لا بأس على تونس


من المرات النادرة أن أكتب مقالين متتابعين في نفس الموضوع خاصة بعد السلسة الطويلة عن مقالاتي في السنوات الماضية حول ليبيا، وأتحدث هنا عن مقالي للأسبوع الماضي بعنوان «تونس المتعبة» والذي صادف يوم 25 يوليو 2021م اليوم الذي نفضت عنها تونس التعب، والسرقة، والتفريط في حقوق الناس، وقالت لا لكل من يحاول أن يدمر الدولة، والمجتمع، ومستقبل الناس في تونس. من الآن أصبح الناس في تونس يتحدثون عن يوم 25 جويلية كما ينطقها الناس هناك، أي يوم 25 يوليو كيوم استثنائي أوقف فيه الرئيس المنتخب بأغلبية ساحقة السيد قيس سعيد في العام 2019م عجلة الفساد، والسرقة، وضياع أحلام أهل تونس في المستقبل. فيما بعد ثورة 14 يناير 2011م زرت تونس في أكتوبر 2014م وكنت في طريقي إلى ليبيا، وعلى الرغم من قصر المدة التي قضيتها في العاصمة تونس، وفي بعض مناطق الوجه القبلي، حيث زرت بعض الأصدقاء، والمعارف، والزملاء، خرجت بانطباع قاس، ومؤلم، لأن البعض اختصر لي طبيعة ما يحدث بساسة ليسوا في المستوى، وبشباب عاطل عن العمل، وإضرابات يومية في كل مكان، وبقانون لم يعد يعمل لصالح أحد تبعا للمحسوبيات، والنفوذ المتأتي من هنا، وهناك. قال لي طبيب يعمل في حقل الصيدلة وله اهتمام بالمجتمع، والسياسة: كان التونسيون في قمع في ظل النظام السابق، ولكن لم تعرف الشخصية التونسية الخصاصة، وإعلان حالة الفقر، والوصول إلى أفق مسدود. وحاول صديق يعمل في سلك القضاء أن يخفف من هول الأخطاء التي بدأت تتراكم مع الثورة بأن قال لي بشكل مباشر: لم يعد لنا إلا التعبير عن الرأي، والقدرة على المطالبة بمحاسبة الفاسدين، حتى وإن لم تأت تلك المطالبة بنتيجة ملموسة. غادرت تونس في تلك الرحلة منقبضا، وكنت خلال الأسبوع الذي قضيته فيها مكتفيا بالاستماع إلى شهادات الأصدقاء، وانطباعاتهم على زمن الثورة. هذا الكلام لا يعني أن الثورة وزمنها شيء سيئ ولكن الطريق الذي سارت فيه الثورة والإفرازات التي نتجت عن سنوات القمع، والثقافة السياسية التونسية ربما المتوارثة تاريخيا منذ زمن البايات، ثم زمن الجمهورية في خمسينيات القرن الماضي، وصولا إلى ثورة 14 فبراير 2011م أنتجت كل ذلك، وأزعم أن النتاج غير الجيد لتلك الحقب امتد إلى يوم 25 يوليو، حيث أوقف الرئيس قيس سعيد كل تلك التداعيات، وتحمل مسئولية المواطن الشريف، النزيه، المخلص لبلاده وشعبه، ربما لا يعرف الكثيرون أن قيس سعيد قادم من حاضنة مختلفة يمكن أن توصف بالصفوة المثقفة حيث إن الرجل أستاذ جامعي، وأستاذ لمادة القانون الدستوري، وهو بتصرفاته تلك حاول استخدام خبرة العمل الأكاديمي في عدم الوقوع في خطأ دستوري، ذي بعد قانوني، ولكن من يقول إن الدروس التي نتلقاها في قاعات المحاضرات في الجامعات هي وحدها الحلول للمشكلات، والكوارث التي تمر بالناس على أرض الواقع. أحيانا يجد أكثر الناس تمسكا بالأسس النظرية في أي حقل من حقول الحياة والمعرفة نفسه أول من يتخطى بعض تلك الأسس من أجل واقع الناس، وإصلاح معاشهم وترميم حياتهم. قد لا يعرف البعض أن الرئيس قيس سعيد واجه الموت بمعنى الكلمة حيث كان يعرف أنه من السهل على خصومه، وفي ظل الحالة الرخوة التي تمر بها تونس في العقد الأخير كان بالإمكان أن يذهب الرجل ضحية رصاصة طائشة لا يعرف من أطلقها، والأمثلة كثيرة منذ قيام الثورة حيث إن هناك ملفات للقتل، والاغتيال، لا تزال في طي الكتمان. قيس سعيد باختصار توفرت فيه خصائص نادرة في التاريخ التونسي المعاصر ومنها، أنه قادم من حاضنة لها اعتبارات غير اعتبارات السياسيين التقليدية في تونس، وأن الرجل غامر وبشجاعة القائد ليقول لا في زمن تكلف فيه هذه الكلمة الإنسان الشيء الكثير، وأنه على علاقات متوازنة، وجيدة بمحيطه العربي والدولي وهذا ما عكسته ردود الفعل العالمية على أحداث 25 يوليو الماضي. تونس لا تزال متعبة وكل ما نقوله لها بإخلاص لا بأس عليك يا تونس.

@salemalyami
تاريخ الخبر: 2021-08-06 02:52:16
المصدر: اليوم - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

خريطة افتتاحات المساجد في 11 محافظة اليوم.. اعرفها - المحافظات

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-26 06:21:00
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 64%

تراجعت 16 جنيها.. انخفاض أسعار اللحوم اليوم في الأسواق - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-26 06:21:01
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

مواعيد تحرك القطارات اليوم مع بدء التوقيت الصيفي - أي خدمة

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-26 06:21:02
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 64%

أسعار الحديد اليوم الجمعة 26-4-2024.. «اعرف الطن بكام» - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-26 06:20:59
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية