افتتاحية الدار: بأي ثمن تريد إسبانيا علاقات مع المغرب تليق بالقرن 21؟


الدار/ افتتاحية

مر أكثر من ستة أشهر على اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، وخلال هذه الشهور مرت مياه كثيرة تحت جسور العلاقات بين البلدين، وتأرجحت الروابط بيننا وبين جيران الضفة الشمالية من المتوسط بين المد والجزر، وبين الأخذ والرد، وبين الضغوط والتنازلات المتبادلة من هذا الطرف أو ذاك. ومنذ أن قررت إسبانيا بعد أن أحست بخطئها الفادح التضحية بوزيرتها السابقة في الخارجية كان المغرب مبادرا من جانبه أيضا لمد يد الأمل من أجل أفق جديد عندما أعلن الملك محمد السادس في خطاب ثورة الملك والشعب الأخير أن هناك تطورا كبيرا في العلاقات بين البلدين من أجل رسمها على أسس جديدة.

واليوم يبعث وزير الخارجية الأسباني مانويل ألباريس رسالة أخرى إلى الداخل الإسباني وإلى المغرب أيضا وهو يتحدث أمام لجنة الخارجية بمجلس الشيوخ الإسباني مشيرا إلى أن بلاده تريد علاقات مع المغرب تليق بالقرن الواحد والعشرين. وعلى الرغم من أن الرجل حاول أن يهدئ من موجة الانتقادات التي توجهها المعارضة الإسبانية للحكومة ولوزيرها في الخارجية بالحديث أيضا عن أن المغرب وإسبانيا تجاوزا مرحلة الأزمة، إلا أن جانب آخر من تصريحاته لم يكن يعكس حقيقة الرغبة والطموح نحو علاقات تليق بالقرن الواحد والعشرين كما ادعى. لقد فتح الوزيرالإسباني على هامش حديثه المتفائل ملفا شائكا آخر في العلاقات بين المغرب وإسبانيا وهو الذي يهم ترسيم الحدود البحرية في المحيط الأطلسي على الخصوص، مؤكدا أنه سيحافظ على مصالح جزر الكناري.

إن الحديث عن علاقات أفضل في المستقبل تليق بالقرن الواحد والعشرين واعتبار المغرب شريكا استراتيجيا وبناء “علاقة جديدة” حسبما صرح بذلك مانويل ألباريس يقتضي في الواقع تغييرا أعمق بكثير من مجرد تغيير بعض الشخصيات السياسية في الحكومة الإسبانية. التغيير الذي يمكن أن يؤدي فعلا إلى بنا علاقات جديدة بين البلدين يجب أن يبدأ أولا من التخلص من العقلية الاستعمارية التي لا تزال تحكم تفكير بعض الأحزاب الإسبانية وبعض التيارات السياسية والمؤسسات النافذة في الجارة الشمالية، والتي لا تزال تنظر إلى المغرب كقوة طامحة إلى استرجاع صراعات الماضي وتأجيجها.

لقد طفت هذه العقلية مؤخرا على السطح في الإعلام الإسباني عندما بدأت تعاليق الخبراء والنشطاء السياسيين الإسبان تتناسل حول موضوع تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل. وعاد الإعلام المحرض من جديد للحديث عن الطموحات العسكرية للمغرب واعتباره مصدرا مزعجا بل منبعا للخطر الاستراتيجي تجاه أمن إسبانيا واستقرارها. إن هذا الخطاب الذي يهيمن على الجدل الدائر فيما يخص مقاربة العلاقات مع المغرب لا يخدم بأي حال من الأحوال منطق المصالحة الذي يتحدث عنه بعض الرسميين ومنهم وزير الخارجية الإسباني.

هذا من جهة الخطاب، أما من جهة الوقائع الجغرافية والتاريخية فإن الفاعل السياسي في إسبانيا يدرك جيدا أن استمرار احتلال إسبانيا لثغري سبتة ومليلية المغربيين سيظل عائقا أساسيا أمام بلوغ طموح “علاقات في أوج القرن الواحد والعشرين” كما يحلم بذلك مانويل ألباريس. إن الانزعاج الإسباني من مجرد تفكير المغرب بشكل رسمي أو شعبي في ضرورة تحرير أراضيه المحتلة في الشمال سواء في المواقع القارية أو البحرية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعزز من الطموحات التي قد يعلن عنها هذا الطرف أو ذاك، أو يؤكد تلك النوايا الحسنة التي تريد مدريد أن تمسح من خلالها سحابة أزمة إبراهيم غالي.

إن حديث المغرب والمغاربة عن احتلال الثغرين ومطالبته باستقلالهما عاجلا أم آجلا مسألة خارج دائرة المفاوضات بين البلدين، بل هي ربما تعتبر السبب الرئيسي الذي أدى إلى التأخر إلى يومنا هذا عن إعلان رسمي للمصالحة وعودة العلاقات إلى مستوياتها السابقة على الأقل. وهذا هو الثمن الذي يجب أن تدفعه إسبانيا إن كانت فعلا تريد علاقات مع المغرب في “أوج القرن الواحد والعشرين”.

تاريخ الخبر: 2021-12-18 16:29:31
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 65%

آخر الأخبار حول العالم

العيون.. تخليد الذكرى الـ 68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-17 00:25:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 57%

جرسيف .. الاحتفاء بالذكرى ال68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-17 00:25:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية