أكد تقرير أمريكي، أن الحديث عن اختفاء روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، اتضح أنه غير صحيح، مشيرا إلى أنه في السنوات الأخيرة، لم تتحقق النبوءات الأكثر خطورة عن الانهيار الروسي التي انتشرت في التسعينيات.

وأوضحت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، في تقرير اليوم الأحد، أنه تم تداول حكايات زوال روسيا بتناسق ملحوظ منذ سقوط الاتحاد السوفيتي في 25  ديسمبر1991،  قبل ثلاثة عقود بالضبط بعد أن سقطت من قاعدة قوتها العظمى، وكانت الدولة التي خلفت الاتحاد السوفييتي توصف بشكل روتيني بأنها "قوة متراجعة" و"قوة سابقة" و "قوة انحدار".

وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه التوصيفات أفسحت الطريق أمام الاعتراف بأن روسيا هي في الواقع "قوة ثابتة" لكن في الأساس، لم يتغير شيء. سواء أعيدت تسميتها على أنها مجرد "قوة مزعجة" أو كقوة "معطلة" على الدوام، حيث يُنظر إلى روسيا الآن كما كانت منذ خروجها من حطام الاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1991 باعتبارها بقايا محطمة وإن كانت قوة عظمى في يوم من الأيام.

روسيا تعود قوة عظمي

وأوضحت "ذا هيل"، أن الأزمة في أوكرانيا أثبتت مرة أخرى أن مثل هذه التوصيفات مضللة بشكل فادح، لأن روسيا ليست قوية جيوسياسيا كما كانت في حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتي مباشرة، كما أنها ليست اللاعب الصغير على المسرح العالمي كما يتم تصويرها في الصحافة الغربية. 

وأضافت، "إذا نظرنا إليها دون عاطفة، فإن روسيا هي بشكل لا لبس فيه "قوة عظمى" فهي بلد يمتلك أدوات جوهرية للقوة الوطنية والإرادة لاستخدام هذه الأدوات للتأثير على النتائج السياسية في جميع أنحاء العالم وأي استراتيجية أمريكية كبرى جديرة بهذا الاسم يجب أن تأخذ هذه الحقيقة التي لا يمكن إنكارها في الحسبان".

وأشار التقرير الأمريكي، إلى أنه عندما يتعلق الأمر بامتلاك أداة قوية ومتنوعة للقوة، فلا شك أن روسيا تلبي معيار "القوة العظمى"، ومن المؤكد أن المشاكل الاقتصادية والتحديات الديموغرافية لا تزال تعصف بالبلاد لكن الحديث عن التراجع الروسي أسطورة أيضا غير صحيحة.

القوة العسكرية الروسية

وذكرت "ذا هيل"، إن الجيش الروسي اليوم ليس من المجندين سيئ التدريب والمجهزين الذين كان أداؤهم ضعيفًا في الشيشان في منتصف التسعينيات، فقد أجرت موسكو تحديثًا جذريًا وتم رفع مستوى القوات النووية والتقليدية في البلاد، ورغم أنه لا تزال هناك بعض أوجه عدم التناسق بين روسيا من جهة والولايات المتحدة والصين من جهة أخرى، فإن قدرات "القوة الصلبة" لروسيا التي أُعيد إحياؤها تضعها الآن في نفس الدوري مثل هاتين القوتين العظميين المعترف بهما.

النفوذ السياسي الروسي

كما استطاعت روسيا سياسيا، أن تطور ترسانة هائلة من الأدوات لتوليد النوايا الحسنة وجذب الدعم السياسي وتشمل هذه وسائل الإعلام الروسية والمراكز الثقافية الروسية والكنيسة الأرثوذكسية الروسية والجامعات ومراكز البحث الروسية، كما تمارس موسكو أيضًا القوة الناعمة من خلال توفير المساعدات الإنسانية وتخفيف عبء الديون والأمن من خلال المنظمات الدولية التي تركز على روسيا مثل منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

القوة الروسية الناعمة

وإلى جانب ذلك بحسب التقرير الأمريكي تمارس روسيا القوة الناعمة من خلال الترويج النشط لفكرة أن هناك بدائل قابلة للتطبيق للديمقراطية الليبرالية الغربية "المنحلة" وهي فكرة تروق لمجموعة من الأنظمة حول العالم.

وتعتبر روسيا اليوم وريثة لهوية قديمة ودائمة كلاعب رئيسي على المسرح الدولي، والطبقة الحاكمة في البلاد تشعر بذلك في عظامها وتتصرف وفقًا لذلك وهذه الهوية تجبر روسيا على التصرف كقوة عظمى، وإبراز القوة في جميع أنحاء العالم حتى في غياب الضرورات الاقتصادية المباشرة أو المخاوف الأمنية.