استقالة حمدوك.. تهديد يصلح لمرة واحدة


شغلت استقالة عبد الله حمدوك رئيس حكومة الانقلاب، التي رشحت أنباء عن تلويحه بها خلال الأيام الماضية، الساحة السياسية، ودفعت أطرافها لتقديم قراءات مختلفة بشأن دوافعها ومدى جديتها وما إذا كانت محض مناورة!!.

التغيير- أمل محمد الحسن

الصورة التي حملها الثوار الذين خرجوا في مواكب مليونية 21 نوفمبر لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، تحول موقعها سريعاً من أعلى الرؤوس إلى التمزيق فور إعلان توقيعه على الاتفاق الثنائي بينه وقائد الجيش، وفي لحظات تحولت الهتافات التي تنادي باسمه إلى هتافات ضده، بعد أن وصفه الثوار بـ«المشرعن» لانقلاب العسكر في 25 أكتوبر الماضي.

ضمّت القوى السياسية المكونة لتحالف قوى الحرية والتغيير، الحاضنة السابقة لحمدوك، صوتها إلى صوت الشارع في رفضها الواضح والصريح لاتفاق برهان- حمدوك، ما وضع الرجل في مواجهات أحاطت به من جميع الجهات، حتى لوّح بتقديم استقالته خلال الأسبوع الحالي.

تهديد المرة الواحدة

في الوقت الذي لم يصدر أي تصريح رسمي عن مكتب رئيس الوزراء، حول الاستقالة المزعومة، اعتبرها كبير مستشاري المجلس الأطلسي كاميرون هدسون «مجرد تهديد» لا يصلح للاستخدام سوى مرة واحدة! متسائلاً في تغريدة كتبها على صفحته بموقع التواصل الإجتماع «تويتر»: «هل سيقدم حمدوك استقالته فعلاً مع عدم جدية العسكر؟».

في السياق، استبعد أستاذ العلوم السياسية عثمان برسي، استخدام حمدوك للاستقالة كتهديد، وقال لـ«التغيير»: «حمدوك غير مؤهل للتهديد».

واتهم الخبير في الانتقال السياسي، مجموعة تعمل في الظل حول رئيس الوزراء بأنها «تحرك الأدوار من خلف ستار مثل مسرح العرائس»، بترويج قصة الاستقالة كتكتيك إستراتيجي وذر للرماد في العيون، وأكد ارتباط حمدوك بدور مرسوم من قوى رأسمالية غربية وإقليمية لا يسمح له بالاستقالة.

وقطع برسي بوجود مناورة سياسية من رئيس الوزراء للتحكم في الصراع الدائر، بين القوى السياسية المتباينة «الحرية والتغيير 1 و2» والمنظومة الأمنية والمنظومة العسكرية وقوى المقاومة.

وقال برسي لـ«التغيير»، إن صراعاً كبيراً يدور بين حمدوك وبعض قوى الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا- في إشارة لوزير المالية جبريل إبراهيم، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي.. «حمدوك يريد أن يشكل حكومة كفاءات كاملة في الوقت الذي ترفض قوى الكفاح التخلي عن منصابها».

انقلاب 25 أكتوبر الذي حل الحكومة التنفيذية لم يمس مناصب الحركات المسلحة التي حصلت عليها كمحاصصات اتفاق سلام جوبا، الأمر الذي وصفه برسي بخطأ سياسي فادح لقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.

الصديق الصادق المهدي

مواقف متضاربة

الموقف السياسي العام من خبر استقالة حمدوك حمل الكثير من التضارب بين مؤيدين لمغادرته لمنصبه ورافضين، ورغم تأكيد بعض المصادر لـ«التغيير» وجود اتصالات من أعضاء في الحرية والتغيير وحمدوك لمطالبته بالعدول عن استقالته، إلا أن الحرية والتغيير أكدت في تصريحات معلنة عدم معرفتها بالاستقالة.. «لم نعلم بها ولم يناقشنا في الأمر»- وفق القيادي بالجبهة الثورية ياسر عرمان الذي رد في مؤتمر صحفي للتحالف الخميس على استفسار «التغيير» بشأن موقفهم بقوله، إنهم يفضلون أن يتحدث اليهم بصورة مباشرة ومعلنة ليقوموا بالرد عليه «الحرية والتغيير ليست مسؤولة عن الرد على حديث يأتي عبر أجهزة الإعلام يخص من هو في منصب حيوي وحساس مثل رئيس الوزراء».

من جانبه، أكد القيادي بحزب الأمة القومي الصديق الصادق، وجود إشكاليات موضوعية بسبب تجاوز حمدوك للحرية والتغيير في الاتفاق الثنائي الذي أبرمه مع البرهان.

مع كل التحفظات السياسية حول توقيع حمدوك لاتفاق 21 نوفمبر مع العسكر؛ إلا أن الصوت العقلاني في أوساط قوى الثورة يقول إن التوقيت غير مناسب- وفق الخبير الاستراتيجي المختص في إدارة الأزمات محمد إبراهيم كباشي.

ودعم كباشي وجهة نظره بإجراء مقارنات للسقف الخاص بالحريات والتعامل الأمني الباطش للمواكب منذ تاريخ الانقلاب حتى تاريخ توقيع الاتفاق السياسي، وبين الأوضاع بعد 21 نوفمبر حتى الآن.

واتفق مع الخبير الإستراتيجي، عضو لجان مقاومة بحري محمد: «لم نكن نعتقد أنه بمقدرونا الوصول إلى القصر والعودة أحياء في موكب 19 ديسمبر».

وقال محمد لـ«التغيير»: نحن غاضبون جداً من توقيع حمدوك على الاتفاق السياسي مع العسكر، إلا أننا على يقين بأن وجوده في كرسي رئاسة الوزراء حالياً يخفف من البطش والملاحقات الأمنية للثوار».

واختلف مع الاثنين «الخبير الإستراتيجي وعضو لجان المقاومة»، القيادي بحزب المؤتمر السوداني مهدي رابح، الذي يرى أن مساحات الحرية المتاحة الآن ليست «منة» من أحد بل مساحة نحتت في الصخر بأظافر دامية عبر النضال والتضحيات، «لن يغير وجود حمدوك من عدمه شيئا في هذا الواقع».

ووصف رابح، في سياق مقال نشرته «التغيير»، جميع المبررات التي تساند عدول رئيس الوزراء عن استقالته بـ«الواهية»، وشدد على أن اتفاق برهان- حمدوك سيثبت أركان نظام حكم ديكتاتوري جديد يضيق الخناق على البلاد لعقود قادمات ويحول دون تحقيق حلم التحول الديمقراطي.

استاذ العلوم السياسية د. عثمان برسي

مآلات الاستقالة

الغضب العارم تجاه توقيع رئيس الوزراء على الاتفاق الثنائي مع العسكر؛ يمنع التفكير بعقلانية وواقعية حول مآلات استقالة عبد الله حمدوك، الذي وفق الخبير كباشي قطع الطريق أمام عودة عناصر المؤتمر الوطني الذين تم استيعابهم في المناصب القيادية بعد انقلاب البرهان.

والسيناريوهات المتاحة لمعالجة المشهد تنحصر في انحياز المؤسسة العسكرية لقوى الثورة، بحسب الخبير الاستراتيجي الذي يستبعد هذه الفرضية لانعدام الروح الثورية داخلها بسبب الفجوة الكبيرة بين العسكريين والمدنيين.

وقطع كباشي بأن السيناريو الأخطر هو مواجهة بين العسكريين أنفسهم نسبة لعدم وجود مؤسسة عسكرية واحدة، قد تتطور لحرب مدن!

ووفق كباشي، الخيار الأمثل لاحتواء تمزق الدولة السودانية يكمن في ميثاق سياسي واضح إلى جانب الوثيقة الدستورية يحدد مهام كل مكون بصورة واضحة، الا أن خبير الانتقال السياسي برسي الذي اتفق معه على ضرورة وجود إعلان سياسي واضح، اختلف معه في نوعية هذا الإعلان.

وقال برسي لـ«التغيير»: «الإعلان السياسي الذي يحل كافة الأزمات الحالية هو سيطرة قوى الثورة الحقيقية “شباب لجان المقاومة” على كافة المناصب التنفيذية وعلى رأسها منصب رئيس الوزراء».

وكان مصدران مقربان من حمدوك، قالا الثلاثاء الماضي، إنه يعتزم تقديم استقالته خلال ساعات- طبقاً لوكالة «رويترز»- وعزت المصادر التي تحدثت عن الأمر، الاستقالة لوجود خلافات بينه والعسكريين حول تعيينات أجراها مؤخراً، بجانب عدم تلقيه الدعم السياسي اللازم من القوى السياسية للاتفاق الذي وقعه مع البرهان في 21 نوفمبر الماضي، علاوةً على عدم رضاه عن التعامل الأمني مع المحتجين السلميين خلال المواكب الأخيرة.

تاريخ الخبر: 2021-12-23 21:33:11
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:25:06
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

تحديد سعر الطرح النهائي لاكتتاب مياهنا عند 11.50 ريال للسهم

المصدر: أرقام - الإمارات التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:24:25
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 50%

انخفاض الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 8.7% خلال مارس 2024م السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:23:59
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 56%

الصين توصي باستخدام نظام بيدو للملاحة في الدراجات الكهربائية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:25:04
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية