تسجّل الكتب أعلى نسبة مبيعات في أوروبا وأمريكا في الشهرين الأول والثامن من السنة. وترتبط هذه النسبة في الشهر الأول بهدايا الميلاد، إذ يبدو أن الكتاب يظلّ أفضل هدية على الإطلاق للأفراد لكل الأعمار، أما نسبة الشهر الثامن فمرتبطة بالعطلة السنوية قبل الدخول المدرسي وبداية الموسم الجديد. يحبّذ الغربيون على ما يبدو أخذ روايات وقصص معهم لقراءتها خلال أسفارهم وعطلهم. وطبعاً هذا لا يعني أن مبيعات الكتب منخفضة باقي أشهر السنة، فلكل موسم مبيعاته. ويسجل الشهر الثاني من السنة أقل نسبة مبيعات وهذا منطقي جداً بعد شهرين من المبيعات الجيدة.

الأجمل من كل هذا أن سوق الكتاب شهد ارتفاعاً في المبيعات بنسبة تراوحت بين 19 و22 %. ورغم تزايد مبيعات الكتاب الإلكتروني إلا أن الورقي لا يزال مطلوباً أكثر بنسبة ستة كتب ورقية مقابل واحد إلكتروني.

عربياً الحديث عن إنقاذ صناعة الكتاب متداول بمستويات متفاوتة بين الجاد وبين ما هو مجرّد خطاب سياسي تطلقه بعض الوزارات لملء الفراغ الثقافي الذي زادت حدّته منذ بدأت الجائحة. أمّا قوائم الكتب الأفضل مبيعاً التي خرجت بها جرائد ومجلات ومنصات إلكترونية عالمية فتخلوا تماماً من العناوين العربية، وفيما تتقدّم القوائم الغربية أسماء جديدة في الآداب كلها وفق تصنيفات فرضتها أهواء القراء نجد القوائم العربية التي تعود للسنة الماضية ثابتة على الأسماء نفسها أولها نجيب محفوظ، عبدالرحمن منيف، إبراهيم الكوني، إحسان عبدالقدوس، سلوى بكر.. وغيرها، فيما تغيب الأسماء الجديدة التي برزت في السنوات الأخيرة خاصة تلك التي نالت جوائز رفعت من نسبة مبيعاتها.

نفهم من هذا المعطى أن القارئ العربي يعيد اكتشاف ما فاته من أدباء وهو يقرأ ما هو مكرّس إعلامياً، أو أن القارئ في وادٍ والإعلام في وادٍ آخر، وأن هذا الأخير لا يرصد ما يُقرأ اليوم بشكل صحيح. إذ تغيب المنصّات الإحصائية الخاصّة بالكتب والقراءة، رغم توفر مواقع بيع إلكترونية إلاّ أنّها لا تقدّم أرقاماً بعينها في آخر السنة لمعرفة قوائم الكتب الأكثر مبيعاً عندها، ولكنها تقدم العناوين الاكثر مبيعاً أسبوعياً، مثل موقع النيل والفرات الذي تبرز من خلاله أسماء عربية أهمها بلال فضل وروايته أم ميمي الصادرة عن دار المدى، وجلال برجس بروايته دفاتر الوراق الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وأمير تاج السر بروايته حراس الحزن الصادرة عن دار نوفل (هاشيت أنطوان)، أما أغلب الكتب الأكثر مبيعاً فهي أجنبية مترجمة، أو سياسية أو دينية أو متعلّقة بالتنمية البشرية.

من العناوين الطريفة التي جذبتني مثلاً كتاب "هل أنت غبي عاطفيا" لنانسي صميدة، صادر عن دار ملهمون للنشر والتوزيع، يطرح قضية العصر، بحيث يعيد الإنسان إلى ذاته ويبعده عن التشتت الذي وقع فيه بسبب نمط الحياة الجديد المفروض علينا.