عمر بن عبد العزيز

عودة للموسوعة

عمر بن عبد العزيز

عمر بن عبد العزيز
ثامن خلفاء بني أمية
الخلفية الأموي في دمشق
العهد 717–720
سبقه سليمان بن عبد الملك
تبعه يزيد بن عبد الملك
Born 2 نوفمبر 682 (26 صفر، 63 هـ)
المدينة المنورة، (السعودية حالياً)
Died فبراير 720 (16 رجب، 101 هـ)
حلب، سوريا
Full name
عمر بن عبد العزيز
الأسرة بنوأمية
الأسرة بنوعبد شمس
الأب عبد العزيز بن مروان
الأم أم عاصم بنت عاصم
الديانة الإسلام

عمر بن عبد العزيز (و680م - ت. 720م)، هوسابع الخلفاء الأمويين، خامس الخلفاء الراشدين من حيث المنظور السني ومسماه بالكامل عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، ولد عمر بحلوان قرية بمصر وأبوه أمير عليها 61هـ- وقيل 63هـ للهجرة.

الخلافة الإسلاميّة

بعد حتى تُوفيّ الرسول صلى الله عليه وسلّم تم اختيار أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه ليكون خليفةً للمسلمين، لتنظيمِ أمور الدولة ورِعايتها، ثمّ تمّ اختيار عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بعد وفاةِ الخليفةِ أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه، وبعد حتى تُوفّي عمر بن الخطّاب رضي الله عنه سقط اختيار المسلمين على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليقود الأمّة، ومن بعدِه تولى الخِلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وسمي هؤلاء الخلفاء بالخلفاء الراشدين. Volume 0% بعد موت الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه انتهت الخِلافة الراشديّة، وبدأت الخِلافة الأمويّة؛ حيث تسلّم الخلافة معاوية بن أبي سفيان، ثم استلم الخِلافة يزيد بن معاوية، ثم معاوية بن يزيد، ومن بعده عبد الملك بن مروان، ومن بعده استلم الخلافة الوليد بن عبد الملك، ومن بعده استلم الخلافة سليمان بن عبد الملك، واتى بعده الخليفة عمر بن عبد العزيز

تميزت خلافة عمر بن عبد العزيز بعدد من المميزات، منها: العدلُ والمساواة، وردُّ المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها، وعزلُ جميع الولاة الظالمين ومعاقبتُهم، كما أعاد العمل بالشورى، ولذلك عدّه كثير من الفهماء خامس الخلفاء الراشدين، كما اهتم بالعلوم الشرعية، وأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف. استمرت خلافة عمر سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، حتى قُتل مسموماً سنة 101هـ، فتولى يزيد بن عبد الملك الخلافة من بعده.

وفي عهده إنتشر الفهم وكثرت المساجد التي تفهم القرآن، وفي عهده القصير أوقف الحرب مع جيرانه ووسع العمل داخل دولته (البنية التحتية للدولة) كالشوارع والطرقات والممرات الآمنة ودور المياه ودور الطعام (التكايا) والمدارس ونسخ الخط والترجمة والتعريب ونقل الفهم والإستفادة من الجيران بسلم دون حرب وإلى غير ذلك من الأعمال الخيرة حتى نادىه المؤرخون بخامس الخلفاء الراشدين.


نسبه وأسرته

خلفاء بني أمية، ويظهر عمر بن عبد العزيز في وسط اليسار
  • هو: أبوحفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الأموي القرشي المدني ثم المصري.
  • والده: هوعبد العزيز بن مروان بن الحكم، كان من خيار أمراء بني أمية، بقي أميراً على مصر أكثر من عشرين سنة. ولما أراد الزواج نطق لقيّمه: «اجمع لي أربعمائة دينار من طيب مالي، فإني أريد حتى أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح»، فتزوج أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب (وقيل اسمها ليلى).
  • أمه: أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. ووالدها: أبوعمروعاصم بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، ولد في أيام النبوة وحدّث عن أبيه، وكان طويلاً جسيماً من نبلاء الرجال، ديِّناً خيِّراً صالحاً، وكان بليغاً فصيحاً شاعراً. وأمه: هي جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأنصاريّة.

وأما جدته لأمه فقد كان لها موقف مع عمر بن الخطاب، فعن عبد الله بن الزبير بن أسلم عن أبيه عن جده أسلم نطق:

«بينما أنا وعمر بن الخطاب رضوان الله عليه وهويَعُسّ (العُس: تقصّي الليل عن أهل الريبة) بالمدينة إذ أعيا، فاتكأ على جانب جدار في جوف الليل، فإذا امرأة تقول لابنتها: «يا بنتاه، قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء»، فنطقت لها: «يا أمتاه، أوما فهمت ما كان من أمير المؤمنين اليوم؟»، نطقت: «وما كان من عزمته يا بنية؟»، نطقت: «إنه أمر منادياً فنادى حتى لا يشاب اللبن بالماء»، فنطقت لها: «يا بنتاه، قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء، فإنك بموضع لا يراك عمر ولا منادي عمر»، فنطقت الصبية لأمها: «يا أمتاه، والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء»، وعمر يسمع جميع ذلك، فنطق: «يا أسلم، عَلِّم الباب واعهد الموضع»، ثم مضى في عسه. فلما أصبحا نطق: «يا أسلم، امض إلى الموضع فانظر من القائلة ومن المقول لها، وهل لهم من بعل؟»، فأتيت الموضع فنظرت، فإذا الجارية أيِّم لا بعل لها، وإذا تيك أمها وإذا ليس بها رجل، فأتيت عمر فأبلغته، فنادى عمر ولده فجمعهم فنطق: «هل فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوجه؟»، فنطق عاصم: «يا أبتاه، لا زوجة لي فزوجني»، فبعث إلى الجارية فزوجها من عاصم، فولدت لعاصم بنتاً، وولدت البنت عمر بن عبد العزيز.»

إخوته: كان لعبد العزيز بن مروان (والد عمر بن عبد العزيز) عشرة من الولد، وهم: عمر وأبوبكر ومحمد وعاصم، وهؤلاء أمهم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، وله من غيرها ستة وهم: الأصبغ وسهل وسهيل وأم الحكم وزيّان وأم البنين. وعاصم هومن تُكنى به والدته ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فكنيتها أم عاصم.

مولده ونشأته

مولده

ولد عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة سنة 61هـ، وقد اختلف المؤرخون في سنة ولادته، والراجح أنه ولد عام 61هـ، وهوقول أكثر المؤرخين، ولأنه يؤيد ما يُذكر من أنه توفي وعمره أربعون سنة، حيث توفي عام 101هـ.

وتذكر بعض المصادر أنه ولد بمصر، وهذا القول ضعيف لأن أباه عبد العزيز بن مروان إنما تولى مصر سنة 65هـ بعد استيلاء مروان بن الحكم عليها من يد عامل عبد الله بن الزبير، فولّى عليها ابنه عبد العزيز، ولم يُعهد لعبد العزيز بن مروان إقامة بمصر قبل ذلك، وإنما كانت إقامته وبني مروان في المدينة، وذكر المضىي أنه ولد بالمدينة زمن يزيد.


نشأته

ولد عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة ونشأ بها، ثم صار أميراً عليها سنة 87هـ
بسم الله الرحمن الرحيم

هذه الموضوعة جزء من سلسلة:

نشأ عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة، فلما شب وعقل وهوغلام صغير كان يأتي عبد الله بن عمر بن الخطاب لمكان أمه منه، ثم يرجع إلى أمه فيقول: «يا أمه، أنا أحب حتى أكون مثل خالي»، يريد عبد الله بن عمر، فتؤفف به ثم تقول له: «اغرب، أنت تكون مثل خالك»، وتكرر عليه ذلك غير مرة. فلما كبر سار أبوه عبد العزيز بن مروان إلى مصر أميراً عليها، ثم خط إلى زوجته أم عاصم حتى تقدم عليه وتقدم بولدها، فأتت عمها عبد الله بن عمر فأفهمته بكتاب زوجها عبد العزيز إليها، فنطق لها: «يا ابنة أخي، هوزوجك فالحقي به»، فلما أرادت الخروج نطق لها: «خلفي هذا الغلام عندنا (يريد عمر) فإنه أشبهكم بنا أهل البيت»، فخلفته عنده ولم تخالفه، فلما قدمت على عبد العزيز اعترض ولده فإذا هولا يرى عمر، فنطق لها: «وأين عمر؟»، فأبلغته خبر عبد الله وما سألها من تخليفه عنده لشبهه بهم، فسرّ بذلك عبد العزيز، وخط إلى أخيه عبد الملك يخبره بذلك، فخط عبد الملك حتى يجري عليه ألف دينار في جميع شهر، ثم قدم عمر على أبيه مسلِّماً. إلى غير ذلك تربى عمر بين أخواله بالمدينة المنورة من أسرة عمر بن الخطاب، ولا شك أنه تأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة.

وكان عمر بن عبد العزيز منذ صغره شديد الإقبال على طلب الفهم، وكان يحب المطالعة والمذاكرة بين الفهماء، كما كان يحرص على ملازمة مجالس الفهم في المدينة، وكانت يومئذ منارة الفهم والصلاح، زاخرةً بالفهماء والفقهاء والصالحين، وتاقت نفسه للفهم وهوصغير، وكان أول ما استبين من رشد عمر بن عبد العزيز حرصه على الفهم ورغبته في الأدب.

وجمع عمر بن عبد العزيز القرآن وهوصغير، وساعده على ذلك صفاء نفسه وقدرته الكبيرة على الحفظ وتفرغه الكامل لطلب الفهم والحفظ، وقد تأثر كثيراً بالقرآن الكريم، وكان يبكي لذكر الموت مع حداثة سنه، فبلغ ذلك أمه فأوفدت إليه ونطقت: «ما يبكيك؟»، نطق: «ذكرت الموت»، فبكت أمه حين بلغها ذلك.


طلبه للفهم

عاش عمر بن عبد العزيز في زمن ساد فيه مجتمعُ التقوى والإقبال على طلب الفهم، فقد كان عدد من الصحابة لا يزالون بالمدينة، فقد وقع عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والسائب بن يزيد، وسهل بن سعد، واستوهب منه قدحاً استهلك منه النبي محمد، كما أمّ بأنس بن مالك فنطق: «ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هذا الفتى».

تربى عمر بن عبد العزيز على أيدي كبار فقهاء المدينة وفهمائها، فقد اختار عبد العزيز (والد عمر) صالح بن كيسان ليكون مربياً لعمر، فتولى صالح تأديبه، وكان يُلزم عمر الصلوات المفروضة في المسجد، فحدث يوماً حتى تأخر عمر عن الصلاة مع الجماعة، فنطق له صالح بن كيسان: «ما يشغلك؟»، نطق: «كانت مرجّلتي (مسرحة شعري) تسكن شعري»، فنطق: «بلغ منك حبك تسكين شعرك حتى تؤثره على الصلاة؟»، فخط إلى عبد العزيز يذكر ذلك، فبعث أبوه رسولاً فلم يحدثه حتى حلق رأسه. ولمّا حج أبوه ومرّ بالمدينة سأل صالح بن كيسان عن ابنه فنطق: «ما خبرت أحداً الله أعظم في صدره من هذا الغلام». وكان يحرص على التشبه بصلاة النبي محمد أشد الحرص، فكان يُتمُّ الركوع والسجود ويخفِّف القيام والقعود، وفي رواية سليمة: أنّه كان يسبِّح في الركوع والسجود عشراً عشراً.

ومن شيوخ عمر بن عبد العزيز الذين تأثر بهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فقد كان عمر يجله كثيراً، ونهل من فهمه وتأدب بأدبه وتردد عليه حتى وهوأمير المدينة، ولقد عبّر عمر عن إعجابه بشيخه وكثرة التردد إلى مجلسه فنطق: «لَمجلسٌ من الأعمى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحب إليّ من ألف دينار». وكان يقول في أيام خلافته لمعهدته بما عند شيخه من فهم غزير: «لوكان عبيد الله حياً ما صدرت إلا عن رأيه، ولوددت حتى لي بيوم واحد من عبيد الله كذا وكذا». وكان عبيد الله مفتي المدينة في زمانه، وأحد الفقهاء السبعة، نطق عنه الزهري: «كان عبيد الله بن عبد الله بحراً من بحور الفهم».

ومن شيوخه أيضاً سعيد بن المسيب، وكان سعيد لا يأتي أحداً من الأمراء غير عمر. ومنهم سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب الذي نطق فيه سعيد بن المسيب: «كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به، وكان سالم أشبه ولد عبد الله به». وذات يوم ولج سالم بن عبد الله على الخليفة سليمان بن عبد الملك، وعلى سالم ثياب غليظة رثَّة، فلم يزل سليمان يرحب به، ويحمله حتى أقعده معه على سريره، وعمر بن عبد العزيز في المجلس، فنطق له رجل من أُخريات الناس: «ما استطاع خالك حتى يلبس ثياباً فاخرة أحسن من هذه يدخل فيها على أمير المؤمنين؟»، وعلى المتحدث ثياب سريَّة لها قيمة، فنطق له عمر: «ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك، ولا رأيت ثيابك هذه حملتك إلى مكان خالي ذاك».

وتربى عمر وتفهم على أيدي كثير من الفهماء والفقهاء، وقد بلغ عدد شيوخ عمر بن عبد العزيز ثلاثة وثلاثين؛ ثمانية منهم من الصحابة وخمسة وعشرون من التابعين.

في عهد الوليد بن عبد الملك

كان لعمر بن عبد العزيز أثر كبير في نصح الخلفاء وتوجيه سياستهم بالرأي والمشورة، إذ يحتل عمر مكانة متميزة في البيت الأموي، فقد كان عمه عبد الملك يجله ويعجب بنباهته أثناء شبابه، مما جعله يقدمه على كثير من أبنائه ويزوجه من ابنته، ولكن لم يكن له مشاركات في عهد عبد الملك بسبب صغر سنه واشتغاله بطلب الفهم في المدينة، ومع ذلك فقد أورد ابن الجوزي أنه خط إلى عبد الملك كتاباً يذكّره فيه بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، وقد اتى فيها:

«أما بعد، فإنك راعٍ، وكلٌّ مسؤولٌ عن رعيته، حدثنا أنس بن مالك أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: جميع راعٍ مسؤول عن رعيته، Ra bracket.png اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا Aya-87.png La bracket.png.»

وينطق بأن عبد الملك قد ولّى عمر بن عبد العزيز على "خناصره" ليتدرب على الأعمال القيادية في وقت مبكر، وينطق إذا سليمان بن عبد الملك هوالذي ولاه عليها. وقد تأثر عمر بن عبد العزيز لموت عمه عبد الملك وحزن عليه حزناً عظيماً، وقد خاطب عمر ابن عمه مسلمة بن عبد الملك فنطق له: «يا مسلمة، إني حضرت أباك لما دفن، فحملتني عيني عند قبره فرأيته قد أفضى إلى أمر من أمر الله راعني وهالني، فعاهدت الله ألا أعمل بمثل عمله إذا وليت، وقد اجتهدت في ذلك».

إمارته على المدينة المنورة

في ربيع الأول من عام 87هـ، ولّى الخليفة الوليد بن عبد الملك عمرَ إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91هـ، وبذلك صار والياً على الحجاز كلها. واشترط عمر لتوليه الإمارة ثلاثة شروط:

  • الشرط الأول: حتى يعمل في الناس بالحق والعدل ولا يظلم أحداً، ولا يجور على أحد في أخذ ما على الناس من حقوق لبيت المال، ويترتب على ذلك حتى يقل ما يحمل للخليفة من الأموال من المدينة.
  • الشرط الثاني: حتى يسمح له بالحج في أول سنة؛ لأن عمر كان في ذلك الوقت لم يحج.
  • الشرط الثالث: حتى يسمح له بالعطاء حتى يُخرجه للناس في المدينة.

فوافق الوليد على هذه الشروط، وباشر عمر بن عبد العزيز عمله بالمدينة، وفرح الناس به فرحاً شديداً.

وقام عمر بتكوين مجلس للشورى بالمدينة سمي بـ"مجلس فقهاء المدينة العشرة"، فعندما اتى الناس للسلام على أمير المدينة الجديد وصلّى بهم، نادى عشرة من فقهاء المدينة وهم: عروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبوبكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبوبكر بن سليمان بن أبي خيثمة، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، وأخوه عبد الله بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وخارجة بن زيد بن ثابت، فدخلوا عليه فجلسوا، فحمد الله وأثنى عليه بما هوأهله ثم نطق: «إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه، وتكونون فيه أعواناً على الحق، إني لا أريد حتى أبتر أمراً إلا برأيكم أوبرأي من جاء منكم، فإن رأيتم أحداً يتعدى، أوبلغكم عن عامل لي ظلامة، فأحرّج الله على من بلغه ذلك إلا أبلغني».

وفي إمارته على المدينة المنورة وسّع المسجد النبوي بأمر من الوليد بن عبد الملك، حتى جعله مئتي ذراع في مئتي ذراع، وزخرفه بأمر الوليد أيضاً، مع أنه كان يكره زخرفة المساجد.

وفي سنة 91هـ، أي في أثناء إمارته على المدينة المنورة، حج الخليفة الوليد بن عبد الملك، فاستقبله عمر بن عبد العزيز أحسن استقبال، وشاهد الوليد بأم عينيه الإصلاحات العظيمة التي حققها عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة.

عزله عن إمارة المدينة

ذكر ابن الجوزي حتى عمر بن عبد العزيز قد استعفى من المدينة، ففي سنة 92هـ عقد الخليفة الوليد لواء الحج للحجاج بن يوسف الثقفي ليكون أميراً على الحج، ولما فهم عمر بن عبد العزيز بذلك، خط إلى الخليفة يستعفيه حتى يمرَّ عليه الحجاج بالمدينة المنورة، لأن عمر بن عبد العزيز كان يكره الحجّاج ولا يطيق حتى يراه لما هوعليه من الظلم، فامتثل الوليد لرغبة عمر، وخط إلى الحجّاج: «إن عمر بن عبد العزيز خط إليَّ يستعفيني من ممرك عليه، فلا عليك حتى لا تمر بمن كرهك، فتنحّ عن المدينة».

وقد خط عمر بن عبد العزيز وهووالٍ على المدينة إلى الوليد بن عبد الملك يخبره عما وصل إليه حال العراق من الظلم والضيم والضيق بسبب ظلم الحجّاج وغشمه، مما جعل الحجّاج يحاول الانتقام من عمر، لاسيما وقد أصبح الحجاز ملاذاً للفارين من عسف الحجاج وظلمه، حيث خط الحجّاج إلى الوليد: «إن من قبلي من مُرّاق أهل العراق وأهل الثقاف قد جلوا عن العراق، ولجأوا إلى المدينة ومكة، وإن ذلك وهن»، فخط إليه يشير عليه بعثمان بن حبان، وخالد بن عبد الله القسري، وعزل عمر عبد العزيز.

وقد كان ميول الوليد لسياسة الحجّاج واضحاً، وكان يظن بأن سياسة الشدة والعسف هي السبيل الوحيد لتوطيد أركان الدولة، وهذا ما حال بينه وبين الأخذ بآراء عمر بن عبد العزيز ونصائحه، وقد أثبتت الأحداث فيما بعد حتى ما كان يراه عمر أفضل مما كان يسير عليه الوليد، وذلك بعد تولي عمر الخلافة وتطبيقه لما كان يشير به.

انتنطقه إلى دمشق

خرج عمر بن عبد العزيز من المدينة المنورة وهويبكي، ومعه خادمه مزاحم، فالتفت إلى مزاحم ونطق: «يا مزاحم، نخشى حتى نكون من نفت المدينة»، يشير بذلك إلى قول النبي محمد: «ألا إذا المدينة كالكير تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد».

وسار عمر حتى وصل السويداء، وكان له فيها بيت ومغرسة، فنزل فيها فأقام مدة يرقب الأوضاع عن بعد، ثم رأى حتى مصلحة المسلمين تقتضي حتى تكون إقامته في دمشق بجوار الخليفة، لعله بذلك يستطيع حتى يمنع ظلماً أويشارك في إحقاق حق، فانتقل إلى دمشق فأقام بها. ولم يكن عمر بن عبد العزيز على وفاق تام مع الخليفة الوليد بن عبد الملك، ولذلك فإن إقامته في دمشق بجوار الوليد لم تخلُ من مشاكل، فالوليد يعتمد في تثبيت حكمه على ولاة أقوياء قساة، يهمهم إخضاع الناس بالقوة وإن رافق ذلك كثير من الظلم، بينما يرى عمر حتى إقامة العدل بين الناس كفيل باستقرار الملك وائتمارهم بأمر السلطان، فكان يقول: «الوليد بالشام، والحَجّاج بالعراق، ومحمد بن يوسف (أخوالحجّاج) في اليمن، وعثمان بن حيان بالحجاز، وقرة بن شريك في مصر، امتلأت والله الأرض جوراً».

في عهد سليمان بن عبد الملك

في عهد سليمان تهيأت الفرص لعمر بن عبد العزيز بقدر كبير، فظهرت آثاره في مختلف الجوانب، فبمجرد تولي سليمان الخلافة قرّب عمرَ وأفسح له المجال واسعاً، حيث نطق: «يا أبا حفص، إنا ولينا ما قد ترى (ولم يكن بتدبيره فهم) فما رأيتَ من مصلحة العامة فمر به»، وجعله وزيراً ومستشاراً ملازماً له في إقامته وسفره. وكان سليمان يرى أنه محتاج له في صغيره وكبيره، فكان يقول: «ما هوإلا حتى يغيب عني هذا الرجل فما أجد أحداً يفقه عني». ونطق في موضع آخر: «يا أبا حفص، ما اغتممت بأمر ولا أكربني أمر إلا خطرت فيه على بالي».

حصار المسلمين للقسطنطينية سنة 98هـ، وهوالحصار الذي توفي سليمان بن عبد الملك وهويُديره، وتولى عمر بن عبد العزيز الخلافة والمسلمون مستمرون بالحصار.

وقد كان لعمر بن عبد العزيز أثر كبير على سليمان في إصدار عدد من القرارات النافعة، ومن أهمها: عزل ولاة الحَجّاج وبعض الولاة الآخرين، كوالي مكة خالد القسري، ووالي المدينة عثمان بن حيان، والأمر بإقامة الصلاة في وقتها، فقد أورد ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز: حتى الوليد بن عبد الملك كان يؤخر الظهر والعصر، فلما ولي سليمان خط إلى الناس عن رأي عمر: إذا الصلاة كانت قد أميتت فأحيوها. وهناك أمور أخرى أجملها المضىي بقوله: «مع أمور جليلة كان يسمع من عمر فيها».

وقدِم سليمان بن عبد الملك المدينة فمنح بها مالاً عظيماً، فنطق لعمر بن عبد العزيز: «كيف رأيت ما عملنا يا أبا حفص؟»، نطق: «رأيتك زدت أهل الغنى غنى وهجرت أهل الفقر بفقرهم». وخرج سليمان ومعه عمر إلى البوادي، فأصابه سحاب فيه برق وصواعق، ففزع منه سليمان ومن معه، فنطق عمر: «إنما هذا صوت نعمة، فكيف لوسمعت صوت عذاب؟»، فنطق سليمان: «خذ هذه المائة ألف درهم وتصدق بها»، فنطق عمر: «أوخير من ذلك يا أمير المؤمنين؟»، نطق: «وما هو؟»، نطق: «قوم صحبوك في مظالم لم يصلوا إليك»، فجلس سليمان فردّ المظالم.

وأقبل سليمان بن عبد الملك ومعه عمر على معسكر سليمان، وفيه الخيول والجمال والبغال والأثنطق والرجال، فنطق سليمان: «ما تقول يا عمر في هذا؟»، نطق: «أرى دنيا يأكل بعضها بعضاً، وأنت المسؤول عن ذلك كله»، فلما اقتربوا من المعسكر إذا غرابٌ قد أخذ لقمة في فيه من فسطاط سليمان وهوطائر بها ونعب نعبة، فنطق له سليمان: «ما تقول في هذا يا عمر؟»، فنطق: «لا أدري»، فنطق: «ما ظنك أنه يقول؟»، نطق: كأنه يقول: «من أين اتىت،يا ترى؟ وأين يمضى بها؟»، فنطق له سليمان: «ما أعجبك!»، فنطق عمر: «أعجب مني من عهد الله فعصاه، ومن عهد الشيطان فأطاعه».

ولما وقف سليمان وعمر بعهدة، جعل سليمان يعجب من كثرة الناس، فنطق له عمر: «هؤلاء رعيّتُك اليوم، وأنت مسؤول عنهم غداً»، وفي رواية: «وهم خصماؤك يوم القيامة»، فبكى سليمان ونطق: «بالله أستعين». وظل عمر بن عبد العزيز قريباً من سليمان طيلة مدة خلافته، يَحوطه بنصحه ويشاركه مسؤولياته.

مبايعته بالخلافة

اقترح الفقيه راتى بن حيوة الكندي على الخليفة سليمان بن عبد الملك في سقم موته حتى يولي عمر بن عبد العزيز، نطق ابن سيرين: «يرحم الله سليمان، افتتح خلافته بإحياء الصلاة، واختتمها باستخلافه عمر بن عبد العزيز، وكانت سنة وفاته سنة 99هـ، وصلى عليه عمر بن عبد العزيز، وكان منقوش في خاتمه: "أؤمن بالله مخلصاً"».

وتعددت الروايات في سيرة استخلاف سليمان لعمر، ومنها ما ذكره ابن سعد في طبقاته عن سهيل بن أبي سهيل نطق: سمعت راتى بن حيوة يقول: لما كان يوم الجمعة لبس سليمان بن عبد الملك ثياباً خضراً من خز، ونظر في المرآة فنطق: «أنا والله الملك الشاب»، فخرج إلى الصلاة يصلي بالناس الجمعة فلم يرجع حتى وعك، فلما ثقل خط كتاب عهده إلى ابنه أيوب، وهوغلام لم يبلغ، فقلت: «ما تصنع يا أمير المؤمنين،يا ترى؟ إنه مما يُحفظ به الخليفة في قبره حتى يستخلف الرجل الصالح»، فنطق سليمان: «كتاب أستخير الله فيه وأنظر، ولم أعزم عليه»، فمكث يوماً أويومين، ثم خرقه ثم نادىني، فنطق: «ما ترى في داود بن سليمان؟»، فقلت: «هوغائب بقسطنطينية، وأنت لا تدري أحي هوأم ميت»، نطق: «يا راتى فمن ترى؟»، فقلت: «رأيك يا أمير المؤمنين وأنا أريد حتى أنظر من يُذكر»، فنطق: «كيف ترى في عمر بن عبد العزيز؟»، فقلت: «أفهمه والله فاضلاً خياراً مسلماً»، فنطق: «هوعلى ذلك، والله لئن ولّيته ولم أولِّ أحداً من ولد عبد الملك لتكونن فتنة ولا يهجرونه أبداً يلي عليهم إلا حتى أجعل أحدهم بعده»، ويزيد بن عبد الملك غائب على الموسم، نطق: «فيزيد بن عبد الملك أجعله بعده، فإن ذلك مما يسكنه ويرضون به»، قلت: «رأيك»، فخط بيده:

«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز، إني وليته الخلافة من بعدي، ومن بعده يزيد بن عبد الملك، فاسمعوا له وأطيعوا، واتقوا الله ولا تختلفوا فيُطمع فيكم.»

وختم الكتاب، فأوفد إلى كعب بن حامد صاحب الشرطة حتى مُرْ أهل بيتي فليجتمعوا، فأوفد إليهم كعب فجمعهم، ثم نطق سليمان لراتى بعد اجتماعهم: «امضى بكتابي هذا إليهم، فأبلغهم أنه كتابي ومُرهم فليبايعوا من وليت». فعمل راتى، فلما نطق لهم ذلك راتى نطقوا: «سمعنا وأطعنا لمن فيه»، ونطقوا: «ندخل فنسلم على أمير المؤمنين»، نطق: «نعم»، فدخلوا فنطق لهم سليمان: «هذا الكتاب (وهويشير لهم وهم ينظرون إليه في يد راتى بن حيوة) هذا عهدي، فاسمعوا وأطيعوا وبايعوا لمن سميت في هذا الكتاب»، فبايعوا رجلاً، ثم خرج بالكتاب مختوماً في يد راتى ... نطق راتى: وأجلست على الباب من أثق به وأوصيته حتى لا يريم حتى آتيه، ولا يُدخل على الخليفة أحداً. فخرجت، فأوفدت إلى كعب بن حامد العنسي، فجمع أهل بيت أمير المؤمنين، فاجتمعوا في مسجد دابق فقلت: «بايعوا»، نطقوا: «قد بايعنا مرة ونبايع أخرى!»، قلت: «هذا أمير المؤمنين، بايعوا على ما أمر به، ومن سمى في هذا الكتاب المختوم»، فبايعوا الثانية رجلاً رجلاً، فلما بايعوا بعد موت سليمان رأيت أني قد أحكمت الأمر، قلت: «قوموا إلى صاحبكم فقد مات»، نطقوا: «إنا لله وإنا إليه راجعون»، وقرأت عليهم الكتاب، فلما انتهيت إلى ذكر عمر بن عبد العزيز نادى هشام: «لا نبايعه أبداً»، قلت: «أضرب والله عنقك، قم فبايع»، فقام يجر رجليه. وأخذت بضبعي عمر فأجلسته على المنبر، وهويسترجع لما سقط فيه، وهشام يسترجع لما أخطأه، فلما انتهى هشام إلى عمر نطق: «إنا لله وإنا إليه راجعون»، أي حين صار هذا الأمر إليك على ولد عبد الملك، فنطق عمر: «نعم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، حين صار إلي لكراهتي له».

خطبته الأولى بعد استخلافه

صعد عمر المنبر ونطق في أول لقاء له مع الأمة بعد استخلافه:

«أيها الناس، إني قد ابتُليت بهذا الأمر عن غير رأي كان مني فيه، ولا طلبة له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم.»

فصاح الناس صيحة واحدة: «قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك، فولِّ أمرنا باليمن والبركة»، وهنا شعر أنه لا مفر له من تحمل مسؤولية الخلافة، فأضاف قائلاً يحدد منهجه وطريقته في سياسة الأمة المسلمة:

أما بعد، فإنه ليس بعد نبيكم نبي، ولا بعد الكتاب الذي أنزل عليه كتاب، ألا إذا ما أحل الله حلال إلى يوم القيامة، ألا إني لست بقاضٍ ولكني منفّذ، ألا وإني لست بمبتدع ولكني متبع، ألا إنه ليس لأحد حتى يُطاع في معصية الله، ألا إني لست بخيركم، ولكني رجل منكم، غير حتى الله جعلني أثقلكم حملاً.
أيها الناس، من صحبنا فليصحبنا بخمس وإلا فلا يقربنا: يحمل إلينا حاجة من لا يستطيع حملها، ويعيننا على الخير بجهده، ويدلنا من الخير على ما نهتدي إليه، ولا يغتابن عندنا الرعية، ولا يعترض فيما لا يعنيه.
أوصيكم بتقوى الله، فإن تقوى الله خلف من جميع شيء وليس من تقوى الله عز وجل خلف، واعملوا لآخرتكم، فإنه من عمل لآخرته كفاه الله تبارك وتعالى أمر دنياه، وأصلحوا سرائركم، يصلح الله الكريم علانيتكم، وأكثروا من ذكر الموت، وأحسنوا الاستعداد قبل حتى ينزل بكم، فإنه هادم اللذات...
وإن هذه الأمة لم تختلف في ربها عز وجل، ولا في نبيها صلى الله عليه وآله وسلم، ولا في كتابها، وإنما اختلفوا في الدينار والدرهم، وإني والله لا أعطي أحداً باطلاً، ولا أمنع أحداً حقاً.

ثم حمل صوته حتى أسمع الناس فنطق:

يا أيها الناس، من أطاع الله وجبت طاعته، ومن عصى الله فلا طاعة له، أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم. وإن من حولكم من الأمصار والمدن، فإن هم أطاعوا كما أطعتم فأنا وليكم، وإن هم نقموا فلست لكم بوالٍ.

ثم نزل. إلى غير ذلك عُقدت الخلافة لعمر بن عبد العزيز في ذلك اليوم، وهويوم الجمعة لعشر خلون من صفر سنة 99هـ.

تنظيم الولايات

عندما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كان من أول أعماله إيقاف التوسع في المناطق النائية في أطراف الدولة، ومحاولة سحب القوات الإسلامية من مناطق القتال، وأول أعماله في هذا المضمار كان في القوات التي عُني الخليفة سليمان بحشدها وإنفاذها بقيادة أخيه مسلمة لفتح القسطنطينية، وظلت تحاصرها مدة سنتين لاقت فيها مصاعب كثيرة دون حتى تفلح في تحقيق هدفها، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، خط بقفل مسلمة بن عبد الملك من القسطنطينية، وقد كان سليمان أغزاه إياها برّاً وبحراً، فاشتد عليهم المقام وجاعوا حتى أكلوا الدواب من الجهد والجوع، حتى يتنح الرجل عن دابته فتبتر بالسوق، ولجّ سليمان في أمرهم، فكان ذلك يغم عمر، فلما ولي رأى أنه لا يسعه فيها بينه وبين الله عز وجل شيء من أمور المسلمين ثم يؤخر عمله ساعة، فذلك الذي حمله على تعجيل الكتاب، وقد وجه عمر بن عبد العزيز إلى مسلمة وهوبأرض الروم يأمره بالقفول منها بمن معه من المسلمين، فوجه إليهم خيلاً عتاقاً وطعاماً كثيراً وحث الناس على معونتهم، فكان الذي وجه إليه الخيل العتاق فيما قيل خمسمائة رأس.

خريطة توضح حجم الدولة الإسلامية في عهد عمر بن عبد العزيز

وفي الأندلس ولىّ عمر بن عبد العزيز السمح بن مالك الخولاني، وعهد إليه بإخلاء الأندلس من الإسلام إشفاقاً عليهم، إذ خشي تغلّب العدوعليهم لانقطاعهم من وراء البحر عن المسلمين. غير حتى السمح لم ير الانسحاب الكامل من الأندلس، فخط إلى الخليفة يقول: «إن الناس قد كثروا بها وانتشروا في أقطارها، فاضرب عن ذلك»، وأزال الأندلس عن عمالة أفريقية.

وفي المشرق، خط عمر بن عبد العزيز إلى عبد الرحمن والي خراسان يأمره بإقفال مَن وراء النهر من المسلمين بذراريهم، فأبوا ونطقوا: «لا تسعنا مرو(قاعدة خراسان)»، فخط إلى عمر بذلك، فخط إليه عمر: «اللهم إني قد قضيت الذي عليّ فلا تغزُ بالمسلمين، فحسبهم الذي فتح الله عليهم». وفي جبهة بلاد السند، خط عمر بن عبد العزيز إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام والطاعة على حتى يُملكهم، ولهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وقد كانت بلغتهم سيرته وممضىه، فأسلم جيشه والملوك، وتسموا بأسماء العرب، وكان عمروبن مسلم الباهلي عامل عمر على ذلك الثغر.

وفي أذربيجان، أغار الهجر على المسلمين، فقتلوا من المسلمين جماعة ونالوا منهم، فَوَجَّه إليهم عمر بن عبد العزيز حاتم بن النعمان الباهلي، فقتل أولئك الهجر، فلم يفلت منهم إلا اليسير، فقدم منهم على عمر بخناصرة خمسون أسيراً.

وفي سنة 100هـ، أغارت الروم في البحر على ساحل اللاذقية، فهدموا مدينتها وسَبَوْا أهلها، فأمر ببنائها وتحصينها. وفي 101هـ، أغزى عمر بن عبد العزيز الوليد بن هشام المعيطي، وعمروبن قيس الكندي من أهل حمص، وأمر بترحيل أهل طرندة وهم كارهون، وذلك لإشفاقه عليهم من العدو. وأراد حتى يهدم المصيصة لتعُّرضها لغارات الروم، ثم أمسك عن ذلك وبنى لأهلها مسجداً جامعاً من ناحية "كفرييا"، واتخذ فيه صهريجاً وكان اسمه عليه مكتوباً، وجعلها مركزاً متقدماً لدرء الخطر عن أنطاكية من غزوات الروم المتكررة.

وكان عمر حازماً شديداً في أخذ الحق والدفاع عنه، وهذا ما تشير إليه رواية ابن عبد الحكم، حيث يذكر أنه عندما أوفد الخليفة عمر بن عبد العزيز رسولاً إلى ملك الروم، وقصّ عليه سيرة رجل أسير في بلد الروم أجبر على هجر الإسلام واعتناق النصرانية، قائلين له: «إن لم تعمل سملت عينك»، فاختار دينه على بصره فسملت عيناه، فأوفد الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى ملك الروم ونطق له: «أقسم بالله لأن لم ترسله إلي لأبعثن إليك من الجنود جنوداًقد يكون أولهم عندك وآخرهم عندي»، فاستجاب ملك الروم لطلبه، وبعث بالرجل إليه.

إدارة الدولة

تميزت خلافة عمر بن عبد العزيز بعدد من المميزات، أهمها:

العدل

كان عمر بن عبد العزيز يرى حتى المسؤولية تتمثل بالقيام بحقوق الناس، والخضوع لشروط بيعتهم، وتحقيق مصلحتهم المشروعة، فالخليفة أجير عند الأمة وعليه حتى ينفذ مطالبها العادلة حسب شروط البيعة.

وقد أحب الاستزادة في فهم صفات الإمام العادل وما يجب حتى يقوم به ليتصف بهذه الخصلة، فخط إلى الحسن البصري يسأله عن ذلك، فأجابه الحسن:

«الإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده؛ يسعى لهم صغاراً، ويفهمهم كباراً، يخط لهم في حياته، ويدخرهم بعد مماته. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البّرة الرفيقة بولدها، حملته كرهاً، ووضعته كرهاً، وربته طفلاً، تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته، وتغتمّ بشكايته. والإمام العدل يا أمير المؤمنين وصيّ اليتامى وخازن المساكين، يربي صغيرهم. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كقلب بين الجوانح، تصلح الجوانح بصلاحه، وتفسد بفساده. والإمام العدل يا أمير المؤمنين هوالقائم بين الله وبين عباده، يسمع كلام الله ويُسمعهم، وينظر إلى الله ويريهم، وينقاد إلى الله ويقودهم. فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملَّكك الله كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله، فبدَّد وشرَّد العيال، فأفقر أهله وفرَّق ماله.»

وقد أحبّ عمر أهل البيت وأعاد إليهم حقوقهم، ونطق مرة لفاطمة بنت علي بن أبي طالب: «يا بنت علي، والله ما على ظهر الأرض أهل بيت أحبّ إليَّ منكم، ولأنتم أحب إليَّ من أهل بيتي».

ردّ المظالم

بدأ عمر بن عبد العزيز برد المظالم بنفسه، روى ابن سعد: لما رد عمر بن عبد العزيز المظالم نطق: «إنه لينبغي حتى لا أبدأ بأول من نفسي»، فنظر إلى ما في يديه من أرض أومتاع، فخرج منه حتى نظر إلى فص خاتم، فنطق: «هذا مما كان الوليد بن عبد الملك أعطانيه مما اتىه من أرض المغرب»، فخرج منه. وقد بلغ به حرصه على التثبت أنه نزع حلي سيفه من الفضة، وحلاه بالحديد، نطق عبد العزيز بن عمر: «كان سيف أبي محلى بفضة فنزعها وحلاه حديداً».

«إن الله بعث محمداً داعياً ولم يبعثه جابياً»
عمر بن عبد العزيز

وكان خروجه مما بيده من أرض أومتاع بعدة طرق كالبيع، فلما استخلف نظر إلى ما كان له من عبد، وإلى لباسه وعطره وأشياء من الفضول، فباع جميع ما كان به عنه غني، فبلغ ثلاثة وعشرين ألف دينار، فجعله في السبيل. أوعن طريق ردها إلى أصحابها الأصليين، وهذا ما عمله بالنسبة للقطائع التي أبتره إياها قومه، كما أرجع عمر للرجل المصري أرضه بحلوان بعد حتى عهد حتى والده عبد العزيز قد ظلم المصري فيها، وحتى الدار التي كان والده عبد العزيز قد اشتراها من الربيع بن خارجة الذي كان يتيماً في حجره، ردها عليه، لفهمه أنه لا يجوز اشتراء الولي ممن يلي أمره. ثم التفت إلى المال الذي كان يأتيه من جبل الورس باليمن، فرده إلى بيت مال المسلمين مع شدة حاجة أهله إلى هذا المال، كما أمر مولاه مزاحماً برد المال الذي كان يأتيه من البحرين جميع عام إلى مال الله.

وإذا كان عمر قد بدأ بنفسه في رد المظالم، فقد ثنّى ذلك بأهل بيته وبني عمومته من الأمويين، فقد رأى حتى الأمويين أدخلوا الكثير من مظاهر السلطان التي لم تكن موجودة على عهد النبي محمد أوخلفائه الراشدين، فأنفقوا الكثير من المال من أجل الظهور بمظاهر العظمة والأبهة أمام رعيتهم، وفوجيء بتلك الثياب الجديدة وقارورات العطر والدهن التي أصبحت له بحجة حتى الخليفة الراحل لم يصبها، فهي من حقه بصفته الخليفة الجديد، فأمر مولاه مزاحماً فور تقديم هذه الزينة له ببيعها، وضم ثمنها إلى بيت مال المسلمين.

ولقد كانت لعمر سياسة محددة في رد مظالم بني أمية، فحين وفد عليه أفراد البيت الأموي عقب انصرافه من دفن سليمان، وسألوه ما عودهم الخلفاء الأمويون من قبله، أراد عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز حتى يردهم عن أبيه، فنطق له عمر: «وما تبلغهم؟»، نطق: «أقول: أبي يقرئكم السلام ويقول لكم: Ra bracket.png قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ Aya-13.png La bracket.png»، ثم اتجه إلى أبناء البيت الأموي، فجمعهم وطلب إليهم حتى يُخرجوا ما بأيدهم من أموال وإقطاعات أخذوها بغير حق. ولم تمضِ سوى أيام معدودات حتى عثر بنوأمية أنفسهم مجردين إلا من حقهم الطبيعي المشروع.

درهم أموي يرجع إلى عهد عمر بن عبد العزيز
دينار أموي يرجع إلى عهد عمر بن عبد العزيز

وعندما عجز الرجال من بني أمية عن جعل عمر يخاف أويلين عن سياسته إزاءهم، لجأوا إلى عمته فاطمة بنت مروان، فلما دخلت عليه عظمها وأكرمها كعادته، وألقى لها وسادة لتجلس عليها، فنطقت: «إن قرابتك يشكونك ويذكرونك أنك أخذت منهم خير غيرك»، نطق: «ما منعتهم حقاً أوشيئاً كان لهم، ولا أخذت منهم حقاً أوشيئاً كان لهم»، فنطقت: «إني رأيتهم يتحدثون، وإني أخاف حتى يهيجوا عليك يوماً عصيباً»، فنطق: «كل يوم أخافه دون يوم القيامة فلا وقاني الله شره»، فنادى بدينار وجنب ومجمرة، فألقى ذلك الدينار بالنار، وجعل ينفح على الدينار فإذا احمرّ تناوله بشيء، فألقاه على الجمر فنشى وقتر، فنطق: «أي عمة، أما ترثين لابن أخيك من هذا؟»، ثم نطق: «إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم رحمة ولم يبعثه عذاباً إلى الناس كافة، ثم اختار له ما عنده وهجر للناس نهراً شربهم فيه سواء، ثم ولي أبوبكر وهجر النهر على حاله، ثم ولي عمر فعمل عملهما، ثم لم يزل النهر يستقي منه يزيد ومروان وعبد الملك وابنه الوليد وسليمان أبناء عبد الملك حتى أفضى الأمر إلي وقد يبس النهر الأعظم، فلم يُروَ أصحابه حتى يعود إلى ما كان عليه»، فنطقت: «حسبك، قد أردت كلامك، فأما إذا كانت منطقتك هذه فلا أذكر شيئاً أبداً»، فرجعت إليهم فأبلغتهم كلامه. واتى في رواية أنها نطقت لهم: «أنتم عملتم هذا بأنفسكم، تزوجتم بأولاد عمر بن الخطاب فاتى يشبه جده»، فسكتوا.

ومرة بعث إليه واليه على البصرة برجل اغتصب أرضه، فرد عمر هذه الأرض إليه ثم نطق له: «كم أنفقت في مجيئك إلي؟»، نطق: «يا أمير المؤمنين، تسألني عن نفقتي وأنت قد رددت علي أرضي وهي خير من مائة ألف؟»، فأجابه عمر: «إنما رددت عليك حقك»، ثم ما لبث حتى أمر له بستين درهماً تعويضاً له عن نفقات سفره. ونطق ابن موسى: «ما زال عمر بن عبد العزيز يردّ المظالم منذ يوم استخلف إلى يوم مات».

وذات يوم قدم عليه نفر من المسلمين وخاصموا روح بن الوليد بن عبد الملك في حوانيت، وقد قامت لهم البينة عليه، فأمر عمر روحاً برد الحوانيت إليهم، ولم يلتفت لسجل الوليد، فقام روح فتوعدهم، فردع رجل منهم وأبلغ عمر بذلك، فأمر عمر صاحب حرسه حتى يتبع روحاً، فإن لم يردّ الحوانيت إلى أصحابها فليضرب عنقه، فخاف روح على نفسه وردّ إليهم حوانيتهم. وردّ عمر أرضاً كان قوم من الأعراب أحيوها، ثم انتزعها منهم الوليد بن عبد الملك فأعطاها بعض أهله، فنطق عمر: نطق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له».

عزل جميع الولاة الظالمين

لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، عمد إلى جميع الولاة والحكام الظالمين فعزلهم عن مناصبهم، ومنهم خالد بن الريان صاحب حرس سليمان بن عبد الملك الذي كان يضرب جميع عنق أمره سليمان بضربها، وعين محله عمروبن مهاجر الأنصاري، فنطق عمر بن عبد العزيز: «يا خالد، ضع هذا السيف عنك، اللهم إني قد وضعت لك خالد بن الريان، اللهم لا تحمله أبداً»، ثم نطق لعمروبن مهاجر: «والله إنك لتفهم يا عمروإنه ما بيني وبينك قرابة إلا قربة الإسلام، ولكني سمعتك تكثر تلاوة القرآن، ورأيتك تصلي في موضع تظن ألا يراك أحد، فرأيتك حسن الصلاة، خذ هذا السيف قد وليتك حرسي».

وقد رأى عمر رجلاً كثير الصلاة، فأراد حتى يمتحنه ليوليه، فأوفد إليه رجلاً من خاصته فنطق: «يا فلان، إنك تفهم مقامي عند أمير المؤمنين، فمالي لوجعلته يوليك على أحد البلدان؟»، فنطق الرجل: «لك عطاء سنة»، فرجع الرجل إلى عمر وأبلغه بما كان من هذا الرجل، فهجره لأنه سقط في الاختبار.

وكان من ضمن من عزلهم عمر بن عبد العزيز: أسامة بن زيد التنوخي، وكان على خراج مصر، لأنه كان غاشماً ظلوماً يعتدي في العقوبات بغير ما أنزل الله عز وجل؛ فكان يبتر الأيدي في خلاف دون تحقق شروط البتر، فأمر به عمر بن عبد العزيز حتى يحبس في جميع جُنُد سنة، ويُقيّد ويُحلّ عنه القيد عند جميع صلاة ثم يُرد في القيد، فحبس بمصر سنة، ثم بفلسطين سنة، ثم توفي عمر وولي يزيد بن عبد الملك الخلافة، فردّ أسامة على مصر في عمله.

العمل بالشورى

اهتم عمر بن عبد العزيز بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته، ومن أقواله في الشورى: «إن المشورة والمناظرة باب رحمة ومفتاح بركة لا يضل معهما رأي، ولا يُفقد معهما حزم».

وقد تبين مبدأ الشورى في أول يوم من خلافته، حيث نطق للناس: «أيها الناس، إني قد ابتليت بهذا الأمر من غير رأي كان مني فيه، ولا طلبة له ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي»، فصاح الناس صيحة واحدة: «قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضينا بك، فولّ أمرنا باليمن والبركة». وبذلك خرج عمر من مبدأ توريث الولاية الذي تبناه معظم خلفاء بني أمية إلى مبدأ الشورى والانتخاب، ولم يكتف عمر باختياره ومبايعة الحاضرين، بل يهمه رأي المسلمين في الأمصار الأخرى ومشورتهم، فنطق في خطبته الأولى: «وإن من حولكم من الأمصار والمدن إذا أطاعوا كما أطعتم، وإن هم أبوا فلست لكم بوالٍ»، ثم نزل.

وقد خط إلى الأمصار الإسلامية فبايعت كلها، وممن خط لهم يزيد بن المهلب يطلب إليه البيعة بعد حتى أوضح له أنه في الخلافة ليس براغب، فنادى يزيد الناس إلى البيعة فبايعوا. وبذلك يتضح أنه لم يكتف بمشورة من حوله، بل امتد الأمر إلى جميع أمصار المسلمين.

وكان عمر يستشير الفهماء ويطلب نصحهم في كثير من الأمور، أمثال سالم بن عبد الله، ومحمد بن كعب القرطبي، وراتى بن حيوة، فنطق: «إني قد ابتليت بهذا الأمر فأشيروا عليّ». كما كان يستشير ذوي العقول الراجحة من الرجال، وقد حرص عمر على إصلاح بطانته لمّا تولّى الخلافة، فقرّب إلى مجلسه الفهماء وأهل الصلاح، وأقصى عنه أهل المصالح الدنيوية والمنافع الخاصة، وكان يوصيهم ويحثهم على تقويمه، فنطق لعمروبن مهاجر: «إذا رأيتني قد ملت عن الحق فضع يدك في تلبابي ثم هزني، ثم قل: يا عمر ما تصنع؟»، وقد كان لهذا المسلك أثر في تسليم سياسته التجديدية ونجاحها، حيث كان لبطانته أثر في شد أزره، وسداد رأيه وصواب قراره.

نشر الفهم بين الرعية

حرص عمر على نشر الفهم بين رعيته وتفقيههم في الدين وتعريفهم بالسنة، وقد ورد عنه أنه نطق في إحدى خطبه: «إن للإسلام حدوداً وشرائع وسنناً، فمن عمل بها استكمل الإيمان، ومن لم يعمل بها لم يستكمل الإيمان، فلأن أعِش أفهمكموها وأحملكم عليها، وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص». ونطق أيضاً: «فلوكان جميع بدعة يميتها الله على يدي وكل سنّة يُعيشها الله على يدي ببضعة من لحمي حتى يأتي آخر ذلك على نفسي كان في الله يسيراً»، وفي موضع آخر نطق: «والله لولا حتى أُنعش سُنّة أوأسير بحق ما أحببت حتى أعيش فواقاً».

ولهذا بعث عمر الفهماء لتعليم الناس وتفقيههم إلى مختلف أنطقيم الدولة وحواضرها وبواديها، وأمر عماله على الأنطقيم درس الفهماء على نشر الفهم، فقد اتى في كتابه الذي بعث إلى عماله: «ومُر أهل الفهم والفقه من جندك فلينشروا ما فهمهم الله من ذلك، وليتحدثوا به في مجالسهم»، ومما خط إلى بعض عماله: «أما بعد، فأمر أهل الفهم حتى ينشروا الفهم في مساجدهم، فإن السنة كانت قد أميتت».

كما أمر عماله حتى يُجروا الرواتب على الفهماء ليتفرغوا لنشر الفهم، وانتدب الكثير من الفهماء لتفقيه الناس في الدين، فبعث يزيد بن أبي مالك الدمشقي والحارث بن يمجد الأشعري يفقهان الناس والبدو. وذكر المضىي حتى عمر ندب يزيد بن أبي مالك ليفقه بني نمير ويقرئهم، وبعث نافع مولى ابن عمر إلى أهل مصر ليفهمهم السنن، وكان قد بعث عشرة من الفقهاء إلى إفريقية يفقّهون أهلها.

تدوين الحديث النبوي

نهى النبي محمد عن كتابة غير القرآن في أول الأمر؛ مخافة اختلاط غير القرآن به، واشتغال الناس عن كتاب ربهم بغيره، ثم اتى بعد ذلك الإذن النبوي بتدوين الحديث الشريف فنسخ الأمر، وصار الأمر إلى الجواز. وقد ثبت حتى كثيراً من الصحابة قد أباحوا تدوين الحديث وخطوه لأنفسهم، وخط طلابهم بين أيديهم، وأصبحوا يتواصلون بكتابة الحديث وحفظه.

ولعل طلائع التدوين الرقمي الرسمي للحديث النبوي، أي الذي قامت به جهة مسؤولة في الدولة الإسلامية، كان على يدي عبد العزيز بن مروان (والد عمر) عندما كان أميراً على مصر، بيد حتى التدوين الرقمي الذي آتى ثماره هوما قام به أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، وقد تجلى ذلك في إرشاداته لكتابة الفهم وتدوين الحديث، وأوامره للخاصة والعامة بذلك، فمن إرشاداته قوله: «أيها الناس، قيدوا الفهم بالشكر، وقيدوا الفهم بالكتابة».

وأصدر عمر أوامره إلى بعض الأئمة الفهماء بجمع سنن وأحاديث النبي محمد، وقد حمله على ذلك ما رآه عند كثير من التابعين في إباحة كتابة الحديث، وهم قد حملوا فهماً كثيراً، فخشي عمر على ضياعه، وخشي من فشوّ الوضع ودسّ الأحاديث المكذوبة وخلطها بالسليم من كلام النبي محمد، بسبب الخلافات الممضىية والسياسية، وإلى هذا يشير كلام الإمام الزهري: «لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها لا نعهدها، ما خطت حديثاً ولا أذنت في كتابه». ورأي الزهري هذا كان رأي كثير من أئمة ذلك العصر، حيث خافوا على الحديث النبوي من الضياع، واختلاطه بالمكذوب، مما حفز الفهماء على حفظ السنة بتدوينها، واتى رأي السلطة العليا ممثلاً بالخليفة عمر بن عبد العزيز، فاتخذ خطوة حاسمة بتدوين الحديث النبوي، وجعل من مسؤوليات الدولة حفظ السنة المطهرة.

خط عمر إلى الإمام أبي بكر بن حزم، وهوأمير المدينة وأفهم أهل زمانه بالقضاء، يأمره بذلك، ففي سليم البخاري: وخط عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: «انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاخطه، فإني خفت دروس الفهم وذهاب الفهماء، ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولتُفشوا الفهم، ولتُجلسوا حتى يفهم ما لم يفهم، فإن الفهم لا يهلك حتىقد يكون سراً». وروى ابن سعد عن عبد الله بن دينار نطق: خط عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن عمروبن حزم: «أن أنظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوسنّة ماضية أوحديث عمرة بن عبد الرحمن، فاخطه، فإني خفت دروس الفهم وذهاب أهله».

أولُ جامعِ الحديث والأثر ابن شهاب آمراً له عمر

جلال الدين السيوطي

كما وجه كتاباً بهذا الشأن إلى الإمام ابن شهاب الزهري، فقد ذكر ابن عبد البر عن ابن شهاب نطق: «أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فخطناها دفتراً دفتراً، فبعث إلى جميع أرض له عليها سلطان دفتراً». وروى أبوعبيد حتى عمر أمر ابن شهاب حتى يخط له السنّة في مصارف الزكاة الثمانية، فلبّى الزهري أمره، وخط له كتاباً مطوّلاً يوضح ذلك بالتفصيل. ومن هنا نطق ابن حجر العسقلاني: «وأول من دوّن الحديث ابن شهاب الزهري على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين الرقمي ثم التصنيف، وحصل بذلك خير كثير، فلله الحمد».

بل إذا عمر وجّه أوامرَه إلى أهل المدينة جميعاً يأمرهم ويحثهم على جمع الحديث، يشارك في هذا جميع من لديه فهم، ولوكان بضعة أحاديث، فقد خط عمر بن عبد العزيز إلى أهل المدينة: «أن انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاخطوه، فإني قد خفت دروس الفهم وذهاب أهله». ولم يقف عمر عند ذلك، بل عمَّمَ أوامره إلى جميع الأمصار في الدولة الإسلامية، ليقوم جميع عالم بجمع وتدوين ما عنده من الحديث، وروى: «انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاجمعوه واحفظوه، فإني أخاف دروس الفهم وذهاب الفهماء».

وفاته

اختلفت الروايات عن سبب سقم عمر بن عبد العزيز وموته، إذ تذكر بعض الروايات حتى سبب سقمه وموته هو«الخوف من الله تعالى والاهتمام بأمر الناس» كما روي عن زوجته فاطمة بنت عبد الملك، وكما ذكر ابن سعد في الطبقات عن ابن لهيعة.

لوحة على ضريح عمر بن عبد العزيز

إلا أنه قد ذكر سبب آخر لموته؛ وهوأنه سُقي السم، وذلك حتى بني أمية قد تبرموا وضاقوا ذرعاً من سياسة عمر التي قامت على العدل وحرمتهم من ملذاتهم وتمتعهم بميزات لا ينالها غيرهم، بل جعل بني أمية مثل أقصى الناس في أطراف دولة الإسلام، ورد المظالم التي كانت في أيديهم، وحال بينهم وبين ما يشتهون، فكاد له بعض بني أمية بوضع السم في شرابه، فقد رُوي أنهم وعدوا غلام عمر بألف دينار وأن يُعتق إذا هونفذ الخطة، فكان الغلام يضطرب حدثا همّ بذلك، ثم إنهم هددوا الغلام بالقتل إذا هولم يعمل، فلما كان مدفوعاً بين الترغيب والترهيب حمل السم فوق ظفره، ثم لما أراد تقديم الشراب لعمر قذف السم فيه ثم قدمه إلى عمر، فشربه ثم أحس به منذ حتى سقط في بطنه. وعن مجاهد نطق: نطق لي عمر بن عبد العزيز: «ما يقول الناس فيّ؟»، قلت: «يقولون إنك مسحور»، نطق: «ما أنا بمسحور»، ثم نادى غلاماً له فنطق له: «ويحك ما حملك على حتى تسقيني السم؟»، نطق: «ألف دينار أعطيتها وعلى حتى أعتق»، نطق: «هات الألف»، فاتى بها فألقاها عمر في بيت المال ونطق: «امضى حيث لا يراك أحد».

وتوفي عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رجب سنة 101هـ على أصح الروايات، واستمر معه السقم عشرين يوماً، وتوفي بدير سمعان من أرض معرة النعمان بالشام، بعد خلافة استمرت سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، وتوفي وهوابن تسع وثلاثين سنة وخمسة أشهر، وعلى أصح الروايات كان عمره لما توفي أربعين سنة.

واختلفت الروايات على مقدار هجرة عمر بن عبد العزيز حين توفي، ولكن الروايات متفقة على قلة الهجرة أوانعدامها، نطق ابن الجوزي: بلغني حتى المنصور نطق لعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضوان الله عليه: «عظني»، نطق: «مات عمر بن عبد العزيز رحمه الله، وخلف أحد عشر ابناً، وبلغت هجرته سبعة عشر ديناراً كفن منها بخمسة دنانير، وثمن موضع قبره ديناران، وقسم الباقي على بنيه، وأصاب جميع واحد من ولده تسعة عشر درهماً. ومات هشام بن عبد الملك وخلف أحد عشر ابناً، فقسمت هجرته، وأصاب جميع واحد من هجرته ألف ألف، ورأيت رجلاً من ولد عمر بن عبد العزيز قد حَمَلَ في يوم واحد على مائة فرس في سبيل الله عز وجل، ورأيت رجلاً من ولد هشام يُتصدق عليه».

أجمع المؤرخون حتى الخليفة عمر بن عبد العزيز دفن في دير سمعان المسيحي! يقول الفرزدق:

أقول لمَّـا نعى الناعـونَ لي عمراً      لقد نعيتم قَوَامَ الحقِّ والديـن
قد غَيَّبَ الرَّامِسون اليومَ إذ رَمَسوا بِديرِ سمعانَ قِسطاسَ المَوازِين ِ


وصيته لولي عهده يزيد بن عبد الملك

خط عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن عبد الملك وهوفي سقم الموت قائلاً:

بسم الله الرحمن الرحيم،
من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى يزيد بن عبد الملك،
السلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد، فإني خطت إليك وأنا دنف من وجعي، وقد فهمت أني مسؤول عما وليت، يحاسبني عليه مليك الدنيا والآخرة، ولست أستطيع حتى أخفي عليه من عملي شيئاً، يقول تعالى فيما يقول: «فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ» فإن يرضى عني الرحيم فقد أفلحت ونجوت من الهول الطويل، وإن سخط علي فيا ويح نفسي إلى ما أصير، أسأل الله الذي لا إله إلا هوحتى يجيرني من النار برحمته، وأن يَمُنّ علي برضوانه والجنة. وعليك بتقوى الله والرعيةَ الرعيةَ، فإنك لن تظل بعدي إلا قليلاً حتى تلحق باللطيف الخبير.


شخصيته

صفته الشكلية

كان عمر بن عبد العزيز أسمر رقيق الوجه أحسنه، نحيف الجسم، حسن اللحية، غائر العينين، بجبهته أثر نفحة دابة، وقد خطه الشيب. وقيل في صفته: إنه كان رجلاً أبيض دقيق الوجه، جميلاً، نحيف الجسم، حسن اللحية.

مكانته الفهمية

اتفقت حدثة المترجمين لعمر بن عبد العزيز على أنه من أئمة زمانه، فقد أطلق عليه جميع من الإمامين مالك وسفيان بن عيينة وصف إمام، ونطق فيه مجاهد: «أتيناه نفهمه فما برحنا حتى تفهمَّنا منه»، ونطق ميمون بن مهران: «كان عمر بن عبد العزيز مفهمَّ الفهماء»، ونطق فيه المضىي: «كان إماماً فقيهاً مجتهداً، عارفاً بالسنن، كبير الشأن، حافظاً، قانتاً لله أوَّاهاً منيباً، يعد في حسن السيرة والقيام بالقسط مع جده لأمه عمر، وفي الزهد مع الحسن البصري، وفي الفهم مع الزهري».

وقد احتج الفقهاء والفهماء بقوله وعمله، ومن ذلك رسالة الإمام الليث بن سعد إلى الإمام مالك بن أنس، وهي رسالة قصيرة، وفيها يحتج الليث مراراً بصحة قوله بقول عمر بن عبد العزيز على مالك فيما مضى إليه في بعض مسائله.

ويرد ذكر عمر بن عبد العزيز في خط الفقه للمذاهب الأربعة المتبوعة على سبيل الاحتجاج بممضىه، فاستدل الحنفية بصنيعه في كثير من المسائل، وجعلوا له وصفاً يتميَّز به عن جدّه لأمه عمر بن الخطاب، نطق القرشي في الجواهر المضيئة: «فائدة: يقول أصحابنا في خطهم في مسائل الخلاف: وهوقول عمر الصغير؛ يريدون به عمر بن عبد العزيز الإمام الخليفة المشهور». ويُكثر الشافعية من ذكره في خطهم، ولذلك ترجم له الإمام النووي ترجمة حافلة في كتاب "تهذيب الأسماء واللغات"، ونطق في أولها: «تكرر في المختصر والمهذب»، وهما من خط الفقه الشافعي.

وأما المالكية فيُكثرون من ذكره في خطهم أكثر من غيرهم، ومالك إمام الممضى ذكره في الموطأ في مواضع عديدة محتجاً بفتواه وقوله. وأما الحنابلة فكذلك يذكرونه كثيراً، وعمر هوالذي نطق فيه الإمام أحمد: «لا أدري قول أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز»، وكفاه هذا، ونطق الإمام أحمد أيضاً: «إذا رأيت الرجل يحب عمر بن عبد العزيز ويذكر محاسنه وينشرها فافهم حتى من وراء ذلك خيراً إذا شاء الله».

ألقابه

يرى المتتبع لأقوال الفهماء والمؤرخين إجماعاً تاماً على عدّ الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز المجدد الأول في الإسلام، وكان أول من أطلق عليه ذلك الإمام محمد بن شهاب الزهري، ثم تبعه على ذلك الإمام أحمد بن حنبل فنطق: «يروى في الحديث: إذا الله يبعث على رأس جميع مائة عام من يصحح لهذه الأمة أمر دينها، فنظرنا في المائة الأولى فإذا هوعمر بن عبد العزيز». ويقول ابن حجر العسقلاني: «إن إجماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير، ولا يلزم حتى جميع خصال الخير كلها في إنسان واحد، إلا حتى يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها، ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه، وأما من اتى بعده فالشافعي، وإن كان متصفاً بالصفات الجميلة إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل».

وكان عمر بن عبد العزيز يلقب بـ"الأشجّ" أو"أشجّ بني مروان"؛ وذلك لأنه عندما كان صغيراً ولج إلى اصطبل أبيه عندما كان والياً على مصر ليرى الخيل، فضربه فرس في وجهه فشجّه، فجعل أبوه يمسح الدم عنه ويقول: «إن كنت أشج بني أمية إنك إذاً لسعيد»، ولما رأى أخوه الأصبغ الأثر نطق: «الله أكبر! هذا أشج بني مروان الذي يملك». وذلك حتى عمر بن الخطاب كان يقول: «إن من ولدي رجلاً بوجهه أثر يملأ الأرض عدلاً»، فقد رأى عمر بن الخطاب رؤيا تشير إلى ذلك، وقد تكررت هذه الرؤيا لغير عمر حتى أصبح الأمر مشهوراً عند الناس، بدليل ما نطقه أبوه عندما رأى الدم في وجهه، وما نطقه أخوه عندما رأى الشج في وجهه، فكلاهما تفاءل لعله حتىقد يكون ذلك الأشج الذي يملأ الأرض عدلاً.

ويُذكر حتى عمر بن الخطاب رأى ذات ليلة رؤيا، وكان يقول: «ليت شعري من ذوالشين (أي العلامة) من ولدي الذي يملؤها عدلاً كما مُلئت جوراً؟»، فكان عبد الله بن عمر يقول: «إن آل الخطاب يرون حتى بلال بن عبد الله بوجهه شامة، فحسبوه المبشر الموعود، حتى اتى الله بعمر بن عبد العزيز».

زوجاته وذريته

لما توفي والد عمر بن عبد العزيز أخذه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان، فخلطه بولده، وقدمه على كثير منهم، وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك، وهي التي نطق فيها الشاعر:

بنت الخليفة والخليفة جدها أخت الخلائف والخليفة زوجها

ومعنى هذا البيت أنها بنت الخليفة عبد الملك بن مروان، والخليفة جدها مروان بن الحكم، وهي أخت الخلفاء: الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك ويزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك، والخليفة زوجها فهوعمر بن عبد العزيز، حتى قيل عنها: «لا نعهد امرأة بهذه الصفة إلى يومنا هذا سواها»، وقد ولدت له إسحاق ويعقوب وموسى.

ومن زوجاته: لميس بنت علي بن الحارث، وقد ولدت له عبد الله وبكر وأم عمار. ومنهن: أم عثمان بنت شعيب بن زيان، وقد ولدت له إبراهيم. وأما أولاده عبد الملك والوليد وعاصم ويزيد وعبد الله وعبد العزيز وزيان وأمينة وأم عبد الله، فأمهم أم ولد.

وكان لعمر بن عبد العزيز أربعة عشر ذكراً، منهم: عبد الملك وعبد العزيز وعبد الله وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وبكر والوليد وموسى وعاصم ويزيد وزيان وعبد الله، وبنات ثلاثة: أمينة وأم عمار وأم عبد الله، وقد اختلفت الروايات عن عدد أولاد عمر بن عبد العزيز وبناته، فبعض الروايات تذكر أنهم أربعة عشر ذكراً كما ذكره ابن قتيبة، وبعض الروايات تذكر حتى عدد الذكور اثنا عشر وعدد الإناث ست كما ذكره ابن الجوزي.

مأثورات

عادة يعين الحكام أشخاص لمراقبة رعيتهم. أنا أعين لتكون شاهداً علي وعلى سلوكي. إذا وجدتني مخطئا في حدثة أوتصرف أرشدني وأوقفني عن ذلك.

—عمر بن عبد العزيز

الآراء والمواقف حوله

نظرة أهل السنة والجماعة

يرى أهل السنة والجماعة حتى عمر بن عبد العزيز هوخامس الخلفاء الراشدين، وأنه مثال الحاكم العادل الزاهد الورع، ويرى بعضهم أنه هوالمجدد الأول في الإسلام، نطق عبد الملك الميموني: كنت عند أحمد بن حنبل، وجرى ذكر الشافعي، فرأيت أحمد يحمله، ونطق: «يُروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس جميع مائة سنة من يقرر لها دينها»، فكان عمر بن عبد العزيز رضوان الله عليه على رأس المائة، وأرجوحتىقد يكون الشافعي عل رأس المائة الأخرى».

ونطق الإمام المضىي في كتابه "سير أعلام النبلاء": «عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي: الإمام الحافظ العلامة المجتهد الزاهد العابد السيد، أمير المؤمنين حقاً، الخليفة الزاهد الراشد»، ونطق: «وكان من أئمة الاجتهاد، ومن الخلفاء الراشدين، رحمة الله عليه».

ونطق ابن كثير: «فنطق جماعة من أهل الفهم منهم أحمد بن حنبل، فيما ذكره ابن الجوزي وغيره: إذا عمر بن عبد العزيز كان على رأس المائة الأولى، وإن كان هوأولى مَن ولج في ذلك وأحق؛ لإمامته وعموم ولايته وقيامه واجتهاده في تطبيق الحق، فقد كانت سيرته شبيهة بسيرة عمر بن الخطاب، وكان كثيراً ما تشبَّه به».

نظرة الشيعة

يرى الشيعة الإثنا عشرية حتى عمر بن عبد العزيز (كغيره من الخلفاء) قد تبوّأ منصب الخلافة بغير حق، إذ هومنصب مقصور على أصحابه الشرعيين من أئمة أهل البيت حسب عقيدة الشيعة الإثنا عشرية، «فالجلوس في هذا المكان بحد ذاته يعد ذنباً عظيماً وإثماً كبيراً تهون عنده الذنوب الأخرى جميعها، بل يعد اغتصاب الخلافة الشرعية من أصحابها الشرعيين أس الذنوب الذي دارت عليه رحى الكبائر والموبقات إلى يوم القيامة، إلاّ ان لعمر بن عبد العزيز بعض المواقف التي كانت موضع التقدير، وأمّا من يعتبره خليفة راشداً عادلاً فهولاقد يكون إلاّ بحسب مبانيه في الخلافة التي تخالف مباني الشيعة الإمامية في الموضوع».

إلا حتى بعض الشيعة يرون حتى عهد عمر على قصر مدته كان متنفساً للمسلمين من اضطهاد قومه بني أمية، وأن هناك نقاط إيجابية من عصره، وأنه لما استخلف نطق: «يا أيها الناس، إني قد رددت عليكم مظالمكم، وأول ما أرد منها ما كان في يدي، وقد رددت فدك على ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وولد علي بن أبي طالب»، فكان أول من ردها. وأنه ألغى مرسوم معاوية بلعن علي بن أبي طالب في صلاة الجمعة (وقد أنكر أهل السنة هذا المرسوم من أساسه)، نطق اليعقوبي: «وهجر لعن علي بن أبي طالب على المنبر، وخط بذلك إلى الآفاق ... ومنح بني هاشم الخمس، ورد فدكاً وكان معاوية أبترها مروان فوهبها لابنه عبد العزيز فورثها عمر منه فردها على ولد فاطمة، فلم تزل في أيديهم حتى ولي يزيد بن عبد الملك فقبضها».

نظرة المسيحيون

يُذكر حتى عمر بن عبد العزيز قد منع من استعمال اليهود والمسيحيون في شيء من ولايات المسلمين وأمورهم، فقد خط إلى بعض عماله: «أما بعد، فإنه بلغني حتى في عملك محرراً نصرانياً يتصرف في مصالح الإسلام، والله تعالى يقول: Ra bracket.png يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ Aya-57.png La bracket.png، فإذا أتاك كتابي هذا فادع حسان بن زيد (يعني ذلك المحرر) إلى الإسلام، فإن أسلم فهومنا ونحن منه، وإن أبى فلا تستعن به ولا تتخذ أحداً على غير دين الإسلام في شيء من مصالح المسلمين»، فأسلم حسان وحسن إسلامه. كما أسقط عمر الجزية عن أهل الذمة الذين دخلوا الإسلام، وكان الخلفاء الأمويون من قبله يجبرونهم على دفعها، فقد خط عمر إلى حيان عامله على مصر باعتماد ذلك، فخط إليه حيان: «أما بعد يا أمير المؤمنين، فإنه إذا دام هذا الأمر (أي إسقاط الجزية عن المسلمين) في مصر أسلمت الذمة، وبطل ما يؤخذ منهم»، فأوفد إليه رسولاً ونطق له: «اضرب حيان على رأسه ثلاثين سوطاً أدباً على قوله، وقل له: من ولج في دين الإسلام فضع عنه الجزية، فوددت لوأسلموا كلهم، فإن الله بعث محمداً داعياً لا جابياً».

ولذلك نطق ميخائيل السرياني في صدد عمر بن عبد العزيز: «منذ توليه الحكم، أخذ عمر يسيء إلى المسيحيّين لسببين؛ أولاً: رغبة في تعظيم الشريعة الإسلاميّة، ثانياً: لفشل المسلمين في احتلال القسطنطينيّة. وكان يشدّد الخناق على المسيحيّين ليكرههم على اعتناق الإسلام، فأصدر قراراً يقضي بإعفاء من الجزية كلّ مسيحي يعتنق الإسلام، فأسلم الكثيرون، كما قرّر عدم قبول شهادة المسيحي على المسلم وعدم تولية مسيحي في أي مجال، كما منع المسيحيين من حمل أصواتهم في الصلاة، ومن لبس الأخضر وركوب حصان مسرّج. وإذا اغتال مسلم مسيحيّاً لا يُحكم بالقتل بل بدفع ديّته خمسة آلاف درهم، ومنع تقدمة النذور للأديرة والرهبنات، لا بل صادر قسماً من أملاك الكنائس والأديرة والفقراء».

إلا حتى بعض الروايات عن النصارى الذين عاصروا عمر بن عبد العزيز تتناقض مع ذلك، فقد روي عن الأوزاعي أنه نطق: شهدت جنازة عمر بن عبد العزيز، ثم خرجت أريد مدينة قنسرين، فمررت على راهب فنطق: «يا هذا، أحسبك شهدت وفاة هذا الرجل» أي عمر بن عبد العزيز، فقلت له: «نعم»، فأرخى عينيه فبكى سجاماً، فقلت له: «ما يبكيك ولست من أهل دينه؟»، فنطق: «إني لست أبكي عليه، ولكن أبكي على نور كان في الأرض فطفئ».

ويُروى حتى عمر بن عبد العزيز بعث وفداً إلى ملك الروم في أمر من مصالح المسلمين، وحق يدعوه إليه، فلما دخلوا إذا ترجمان يفسر عليه وهوجالس على سرير ملكه، والتاج على رأسه والبطارقة على يمينه وشماله، والناس على مراتبهم بين يديه، فأدى إليه ما قصدوه له، فتلقاهم بجميل وأجابهم بأحسن الجواب، وانصرفوا عنه في ذلك اليوم، فلما كان في غداة غد أتاهم رسوله، فدخلوا عليه، فإذا هوقد هبط عن سريره ووضع التاج عن رأسه، وقد تغيرت صفاته التي شاهدوه عليها، كأنه في مصيبة، فنطق: «هل تدرون لما دعوتكم؟»، نطقوا: «لا»، نطق: «إن صاحب مصلحتي التي تلي العرب اتى في كتابه في هذا الوقت: حتى ملك العرب الرجل الصالح قد مات»، فما ملكوا أنفسهم حتى بكوا، فنطق: «ألكم تبكون أولدينكم أوله؟»، نطقوا: «نبكي لأنفسنا ولديننا وله»، نطق: «لا تبكوا له، وابكوا لأنفسكم ما بدا لكم، فإنه خرج إلى خير مما خلف، وقد كان يخاف حتى يدع طاعة الله، فلم يكن الله ليجمع عليه مخافة الدنيا ومخافته، لقد بلغني من بره وفضله وصدقه ما لوكان أحد بعد عيسى يحيي الموتى لظننت أنه يحيي الموتى، ولقد كانت تأتيني أخباره باطناً وظاهراً فلا أجد أمره مع ربه إلا واحداً، بل باطنه أشد حين خلوته بطاعة مولاه، ولم أحب لهذا الراهب الذي هجر الدنيا وعبد ربه على رأس صومعته، ولكني عجبت من هذا الذي صارت الدنيا تحت قدمه فزهد فيها حتى صار مثل الراهب، إذا أهل الخير لا يبقون مع أهل الشر إلا قليلاً».

في السينما والتلفزيون

مُثّلت شخصية عمر بن عبد العزيز في عدة مسلسلات منها:

  • مسلسل "عمر بن عبد العزيز" عن سيرة حياته، من إخراج أحمد توفيق وبطولة نور الشريف وعمر الحريري، ومثّل دور عمر بن عبد العزيز الممثل المصري نور الشريف.
  • مسلسل "الحجاج" عن سيرة حياة الحجاج بن يوسف الثقفي، من إخراج محمد عزيزية وبطولة عابد فهد وسوزان نجم الدين، ومثل دور عمر بن عبد العزيز الممثل السوري وائل شرف.
  • مسلسل "فارس بني مروان" عن سيرة حياة القائد مسلمة بن عبد الملك، من إخراج نجدة إسماعيل أنزور وبطولة نضال نجم ونادين سلامة، ومثل دور عمر بن عبد العزيز الممثل اللبناني عمار شلق.

المصادر

  1. ^ "بحث عن عمر بن عبد العزيز". mawdoo3.com. 2015-12-20.
  2. ^ سير أعلام النبلاء، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان المضىي، الطبعة الثانية، 1402هـ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ج5 ص144
  3. ^ عمر بن عبد العزيز: معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة، علي محمد محمد الصلابي، دار التوزيع والنشر الإسلامية، مصر، الطبعة الأولى، 1427هـ-2006م، المبحث الأول: من الميلاد إلى خلافته، ص11-71
  4. ^ كتاب الطبقات الكبير، محمد بن سعد البغدادي، دار صادر، بيروت، لبنان، ج5 ص331
  5. ^ الجوانب التربوية في حياة الخليفة عمر بن عبد العزيز، هاني عمر، جامعة اليرموك، الأردن، ص11
  6. ^ عبد العزيز بن مروان وسيرته وأثره في أحداث العصر الأموي ص58
  7. ^ سير أعلام النبلاء، المضىي، ج4 ص97
  8. ^ معجم مقاييس اللغة، ج4 ص42
  9. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، أبومحمد عبد الله ابن عبد الحكم، 1387هـ-1967م، دار الفهم للملايين، بيروت، ص19-20
  10. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، أبوالفرج بن الجوزي، الطبعة الأولى، دار الخط الفهمية، بيروت، ص10
  11. ^ المعارف، أبومحمد بن قتيبة الدينوري، ص362
  12. ^ فقه عمر بن عبد العزيز، محمد شقير، الطبعة الأولى، 1424هـ-2003م، دار الرشد، ج1 ص22
  13. ^ البداية والنهاية، أبوالفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، الطبعة الأولى، دار الريّان، 1408هـ-1988م، ج12 ص676
  14. ^ الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة، حياة محمد جبريل، ج1 ص54
  15. ^ تذكرة الحفاظ، المضىي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج1 ص118-120
  16. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص24-25
  17. ^ الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة، حياة محمد جبريل، ج1 ص56
  18. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج12 ص679
  19. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج12 ص678
  20. ^ سير أعلام النبلاء، المضىي، ج5 ص114
  21. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج12 ص682
  22. ^ عمر بن عبد العزيز، عبد الستار الشيخ، دار القلم، دمشق، ص59
  23. ^ كتاب الطبقات الكبير، محمد بن سعد البغدادي، ج5 ص250
  24. ^ تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، 1322هـ، دار صادر، بيروت، ج7 ص22
  25. ^ سير أعلام النبلاء، المضىي، ج4 ص475
  26. ^ سير أعلام النبلاء، المضىي، ج4 ص477
  27. ^ الجوانب التربوية في حياة الخليفة عمر بن عبد العزيز، هاني عمر، ص25
  28. ^ سير أعلام النبلاء، المضىي، ج4 ص459
  29. ^ سير أعلام النبلاء، المضىي، ج4 ص461
  30. ^ مسند أمير المؤمنين عمر، ص33
  31. ^ سورة النساء، الآية: 87
  32. ^ أثر الحياة السياسية، ص159
  33. ^ الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة، حياة محمد جبريل، ج1 ص93
  34. ^ السياسة الاقتصادية والمالية لعمر بن عبد العزيز، بشير كمال بشير عابدين، رسالة ماجستير، جامعة اليرموك، الأردن، ص10
  35. ^ فقه عمر بن عبد العزيز، محمد شقير، ج1 ص63
  36. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص41-42
  37. ^ كتاب الطبقات الكبير، محمد بن سعد البغدادي، ج5 ص257
  38. ^ موسوعة فقه عمر، قلعجي، ص548
  39. ^ الجامع لأحكام القرآن، أبوعبد الله محمد بن أحمد القرطبي، الطبعة الثالثة، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، ج12 ص267
  40. ^ موسوعة فقه عمر بن عبد العزيز، ص20
  41. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص24
  42. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، الطبعة الأولى، 1407هـ-1987م، دار الفكر، بيروت، ج7 ص383
  43. ^ أثر الفهماء في الحياة السياسية في الدولة الأموية، عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد الخرعان، الطبعة الأولى، 1424هـ، مخطة الرشد، الرياض، ص165
  44. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص27
  45. ^ سليم مسلم، مسلم بن الحجاج، الطبعة الثانية، 1992م، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، كتاب الحج، باب: المدينة تنفي شرارها
  46. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج12 ص683
  47. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص146
  48. ^ أثر الفهماء في الحياة السياسية، عبد الله الخرعان، ص162
  49. ^ أثر الفهماء في الحياة السياسية، عبد الله الخرعان، ص168
  50. ^ الفهم والتاريخ، الفسوي، ج1 ص598
  51. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص28
  52. ^ أثر الفهماء في الحياة السياسية، عبد الله الخرعان، ص169
  53. ^ أثر الفهماء في الحياة السياسية، عبد الله الخرعان، ص170
  54. ^ سير أعلام النبلاء، المضىي، ج5 ص125
  55. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص131
  56. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ص33
  57. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج12 ص685
  58. ^ أثر الفهماء في الحياة السياسية، عبد الله الخرعان، ص173
  59. ^ سير أعلام النبلاء، المضىي، ج5 ص111-112
  60. ^ تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، ج7 ص445
  61. ^ كتاب الطبقات الكبير، محمد بن سعد البغدادي، ج5 ص335-338
  62. ^ عمر بن عبد العزيز وسياسة رد المظالم، ماجدة فيصل، الطبعة الأولى، 1407هـ-1987م، مخطة الطالب الجامعي، مكة، ص102
  63. ^ كتاب الطبقات الكبير، محمد بن سعد البغدادي، ج5 ص340
  64. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص35-36
  65. ^ عمر بن عبد العزيز وسياسته في رد المظالم، ص104
  66. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج12 ص657
  67. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص32
  68. ^ عمر بن عبد العزيز، صالح العلي، الطبعة الأولى، 2000م، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ص140
  69. ^ تاريخ افتتاح الأندلس، ابن القوطية، ص12-13
  70. ^ فجر الأندلس، حسين مؤنس، 1959م، القاهرة، ص136-137
  71. ^ عمر بن عبد العزيز، صالح العلي، ص140
  72. ^ عمر بن عبد العزيز، صالح العلي، ص141
  73. ^ فتوح البلدان، أحمد بن يحي بن جابر البلاذري، 1403هـ-1983م، دار الخط الفهمية، بيروت، ص42
  74. ^ تاريخ خليفة، ص326
  75. ^ عمر بن عبد العزيز للعلي، ص142
  76. ^ فتوح البلدان، البلاذري، ص20
  77. ^ فتوح البلدان، البلاذري، ص220
  78. ^ فتوح البلدان، البلاذري، ص163
  79. ^ العلاقات العربية البيزنطية في العصر الأموي، صالح حسن عيد عيسى الشمري، رسالة ماجستير، جامعة بغداد، 1408هـ-1988م، ص119
  80. ^ العلاقات العربية البيزنطية في العصر الأموي، صالح حسن عيد عيسى الشمري، ص131
  81. ^ عمر بن عبد العزيز، عبد الستار الشيخ، ص223
  82. ^ عمر بن عبد العزيز، عبد الستار الشيخ، ص224
  83. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص131
  84. ^ السياسة الاقتصادية والمالية لعمر بن عبد العزيز، بشير كمال بشير عابدين، ص45
  85. ^ كتاب الطبقات الكبير، محمد بن سعد البغدادي، ج5 ص341
  86. ^ كتاب الطبقات الكبير، محمد بن سعد البغدادي، ج5 ص341-342
  87. ^ كتاب الطبقات الكبير، محمد بن سعد البغدادي، ج5 ص355
  88. ^ عمر وسياسته في رد المظالم، ص205
  89. ^ كتاب الطبقات الكبير، محمد بن سعد البغدادي، ج5 ص345
  90. ^ عمر بن عبد العزيز وسياسته في رد المظالم صـ212
  91. ^ عمر بن العزيز وسياسته في رد المظالم، ص213
  92. ^ سورة الزمر، الآية: 13
  93. ^ عمر بن عبد العزيز وسياسته في رد المظالم، ص215
  94. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص117
  95. ^ الكامل في التاريخ، أبوالحسن علي بن أبي المكارم الشيباني ابن الأثير، الطبعة الأولى، 1408هـ-1989م، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج3 ص270
  96. ^ الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج3 ص271
  97. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص146-147
  98. ^ كتاب الطبقات الكبير، محمد بن سعد البغدادي، ج5 ص341
  99. ^ سيرة عمر، ابن عبد الحكم، ص60
  100. ^ سليم الجامع الصغير، الألباني، المخط الإسلامي، رقم 2766
  101. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي ص50
  102. ^ فقه عمر بن عبد العزيز، محمد شقير، ج1 ص91
  103. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص32
  104. ^ أدب الدنيا والدين، أبوالحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، ص189
  105. ^ سيرة مناقب عمر بن عبد العزيز، ص65
  106. ^ النموذج الإداري المستخلص من عمر، ص285
  107. ^ سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز، ص16
  108. ^ النموذج الإداري المستخلص من عمر بن عبد العزيز، ص285
  109. ^ أثر الفهماء في الحياة السياسية، عبد الله الخرعان، ص175-177
  110. ^ أثر الفهماء في الحياة السياسية، عبد الله الخرعان، ص178
  111. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص60
  112. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن عبد الحكم، ص73
  113. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص76
  114. ^ أثر الفهماء في الحياة السياسية، عبد الله الخرعان، ص179
  115. ^ مختصر تاريخ دمشق، ج6 ص175
  116. ^ سير أعلام النبلاء، المضىي، ج5 ص438
  117. ^ عمر بن عبد العزيز، عبد الستار الشيخ، ص74
  118. ^ عمر بن عبد العزيز، عبد الستار الشيخ، ص75
  119. ^ عمر بن عبد العزيز، عبد الستار الشيخ، ص76
  120. ^ عمر بن عبد العزيز، عبد الستار الشيخ، ص77
  121. ^ أصول الحديث، محمد عجاج الخطيب، ص176-186
  122. ^ فتح الباري شرح سليم البخاري، ابن حجر العسقلاني، دار الفهم بيروت، لبنان، ج1 ص194-195
  123. ^ كتاب الطبقات الكبير، محمد بن سعد البغدادي، ص177-179
  124. ^ جامع بيان الفهم، ج1 ص91-92
  125. ^ الأموال، أبوعبيد القاسم بن سلام، الطبعة الثانية، دار الفكر للطباعة، بيروت، 1408هـ-1988م، ص231-232
  126. ^ فتح الباري شرح سليم البخاري، ابن حجر العسقلاني، ج1 ص208
  127. ^ أصول الحديث، محمد عجاج الخطيب، ص178-180
  128. ^ سنن الدارمي، ج1 ص137
  129. ^ عمر بن عبد العزيز، عبد الستار الشيخ، ص79
  130. ^ فتح الباري شرح سليم البخاري، ابن حجر العسقلاني، ج1 ص195
  131. ^ أصول الحديث، محمد عجاج الخطيب، ص178
  132. ^ فقه عمر بن عبد العزيز، محمد شقير، ج1 ص43
  133. ^ عمر بن عبد العزيز، علي محمد محمد الصلابي، المبحث الثامن: الفقه الإداري عند عمر بن عبد العزيز وأيامه الأخيرة ووفاته رحمه الله، ص311-353
  134. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص316-317
  135. ^ تذكرة الحفاظ، المضىي، ج1 ص120
  136. ^ تاريخ القضاعي، ص363
  137. ^ فقه عمر بن عبد العزيز، محمد شقير، ج1 ص50
  138. ^ تذكرة الحفاظ، المضىي، ج1 ص118
  139. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص338
  140. ^ سورة الأعراف، الآية: 7
  141. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص318-319
  142. ^ فقه عمر بن عبد العزيز، ج1 ص47
  143. ^ الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة، حياة محمد جبريل، الطبعة الأولى، 1423هـ-2002م، الجامعة الإسلامية، ج1 ص58
  144. ^ الكتاب الجامع لسيرة عمر بن عبد العزيز، ج1 ص11
  145. ^ الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة، حياة محمد جبريل، ج1 ص58
  146. ^ الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة، حياة محمد جبريل، ج1 ص67
  147. ^ تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، ج7 ص405
  148. ^ تاريخ أبي غرسة، ص255
  149. ^ تذكرة الحفاظ، المضىي، ص118-119
  150. ^ الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة، حياة محمد جبريل، ج1 ص70
  151. ^ الجواهر المضيئة، ج4 ص552
  152. ^ الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة، حياة محمد جبريل، ج1 ص71
  153. ^ الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة، حياة محمد جبريل، ج1 ص72
  154. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص61
  155. ^ عون المعبود، العظيم آبادي، ج11 ص393
  156. ^ جامع الأصول، ج11 ص322
  157. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص74
  158. ^ فتح الباري شرح سليم البخاري، ابن حجر العسقلاني، ج13 ص295
  159. ^ فقه عمر بن عبد العزيز، محمد شقير، ج1 ص20
  160. ^ المعارف، ابن قتيبة، الطبعة الثالثة، دار المعارف، مصر، ص362
  161. ^ فقه عمر بن عبد العزيز، محمد شقير، ج1 ص20
  162. ^ سير أعلام النبلاء، المضىي، ج5 ص122
  163. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج12 ص680
  164. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص314-315
  165. ^ فقه عمر بن عبد العزيز، محمد شقير، ج1 ص23
  166. ^ سيرة عمرة بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص338
  167. ^ فقه عمر بن عبد العزيز، محمد شقير، ج1 ص24
  168. ^ طبقات الشافعيين، ابن كثير، فصل في ذكر فضائله وثناء الأئمة عليه رحمهم الله أجمعين
  169. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج9 ص232
  170. ^ مركز الأبحاث العقائدية، موقف الشيعة من عمر بن عبد العزيز
  171. ^ بحار الأنوار، ج29 ص208
  172. ^ تأويل قول معاوية لسعد: ما منعك حتى تسب أبا تراب
  173. ^ لم يثبت حتى معاوية سب عليا رضي الله عنهما
  174. ^ تاريخ اليعقوبي، ج2 ص305
  175. ^ منتديات مسقط الميزان
  176. ^ سورة المائدة، الآية: 57
  177. ^ أحكام أهل الذمة، ابن قيم الجوزية، ذكر المنع من استعمال اليهود والنصارى في شيء من ولايات المسلمين وأمورهم، ص459
  178. ^ أحكام أهل الذمة، ابن قيم الجوزية، ص458
  179. ^ تاريخ ميخائيل السرياني، ج2 ص383
  180. ^ سيرة عمر بن عبد العزيز، ابن الجوزي، ص331
  181. ^ مروج المضى، ج3 ص195
  182. ^ فقه عمر بن عبد العزيز، محمد شقير، ج1 ص54

المراجع

أهم المصنفات في سيرة عمر بن عبد العزيز

  • عمر بن عبد العزيز ومعالم التجديد والأصلاح الراشدي على منهاج النبوة - د. علي محمد الصّلابي
  • سيرة عمر بن عبد العزيز - عفت وصال حمزة
  • سيرة عمر بن عبد العزيز- لابن الجوزي
  • عمر بن عبد العزيز - صالح العلي
  • عمر بن عبد العزيز- عبد الستار الشيخ
  • عمر بن عبد العزيز- د. وهبة الزحيلي
  • عمر بن عبد العزيز- للشرقاوي


وصلات خارجية

  • خلافة عمر بن عبد العزيز - مسقط سيرة الإسلام.
  • نبذة عن حياة عمر بن عبد العزيز - الإسلام سؤال وجواب.
  • مقتطفات من زهد عمر بن عبد العزيز - مسقط إمام المسجد.
  • منهج عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه في الإصلاح الاقتصادي.


عمر بن عبد العزيز
بنوأمية
ألقاب ملكية
سبقه
سليمان بن عبد الملك
خليفة أموي
717-720-
تبعه
يزيد بن عبد الملك
تاريخ النشر: 2020-06-09 08:15:32
التصنيفات: Pages using infobox royalty with unknown parameters, خلفاء أمويون, تابعون, مجدد الاسلام, أشخاص من المدينة المنورة, ولاة المدينة الأمويون, مواليد 61 هـ, وفيات 101 هـ, مواليد 682, وفيات 720

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الكرملين: لن يستطيع أحد منافسة بوتين في الانتخابات الرئاسية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:23:06
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 70%

بلماضي يوافق على مواجهة المنتخب المصري وديا في شهر أكتوبر المقبل

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:24:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 60%

ألمانيا تتعهد بدعم انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:24:35
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

حصيلة مرعبة.. الوكالة الليبية: 2000 وفاة في درنة جراء الفيضا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:22:47
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 51%

قتلى زلزال إقليم الحوز المغربي يتخطون 2680 شخصا السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:24:39
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

كيان صحفي يحذر من التحريض على الصحفيين بـ«الجزيرة»

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:23:33
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

ارتفاع ضحايا العاصفة دانيال في ليبيا إلى 250 قتيلًا وعشرات ا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:22:53
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 61%

مشبب آل سعد في ذمة الله - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:24:34
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 55%

بلماضي يتلقى اخبارا سارة من إيطاليا بخصوص حسام عوار

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:24:35
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 55%

نقابة الصحافة تنتقد تغطية الجزيرة وقنوات فرنسية لمستجدات زلزال المغرب

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:23:38
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 71%

إيران: إنجاز صفقة «الأموال مقابل السجناء» قريباً - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:24:33
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

اختطاف 6 لاعبي كرة قدم في باكستان - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:24:38
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 69%

أسعار النفط تحوم حول أعلى مستوياتها في 10 أشهر .. برنت يتجاوز 90 دولارا

المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:23:05
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 50%

"وول ستريت" ترتفع مع صعود أسهم تسلا وترقب بيانات التضخم

المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:23:10
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 50%

العاصفة دانيال.. انهيار الطرق الرئيسية وسدين في درنة الليبية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:22:59
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

مصر تعرب عن تضامنها مع ليبيا في مواجهة آثار العاصفة "دانيال"

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:22:41
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 51%

الشورى يعيد تشكيل لجانه المتخصصة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:24:41
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 53%

المنتخب الوطني الجزائري الأفضل في مشوار تصفيات كأس افريقيا 2023

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:24:31
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 52%

ديمقراطية السودان بين كتائب الظل وشياطين الهجير

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-11 18:23:35
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية