كيف حول انقلاب 25 أكتوبر المزدوج الخرطوم إلى بؤرة استخباراتية ساخنة؟


في صبيحة الاثنين الخامس والعشرين من أكتوبر، استيقظ السودانيون على أنغام أغانٍ وطنية تُبث بشكلٍ مُوحدٍ في محطات الإذاعة والتلفزة المحلية وأناشيد وطنية، ساعتها تيقّن الجميع أنّ عهداً انقلابياً جديداً تشهده بلادهم.

التغيير- الخرطوم: علاء الدين موسى: خالد الصاوي

ولم تَمضِ ساعات طويلة إلا وخرج القائد العام للقوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، ببيانٍ حمل إعلان حالة الطوارئ في ربوع البلاد، وحل مجلسي السيادة والوزراء وتجميد عمل لجنة تفكيك الإخوان لحين مراجعة أدائها.

القرارات الانقلابية اعتبرها البرهان خطوات ضرورية لتصحيح مسار الثورة والانتقال الديمقراطي في البلاد، بعد أن سرد حيثيات وملابسات دفعته لهذه الخطوة، في حين عدّتها قِوى الحرية والتغيير الشريك المدني في الحكم, انقلاباً على الوثيقة الدستورية.

ويُشير البرهان الانقلابي إلى أنّه اتخذ خطوته بعد أن وصل طرفا الحكم في البلاد إلى طريقٍ مسدودٍ، وفشل جميع المُبادرات التي قادها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، لتقريب وجهات النظر بعد تمسُّك كل طرف بموقفه الرافض.

تعقيداتٌ جعلت البرهان، يستشعر حالة الخطر، ويقوم بمُحاولة سُمّيت بالتصحيحية لإنقاذ البلاد من شبه الانهيار – وفق ما أعلن.

في وقتٍ، نفّذت فيه القوات الأمنية، حملة اعتقالات شملت بعض قادة الحكومة المدنية في مجلسي السيادة والوزراء، سبق ذلك قطع الاتّصال والإنترنت، وإيقاف بث الإذاعات والقنوات الخاصّة، واكتفت الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون ببث الأغاني الوطنية، قبل أن يتم الإعلان عن بَيَانٍ مُهمٍ من قائد المحاولة التصحيحية.

عبد الرحيم دقلو وحمدوك

زيارة إسرائيل

 

وقبيل انقلاب البرهان، حطت طائرة قائد ثانٍ قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، في مطار تل أبيب الإسرائيلية في زيارة غير معلنة، تلك الزيارة لم يتم الكشف عن الغرض منها، ورغم أن المعلومات كانت شحيحة في حينها إلا أن المعلومات أكدت زيارة قام بها دقلو برفقة مدير منظومة الصناعات الدفاعية الفريق ميرغني إدريس، والتي لم تتكشف تفاصيلها عبر الجهات الرسمية للبلدين بعد.

وبحسب بعض المواقع الاسرائيلية، فإن الزيارة استغرقت يومين التقى من خلالها الوفد السوداني بجهات عسكرية وأمنية.

وقالت إن “دقلو” اصطحب معه في الزيارة عدداً من المستشارين.

فيما اكتفى الصحفي الإسرائيلي الشهير إيدي كوهين بالتعليق عبر أسطر قليلة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر) قائلاً: “هنالك معلومات ولكنها غير مؤكدة عن زيارة وفد سوداني رفيع إلى إسرائيل”.

في وقت أكدت وكالة “شهاب” للأنباء الفلسطينية، أن الإذاعة العبرية أكدت أن وفداً أمنياً سودانياً زار إسرائيل برئاسة ضابط كبير في مجلس السيادة السوداني.

فيما أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، نقلاً عن مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى لم تسمّها، بأنّ وفداً إسرائيلياً زار السودان بعد الانقلاب الذي نفذه رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ضمّ مندوبين عن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد).

وبحسب الصحيفة، فقد أجرى الوفد مباحثات مع البرهان، ومع رئيس الحكومة أيضاً عبد الله حمدوك”.

ونقلت الصحيفة عن مصادر في الجيش السوداني قولها إنّ هدف الزيارة هو التوسط بين الطرفين، لكنها أضافت أنه بحسب ما هو معروف لديها، فإنّ الزيارة لم تكن لهدف الوساطة، بل للاطلاع على الوضع في السودان بعد الانقلاب، علماً بأنّ إسرائيل امتنعت رسمياً حتى الآن عن التعقيب عليه، وهو ما أثار، بحسب الصحيفة، ادعاءات في السودان بشأن تدخل إسرائيلي فيه.

حمدوك ، البرهان وحميدتي

اتفاق حمدوك البرهان

 

في  21 نوفمبر وقع رئيس الوزراء المخلوع مع قائد الانقلاب البرهان في القصر الرئاسي بالخرطوم، اتفاقاً قيل انه جاء حقنا للدماء بعد مباركة عدد من أعضاء المجلس المركزي الحرية والتغيير وكان مفترض ان يكونوا حضورا في التوقيع ولكنهم انسحبوا بعد اتصال هاتفي من مريم الصادق بحسب المصادر التي تحدثت للتغيير.

الأمين العام لحزب الامة القومي الواثق البرير

إلا أن الأمين العام لحزب الأمة الواثق البرير نفى لـ”التغيير” أن يكون انسحاب بعض أعضاء المجلس المركزي للحرية والتغيير بسبب اتصال من مريم الصادق، وقال إن هذا الحديث الغرض من شيطنة حزب الأمة، رغم موقفه الواضح من الانقلاب، من خلال  البيانات التي خرجت منه تؤكد على ذلك، وتطالب بضرورة ارجاع الوضع إلى مكان عليه قبل 25 أكتوبر.

فيما أكد مصدر فضل حجب اسمه  لـ”التغيير” أن عدداً من قيادات الحرية والتغيير كانوا جزءاً من الانقلاب وقادوا وساطات كبيرة لاقناع حمدوك بضرورة التوقيع.

وقال المصدر، إن المجموعة عقدت اجتماعات مكثفة بمقر قيادة الجيش بين البرهان، وأعضاء المكون العسكري، ورئيس لجنة فض اعتصام القيادة نبيل اديب، ولاناشط السياسي والأستاذ الجامعي، مضوي ابراهيم  و فضل الله برمة ناصر .

و في غرفة اجتماعات أخرى مجاورة مدير مكتب حمدوك علي بخيت إلى جانب آخرين.

وأوضح المصدر، أن من أبرز أعضاء الحرية والتغيير المشاركين في الاجتماعات منهم  حيدر الصافي عن الحزب الجمهوري، كمال بولاد  حزب البعث، محمد عصمت حزب الاتحادي الموحد.

فيما أدان  المجلس المركزي للحرية والتغيير من القيادات التي ظهر اسمها ضمن المجموعة التي شاركت الاجتماعات مع الانقلابيين.

وقال القيادي بالحرية والتغيير عادل خلف الله لـ “التغيير” إن الذين شاركوا الانقلابيين اجتماعاتهم ذهبوا لحضور التوقيع بصورة شخصية بعد أن وجهت لهم  الدعوة بصورة فردية.

وكشف عادل عن تقدم من شاركوا في اجتماعات القصر، باعتذار عن تلك المشاركة، وأكدوا بقاءهم في الحرية والتغيير.

واستدرك قائلاً “من شاركوا في هذا السيناريو كانوا يخططون لإبعاد الحرية والتغيير وخلق حاضنة جديدة للعسكر للانفراد بحكم حتى لا يتم تسليم السلطة للمدنيين”. مؤكداً مقاومتهم للقرارات الانقلابية حتى عودة الشرعية والحكم المدني الكامل.

هنود ابيا كدوف

إبعاد هنود

 

ويرى المحلل السياسي طارق عمر في حديث لـ”التغيير” أن ترشيح مدير جامعة أفريقيا العالمية هنود ابيا، لرئاسة الوزراء،  الغرض منه التمويه وابعاد التهم من رئيس الوزراء حمدوك، الذي كان جزءاً من  المخطط،  وجميع الخطوات التي أقدم عليها الانقلابيين كانت بعلمه.

وأشاروا  إلى أن حمدوك بعدما فقد الأمل في الحرية والتغيير رأى ضرورة التغيير، بعد أن وجد مباركة من المجتمع الدولي بعد لقائه بالمبعوث الأمريكي، والوفد الإسرائيلي الذي التقي به بعد الانقلاب.

وأكد عمر أن  حمدوك كان متخوفاً من الخطوة التي أقدم عليها لكن الانشقاقات داخل الحرية والتغيير شجعته على هذه الخطوة بعد أن كان رافضاً لها.

حديث المحلل السياسي أكده نائب رئيس المجلس الانقلابي محمد حمدان دقلو، في لقاء مع قناة الجزيرة، بقوله إن  حمدوك كان معنا في جميع الخطوات وتتم   مشاورته في كل صغيرة وكبيرة.

فيما يرى مراقبون، أن إبعاد هنود ابيا، من رئاسة الوزراء يعود إلى رفض حميدتي له على خلفية زيارة سرية للإمارات أبلغوه فيها ان هنود ابيا اسلامي، إلا أن مصدراً فضل حجب اسمه نفي لـ”التغيير” صحة ذلك، وقال إن ابعاد هنود جاء نتيجة التجاذبات بين البرهان وحميدتي وكباشي، إلى جانب وجود تجاوزات إدارية في جامعة أفريقيا التي يتولى أمر إدارتها.

 

اعتقال حمدوك

 

وراجت أنباء عن طريقة اعتقال حشية تعرض لها  رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بأن تم خلع باب غرفته الخاصة لحظة تنفيذ الاعتقال، إلا أن مصدر عسكري قال لـ”التغيير” إن حمدوك لم يتم اعتقاله بالطريقة التي اعتقل بها الباقين، وأشار إلى حمدوك تم التحفظ عليه لسلامته، بعد ان كانت هنالك جهات تعمل على استهدافه.

وقال المصدر “القوة التي اقتادت حمدوك من منزله شرحت له ذلك وتفهم الأمر، إلا أن  زوجة لم تتقبل ذلك وتعاملت بغلظة مع منفذي أمر التحفظ الذي كان يقوم به ضابط برتبة عميد وكالت لهم الشتم والسباب وتوعدتهم بفضح مخططهم  بعد مغادرتها إلى اثيوبيا”.

عبد الله حمدوك
تاريخ الخبر: 2021-12-07 23:52:20
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

الجيش الجزائر يقتل ثلاث شبان شرق “مخيم الداخلة” بتندوف

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-26 21:25:16
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية