هو الحافظ الحجة، فريد العصر، ونادر الدهر، إمام الأئمة، وقاضى ، وسند المقرئين، ورأس المحققين الفضلاء، ورئيس المدققين النبلاء، وشيخ الإقراء غير منازع، هو عمدة أهل الأداء، وصاحب التصانيف التى لم يسبق مثلها، ولم ينسج على منوالها، بلغ الذروة فى علوم التجويد وفنون القراءات، حتى صار فيها الإمام الذى لا يدرك شأنه، ولا يشق غباره، هو الإمام ابن الجزرى، الذى يعد من أشهر علماء الأمة فى علوم القراءات، و بشكل عام، حيث تفوق فى ، والصرف، وكانت كل حياته مليئة بالكثير من التحديات، والاستفادة من العلوم الدينية المختلفة، لذلك ظل اسمه خالدا إلى هذا الوقت الحالى، وأصبح من أكثر العلماء الذين يتم الرجوع إلى علومهم ومصادرها بشتى الأنواع المختلفة.
هو محمد بن محمد بن محمد بن على بن يوسف الجزرى الدمشقى العمرى الشيرازى الشافعى، وكنيته أبو الخير.
هذا الأمام من ضمن الأئمة العظام فى الأمة، الذين ظل علمهم إلى هذه الفترة الحالية، وذلك بسبب المؤلفات العظيمة التى تركها.
ولد هذا العالم الجليل فى عام 1350 هجريا وذلك بعد انتظار ودعوات من والده أن يرزقه الله بطفل عالم فى الدين، وتقبل الله دعوته ورزقه الإمام، وكان منذ صغره من ضمن الأطفال النابغة.
كان حريصا على حفظ القرآن، وأتم حفظه وتلاوته فى الثالثة عشر، وفى سن الرابعة عشر صلى بالمصلين فى المسجد.
مسيرته العلمية
كانت المسيرة العلمية التى قضاها ابن الجزرى حافلة بالعديد من الأحداث المختلفة، لكونه ذو شغف بعلوم القراءات، وكان من أكبر العلماء فى دمشق ومصر والحجاز، هاجر من مكان لمكان حتى يتتلمذ على يد كبار علماء الأمة.
ولادته
تعتبر نشأة ابن الجزرى مميزة لأنه ولد فى دمشق وأبوه من كبار التجار فيها، وانجبه بعد أربعين عاما من الصبر والمحاولة حيث دعا والده فترات أن يرزقه الله بطفل عالم، وبعدها شرب من ماء زمزم من أجل أن يتم تحقيق دعوته وبالطبع أنجب الإمام.
تلاميذ الجزري
بلغ التلاميذ الذين تلقوا العلم على يديه أعداد كبيرة ومع ذلك لم يكمل معه المسيرة الى الآخر سوى تلاميذ أثبتوا تفوقهم، وهم: أبو بكر أحمد بن محمد الجزرى، ومحمود بن الحسين بن سليمان الشيرازى، وعثمان بن عمر بن أبى بكر بن على، وإبراهيم بن عمر بن البقاعى، وأبو بكر بن أحمد بن مصبح أحمد بن محمود بن أحمد الحجازى الضرير.
رحلته
طوال فترة حياته حرص ابن الجزرى على أن يكون علمه موجود فى أكثر من دولة، حيث كان سريع التنقل، طاف معظم المناطق الإسلامية فى ذلك التوقيت، وذهب فى البداية إلى تركيا، وأوربا.
وعندما ذهب إلى أوربا ذهب إلى السلطان العثمانى بايزيد، ولم يدم وجوده فى تركيا فترات كبيرة، لتعرض الحكم العثمانى للهجوم وقتل السلطان بايزيد، ثم أخذ من قبل تيمورلنك وتوجه إلى مدينة كش، وقرأ فيها القراءات، وذهب بعدها إلى مدينة سمرقند، وقرأ بها أيضا.
بعدها بفترة توفى تيمورلنك ثم توجه الإمام إلى خراسان، وقرأ بعدها فى مدينة هراة، واستمر فى مواصلة رحلته إلى أن وصل إلى مدينة شيراز بأمر من سلطانه بير محمد على أن يستمر بها فترة ما، ويقوم بالقراءة فيها رغمًا عنه، ثم تركتها وتوجه إلى مدينة البصرة.
مؤلفاته
بالرغم من أن له العديد من المؤلفات فى علوم القراءات فإنه ومع ذلك لم يترك العلوم الأخرى، وحرص على أن تكون مؤلفاته شاملة كل العلوم الشرعية ومن ضمن المؤلفات التى كتبها كتاب التيسير فى القراءات العشر، وكتاب تقريب النشر فى القراءات العشر، وكتاب التمهيد فى علم التجويد، وكتاب طيبة، وجامع الأسانيد فى القراءات، والمقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه، وإعانة المهرة فى الزيادة على العشرة، ومنجد المقرئين ومرشد الطالبين، والنشر فى القراءات العشر، وإتحاف المهرة فى تتمة العشرة، وأصول القراءات، كل هذه المؤلفات وأكثر من الأعمال الدينية التى قدمها هذا الإمام الجليل إلى الأمة بأسرها، جعلته من علماء الأمة الذين ما زالت آثارهم خالدة إلى اليوم، فقد كان المصدر الأساسى الذى ينهل منه جميع الطلاب الذين يريدون المعرفة بشكل أكبر عن القراءات العشر، فلا يمكن لطالب أن يفهم قراءة حفص دون الرجوع إلى الكتب التى قام بتأليفها.
وفاة ابن الجزري
توفى ابن الجزرى بعد عمر حافل بالعديد من الإنجازات التى قدمها للأمة، وما زالت هذه الإنجازات خالدة إلى وقتنا الحالى، وتوفى فى الثالثة والثمانين عاماً، فى شيراز التابعة لإيران.