى، يتم تحرر السيروتونين sérotonine والمواد الوسيطة الأخرى. وتسبب هذه المواد توسع الأوعية الدموية وزيادة نفوذيتها، مما يؤدي إلى تسرب جزيئات الصباغ من الشعريات الدموية في منطقة الحقن الأولى إلى النسج المحيطة، فتظهر عندئذ بقعة زرقاء. ويتناسب قطر البقعة الزرقاء مع كمية IgE التي حُقنت تحت الجلد. ولقد أطلق على هذا الاختبار تفاعل التأق الجلدي المنعمل reaction d,anaphylaxie cutanée passive (لأن الأضداد أتت من خارج الجسم). إذا هذا التفاعل على درجة عالية من الحساسية، ويمكن الكشف بوساطته عن نانوغرام واحد فقط (1×10 –9 غرام) من IgE.

أما في الإنسان، فيستخدم تفاعل بروسنيتز - كوستنر الذي يماثل أساساً تفاعل التأق الجلدي المنعمل. تُؤخذ في هذا الاختبار كمية محددة وتُحقن تحت الجلد في فرد متطوع لا أرجي. وإثر انقضاء يوم أويومين، يحقن المستضد في منطقة الحقن الأولى، فإذا كان الضد IgE موجوداً في المصل الذي حقن أولاً، فإن المسقط الجلدي ينتفخ محمراً، ويأخذ شكل دولاب. وهذا ما يعهد أيضاً بتفاعل الدولاب والحُمامى reaction de roue d,érythéme، ويعبّر قطر الدولاب كما هي الحال في تفاعل أوفاري، تعبيراً دقيقاً عن هجريز الضد IgE الذي حقن في المرة الأولى.

أما فيما يتعلق بآلية حدوث الاستجابة المناعية الأرجية، فتمر في طورين اثنين: طور التحسس، وطور فرط التحسس. ويمكن تلخيص الآلية الجزئية للأرجية على النحوالتالي:

ينتهي وصول المستأرج إلى الدم إلى ارتباطه بمستقبل نوعي على سطح إحدى الخلايا البائية.

كما تأخذ هذا المستأرج إحدى البلعميات بالالتقام الخلوي، وتحلمهه، وتعرض مكونه الاستضدادي الاستمناعي على سطحها، مقروناً إلى بروتين الصف الثاني لمعقد التوافق النسيجي CMH، أي بروتين HLA-D. تتعهد عندئذ إحدى الخلايا التائية هذا المعقد، وتتحول إلى خلية تائية مساعدة، تُفَعِّل الخلية البائية التي صادفت المستأرج. تنقسم هذه الخلية عدداً من المرات، وتفرز الخلايا المصورية (البلاسمية) المشتقة منها الضد IgE النوعي للمستأرج. إذا جزيء الضد هذا يرتبط بمنطقته الثابتة بمستقبلات خاصة على سطح الخلية البدينة أوالأسسة، وهذا هوطور التحسيس.

وعندما يدخل المستأرج الجسم من جديد، فإن جميع جزيء منه يرتبط بجزيئين من IgE مثبتين على سطح الخلية البدينة أوالأسسة.

ويثير هذا الارتباط سلسلة من التفاعلات، تنتهي بتمزق الحويصلات الموجودة داخل هذه الخلايا، وتحرر محتوياتها من الهيستامين والمواد الوسيطة الأخرى. وتعهد هذه الظاهرة بزوال تحبحب dégranulation الخلايا البدينة. وهذا هوطور فرط التحسس. ويمثل الشكل ثلاثة آلية حدوث الاستجابة المناعية الأرجية.

ولا بد من الإشارة إلى حتى الدراسات الوبائية قد أظهرت وجود استعداد وراثي للإصابة بالأرجية. فلقد اتضح حتى احتمال إصابة الأبناء المنحدرين من أبوين أرجيين هوقرابة ضعف الاحتمال الموجود لدى أبناء منحدرين من أبوين أحدهما أرجي، وإن هذا الاحتمال الأخير هوضعف الاحتمال الموجود لدى أفراد منحدرين من أبوين كلاهما غير أرجي.

فرط التحسس

ينجم فرط التحسس عن استجابة مناعية متطرفة. فعندما يتعرض المرء لمستضد كان قد تعرض له مسبقاً تحدث استجابة مناعية، تكون عادة سوية متوازنة، وظيفتها الدفاع عن الجسم.


ولكن يحدث في بعض الأحيان حتىقد يكون التفاعل المناعي عنيفاً، فيؤدي عندئذ إلى تلف نسيجي، تتوافق أهميته ومدى إفراط الاستجابة المناعية. وهذا ما يحدث عندماقد يكون هجريز المستضد مرتفعاً، أوعندماقد يكون مستوى الحالة المناعية الخلطية والخلوية عالياً. ووفقاً للدراسات التي قام بها كومبس Coombs وغيل Gell عام 1975 يمكن تصنيف حالات فرط التحسس في الأنماط الأربعة التالية (الشكل 4):


النمط الأول: فرط التحسس العاجل hypersensibilité immediate، وتشكل الأرجية الظاهرة الرئيسة في هذا النمط.

النمط الثاني: فرط التحسس السام للخلايا المنوط بالضد hypersensibilité cytotoxique dépendant d,anticorps

النمط الثالث: فرط التحسس ذوالمعقد المناعي hypersensibilité à le complexe immun.

النمط الرابع: فرط التحسس الآجل hypersensibilité retardée وفيما يلي الملامح الأساسية لكل نمط من هذه الأنماط.

1ـ فرط التحسس العاجل: تمثل ظاهرة الأرجية الجانب الأساسي في فرط التحسس العاجل.

والتأثير الضار للاستجابة المناعية المتطرفة غالباً ماقد يكون محدوداً، بيد حتى هناك فرط تحسس عاجل، يتناول الجسم بكامله، ينتهي بالمصاب إلى الموت. ولقد لوحظت ظاهرة فرط التحسس العاجل الكامل هذه، أول ما لوحظت، في خنزير الهند (القبيعة) cobaye. فإذا حُقن هذا الحيوان بمقدار ميلي غرام واحد من مستضد بروتيني ما، كألبومين البيض مثلاً، فإن الحيوان لا يبدي أية ردود عمل مناعية ظاهرية، أما إذا كُرر الحقن بعد انقضاء أسبوعين أوثلاثة على الحقن الأول، فإن القبيعة التي تم تحسيسها بالحقن الأول (طور التحسيس، يرجع إلى الأرجية) ترد رداً عنيفاً، ويحدث فيها تأق تام فتعاني من أزيز ربوي wheezing حاد، وتموت بعد بضع دقائق اختناقاً نتيجة التضيق الشديد في المجاري التنفسية، وينجم هذا التضيق عن التقلص العنيف للعضلات الملس. ويرافق ذلك توسع واضح في الأوعية الشعرية الدموية (طور فرط التحسس).

وتحدث هذه الأعراض نتيجة زوال تحبحب الخلايا البدينة والأسسة، وتحرر كميات كبيرة من الهيستامين، والأمينات الأخرى الفاعلة وعائياً amines vasoactives ويمكن القول إذا فرط التحسس العاجل هوتفاعل أرجي تام ومبالغ فيه.

2ـ فرط التحسس السام للخلايا المنوط بالضد: يمكن تعريفه بأنه استجابة مناعية يستهلها تفاعل ضد نوعي مع مستضد خلوي أونسيجي وتنتهي هذه الاستجابة بتدمير الخلايا الهدف والنسج المحيطة بها. إذا الاستجابة المناعية تحدث إذن بسبب وجود خلايا أونسج غريبة، تعمل بروتينات أغشيتها مستضدات.

كما حتى تدمير هذه العناصر اللاذاتية يحتاج إسهام المتممة complément، أوخلايا مستعملة cellules effectrices، كالقاتلات الطبيعية NK والعدلات neutrophiles، والبلاعم، والوحيدات monocytes ويبدوإسهام هذه العناصر اللاخلوية (المتممة) والخلوية أمراً بديهياً إذا عهد حتى الاستجابة المناعية موجهة نحوخلايا ونسج (كالخلايا الطافرة والطفيليات - دودة البلهارسيا مثلاً - والأعضاء المزروعة)، ليس ضد جزيئات بروتينية منحلة.

إن القطاعين الثابتين الثاني والثالث من السلسلة الثقيلة للجزيء، واللذين يعهدان بالرمزين CH2 وCH3، ويشكلان جذع حرف Y. إذا هذين القطاعين يحملان مستقبلاً نوعياً للمتممة، ومستقبلاً نوعياً آخر للوحيدات، وربما للقاتلات الطبيعية والعدلات أيضاً. وتحدث عملية تدمير الخلايا الغريبة عندما يتم تفعيل المتممة أوالخلايا المستعملة المشار إليها آنفاً بارتباطها بالمستقبل النوعي في جزيء الضد المقترن بالمستضد، يؤدي هذا التفعيل إلى حل lysis غشاء الخلية الهدف، أوحرقها بالجذور الغنية بفوق الأكاسيد. ويلخص الشكلخمسة آلية تأثير المتممة في ظاهرة فرط التحسس القاتل للخلايا المنوط بالضد (النمط الثاني).

والمتممة هي جملة أنظيمات بروتينية تشاهد في مصل الدم السوي، وتتحد مع المعقد المستضدي - الضدي antigen- antibody.

تتألف المتممة من تسعة مركبات يرمز إلى جميع واحد منها بالحرف C وتعطي أرقاماً متسلسلة من C1 حتى C9. وتنقسم C1 إلا ثلاثة أقسام هي: C1S وC1r وC1q.

تحل جملة المتممة الخلايا التي تم تحسيسها بالضد النوعي فتسبب حل الجراثيم والكريات الحمر، كما أنها تقوي تأثير التفاعل بين المستضد والضد. إذا أي ضد من صنف IgG أوIgM قادر على تفعيل activation العامل الأول C1 وهذا بدوره يفعِّل C4 وC2 وهما يعملان C3 وهوالعامل الموجود بمقادير أوفر من سواه في مصل الدم. ثم تتعمل العوامل التالية واحداً بعد آخر بالترتيب الرقمي ليتم تفعيل الجملة بكاملها.

تنشطر جزيئات C3 المعملة إلى C3a الذي ينطلق وC3b الذي يبقى متصلاً بالمستضد. يقوم C3a بعمل ذيفان متئق anaphylatoxine فيسبب انطلاق الهيستامين وسائر الكينينات Kinins فيحدث توسعاً وعائياً وازدياداً في نفوذية الأوعية وتقبضاً في القصبات. كما أنه يجتذب كثيرات النوى وسائر الخلايا الالتهابية إلى مكان التفاعل الالتهابي بآلية كيمياوية.

أما الجزيء C3b فيتحد مع C1 وC4 وC2، على سطح الخلية المستهدفة target ويحرض على التصاق البلاعم وكثيرات النوى بها، ومن ثم بلعمة المعقدات المناعية.

ويكون عمل C5 وC6 وC7 اجتذاب كثيرات النوى وسائر الخلايا الالتهابية إلى مكان التفاعل الالتهابي. ويحدث تفعيل C8 وC9 تخرب الغشاء الخلوي إذا جرى التفاعل على جرثومة أوكرية حمراء.

3ـ فرط التحسس ذوالمعقد المناعي:

من المعروف حتى يتم في جميع مرة يلتقي فيه ضد بمستضده تشكل معقد مناعي يتخلص الجسم منه عادة بخلايا الجهاز البطاني الشبكي. ولكن يحدث في بعض الحالات حتى يثير تشكل هذا المعقد تفاعل فرط التحسس. وهذا هوفرط التحسس ذوالمعقد المناعي. ويمكن تصنيف الحالات السقمية التي تنجم عن فرط التحسس هذا في مجموعات ثلاث: ففي المجموعة الأولى عندماقد يكون هناك خمج مزمن، كالتهاب الشغاف الذي تسببه المكورات العقدية من النمط الفا الحالّة للدم أوالمكورات العنقودية، أوكالبرداء paludisme، التي تسببها المتصورة النشيطة plasmodium vivax أوالتهاب الكبد الحُمَوي (الفيروسي) المنشأ hépatite virale فإن استمرار وجود العامل الخمجي المترافق مع استجابة مناعية ضعيفة، يؤدي إلى تشكل معقدات مناعية تترسب تدريجياً في النسج المصابة.

وفي المجموعة الثانية، تنجم عن بعض الأمراض ذات المعقدات المناعية مضاعفات تزيد من حدة عدد من أمراض المناعة الذاتية maladies auto- immunes. ذلك حتى التشكل المستمر لأضداد موجهة باستمرار إلى تكوّن معقدات مناعية. ولأن البلاعم والبلعميات الأخرى المسؤولة عن التقام الأجسام الغريبة، تكون مثقلة بهذه المعقدات. فإن هذه الجزيئات تترسب في النسج المعنية. وهذه هي حالة الذَّأَب الحُمامي المنتشر lupus érythémateux disséminé (LED).

وفي المجموعة الثالثة، يمكن حتى تتشكل المعقدات المناعية بوجود مستضدات «خارجية المنشأ»، وهذا ما يحدث في الرئتين مثلاً نتيجة الاستنشاق المتكرر لمستضدات نباتية أوفطرية أوحيوانية المنشأ، ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة في الأسناخ الرئوية الأرجية بمستأرج خارجي المنشأ، وذك كما هي الحال في رئتي مفرطي التدخين، أوالفلاحين الذين يتعرضون باستمرار للكلأ الرطب إذ تتشكل في دمائهم أضداد مضادة لعدد من الفطور، أومربي الطيور الذين يستنشقون باستمرار حُمات (فيروسات) طيرية. إذا الأضداد التي تتشكل ضد هذه المستضدات ليست IgE الذي يسبب عادة فرط التحسس العاجل (النمط الأول)، إنما هي IgG بصورة أساسية.

وبديهي، وفقاً لما سبق، حتى يسبب فرط التحسس ذوالمعقد المناعي التهاب النسج التي تصبح مكاناً لترسب هذا المعقد، وغالباً ما ينجم هذا الالتهاب عن تفعيل بروتيني المتممة C3 وC5 (يرجع إلى النمط الثاني من فرط التحسس).

ويتضمن هذا التفعيل شطر جميع من المركبين C3 وC5 إلى بترة كبيرة هي C3b أوC5b، وبترة صغيرة هي C3a، أوC5a. وتتمتع البترتان C3a وC5a بخاصتين أساسيتين: فهما ذيفان مُتئق، وجاذب كيماوي chimiotactique. إذا وجود هذين البروتينين في نسيج ما يسبب تحرر الأمينات الفاعلة وعائياً amines vasoactives من الخلايا البدينة ومن الأسسات، مما يؤدي إلى ازدياد النفوذ الوعائي وتوارد عدد كبير من متعددات النوى. إذا توضع المعقد المناعي في النسيج المعني يجعل التقامها من قبل متعددات النوى التي انجذبت إلى ذلك الموضع أمراً صعباً.

ويدفع هذا الوضع بمتعددات النوى لتحرر أنظيمات جسيماتها الحالّة في النسيح المصاب، مما يؤدي في نهاية الأمر إلى تكوّن آفة نسيجية تنكسية.

ويمكن دراسة تفاعل أرتوس reaction d,Arthus طرازاً تجريبياً لفرط التحسس ذي المعقد المناعي، الذي يُعد ارتكاساً موضعياً ينجم عن وجود مستضد خارجي المنشأ.

ويعمد عملياً إلى إيضاح تفاعل أرتوس في منطقة محددة من الجسم تحتل جدار وعاء دموي وجزءاً من المنطقة المحيطية بهذا الجدار، وغالباً ما يبرهن على حدوث هذا التفاعل في الجلد. ويتم عادة تحسيس حيوان التجربة بإعطائه جرعات منتظمة من المستضد حتى يرتفع هجريز الضد القابل للترسب، وخاصة الغلوبلين المناعي (IgG) G ارتفاعاً واضحاً، وحينما يحقن المستضد تحت الجلد يحدث تفاعل التهابي، يبلغ ذروته في أربعة إلىعشرة ساعات (وسطياًخمسة إلىستة ساعات). وتتشكل في منطقة الحقن وذمة يتناسب حجمها وكمية المستضد المحقونة. وغالباً ما يترافق هذا التشكل مع حدوث نزف داخلي. ويتراجع التفاعل تدريجياً، ولا تظل منه إلا آثار محدودة بعد 24ساعة.

لقد بينت الدراسات التي استخدمت فيها تقنية التألق المناعي immunofluorescence حتى المستضد، والضد، والمتممة تترسب كلها على جدار الوعاء الدموي المعني، ويعقب هذا الترسب اجتياح متعددات النوى تلك المنطقة، مما يؤدي إلى تكدس الصفيحات، التي قد تسبب، في الحالات المتطرفة، انسداد الوعاء، وحدوث نخر خلوي. ويتم بعد مضي مدة تراوح بين 24 و48 ساعة على عملية الحقن الاستعاضة عن عديدات النوى بعدد مماثل من وحيدات النوى، ترافقها أحياناً بعض الخلايا المصورية (البلاسمية). ولقد أوضحت هذه الدراسات أيضاً حتى تفعيل المتممة شرط أساسي لحدوث تفاعل أرتوس، وأن غياب عديدات النوى يجعل التفاعل مقتصراً على وذمة متوسطة الحجم غير مترافقة مع نزف داخلي.

إن شدة التفاعل، كما هومتسقط، ترتبط بنسبة الضد إلى المستضد، إذ حتى كمية المعقدات المتشكلة طالما تعادل هجريز عنصري التفاعل تكون أعلى مما لوكانت هنالك زيادة في الضد، أوزيادة في المستضد. ويكون التفاعل في الحالتين الأخيرتين كلتيهما أقل حدة.

4ـ فرط التحسس الآجل: بناء على التصنيف الذي وضعه كومبس وغيل فإن ظاهرة فرط التحسس الآجل (فرط التحسس ذي الوساطة الخلوية hypersinsibilité à mediation cellulaire) تضم جميع حالات فرط التحسس التي يحتاج ظهور الأعراض فيها أكثر من اثنتي عشرة ساعة، خلافاً لأنماط فرط التحسس الثلاثة السابقة، فإن فرط التحسس الآجل لا يمكن نقله من حيوان إلى آخر بوساطة المصل إنما يمكن نقله بالخلايا التائية، التي تؤدي، على ما يبدو، دوراً بارزاً في فرط التحسس الآجل.

ويجمع المؤلفون على أنه يمكن وضع حالات فرط التحسس الآجل كافة في أربع مجموعات، تضم الثلاث الأولى منها حالات فرط التحسس التي يحتاج ظهور الأعراض فيها إلى مدة تراوح بين 12 و72 ساعة بعد دخول المستضد الجسم.

أما في المجموعة الرابعة فإن ظهور الأعراض يحتاج أسابيع. ولكن على الرغم من هذا التصنيف، الذي اتُخذ فيه زمن ظهور الأعراض معياراً أساسياً، فإن فرط التحسس الذي يصيب الأفراد غالباً ما تدخل أعراضه في أكثر من مجموعة، كما يمكن للمستضد الواحد حتى يثير فرط تحسس يمكن تصنيف مراحله في مجموعتين مختلفتين، تتعاقبان الواحدة إثر الأخرى.

المجموعة الأولى: فرط تحسس جونس موت: تظهر أعراض هذه المجموعة إثر انقضاء مدة 24 ساعة حداً أقصى على التعرض للمستضد.

ويمكن إحداث فرط تحسس جونس موت بالقبيعة بحقن مستضد بروتيني، كألبومين البيض ovalbumine مثلاً مع مساعد فروند غير التام adjuvant incomplet de Freund (الذي هوزيت معدني خاص) في الجلد. وتظهر أول أعراض فرط التحسس عندئذ إثر انقضاء نحوعشرة ساعات، وتبلغ ذروتها بعد 14 ساعة.ويتميز فرط تحسس جونس موت باجتياح الأسسات لأدمة منطقة الحقن. أما إذا حقنت القبيعة بالمستضد ذاته إنما مع مساعد فروند التام adjuvant complet de Freund (الذي هوخلاصة الجراثيم المتطفرة ممزوجة بالزيت المعدني) فتظهر عندئذ أعراض التفاعل السليني (المجموعة الثالثة)، وتجتاح المنطقة كريات بيض، لا تشكل الأسسات إلا جزءاً بسيطاً من مجموعها (خلافاً لفرط تحسس من نمط آخر يشبه كثيراً التفاعل السليني، وتظهر أعراضه متأخرة نسبياً، إذا ما حقنت القبيعة بألبومين البيض ممزوجاً مع مساعد فروند غير التام، ومن ثم عولج الحيوان بمادة السيكلوفوسفاميد cyclophosphamide.

يتضح مما تجاوز حتى مستضداً محدداً يمكن، إذا ما حقن بشروط مختلفة، حتى يسبب ظهور أعراض مجموعتين على الأقل من المجموعات الأربع لحالات فرط التحسس الآجل.

المجموعة الثانية: فرط تحسس التماس: يُتفق عامة على حتى الحد الأدنى للزمن اللازم لظهور الأعراض الناجمة عن فرط تحسس التماس هو48ساعة، وتصل الأعراض ذروتها إثر انقضاء 72 ساعة، على التعرض للمستضد، وتتميز هذه المجموعة سريرياً بحدوث إكزيمة (نملة) eczéma في منطقة التماس. ويشكل معدن النيكل ومادة الأكريليك، وكلاهما يدخلان في بنية الكاوتشوك، المحسس الأساس في أوربة، في حين تشكل أشجار السماق والسنديان السامة المصدر الرئيس للمستأرج في الولايات المتحدة الأمريكية.

ولأن جزيئات هذه المواد لا تثير بمفردها استجابة مناعية بسبب صغر وزنها الجزيئي، فقد أمكن البرهان على حتى هذه المواد وبعد دخولها الجسم عن طريق الجلد، ترتبط بأحد بروتينات الذات (الجسم)، بروابط تكافئية أولاتكافئية.

وغالباً ما يحدث هذا الارتباط بالزمرة الأمينية (NH2) للحمض الأميني الليزين الموجود في البروتين. عندئذ فقط يصبح المستأرج مستمنعاً، وتستطيع عندئذ التائيات حتى تميز هذا المعقد المقترن والمؤلَّف من المستأرج والبروتين الحامل له، تميزه ككل تمييزاً نوعياً. وعلى ما يبدو، فإن ارتباط المستأرج بالبروتين الحامل يغير من الشكل الفراغي لهذا البروتين، إذ تستطيع التائيات تمييز بروتين الذات بعد حتى اقترن بالمستأرج. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه أمكن التوصل إلى هذه المعلومات عن طريق استخدام المستأرج الثنائي نيتروالكلوروبنزين dinitrochlorobenzéne.

المجموعة الثالثة: فرط التحسس السليني: كان كوخ Koch (مكتشف العصية السلية) أول من وصف فرط التحسس السليني، فقد لاحظ حتى حقن مادة السلين tuberculine، وهي بروتين شحمي يستخلص من العصيات السلية، تحت الجلد يثير، لدى السقمى بالسل، تفاعلاً حمياً وتوعكاً عاماً. ويرافق هذا التفاعل تشكل جسوء induration وورم في نقطة الحقن وقد عثر فيما بعد حتى مستضدات عدة قابلة للانحلال بالماء، استخلصت من المتفطرة السلية Mycobacterium tuberculosis والمتفطرة الجذامية Mycobacterium leprae، والليشمانية الاستوائية Leishmania tropica، تستطيع حتى تثير تفاعلاً مماثلاً لدى أفراد محسسين نحوهذه المستضدات (أي تعرضوا مسبقاً للخمج بهذه العوامل المسقمة). وغالباً ما يستخدم هذا التفاعل الجلدي اختباراً لفهم احتمال حتىقد يكون الفرد قد تجاوز وتعرض للخمج بجرثوم معين.

كما اتضح من الدراسات التي أجريت في هذا النطاق حتى مستضدات غير جرثومية تستطيع إحداث التفاعل السليني. ولا بد من الإشارة هنا إلى حتى السل والجذام يعدان سقمين من أمراض فرط التحسس ذي الورم الحبيبي.

أما التغيرات الخلوية - النسيجية التي ترافق حدوث هذا التفاعل، فإن منطقة الحقن تصبح، بعد انقضاء مدة 24 ساعة، مشحونة بالخلايا الوحيدة النواة، التيقد يكون نصفها تقريباً من اللمفويات، والنصف الآخر من البلاعم.

ويلاحظ في منطقة التفاعل لدى الإنسان ندرة متعددات النوى. ويزداد عدد اللمفويات بعد انقضاء 48 ساعة، إذ تتوضع بغزارة بين الألياف الضامة. أما نسبة البلاعم فتتناقص تدريجياً.

وعلى الرغم من حتى التفاعل يصل في هذه الفترة ذروته، فإن تحوله من النمط السليني إلى النمط الحبيبي أمر غير بعيد الاحتمال، ذلك حتى هذا التحول يعتمد على استمرار وجود المستضد.

وتجدر الإشارة أخيراً إلى حتى التفاعل السليني لا يتميز بوجود عدد كبير من الأسسات في منطقة الحقن.

المجموعة الرابعة: فرط التحسس ذوالورم الحبيبي: لأن فرط التحسس ذا الورم الحبيبي مسؤول عن معظم التأثيرات السقمية التي تشتمل على استجابة مناعية خلوية (وساطة التائيات) à médiation cellulaire T، فإن هذا النمط من فرط التحسس يعد، من الناحية السريرية، أبرز أنماط فرط التحسس الآجل. وينجم فرط التحسس ذوالورم الحبيبي عن استمرار وجود مستضد ما - غالباً ماقد يكون أحد الأحياء المجهرية - في البلاعم التي لا تستطيع تدميره (أي حلمهة مكوناته). وقد ينجم فرط التحسس ذوالورم الحبيبي هذا عن استمرار وجود المعقد المناعي، كما هي الحال في الأسناخ الرئوية الأرجية.

الجدول 2 خصائص مجموعات فرط التحسس الآجل

المجموعة جونس - موت التماس

السليني الورم الحبيبي

زمن التفاعل 24ساعة 48ساعة 48ساعة 4أسابيع

المظاهر السريرية تورم الجلد إكزيمة جسوء موضعي وورم قد يترافق مع حمى جسوء جلدي

المظاهر النسيجية الأسسات واللمفيات ووحيدات النوى وحيدات النوى، تشكل وذمة، احتقان الأدمة وحيدات النوى واللمفيات والوحيدات، ندرة متعددات النوى خلايا ظهرانية ورمية، خلايا عملاقة، بلاعم نخر خلوي، تليف

المستضد المستضدات المحقونة في الجلد، كالبومين البيض تماس جلدي مع النيكل والمطاط مثلاً أشجار السماق والسنديان السامة حقن السلين في الجلد. مستضد المتفطرات السلية والجذامية والليشمانيات استمرار وجود المستضد أوالمعقد المناعي ضمن البلاعم، أوالمادة اللااستضدادية كالطلق مثلاً


وتؤدي الظاهرة إلى تشكل ورم حبيبي granulome، يتألف من خلايا ظهرانية èpithelioide. وعلى الرغم من حتى المظهر النسيجي لفرط التحسس ذي الورم الحبيبي يختلف اختلافاً واضحاً عما يحدث في التفاعل السليني، فإن كليها يمكن حتى يحدثا نتيجة تحسيس الجسم بمستضد واحد، كالمتفطرة السلية أوالمتفطرة الجذامية مثلاً. وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن لأرجية الزركونيوم حتى تؤدي إلى تشكل ورم حبيبي مناعي المنشأ يشبه الورم ذا الأصل الجرثومي. كما يمكن تحريض تشكل الورم الحبيبي بمواد ليست استضدادية، كالطلق talc، مثلاُ، ذلك حتى البلعميات لا تستطيع تفكيك هذه المادة. ويمكن تمييز هذا الورم الحبيبي اللامناعي بغياب اللمفيات من منطقة الآفة. وعلى الرغم من حتى جميع حالات فرط التحسس ذي الورم الحبيبي تتميز بوجود الخلايا الظهرانية فإن أصل هذه الخلايا لا يزال مجهولاً، ويرجع البعض أنها مشتقة من البلعميات المفعَّلة. ويلاحظ أيضاً في فرط التحسس ذي الورم الحبيبي وجود خلايا لانغرهانس Langerhans.

وتشتمل هذه الخلايا العملاقة على عدة نوى محيطية التوضع، وعلى حويصلات تحتل المنطقة الموجودة تحت الغشاء الخلوي مباشرة، وعلى عدد من المتضمنات inclusions، كما تحوي هذه الخلايا شبكة هيولية داخلية reticulum endoplasmique ضامرة، وتبدوالمصورات الحيوية (الكوندريوم) فيها، وكذلك الجسيمات الحالة، كأنها تعاني من التنكس.

ويمكن لهذا التنكس حتى يزداد، مؤدياً إلى تخرب البنية الخلوية بأكملها، وحدوث النخر الخلوي المترافق مع التليف.

ويلخص (الجدول 2) الخصائص الأساسية لمجموعات فرط التحسس الآجل الأربع.


المصادر

  • الموسوعة المعهدية الكاملة
  • الموسوعة العربية

أنظر أيضا

  • Allergic inflammation
  • Basophil activation
  • Allergen
  • Hypersensitivity
  • فرط الحساسية
  • IgE
  • Immunoglobulin
  • Multiple chemical sensitivity (MCS)
  • Oral allergy syndrome
  • إرتكاريا
  • وشم طبي

مراجع

وصلات خارجية

  • American College of Allergy, Asthma and Immunology
  • American Academy of Allergy, Asthma & Immunology
  • Asthma and Allergy Foundation of America – patient advocacy organization
  • Allergy & Asthma Network Mothers of Asthmatics
  • American Board of Allergy and Immunology – ABAI establishes qualifications and examines physicians to become recognized specialists in allergy and immunology in the U.S.
تاريخ النشر: 2020-06-07 19:11:51
التصنيفات: علم الحساسية, علم المناعة, أمراض جلدية, طب الرئة, جهاز مناعي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

23 ديسمبر.. الرويشد يتقدم نجوم "ليلة من بد الليالي" في موسم الرياض

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:25:26
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 66%

الرئيس السيسى يلتقى وزير الدفاع الأمريكى بمقر البنتاجون

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:22:25
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 46%

موعد مباراة الزمالك والبنك الأهلى فى الدوري والقناة الناقلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:22:27
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 40%

17% زيادة التأمين الصحي السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:24:15
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 58%

تنبيه من منظمة الصحة العالمية إلى “خدعة” في حليب الرضع

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 06:15:26
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 39%

100 مليون دولار.. أغلى قطع ماس فى العالم (فيديو)

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:22:31
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 41%

الأرجنتين ترد ثلاثية كرواتيا بعد 1460 يوماً - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:24:12
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 56%

انطلاق مهرجان "فيست للطعام السعودي" في الرياض السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:24:17
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 50%

دوري روشن يعود بصراع القاع - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:24:13
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

انقطاع مياه الشرب اليوم ولمدة 12 ساعة عن 7 مناطق بمصر الجديدة للصيانة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:22:26
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 44%

الأهلي يخشى العين - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:24:12
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

ملخص وأهداف مباراة منتخب فرنسا ضد المغرب فى نصف نهائي كأس العالم

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:22:35
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 35%

تويتر تعلق حسابًا وهميًٍا تعقب طائرة إيلون ماسك

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:25:35
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 61%

ملك المغرب يحيي الركراكي ولاعبيه رغم الخسارة أمام فرنسا

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-15 03:24:00
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 92%

تحميل تطبيق المنصة العربية