في الذكرى الـ65 للاستقلال: إنها الفرصة الأخيرة


وإنما كتاريخ لتشكل الحلم المشترك -رغم تناقض السرديات- بتونس اخرى ممكنة.تونس حرة عادلة توفر الرّفاه والكرامة لأبنائها على اختلافهم وتغذي فيهم فخر الانتماء اليها.

هذه تونس التي تطلع إليها جيل من الرّواد والمصلحين والسياسيين والمقاومين وهم يخوضون معارك الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي في اطار حركة وطنية تعددت روافدها ومشاريعها المجتمعية والسياسية ولكنها التقت عند ما تعتبره ثوابت مشتركة. وهي تونس الاخرى غير التي ترزح تحت نير الاستعمار.
65 سنة مرت على ذلك التاريخ: 20 مارس 1956. ونحن نحيي اليوم ذكرى الاستقلال والحلم المشترك الذي توارثه التونسيون في عيش لائق في وطنهم امنين فيه على ارواحهم وحرياتهم وممتلكاتهم ومستقبلهم فيه. لكننا اليوم - كتونسيين على اختلاف سرديات الاستقلال التي ننتسب اليها- لا يبدو اننا سنحتفى به بما يستحقه.
سبب ذلك أن هذه الذكرى تحل في ظل تفاقم الازمات على كل الاصعدة والمستويات، سياسية ومؤسساتية واقتصادية ومالية واجتماعية وصحية... الخ، فاليوم لن يقف التونسيون عند ما حققوه من منجزات الحلم المشترك، بل هم كالواقف على أطلال الدولة وأطلال أحلامهم، فما تبشر به كل المؤشرات أننا في مرحلة تفكك الدولة والذهاب الى المجهول وذلك يتغذى من العنف المتصاعد الذي تغذيه الأزمات السياسية الراهنة وهو يغذى هذه الازمات ليطيل أمدها ويسرّع من عملية التفكك.

تونس تحىي ذكرى استقلالها على واقع ازمة مؤسساتية وسياسية خبرها التونسيين وعرفوا تفاصيلها وهي ترافقهم منذ شهرين تقريبا. وساهمت في وصولنا الى هذا المشهد العبثي الذي جعل البلاد في حلقة مغلقة من الازمات والعنف.
حلقة لا يمكن ان نغادرها الا بحوار وطني هو اليوم مرتهن لدى رئاسة الجمهورية التي تتجه اليها الابصار اليوم على امل ان يطلّ الرئيس ليعلن عن انطلاق مبادرة الحوار الوطني التي تقدم بها الاتحاد.

الأمل هو ما تبقى لنا لنتمسك به في ظل عدم افصاح الرئاسة عن برمجة كلمة يتوجه بها الرئيس الى التونسيين بمناسبة الذكرى 65 للاستقلال وفيها يعلن عن تنزيل المبادرة وتصوره لها ومن تستهدف ومن يشارك فيها وباقي الشروط الأساسية لنجاحها.

إما هذا او سنستمر في الحلقة المغلقة من الازمات والعنف الذي يتصاعد اليوم بوتيرة تثير المخاوف اذ ان العنف وجد له مستقر في المشهد ويطل من أروقة البرلمان ليهدد بالانتقال الى الشارع الذي بدوره يعيش على وقع الازمات الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع منسوب الغضب وعدم الثقة في المستقبل القريب كما في الطبقة السياسية.
وما يجعل خياراتنا تتقلص لتنحصر في اما في الحوار او في الحلقة المغلقة للعنف والأزمات. هو اهدارنا لفرص عدة لإنقاذ الدولة حتى لا تصبح عاجزة عن القيام بأبسط ادوارها والإيفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية وان تعلن افلاسها الذي لم يعد مجرد تحذير كلامي بل هو واقع نتجه اليه فعليا.

ولعل كلمات فريد بالحاج، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تكشف لنا كيفية نظر المؤسسات المالية إلينا وإلى الدولة والجهات والدول المانحة والمقرضة. فالرجل يقول ان الحوار السياسي هو الخطوة الأولى نحو الإصلاح وانه يجب على تونس إنقاذ نفسها بنفسها ... وان الاصلاح يجب ان ينطلق بصفة مستعجلة وان تحدد له خارطة طريق واضحة مع برنامج يقنع الشركاء الدوليين بجدية البلاد».

ما يقله بالحاج بشكل دبلوماسي مهذب كيف ينظر الشركاء الدوليين لتونس التي ان أريد معرفتها بشكل صريح ومباشر ما علينا إلا ترجمة ما يقوله الرجل الى كلمات مباشرة، فتونس اليوم مهددة بأن تضطر للتخلى عن «سيادتها» مقابل تمويل موازنتها وضمان عدم انهيار الدولة، وإنها لتجنب هذا المصير عليها أن تشرع الآن في مسار الاصلاح.
والإصلاح هنا لا يصبح كلمة او مصطلحا جامعا بل هو محدد إنهاء الأزمة السياسية بحوار يفضى الى صياغة برنامج اصلاح مفصل يقدم كخارطة للشركاء الدوليين، وهذا يجب ان يقع بسرعة قبل ان ينعقد اجتماع الربيع الذي يضم البنك الدولي وصندوق النقد والدول الكبرى واذرعها المالية.
وإذا أهدرنا هذه الفرصة وأضعنا الوقت في مناكفات سياسية ومعارك تموقع وتعزيز الصلاحيات لا فقط نحن نغامر بأن نفقد الدعم المالي بل بأن نهدر آخر فرصة لنتجنب انهيار الدولة وانتقال العنف إلى الشارع.

تاريخ الخبر: 2021-03-22 10:16:22
المصدر: جريدة المغرب - تونس
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

الجيش الجزائر يقتل ثلاث شبان شرق “مخيم الداخلة” بتندوف

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-26 21:25:16
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية