للغة بريقها الأخاذ وجمالها البديع وفنياتها الممتعة التي تعكس وهج الروح وتفيض بهاء في المخيلة الوجدانية للقارئ ذلك أنها تباشر الإحساس وتجاذب الشعور وتكيف بوقعها الفني المشاعر والإدراكات وتحاكي الأعماق الذاتية والروحية للإنسانِ.

وفي الغالب دائماً ما يكون الشعر في مقدمة الخطاب الروحي حيث يباشر السجية الإنسانية بوقعه الجمالي والفني فيمثل الأحاسيس والمشاعر والمكنونات الذاتية للنفس البشرية بصوره وموسيقاه ومفرداته التي تمثل المدركات الذاتية للروح الإنسانية تمثيلاً يواكب الوجدان.

بلغة بديعة وراقية أصدرت الشاعرة السعودية أمل عبد الله المالكي ثلاثة دواوين شعرية ديوان (روح الأماني) و(ندى السحاب) و(صدى البوح) مستنطقة بلغتها الشعرية العذبة والدفاقة خبايا الأحاسيس والمشاعر ومناغمة الذات والروح ففي دواوينها الشعرية المتنوعة قصائدها بين العمودي الفصيح والتفعيلة الفصحى غيمت الشاعرة بمواجيدها وأشجانها الروحية وتراتيلها ولحونها على خمائل الذات الإنسانية بلغة استطاعت من خلالها أن تستشرف آفاقاً لا محدودة من الخيال المركب والشعور المتماهي مع الذات بلغة متمكنة بليغة هيمنت بمدلولاتها واستشعاراتها الذاتية على مكامن الشجن الإنساني مناغمة الحدس الروحي والذاتي حيث خاطبت الشاعرة المواجيد بتصويراتها الشعرية التي جاوزت بها مكامن الوعي الذاتي ومسافات الإدراكات المبهمة موحدة الحدس باتجاه الآخر جاعلة من الذات المصورة بهيئتها الروحية مساراً للتمعن الشعوري وجدت به مدركات النفس بابتكارات فنية وتصويرية راقية أومضت فيها إلى مسارات التجلي الروحي ووطنت الأحاسيس من المبهم في الوعي موطن الحدس المتجلي في الذات مستنطقة بلغتها الشاعرية العذبة خبايا الوجدان حيث تمكنت الشاعرة من الولوج في المعتم الروحي وغيمت بمفاهيمها الذاتية على مدلول الوعي مكيفة المعاني الذاتية مع الواقع التخيلي والمسارات الذاتية للوجدان إذ أحكمت منطقها التخيلي باتجاه النفس والضمير مسربة وعياً أحادي التكافؤ يحمل المدلولات التصويرية ويستقصي الشجى الكامن في الأعماق فكيفت الروح مع الأحاسيس المبهمة وجعلت من المشبه الضمني مسارات للوجد ناغمت المدلولات الإيمائية بتقمص ذكي وإدراك واع لمسافات النفس ووحي الضمير والروح، فجعلت من التشبيه المسترسل معمولات إيحائية يستقيم عليها الوعي الذاتي للمستنطق من الشعور ممدة آفاقاً لا حصر لها من التشبيهات المجازية التي تؤطر الرؤى الخاضعة للتصور بلغة ساوقت بينها وبين الشعور جاعلة من المد الذاتي للعاطفة موطناً للتهيؤ الذاتي والروحي ومساحة للتقمص الشعوري بلغة حملت مدلولات الضمير المبهم حيث استطاعت الشاعرة أن تقرن الهيئة الروحية للتصورات المشافهة للذات مع ما يعتمل في الأعماق من حدس غائم على الروح مواكبة في مدها التصوري الاستشعارات المبطنة للذات. إذ تباينت بين دواوينها الثلاثة المفاهيم الروحية التي استقصت أمدها من منظور الوعي الذاتي للروح جاعلة من المدركات التمثيلية ملاذاً للتجلي الذاتي للروح فناغمت الشعور بحدس راق ضمنته استشعارات الذات وجعلت من الإيحاء التصويري للمدلولات المغيمة على الذات مساراً للخلود الروحي ويقيناً للمعتم من التصورات فمدت بذلك أفقاً مشافهاً للروح وأومأت ببريق معانيها في القصائد إلى الغيب بمدلوله الوجداني وإلى ما وراء الحدس الكامن في الذات مهيئة الروح لمثول العاطفة وإذا كانت الشاعرة قد استنطقت المبهم من الشعور في دواوينها الثلاثة فقد جعلت من الشجى مناغمة بينها وبين النفس بطريقة تصويرية بالغة المدلول الشيء الذي وطن الأحاسيس في الحفيظة المدركة للتخيل بينما جعلت الشاعرة من المد الذاتي للأحاسيس مرفأ ينسجم ودفق الشعور فتقمصت هيئة الذات وواءمت بين الوعي وبين الضمير المبهم بتلقائية تخيلية وتصويرية ذوبت بها الشجون المتلاطمة في النفس والغائم من الوعي إذ هيأت للمدلول الذاتي مساراً مركباً في حفيظة الروح مستقية معانيها من خضم التوجد الذاتي للشعور.

وتميزت الشاعرة أمل المالكي في دواوينها الثلاثة بلغة عذبة شفيفة رسمت بها وعياً إدراكياً ناطقاً للخلود وفكرة إنسانية بالغة التأثير في المخيلة ما ميز شعرها العربي الفصيح بالتواؤم اللغوي والشعوري للنفس والروح بينما جعلت من التنوع الشكلي لقصائدها بين العمودي والتفعيلة مساحة لتناغم اللغة ومسافة لتقصي الشعور موظفة المعنى بسياقاته الدلالية متجاوزة به أفقاً من أفق السمو الوجداني إلى أفياء الروح ما عدد الانتباهات المحصورة للذات ونوع المسارات التخيلية للصور المندغمة مع النفس وشافه الحدس الكامن في الأعماق مشافهة بذلك شفافية المفردة بتلقائية ذاتية للتصور بنت عليها مجمل قصائدها التي اختارت للعمودي منها في الغالب أربعة أبيات لا تتعداها القصيدة الواحدة مكثفة فيها دلالات الذات استطاعت من خلالها أن تكثف المدلول الإيمائي للتصور وأن تميز الضمني من المشبهات وتوائم بين صورة المفردة ودلالاتها اللامتناهية في الذات.