نظم مركز الحوار للدراسات الاستراتيجية والإعلامية، بالتعاون مع سفارة فنزويلا البوليفارية بمصر حلقة نقاشية بعنوان “جهود السلام من أجل فنزويلا”. وخلال الحلقة، تحدثت إليان بطرس، رئيس وحدة دراسات أمريكا اللاتينية بالمركز، عن المفاوضات بين الحكومة والمعارضة في فنزويلا.

وأعربت في كلمتها عن تفاؤلها بنجاح المفاوضات المقامة حاليًا في مكسيكو سيتي، لافتة إلى وجود دوافع داخلية وخارجية لإنجاح تلك المفاوضات. وتتمثل الدوافع الداخلية في الانهيار الاقتصادي على مدار أعوام ازداد بعد جائحة، استعداد الداخل للتفاوض، بحث المعارضة عن ساحة تواجد لها داخل مؤسسات الدولة، التفاهمات التي أجرتها الحكومة مع جزء من المعارضة بعد مفاوضات بربادوس، إبعاد الجيش عن الصراعات السياسية أزاد من ثقل الحكومة وتماسكها، إبداء الحكومة للمرونة من أجل الحوار وتقديم تنازلات، فقدان المعارضة لشكلها المتماسك.

وأشارت الباحثة إلى أن الأسباب الخارجية لإنجاح المفاوضات تتمثل فيه أن القوى الدولية تبدو بشكل داعم لحل الأزمة، الولايات المتحدة أعطت الإشارة لاستكمال المفاوضات، القوى الإقليمية تدعم المفاوضات وتعرض مساعدتها لفنزويلا، تراجع في العلاقة بين الولايات المتحدة والمعارضة. فضلًا عن أن المسار التفاوضي الذي ترعاه النرويج وتدعمه عدد من الدول الكبرى من بينها روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، تميزت النرويج على مدار تاريخها في قدرتها على إنجاح المفاوضات، كما أن المكسيك تميزت بدبلوماسيتها الناجحة في حل الأزمات.

وأفادت إليان حدوث عدة من الأمور قد ترجح كفة إنجاح المفاوضات مثل الحكم القضائي بإقرار حق فنزويلا في الاستئناف ضد العقوبات، وسماح واشنطن للشركات غير الأمريكية بتصدير غاز البترول المسال إلى فنزويلا. وقيام حكومة فنزويلا بالموافقة على استخدام الأصول المجمدة في الولايات المتحدة لشراء لقاحات كوفيد-19، في أبريل 2021 والسماح لبرنامج الغذاء العالمي لدخول فنزويلا تلبية لطلب المعارضة والمجتمع المدني على مدار سنوات، والإفراج عن السياسي فريدي جيفارا من السجن بعد يومين من انعقاد الاجتماع الأخير بين ممثلي الحكومة والمعارضة.

ولفتت إلى السيناريو الآخر وهو فشل المفاوضات في حال لم تتفق الأطراف الدولية (الولايات المتحدة وروسيا) على ضرورة حل الأزمة، واقتراب موعد الانتخابات النصفية، عدم حضور عدد كافي من أحزاب المعارضة وانقسامها.

وتطرقت رئيس وحدة دراسات أمريكا اللاتينية بمركز الحوار إلى تاريخ التفاوض بين الحكومة والمعارضة في فنزويلا، مشيرة إلى اول عملية تفاوض والتي تمت في عام 2018 حيث عقد وفد الحكومة الفنزويلية والمعارضة 6 جولات من الاجتماعات المختلفة في الفترة من 1 ديسمبر 2017 إلى 7 فبراير 2018، ظهرت المفاوضات في بدايتها بتفاؤل كبير في الوصول لحل واتفاق بين الطرفين، وبالفعل اتفق الطرفان على التعايش السلمي والديمقراطي، ولكن هذه المفاوضات لم تكتمل وتعثرت في النهاية.

وتتمثل أسباب تعثر هذه الجولة التفاوضية الأولي في أن الطرفين لم يكونا قادرين على وضع تقويم انتخابي، تقديم المعارضة وثيقة مختلفة، الخارجية الأمريكية تبدأ جولة مباحثات عن فنزويلا في بيرو الأرجنتين وكولومبيا قبل توقيع الاتفاقية الفنزويلية قبل أيام، تشديد إدارة ترامب للعقوبات، توسيع وتشديد العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي.

وفي 2019 عقد الاجتماع الأول بين مندوبي الحكومة والمعارضة، في أوسلو ببولندا مايو 2019، وأعلن الطرفان حينها عن الفشل في الوصول إلى أي نتيجة في ذلك اللقاء إلى أن جاءت مفاوضات بربادوس لتظهر أن حل الأزمة في فنزويلا بات ممكنًا. ووافق كلا الجانبين من حيث المبدأ على ما يقرب من 80% من نقاط العمل. المفاوضين الحكوميين نصوا على أنهم لن يجروا انتخابات رئاسية مبكرة ما لم يتم رفع العقوبات.

لم يتوصلوا إلى حل بسبب تشبث الطرفين بموقفهما، وبالتالي فشلت المفاوضات. قامت الحكومة ببعض التفاهمات مع المعارضة بعد المفاوضات.

وتتمثل أسباب تعثر الجولة الثانية من المفاوضات في رفض البيت الأبيض تخفيف العقوبات القطاعية، وفرض عقوبات جديدة أثناء سير المفاوضات، إصرار الولايات المتحدة على رحيل رئيس فنزويلا، لم تجتمع كل الجهات الأساسية على طاولة المفاوضات، عدم الأخذ بالاتفاقات الجزئية، الانقسامات بين مجلس الأمن القومي التابع لإدارة ترامب ووزارة الخارجية، الخلاف بين الولايات المتحدة وروسيا حول التدخل الروسي في فنزويلا ودعمها.