التعليم تحت سقف العولمة

ما مدى تأثير العولمة على التعليم والنظام التعليمي؟ وما هي أكثر الاِنعكاسات، أو أكثر التأثيرات السلبية والإيجابية للعولمة على التعليم والمنظومة التعليمية/التربوية في مختلف أطوارها؟ وما هي التحديات التي فرضتها على الأنظمة التعليمية؟ وكيف يمكن الاِستفادة من العولمة، واستخدامها فيما يفيد ويُشكل قوّة دافعة لتنوير العقول وتحقيق النهضة العلمية والاِقتصادية وتفعيل مُختلف البرامج التنموية وإحراز المكاسب الثقافية. ومن جهةٍ أخرى كيف يمكن التصدي لخطرها على المؤسسات التعليمية؟ وبأي أدوات وآليات يمكن مواجهة ومجابهة مختلف الاِنعكاسات على النظام التعليمي/التربوي.حول هذا الشأن "التعليم والعولمة". كان ملف هذا العدد من "كراس الثقافة"، مع مجموعة من الباحثين الأكاديميين الذين تناولوا الموضوع كلٌ من زاويته.

استطلاع/ نــوّارة لحــرش

سميرة ناصري: أستاذة العلوم السياسية –جامعة خنشلة
التحدّيات الجديدة تقتضي إنتاج نماذج محليّة عصريّة
شكلت العولمة بمفهومها البسيط تحديًا كبيراً لكلّ المجتمعات التي ظنت نفسها ولزمنٍ قريب أنّها مُحصنة من أي اِحتلال ثقافي أو اِجتماعي، لتجعلنا قرية كونية يسهل فيها اِنتقال وانتشار الأفكار والقيم في جميع أنحاء العالم لذا قد تُشكل خطراً داهمًا على هوية المجتمعات. فالكم الكبير من الثقافة المُتنقل نجد له تأثير قوي على منظومة التعليم في أوطاننا العربية لذا كان ولابدّ من مواجهة خطر العولمة على المؤسسات التعليمية واستخدامها فيما يُشكل قوّة دافعة لتنوير العقول وتحقيق النهضة الاِقتصادية وتفعيل مُختلف البرامج التنموية وإحراز العديد من المكاسب الثقافية.

تُعتبر ظاهرة العولمة من أكثر الظواهر إثارةً للجدل والنقاش خلال هذه الحقبة، لِمَا لها من جوانب وآثار على جميع المستويات، سواء على مستوى الدوائر العلمية الأكاديمية أو على مستوى المحافل العلمية التربوية. كما أنّها تُؤثر على الأنظمة الداخلية أو الخارجية لأي مجتمع. وللعولمة أدواتٌ عديدة أسهمت وتُسهِمُ في اِنتشارها كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والشركات مُتعدّدة الجنسيات، وكذلك ساعدت ثورة الاِتصالات والمعلوماتية على اِنتشار هذه الظاهرة في الوقت الحالي. وبِمَّا أنّ النظام التربوي التعليمي نظامٌ مفتوح يتأثر بمُجمل التغيرات المُختلفة التي تحدث في العالم وهذا التأثير ينعكسُ على جميع عناصر النظام التربوي لذلك تمت إعادة النظر في النُظم التعليمية وتغيير المناهج لإنتاج نفسها لتواكب التطوّر المعرفي والحضاري للعولمة، حيثُ لم يعد التعليم التقليدي هو المصدر الوحيد للعِلم والمعرفة، ولم يعد المُعلم هو الناقل لها فقط، فهناك مصادر مُتعدّدة للأدوات المعرفية علينا أن نتهيّأ ونُهيأ لها ونُهيئ أبناءنا لها. إنّ اِكتساح العولمة لمُختلف الميادين والحقول لا يُقابَل دائمًا بسلبية مُطلقة، فقد كانت وظائف المؤسسة التربوية والتعليمية منذ القديم لا تنحصر في تزويد الأفراد بالمعرفة اللازمة للتكيف مع مُتغيرات العصر، بل تسعى إلى تكوين شخصيته والمُحافظة على هويته الثقافية، وبذلك كان التعليم رافداً مُهمًا من روافد بناء الثقافة الوطنية. غير أنّ الأنظمة التربوية التقليدية لا يمكنها أن تستمر في تقديم إجابات قديمة لتحديات جديدة، وفي إعادة إنتاج القيم والنماذج المحلية في عصر قرية المعلومات الكونية. إنّ الأمر يتطلب القيام بمراجعة جذرية لبنيات تلك المؤسسات ووظائفها، فلقد كان هناك في الماضي ترجيحٌ للأبعاد التربوية على حساب الأبعاد التعليمية في تلك المؤسسات. في حين أنّ الظرفية الراهنة تتطلب رسم إطار يسمح بالتفاعل والتلاقح الإيجابي بين الأبعاد التحديثية والتقليدية في النظام التربوي، خصوصًا وأنّ التنشئة التربوية القادرة على الاِستمرارية الآن هي التي تستطيع تجديد مصادر عطائها، وضمان تفتحها المُستمر، دون أن يؤدي ذلك إلى محو مقومات الهوية الثقافية.
إنّ تراجع الأنظمة التربوية التعليمية هو دليلٌ على عدم قدرتها على مُسايرة التنافسية التي تغذيها العولمة. أمّا عن إعادة الاِعتبار لتلك الأنظمة، فلن يتم إلاّ عبر إنجاز إصلاحات تمتازُ بطابع الجرأة والتجديد، وذلك على مستويين:  -المستوى الأوّل: مستوى الوسائل التعليمية، حيثُ يجب العمل على إدماج التقنيات الحديثة في مجال الاِتصال ضمن الأدوات والوسائل التعليمية، وذلك رغم كلفتها الباهظة.
-المستوى الثاني: مستوى المضامين حيثُ يجب العمل على إدماج قيم الحداثة ضمن المناهج التعليمية، وذلك بواسطة التفتح على المعرفة الحداثية والمضامين العصرية، واعتماد تصوّرات جديدة للعلاقة بين التقليد والحداثة في المناهج الدراسية. وذلكَ اِنطلاقًا من تقييمٍ شامل للقيم التي تُنتجها الأنظمة التعليمية حاليًا. وهذا ما يقودنا إلى إصلاح مناهج التربية والتعليم ويجب أن تُؤكد مناهجنا على خصوصية حضارتنا العربية الإسلامية وأهمية التعاون والتكامل التعليمي والثقافي بين أقطار الوطن العربي، وإعادة صياغة برامج إعداد المعلمين في ضوء تحديات العولمة لجعلهم قادرين على أداءٍ أفضل، والأخذ بمبدأ النمو المهني المُستمر. وبالتالي التقليل من التسلل المُتواصل للمفاهيم المغلوطة والاِنبهار والاِستلاب الثقافي. فالتعليم في هذا العصر ليس مجرّد تنشئة للفرد المُسلح بالعِلم والقادر على الإنتاج، وإنّما هو قضية أمن قومي، فالمجتمع الّذي تتفشى فيه الأمية ويسوده الجهل يسهل اِختراقه والسيطرة عليه، وغزوه فكريًا وثقافيًا وعقائديًا.
ومِمَّا سبق نجد أنّ بروز ظاهرة العولمة يُؤثر في ميدان التعليم كما يُؤثر في جميع المجالات، ذلك أنّ النظام التربوي التعليمي مرتبط بالعولمة ويحتكم إلى عملية التأثير من خلال تفاعله مع البيئة المحلية اِمتداداً إلى تأثير النظام العالمي على أنظمة المجتمع الواحد من خلال التغيرات العالمية في عالم السياسة والاِقتصاد والتطوّر التكنولوجي والحضاري.

محمّد الطيب حمدان: باحث أكاديمي وأستاذ علوم سياسية وعلاقات دولية -جامعة بسكرة
لا يمكن لأي منظومة الاِنفلات من دائرة تأثير وجاذبية العولمة
يُؤكد خبراء التربية والتعليم على ضرورة مواجهة الغزو الثقافي والإعلامي لقِوى العولمة، بحيث تكون هذه المواجهة مؤسسة على ثوابت الهوية العربية وسماتها الإيمانية والحضارة الجامعة، ومسلحة بعقلية اِنفتاحية على كلّ منجزات الفكر والعِلم والتكنولوجيا، تقرأها قراءة نقدية وتتفاعل معها لتطويعها بِمَا يتناسب مع قواعد وضوابط فكرنا، فلا نرفضها بدواعي الخوف والعداء لكلّ ما هو أجنبي، وأن لا نذوب فيها بتأثير عقدة النقص تجاه الآخرين. ومن هذا المنطلق يتضح أنّ التعليم أصبح حجر الزاوية في هذه المرحلة التي تستوجب توجيه الجهود وتسخيرها لتطوير عملية التربية والتعليم وتحسين مناهجها الدراسية في مختلف المراحل التعليمية مع الاِهتمام بالنوعية وما يُوافق متطلبات العصر واحتياجات المتعلمين في ظل العولمة إعداداً للتصدي لها والمُواجهة، ويعتبر المنهج من حيث المحتوى والطريقة من أهم المداخل ضمن الإمكانيات التطويرية في التربية والتعليم بحيث يتضمن التطوير الأهداف والمعارف وأنشطة التعلم والتقييم، والتطوّر في المحتوى يتطلب تطورا في الطريقة وتحسين إستراتيجيات التعليم والتقويم في المدارس.

ويستلزم ذلك تطوير مهارات المعلمين أوّلاً من خلال التنمية العلمية التربوية والتقنية للمعلومات وتوظيفها في عملية التعليم والتعلم، مرتكزين على أُسس ومبادئ التربية الإسلامية العربية. ويستوجب للتنمية والتربية أوّلاً خلفية فلسفية وسياسية عامة، تتوافق والتصور الإسلامي العربي مع اِعتبار طبيعة المعرفة والإنسان واتجاهاته الأخلاقية، وأن تتصف التربية المستقبلية التنموية المنشودة بخصائص تلبي حاجة الإنسان العربي إلى النمو الشخصي والاِجتماعي، والوعي والمشاركة والفكر النقدي، والكفاية الاِقتصادية والإنتاجية واستمرار هذه التربية مدى الحياة حسب الحاجة دون إضرار بالآخرين وبالبيئة الطبيعية والاِجتماعية.
هناك إجماعٌ على تأثير العولمة على التربية ولكن الخلاف حاصل في أشكال هذا التأثير، وفي وسائله ودرجته، وتعتبر المنظومات التربوية هي أكثر المنظومات الاِجتماعية قابلية للتعولم وذلك للأسباب التالية:
-تقوم العولمة كما هو معروف على محرك أساسي هو تكنولوجيا الاِتصال والمعلومات، وهو ما أدى إلى ظهور مفاهيم وتسميات جديدة مثل مجتمعات المعرفة، اِقتصاد المعرفة وغير ذلك من المفاهيم والمصطلحات التي تكشف لنا أنّ البشرية دخلت عهداً صارت فيه المعلومة والمعرفة عاملاً حاسمًا في تحقيق التطوّر والنمو سواء في القطاع الاِقتصادي أو غيره من القطاعات الأخرى.إذن لا عولمة بدون معلومات وبدون معارف، وهذه المعارف والمعلومات لا قيمة لها إذا لم تُعالج وتُوظف في حينها ومن ثمّ الحاجة إلى العنصر البشري المُؤهل لإنجاز هذه العمليات، والمدرسة هي المؤسسة الاِجتماعية الأولى المنوط بها تنفيذ هذه المهمة، ومن هنا نفهم التحوّل الواقع في أدبيات التنمية من الحديث عن الموارد الطبيعية إلى الحديث عن الموارد البشرية. وبهذا يتبين أنّه لا يمكن أن نتصوّر منظومة تربوية قادرة على الاِنفلات من دائرة تأثير وجاذبية العولمة ويمكن أن نلخص الأمر كله في القول بأنّ العولمة تفرض على المنظومات التربوية أن تكون مدخل المجتمعات إلى اِقتصاد المعرفة أو عصر المعلومة وعليه يجب أن نُعيد النظر في المنظومة التربوية الوطنية وأن نرسم خطاً جديداً يتم من خلاله تحصين الجبهة الداخلية لحماية أجيال المُستقبل والقيم الحضارية للأمة الجزائرية ككلّ. 

محمّد لخضر حرز الله: أستاذ وباحث أكاديمي -جامعة محمّد خيضر/ بسكرة
العولمة أعطت التعليم طابعاً حيويا يتجدّد باِستمرار
لقد تمخض العصر التكنولوجي الحديث عن جملة من التحوّلات غير المسبوقة التي طالت مناخ الأعمال في كافة المجالات، بفعل تسارع عملية التحديث وحركية المثاقفة والعولمة المعرفية والتواصل الرقمي، فنتجت قيمٌ وأفكارٌ ومعاملاتٌ جديدة دفعت باِتجاه تغيير العديد من المفاهيم والمُمارسات الكلاسيكية، فأصبح التعامل رقميًا والاِتصال عبر الوسائط مرئيًا وآنيًا، والتفاعل شبكياً، والتواصل عالميًا، والتجارة والبيع إلكترونيًا، واضمحلت صناعاتٌ ووظائفُ لتظهر أخرى في عالم الذكاء الاِصطناعي والعولمة المعرفية ومجتمع المعلومات.

وقد اِمتدت رياحُ التغيير لتُلقي بظلالها على التعليم منهجًا ومضمونًا، فتغيرت أدواره وأهدافه وبيداغوجياته، وكثيرٌ من أبجدياته التي مثّلت على مدار أزمنة مديدة بديهياتٍ تربويةٍ وركائزَ ثابتةٍ للعملية التعليمية والتَّعَلُّمِيَّةِ، وحلت محلها نظرياتٌ ونماذجُ أكثر فاعلية وحيوية على مستوى الأداء التعليمي للأستاذ أو البيئة التعليمية ومقوماتها التنظيمية والبيداغوجية، لتصبح أكثر تكيفًا مع تحديات العولمة ومُتطلبات العصرنة.
لقد أصبح التعليم في زمن العولمة يتسمُ بطابع حيوي ومُتجدّد باِستمرار، نظراً لتسارع حركية الإنتاج المعرفي والتواصل الإنساني الّذي أدى إلى تزايد مستوى الوعي وانفتاح الطُلاب على تجارب وعوالم مُتغيرة، فظهر التعليم الإلكتروني والتعليم الاِفتراضي والتطبيقات التعليمية الرقمية والوسائل التكنولوجية الحديثة التي تُشكل الأدوات الجديدة للتعليم، وأثَّر كلّ ذلك بشكلٍ واسع على طبيعة عملية التدريس، فأعاد هندسة الأدوار التقليدية لأطراف العملية التعليمية الثلاثة وهم: الأستاذ، الطالب، المعرفة، الأمر الّذي يدفع بصفةٍ ملحة إلى تحديث البيئة التنظيمية والتعليمية للجامعات والمؤسسات التعليمية وتطوير مقارباتها البيداغوجية، بِمَا يتماشى مع المُتطلبات العصرية لسوق الشغل واقتصاد المعرفة وآفاق التنمية المُستدامة. إنّ مُواكبة هذه التغيرات يتطلب كفاءات ومهارات عالية المستوى، ونوعية تعليمية مُتميزة وعلى دراية تامة بمختلف نُظم المعلومات والتكنولوجيات المُتطورة، ولن يتأتى ذلك إلاّ بتطبيق إستراتيجيات فعّالة لتنمية كفاءات ومعارف هيئة التدريس للاِرتقاء بمستوى أدائها التعليمي والأكاديمي، وتكوين مزايا تعليمية تنافسية، ترتكز أساسًا على الاِستثمار في المورد البشري لتجعل منه قاعدة لبناء نظام الجودة التعليمية والأكاديمية. ويعتبر الأستاذ في أي نظام تعليمي المصدر الأهم للعملية التعليمية –مع تعدّد مصادر التعلم في عصر العولمة- ولتحسين أدائه ورفع طاقاته الإنتاجية في التعليم والبحث العلمي كمًّا ونوعًا، لابدّ من التركيز على تطوير مهاراته بصفة مستمرة، عملاً بأهم مبدأ للجودة الشاملة وهو "التحسين المُستمر Kaizen"، لتحويله من قوّة عمل كامنة إلى كفاءة تعليمية تُمثل "رأسمال تعليمي إستراتيجي" للمؤسسة التعليمية.
ويرتكز البرنامج المُتكامل للتحسين المُستمر على التكوين في المجالات الرئيسية التالية: المهارات التعليمية (تعليمية المادة) وطرائق التدريس، التشريع وتنمية الفكر التنظيمي والقانوني، التكنولوجيات التعليمية الحديثة وتطبيقاتها على المجال التعليمي، عِلم النفس البيداغوجي وأساليب التعامل التربوي، التكوين في علوم التربية وتطبيقاتها ونظرياتها لأنّها من أهم العلوم الرافدة للتكوين التعليمي والتحصيل البيداغوجي للأستاذ، أساليب القياس والتقييم والتقويم باِعتبارها أُسس سلامة مخرجات العملية التعليمية وجودتها، التحفيز على التنوع اللغوي (التكوين في اللغات الحية)، الإعلام الآلي والبرمجيات الإلكترونية والتطبيقات الرقمية وصناعة المحتوى التعليمي. فلابدّ من اِعتبار التدريب المُستمر جزءاً هامًا من وظيفة الأستاذ خلال مساره الوظيفي، وفي هذا الإطار لا ينبغي الاِقتصار على التدريب المُخصص من طرف الإدارة، ففي ظل عالم معولم ومنفتح، يجب فتح المجال واسعًا لأسلوب "التكوين الذاتي" إضافةً إلى البرامج التدريبية الرسمية، لتحفيز الأساتذة على النشاط المعرفي وإثراء مهاراتهم ومعارفهم، ففي ذلك أثرٌ مُباشر على رفع فاعليتهم وجودة أدائهم، مع تثمين هذه التداريب الذاتية ضمن الإستراتيجية العامة للتقييم والتحفيز الوظيفي وتنمية الأداء وربطه بالمكافآت المُستحقة والترقيات المُناسِبة.

فؤاد جدو: أستاذ العلوم السياسية –جامعة بسكرة
يجب أخذ أنجح السياسات التعليمية مع مراعاة الخصوصيّة
العولمة في وقتنا الراهن أصبحت نسقًا تتفاعل فيه كلّ الظواهر التي يُنتجها العالم أكثر منها ظاهرة مستقلة بذاتها، فالعولمة الآن تجاوزت مرحلة التشخيص إلى مرحلة الإنتاج والتأثير، وبالتالي تحقّق فعلاً ما يُعرف بــ"القرية الكونية" بفعل التكنولوجيا الحديثة وزيادة الاِعتمادية على مواقع التواصل الاِجتماعي بشكلٍ أساسيّ كبديل للإعلام التقليدي وآلية للتعامل والتفاعل اليوميّ للفرد والمُجتمعات والدول.

في المُقابل نجد أنّ مسألة التعليم في العالم التي تعتبر القضية الأساسية لكلّ الدول خاصةً المتقدمة والتي تسعى أن تتطوّر لإدراكها أهمية التعليم كمحرك أساسي لأي نهضة إنسانية واقتصادية لأنّها تستثمر في الإنسان وتحقق منه الرأسمال البشري ومن خلاله يمكن أن يحقق التنمية المُستدامة التي تسعى إليها كلّ الدول، وتتجلى مسارات الاِهتمام في مجال التنمية في العديد من الأشكال منها ما يُركز على تطوير المناهج التعليمية وجعلها تتماشى مع التحوّلات الدولية الراهنة، ومنها من يعتمد على تعزيز البنية التحتية للتعليم من مؤسسات وهياكل كالمدارس والجامعات ومنها من يجمع بينهما.
لكن المُلاحظ أنّ مستويات التعليم وجودته تتفاوت من دولة إلى أخرى مِمَا يُبيّن الفوارق في هذا المجال، وهنا نجد أنّ التغيرات السريعة التي تحدث على المستوى الدولي من خلال إفرازات العولمة تدفع العديد من الدول إلى تبنى نماذج دولية في قطاع التعليم وعلى مستوياته القاعدي والعالي والبحث العلمي بهدف ربح الوقت وأخذ أنجح السياسات التعليمية الموجودة الآن مِمَّا يخلق طرحًا جدليًا حول هذه السياسات والبيئة الداخلية للأنظمة ومُتطلبات العولمة من جهة.
ويمكن أن نُلاحظ أنّ عملية نمذجة التعليم من خلال العولمة له تصورات أو يمكن القول له شقين إيجابي وسلبي، فالجانب الإيجابي أنّ العولمة سمحت للأفراد والدول أن تتطلع على أهم السياسات التعليمية الناجحة في العالم مِمَّا يعطي تصوراً وصورةً واضحة على هذه السياسات ومقارنتها بالأنظمة المُتواجدة في الدول المُتخلفة أو الأنظمة الفاشلة عمومًا من خلال ما يُطرح عبر وسائل التواصل الاِجتماعي أو المنصات التفاعلية دون إخفاء أو تزييف للحقائق وهذا ما يجعل عملية التقويم والتقييم مُمكنة سواء بشكلٍ مُباشر والّذي يتم عبر آلية التعاون الثنائي بين الدول المُتطورة في هذا القطاع والتي تسعى أن تتطوّر سواء بتشكيل لجان مشتركة للتطوير أو من خلال وضع برامج فعّالة أو التكوين في العنصر البشري وبالتالي الوصول إلى وضع أُسس للتعليم الفعّال والّذي يُحقق تنمية حقيقية. من جهةٍ أخرى تؤثر العولمة إيجابًا من خلال الاِنفتاح على المؤسسات التعليمية في أي دولة، ما سمح باِستغلال التكنولوجيا الحديثة في تطوير هذا القطاع من خلال اِستغلال منصات التواصل والتطبيقات التي تُفعِل عملية التعليم ككلّ، ومن جهةٍ أخرى العمل على تطوير البرامج والتطبيقات والأنظمة لحل المشكلات التعليمية بشكلٍ أساسي في قطاعاته ككلّ وبمستوياته المختلفة وزيادة الاِستثمارات في هذا القطاع من خلال تكوين الكوادر والكفاءات وتعزيز البرامج بِمَا يتماشى مع الحجم الساعي للاِستيعاب والأهداف المرصودة.
من جانبٍ آخر نجد أنّ للعولمة سلبياتٌ أهمها مُحاولة فرض "نموذج" واحد وِفْقَ قيم مشتركة لا تُراعي خصوصية المجتمعات وبنيتها مِمَا يخلق نوعًا من الاِنفصام الاِجتماعي للعملية التعليمية التي تقوم على تعزيز القيم والتربية في المقام الأوّل والتي تُفرز لنا في الأخير الهوية التي يكتسبها الطفل في مراحله الأولى من التعليم، وبالتالي نمذجة النموذج المُنمذج يُعتبر بمثابة تهديد أكثر منه تطوير إذ لم يُراع الخصوصية لكلّ دولة، كما تُؤثر العولمة من جهة أخرى على الاِنفتاح على المؤسسات التعليمية مِمَا يجعل عملية اِستقطاب الكفاءات أمرا أكثر من مُتاح من خلال الولوج للجامعات والمراكز البحثية وهذا يعد استنزافًا للرأسمال البشري، كما يعتبر الأمن السيبراني أحد أهم المعضلات خاصةً في مجال التعليم عن البُعد حيث يمكن سرقة المعلومات واِختراق المواقع والمنصات أو أن تتعطل وهذا يُعطل العملية التعليمية برمتها.

مصطفى بوصبوعة: أستاذ العلوم السياسية -جامعة باجي مختار عنابة
إصلاح التعليم عربياً جاء تحت إكراهات غربيّة
أدى تزايد حركية العولمة إلى فرض العديد من التحديات على الأنظمة التعليمية، حيثُ أثرت محاولات عولمة الأنموذج الأمريكي/الغربي على الأنظمة التعليمية خاصةً في العالم العربي، أين اُتهمت هذه الأنظمة بأنّها أحد أهم الأسباب المُنتجة للإرهاب، وبات فرض هذه الأنظمة أحد أهم أولويات الإدارة الأمريكية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

طرحت عملية الإصلاح العديد من الإشكاليات خاصةً وأنّها لم تنبع من تحديات داخلية -على أهميتها- وإنّما كانت اِستجابةً لإكراهات خارجية، جعلت من عملية الإصلاح تتماشى ومُتطلبات النماذج التعليمية الغربية، وهو ما جعلها مجرّد جزء من منظومة إنتاج المعرفة الغربية التي غالبًا ما تعمل على تعزيز هرمية إنتاج المعرفة وتجعل من المُجتمعات الأخرى مجرّد مستهلك للسِلع والمعرفة، ناهيك عن أنّ الاِستجابة للنماذج الغربية ومحاولة تطبيقها على مستوى التعليم العالي، سَهَلَ عملية اِستقطاب الكفاءات الجامعية وإدماجها في سوق العمل الغربية.
إلى جانب هذا، أثرت العولمة الاِقتصادية، بِمَا تتطلبه من فرض للنموذج النيو لبيرالي، بشكلٍ كبير على قطاع التربية، أين أصبحت الدول غير قادرة على الاِستمرار في دعم قطاع التربية والتعليم العالي في ظل الشروط التي تفرضها مؤسسات العولمة وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، وهو ما أجبر العديد من الدول على السماح للقطاع الخاص بالاِستثمار في هذا القطاع، ما أدى إلى خلق اِزدواجية طبقية عزّزت الهوة بين الفقراء والأغنياء، وحتّى الدول التي حاولت أن تستمر في دعم قطاع التعليم على غرار الجزائر لم تسلم من هذه الاِزدواجية خاصةً في ظل تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية التي تُثقل كاهل الأُسر الجزائرية.
على الرغم من ذلك، فسحت العولمة عبر تكنولوجيا الإعلام والاِتصال المجال أمام العديد من المُريدين للتعلم، المجال للاِنضمام إلى مساقات تعليمية مجانية عبر شبكة الإنترنت، وبات الولوج إلى المصادر أكثر تيسراً. خفّفت هذه التكنولوجيات -نوعًا ما- من عبء المصاريف التعليمية التي تتحملها الأُسر، وذلك لظهور العديد من المنصات التعليمية التي تضمن محتوى تعليميا مجانيا وذا جودة عالية. برز دورها أكثر خلال جائحة كورونا، التي حتمت الاِنتقال إلى التعليم عن بُعد أو التعليم الهجين، وعزّزت بالنتيجة أنظمة تعليمية بديلة عن الأنظمة التقليدية ظهرت قبل الجائحة في الغرب وكان أبرزها التعليم الاِختياري عن بُعد Elective Home Education . سهلت حرية التنقل، في مجال الحركية الأكاديمية، حيثُ سمحت للطلبة والأساتذة بالاِنتقال إلى جامعات عالمية عبر برنامج التنقل الدولي.
تبقى عملية التكيف مع هذه التحديات التي تفرضها العولمة أهم الحلول التي يمكن أن تتبناها مُختلف الجهات القائمة على الأنظمة التعليمية، فإنتاج أنظمة تعليمية تُعزّز الفكر النقدي على حساب الأنظمة القائمة على التقليد يبقى الرهان الأساس لهذه الأنظمة، فهي البوتقة التي يمكن أن تُنتج فكراً يكسر التبعية المعرفية ويُنتج أُطراً معرفية وأنظمة تعليمية تستجيب للتحديات الداخلية قبل الخارجية، وتهدف بالأساس إلى إزالة الطابع الاِستعماري Decolonization عن المعرفة، وهو خيار على صعوبته يبقى مُتاحاً في ظل وجود أرضية معرفية بناها مفكرون عرب ومسلمون على غرار: اِبن خلدون، مالك بن نبي، إدوارد سعيد، هشام جعيط ووائل حلاق، ولهذا فإنّ اِنخراط الأكاديميا في وضع المناهج التربوية وفق رؤية واضحة هو أمر ضروري ضمن هذا السياق.

البشير بوقاعدة: أستاذ وباحث ومؤلف أكاديمي -جامعة سطيف2
العولمة داهمت النظام التعليمي وأثّرت سلباً على العديد من جوانبه
لا مراء في أنّ العولمة كنظام عالمي جديد، عُدّت من قضايا العصر الحديث الهامة التي شغلت بال العلماء والكُتّاب والمفكرين والباحثين لتوضيح حقيقة هذه الظاهرة أو هذا النظام، ومفاحصة طبيعتها وتمظهراتها، وتحديد أهدافها وتطلعاتها، ومعاينة نتائجها على حياة الفرد بكلّ أبعادها سواء إيجابًا أو سلبًا. ومع شساعة مساحة الجهد الفكري الّذي اِنصب في هذا المسعى، آثرت ثلة من أهل البحث الاِنزواء ناحية دراسة آثارها الإيجابية والسلبية على النظام التعليمي؛ تتشوّف اِستتباع مؤثرات هذه الظاهرة على المنظومة التعليمية-التربوية، وتختبر مستويات ذلك التأثير الّذي تراوح بين الإيجابية في مساحة ضيّقة منه، وبين السلبية في نطاقات أخرى جدّ واسعة. ومن ثمّ، نحاول أن نُزيح الستار إلى حدّ ما عن تلك الاِنعكاسات على الوجهين الذين ذكرنا.

أوّلاً: في منحى مساوئ نظام العولمة على المنظومة التعليمية، يكاد الاِتفاق ينعقد بأنّ أخطار العولمة داهمت النظام التعليمي، وأثّرت سلبًا على العديد من جوانبه، سواء ما تعلّق بمستويات المردود التعليمي، أو المنظومة القيمية التربوية، أو على مستوى الأداء والمادة التعليمية، أو التفاعل بين طرفي العملية التعليمية (المعلم والمتعلم)، أو على الهيئات الوصية والمؤسسات المشرفة على العملية التعليمية التربوية. ولا بأس أن نحصر تلك المؤثرات السلبية في النقاط الموالية: - التدخّلات والضغوط الممارسة على القائمين على الأنظمة التعليمية بالدول الإسلامية، بغرض تغيير المناهج التربوية التي لا تتماشى والتوجه الّذي ينشده نظام العولمة، وحذف البرامج والمكونات التعليمية التي تضم قيما تربوية عالية المستوى وبعيدة الأثر في نفسية المتعلم، وتكثيف مواد العصرنة ذات القيم الثقافية والفكرية الغربية على حساب المساقات التعليمية العربية، حتّى تهيمن الأولى على الأخيرة، وينسلخ الفرد العربي عن هويته الوطنية والدينية وتضعف فعالية قيمه المكتسبة على كاهل النظام التربوي المستحدث، ويستسلم أمام مؤثرات العولمة، وينخرط في نظامها دون وعي، وبلا مقاومة. - فرض اللغات الأجنبية في تعليم أغلب المواد المقررة، وهذا وإن كان ينطوي على مساحة من الإيجابيات، إلاّ أنّه لا يمنع في نفس الآن من التأثير سلباً على النظام التربوي وهوية المتعلم؛ حيث يُهدّد هذا التوجه اللّغة الأصلية أو الأم؛ باِعتبارها مقوما من مقومات هوية الفرد؛ ذلك أنّه يسهم في ذوبان شخصية المتعلم الدينية والثقافية ويشوّه صورتها الحقيقية أو الأصلية.
-فرض الطُرق التعليمية والأساليب التدريسية الغربية في الأوساط التعليمية العربية بصورة مبالغ فيها، وعلى الوجه الّذي لا يتناغم والتصور العربي الإسلامي، تحت تأثير مفعول الحداثة وبحجة مُسايرة التطور والمُستجدات الفكرية والتكنولوجية الراهنة. وليس بخافٍ تأثير ذلك على الهوية الثقافية والفكرية للفرد المسلم، خصوصًا أنّها تستغل الظروف الصعبة التي تتخبّط فيها أنظمة التعليم في الدول الإسلامية؛ في ظلّ معاناة الأخيرة، كما توصّل إليه العديد من الباحثين والمختصين في هذا الحقل البحثي من: عدم وجود وسائل جودة التعليم بما يكفي لإعداد المتعلم إعدادا مثاليًا، وتخلّف طرائق التعليم المنتهجة، وغياب فلسفة تعليمية تربوية إسلامية تقوم على مناهج دقيقة وناجعة ورؤية إستراتيجية وفعّالة، تُنافس المناهج الغربية وتتحدّاها، وتكون كفيلة بتخليص النظام التعليمي العربي من الإزم التي يعانيها والضغوط الخارجية التي تتربّص به.
ثانيا: بخصوص المفعول الإيجابي الّذي ينعكس على النظام التعليمي العربي تحت سقف هذا النظام العولمي، فإنّ من أبرز ما يُسجّل في هذا الصدد، مع التذكير بأنّ حدود دائرته ضيّقة جدّا، ما يأتي ذكره في النقاط الموالية: -سهولة إيجاد القنوات المتدفقة بالمعرفة، وآليات انتقالها، وأدوات اِستثمارها، ومسالك إدراكها. -مكّنت من تطوير النسيج العلائقي بين المنظمات التربوية الدولية الرامية إلى التعاون في خدمة العملية التعليمية، والنهوض بآلياتها وأدواتها وطرائقها. -أتاحت فُرص التنافس بين الشعوب ثقافيًا وتعليميًا لإثبات الذات التربوية، والقيم الهوياتية. -خلقت إلى حدّ ما فرص الحوار المتبادل بين الثقافات والأفكار، بما يسمح بالتعايش بين الشعوب والأفراد على اِختلاف الملل والنحل بعيداً عن الصراعات الإيديولوجية والعرقية. -تنويع مصادر المعرفة، والتشجيع على الاِستفادة من التطورات التكنولوجية الحاصلة كنتاج للثورة المعلوماتية التي تشهدها البشرية. -الاِرتقاء بأداء المؤسسات التعليمية بِمَا يتناغم وعالمية المناهج، والمُخططات الدراسية، والبرامج التعليمية. -غيرت مفهومية الوقت والفضاء؛ حيث اِختزلت الزمان والمكان، في سبيل تحصيل المعرفة، وتبادل الأفكار، وتلاقح الثقافات.
ثالثًا: بشأن الحلول المقترحة للصمود في وجه تيارات العولمة العاتية وتأثيراتها البالغة على الأنظمة التعليمية العربية، يقترح أهل الاِختصاص مجموعة من الحلول، من أهمها: -التحصين الثقافي والتربوي والقيمي المتين، لحماية المتعلم، وتأمين هويته وشخصيته، وتقوية مناعته الفكرية والعقدية والحضارية، وتنمية ثقته بذاته، واعتزازه بعقيدته وهويته. -إصلاح مناهج التربية والتعليم، وتطوير طرائقها وأساليبها، حتّى تكون كفيلة بإعداد جيل متعلم، يحوز على مناعة تربوية عالية، وكفاءة تعليمية متميزة، قادراً على التنمية الذاتية، والتفكير بطريقة إبداعية عميقة وواسعة الأُفق والمدى تعينه على تحليل المشكلات وتفكيك المعضلات وتطبيب أوجاع القضايا الفكرية المستجدة وإيجاد الحلول المُناسبة لها، والقدرة على التكيف مع الظروف المُستجدة فكريًا وثقافيًا ومتغيرات العصر الطارئة على ذات الأصعدة من دون أن ينسلخ من هويته، ويتخلّى عن عقيدته وقناعاته الفكرية والقيمية النابعة من صميم الثقافة العربية الإسلامية والشخصية الوطنية والحضارية. -العناية المركّزة بإعداد المؤطرين التربويين والأساتذة بمستويات كفاءاتية عالية، تمكّنهم من خوض غمار العملية التعليمية بفلسفة تكوينية متميزة، وقدرات تدريسية ناجعة. مع ضرورة تثمين ذلك الجهد معنويًا وماديًا، بِمَا يضمن اِستمرارية الفعالية ويُعين على نمائها. -الاِستثمار الهادف والواعي والآمن للشبكات التواصلية والوسائط الإعلامية التكنولوجية بألوانها المتنوعة، في خدمة العملية التعليمية والتربوية والتوعوية.

تاريخ الخبر: 2021-12-27 23:33:36
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:27:12
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 63%

نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:26:30
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 68%

نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:26:34
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 64%

وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:27:10
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية