اليابان "الوحيدة"... كأبنائها | حول العالم


 بقلم: نهى علي

"من تريد أن تستشير إذا كانت لديك أية مخاوف أو قلق؟"..

رداً على ذلك السؤال؛ كانت نسبة الذين أجابوا بأنهم  لن يستشيروا أي أحد، الأعلى في اليابان، وبفارق كبير عن الدول الأخرى. جاء ذلك خلال المسح الدولي الذي استهدف الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و29 عاما في سبعة دول، في 2018. 

بينت الكثير من البيانات أن هناك مشكلة خطيرة تتغلغل في المجتمع الياباني؛ وهي زيادة  عدد من يطلق عليهم تسمية SNEP . تلك التسمية هي اختصار لمصطلح (Solitary Non-Employed Persons)التي تعني (منعزلون -عاطلون عن العمل).

تطال تلك التسمية، شريحة من اليابانيين ممن تتراوح أعمارهم ما بين أكثر من 24 عاماً إلى 59 عاماً، عاطلين عن العمل و (غير متزوجين)، ويقضون معظم الوقت وحدهم أو مع شخص فقط، باختصارهم يعتزلون الآخرين وليس لديهم أي اهتمام بالمجتمع.

 

SNEP ظاهرة خطيرة تزداد انتشارا في اليابان:

كانت كلمة SNEP من ضمن 50 كلمة الأكثر شعبية في عام 2013، عبر مواقع البحث على الإنترنت.

لكن وللمفارقة في 2013، شهد الاقتصاد الياباني تحولا إيجابياً بعد سلسلة من الأحداث السلبية، فيما بدا أنه دخل مرحلة التعافي من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، وكارثة الزلزال والتسونامي في شرق البلاد.

كما كان الاستقرار في تراجع قيمة الين من ضمن العوامل التي ساعدت بانتعاش الاقتصاد، حيث ارتفعت مؤشرات بورصة طوكيو للأوراق المالية، في نهاية العام للمرة الأولى منذ ست سنوات.

 

ذاكرة الشعب الياباني ..مثقلة بذكريات الأزمات الاقتصادية

إذاً ولتفسير ذلك، ربما علينا العودة إلى ما تراكم في ذاكرة الشعب الياباني من ذكريات مؤلمة حول مجموعة المآسي، التي حدثت لثلاثة عقود قبل 2013.

هذا يأخذنا إلى أجواء التفاؤل التي سادت في أواخر الثمانينات والمعروفة بحقبة (الفقاعة الاقتصادية)، كان هنالك عدد قليل جداً من اليابانيين، ممن أدرك أن الازدهار في تلك الفترة ما هو إلا فقاعة كبيرة ستنفجر،"وسوف تنتهي سريعاً"، مقابل تفاؤل الغالبية حول استدامة الانتعاش لفترة طويلة..!

انتشرت أثناء حقبة (الفقاعة الاقتصادية)، مستويات غير مسبوقة من الإنفاق المفرط على سلع كمالية، وبأسعار خيالية، لكن تلك البحبوحة لم تعش طويلا و سرعان ما أعقبها فترة طويلة من الكساد والركود استمرت 20 عاماً.

إذا هذا التراكم من الأزمات الاقتصادية، قد يكون من ضمن الأسباب التي أدت لظهور " الظاهرة الانعزالية".

 

اليانان الوحيدة عالميا من ناحية الأقدمية في تشخيص "انعزالية" السكان

قد يعتقد البعض، بأن اليابان دولة قد تكون متفردة، لكثرة عدد من يسمون بـ SNEP بها، لكن قد يُعزى ذلك لعدم وجود معلومات كافية حول هذه الظاهرة بدولة أخرى من دول العالم.

الجدير بالذكر هنا، أنه يمكن اعتبار "بلاد الشمس الساطعة"، أول دولة بالعالم من ناحية توجيه الاهتمام لمشكلة الـ SNEP، إضافة للتصدي لها ومواجهتها.

منذ عام 1976 تجري الحكومة اليابانية دراسات إحصائية واسعة النطاق كل 5 سنوات، تسمى (الدراسة الأساسية للحياة الاجتماعية) أو (Time Use Survey)

تعتمد الدراسة منهجية اختيار مليوني شخص من جميع أنحاء البلاد، يجيبون عما يفعلونه خلال حياتهم اليومية لمدة يومين كاملين، يتم انتقاء الأشخاص بشكل عشوائي ويقومون بالإجابة كل 15 دقيقة، وبتجميع تلك الإجابات يتم الكشف عن واقع من يسمون بـ SNEP، وهو المصطلح الذي ظهر فيما بعد ضمن الإحصائيات الحكومية.

 

عدد الـ SNEP يتضاعف  في ١٠ سنوات فقط!

في عام 2001 كان عدد SNEP في اليابان، بحسب البيانات الحكومية 850  ألف شخص. لكن بعد 10 سنوات ارتفع عددهم بمقدار الضعف تقريبا حتى وصل لأكثر من 1.6 مليون شخص.

فقد حدثت تغيرات كبيرة بالدخول في الألفية الثانية. انعكس ذلك على زيادة نسبة الـ SNEP بسرعة فائقة حتى بين النساء وخريجي الجامعات العاطلين عن العمل.

يضاف إلى كل ما تقدم، مشكلة اليابان الأكثر تعقيدا،وهي شيخوخة السكان.

لذلك فهي تبذل جهودا كبيرة للتغلب على تلك التحديات الخطيرة في إطار عملها لمواجهة مشكلة العزلة.

 

 وزير لمكتب" الإجراءات المضادة للوحدة والعزلة" في اليابان

في فبراير من عام 2021، تم إنشاء مكتب الإجراءات المضادة للوحدة والعزلة، وتعيين وزير له.

فيما يعد إجراءاً يعكس مستوى عالٍ من الوعي الحكومي بمشكلة الوحدة والعزلة السائدة في البلاد.

واشتملت بعض الأفكار بأن يتم توظيف الـSNEP في المناطق التي تقل فيها الأيدي العاملة ويزداد فيها عدد المسنين، عبر قيامهم بتوصيل المسنين عند ذهابهم للتبضع، أو صنع الفطائر في بعض المطاعم و غيرها من الأعمال التي تهدف لتعزيز دورهم في المجتمع.

تاريخ الخبر: 2022-01-03 05:18:34
المصدر: CNBC عربية - الإمارات
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 63%
الأهمية: 75%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية