منذ دخولها المعارك في ليبيا سنة 2019، وتحقيقها نجاحاً مبهراً في ردع قوات خليفة حفتر، كما تنفيذها مهام قتالية واستطلاعية أخرى، حظيت مسيرات "بيرقدار TB2" التركية بإعجاب عالمي كبير. سيزيد هذا الإعجاب والطائرة التركية تثبت مرة أخرى تفوقها الميداني بحرب تحرير إقليم قره باغ من الاحتلال الأرميني صيف 2020.

كل هذه النجاحات جعلت من "بيرقدار TB2" أيقونة الصناعات الدفاعية التركية لسنة 2021، ومحط اهتمام واسع لجيوش العالم التي تسابقت لحيازة ذلك السلاح. فيما تكمن قوة المسيرة التركية، مقارنة بنظيراتها الأخريات، في تفوقها التكنولوجي مقابل سعرها المتوسط، ما يجعلها أكثر جاذبية داخل سوق السلاح العالمي. إضافة إلى ذلك عدم فرض تركيا شروطاً على صادراتها من الأسلحة واحترامها سيادة الدول المستوردة.

هذا وطوال سنة 2021، أقبلت دول عديدة على شراء "بيرقدار TB2"، أو أبدت اهتمامها بشرائها.

بداية من القارة السمراء

كان دخول "بيرقدار" القارة السمراء سنة 2019، مع بداية عدوان قوات خليفة حفتر على الحكومة الوفاق بطرابلس، حيث نفذت عمليات استطلاعية وقتالية كللت بنجاح باهر، وتناقلت وسائل الإعلام وقتها مقاطع فيديو لاختراق المسيرة التركية دفاعات "بانتسير" الروسية وتدميرها، ما عزز سمعتها في السوق العالمية. .

كان المغرب من بين أبرز الدول التي أثارت "بيرقدار TB2" اهتمامها، وفي أبريل/نيسان الماضي أعلنت الرباط اقتناء 13 من المسيرات التركية بمبلغ يقارب 80 مليون دولار، قائلة بأنه "سيتم توزيع هذه الطائرات على كامل مناطق البلاد" بما فيها إقليم الصحراء. وأبرزت كذلك نيتها شراء النسخة المتطورة منها، "بيرقدار TB3"، التي من المرتقب أن تشرع أنقرة في تسويقها مع حلول 2023. هذا وأعلن المغرب شهر سبتمبر/ أيلول الماضي تسلم أول شحنة من المسيرة التركية.

وبعد المغرب تقدمت حكومة إثيوبيا، بطلب للجانب التركي من أجل تزودها هي الأخرى بمسيرات "بيرقدار TB2". في وقت بلغت فيه قيمة صادرات الصناعات الدفاعية التركية إلى إثيوبيا 94,6 مليون دولار بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني، مقارنة بنحو 235 ألف دولار خلال نفس الفترة من العام السابق.

وبالإضافة إلى هذيْن البلديْن، تواردت عدة تقارير تتحدث عن اهتمام الجيش الرواندي بالتزود بالمُسيَّرات التركية. كما أسهمت جولة الرئيس التركي طيب رجب أردوغان الإفريقة في لفت انتباه الدول التي زارها إلى السلاح التركي، وتوطيد الشراكة في مجال الدفاع بين تركيا والقارة السمراء.

اهتمام أوكراني وقلق روسي

تسلمت أوكرانيا أول شحنة لها من "بيرقدار TB2" سنة 2019، ومنذ ذلك الحين وهذه المسيَّرة تلعب دوراً محورياً في حربها ضد انفصاليّي دونباس المدعومين روسياً. إذ إن بعدها بوقت قليل أعلنت أوكرانيا سنة 2020 أنها تعتزم شراء 48 طائرة مسيَّرة من نفس الطراز، واحتفت بها قائلة إنها "ستمنح الجيش الأوكراني القدرة على المراقبة وتأمين البحر الأسود وبحر آزوف، والقدرة على ضرب أهداف بحرية سطحية وبرية للعدو، بوسائل عالية الدقة".

بل وبلغ التعاون الأوكراني التركي في هذا السياق إلى تطوير خط إنتاج مسيرات "بيرقدار" على التراب الأوكراني. وأعلنت كييف يوم السبت 25 ديسمبر/ كانون الأول عن افتتاح مصنع لإنتاج مسيرات بيرقدار على أراضيها. وعلق نائب الرئيس الأوكراني، أندريه يارماك، عن الحدث قائلاً: "بدأ كل شيء بتوريد بيرقدار، والآن بدأ إنتاجها في أوكرانيا".

هذا وأثبتت مُسيّرات "بيرقدار TB2" التركية كفاءتها في مسرح العمليات شرق أوكرانيا، وسبق أن أعلن الجيش الأوكراني في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي تنفيذه ضربات ناجحة باستخدام المُسيّرة التركية دمّر بها مدفع "هويتزر D-30" الروسي. الأمر الذي أثار قلق روسيا من قدرة هذه الطائرات على قلب قواعد اللعبة العسكرية في المنطقة. وانكشف القلق الروسي في الحملة الدعائية التي شنتها ضد "بيرقدار"، وقال موقع "نيوزويك" الأمريكي بأن "روسيا تخشى مُسيّرات بيرقدار التركية أكثر مما تخشى السلاح الأمريكي".

دول الناتو تقبل عليها

وفي شهر أيار/ مايو الماضي، خلال زيارة رسمية قام بها الرئيس البولندي أندريه دودا إلى أنقرة، وقعت تركيا على اتفاقية تصدير 24 مسيّرة من طراز "بيرقدار TB2" إلى بولندا، تصبح هذه الأخيرة أول بلد عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي يسلح جيشه بأسلحة تركية. وصرّح وقتها وزير الخارجية البولندي، زبيغنيو راو، قائلاً: "أثق بأن هذه الطائرات ستزيد من قدرة الجيش البولندي والجناح الشرقي لحلف الناتو"، كونها "متطورة تقنياً وأثبتت فعاليتها في المعركة".

وفي نفس السياق، أبدت لاتفيا اهتمامها بالمسلحة بالمُسيَّرات التركية. إذ زار وزير الدفاع اللاتفي أرتيس بابريكس مقرّ شركة بايكار في يونيو/ حزيران الماضي، وصرّح قائلاً: "الطائرات المُسيّرة هي النقطة التي نوليها اهتماماً حالياً، وسنواصل الاهتمام بها كثيراً"، وأشار إلى أن "أنظمة الطائرات المُسيّرة تخلق عديداً من الخيارات الإضافية للاتفيا، وتسمح لنا حقاً بزيادة قدراتنا القتالية".

بريطانيا بدورها لازالت مهتمة بالمسيرات التركية، ولمحت لذلك في عدة إشارات سابقة، أبرزها امتداح وزير الدفاع البريطاني بن والاس تلك الطائرات قائلاً: "خذوا على سبيل المثال الطائرة التركية المسيرة "بيرقدار TB2"، لقد كان استخدامها في سوريا وليبيا وأماكن أخرى مسؤولاً عن دمار المئات من العربات المدرعة وحتى أنظمة الدفاع الجوية". كما أكد ذلك وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى وارانك خلال حديثه لقناة CNN Turk، قائلاً: "قدمنا لهم خيارات وهم الآن يفكرون بجدية في هذه الخيارات".

TRT عربي