قروض التحايل
استعمال الخديوي اسماعيل الحيلة للحصول على المال
لم تكد تنتهي حفلات القناة حتى أخذ معين المال ينضب في الخزانة ، وكان إسماعيل مقيداً بما أشترطه في قرضه السابق ، وهوعدم الاقتراض لمدة خمس سنوات ، فضلاً عن أنه خرج من حفلات القناة وقد ألقي في روع ضيوفه الأوربيين حتى خزائن مصر تفيض بالمال ، وفي الواقع حتى مظاهر هذه الحفلات وما أنفق عليها من الملايين ، لا تدع مجالاً للشك في ذلك فلم يجد من الائق ولا من السائغ حتى يمد يده إلي البيوت المالية ويطلب قرضاً جديداً. ولكنه كان في حاجة إلي المال ، فابتكر له وزيره المفتش طريقة خطرة اتبعها في صيف سنة 1869، وهي أنه باع التجار الإفرنج مقادير كبيرة من بذر القطن، تربوعلى خمسمائة ألف أردب، قبض ثمنها نقداً، ووعد بتسليمها بعد خمسة أشهر، أي بعد جني محصول القطن الجديد. ولما انقضى الميعاد اتضح حتى الحكومة باعت ما لديها من محصول القطن مرة ثانية وقبضت ثمنه ، وقد سويت هذه الفضيحة بأن طلبت الحكومة من التجار حتى يبيعوها بثمن 78 قرشاً ما اشتروه منها بثمن 71 ، واتفقوا علي حتى تدفع لهم القيمة إفادات مالية تسري عليها فوائد 12% سنوياً، أي حتى ربحهم بلغ 18% سنوياً. وتكررت هذه العملية غير مرة في سنوات عدة، فقد تبين للجنة التحقيق الأوربية سنة 1878 حتى الحكومة كانت تبيع للتجار الأجانب غلالاً ليست في حوزتها ولا ينتظر حتى تحوزها ، وتتسلم الثمن فوراً ، فإذا اتى موعد تسليم الغلال اشترتها من ذات التاجر الذي باعته إياها ودفعت ثمنها أوراقاً وسندات على الخزانة ، مع فوائد لا تقل عن 18% أو20%. ولا تحتسب الفوائد علي المبلغ الأصلي الذي أخذته من التاجر ، بل علي المبلغ التالي المقدر ثمناً لغلاله، وناهيك بما يصيب الحكومة من جراء هذه العمليات من الخسائر الفادحة.
مراجع
- عبد الرحمن الرافعي (عصر اسماعيل)
- أحمد الحتة (تاريخ مصر الإقتصادي)
- جمال حمدان (عبقرية مصر)