حسب آخر البيانات الصادرة عن الحكومة الألمانية العام الماضي، يعيش في ألمانيا نحو 2.8 مليون مهاجر من أصل تركي، من الذين وُلدوا في تركيا أو وُلد آباؤهم في تركيا. وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 1.2 مليون من هؤلاء كان لهم الحق في المشاركة في الانتخابات الاخيرة التي جرت في سبتمبر/أيلول 2021.

وعلى الرغم من أن هجرة العمال الأتراك إلى ألمانيا بدأت باتفاقية توظيف العمال المهاجرين المبرمة في عام 1961، وبهذا يكون قد مر على وجود الأتراك على الأراضي الألمانية أكثر من 60 عاماً، إلا أن الأتراك حصلوا على حقهم في التمثيل السياسي في ألمانيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي منذ الثمانينيات فقط.

وشهدت السنوات الأخيرة تزايد أعداد السياسيين من أصول تركية المشاركين بفاعلية سواء داخل البرلمانات أو الحكومات الأوروبية، كما تولى ما لا يقلّ عن 5 سياسيين من أصل تركي مناصبهم داخل البرلمان الأوروبي، مما سينعكس بالتأكيد على العلاقات الأوروبية-التركية، وتحسين ظروف معيشة الأتراك داخل دول الاتحاد الأوروبي.

أصل الحكاية

في السنوات التي تلت قدومهم إلى ألمانيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي، بدأ الأتراك ممارسة أنشطتهم السياسية كأعضاء في نقابات العمال، وبقوا بعيدين عن السياسة حتى قدوم فترة الثمانينيات.

في الثمانينيات، على الرغم من عدم مناقشة فكرة مشاركة المهاجرين بنشاط في الحياة السياسية والاجتماعية في ألمانيا، فإن عدد الأتراك الذين أرادوا أن يكون لهم رأي في سياسة البلد الذي يعيشون فيه آخذ في الازدياد منذ ذلك الحين.

ونجح سيفيم جلبي الذي جاء إلى برلين عاملاً يبلغ من العمر 20 عاماً، والذي كان عضواً في حزب "القائمة البديلة للديمقراطية وحماية البيئة"، في دخول مجلس ولاية برلين عام 1987، وأصبح بذلك أول نائب من أصل تركي في ألمانيا.

وطوال العقود اللاحقة استمرّ الأتراك في الحصول على تمثيل سياسي لهم داخل ألمانيا وهولندا وبقية دول الاتحاد الأوروبي حتى حصولهم على أول تمثيلي وزاري داخل الحكومة الألمانية عام 2010، إذ عيّن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ، السياسي ذا الأصول التركية أيغول أوزكان، في وزارة الشؤون الاجتماعية في ولاية ساكسونيا السفلى. وبعد نحو عام، عُين أيضاً بيلكاي أوني من الحزب الديمقراطي الاجتماعي في وزارة الاندماج في بادن فورتمبيرغ.

18 نائب في البرلمان الألماني

أوز أغوز أو نائبة من أصول تركية تشغل منصب نائب رئيس البرلمان الألماني. (AA)

على الرغم من أن عدد السياسيين من أصل تركي في ألمانيا لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب، فإنه بدأ في الزيادة في السنوات الأخيرة. في الانتخابات الأخيرة التي جرت في سبتمبر/أيلول الماضي، وللمرة الأولى في تاريخ ألمانيا، ضمّ البرلمان الفيدرالي الألماني 83 نائباً من أصول أجنبية، بينهم 18 نائباً من أصول تركية من أصل أكثر من 100 شخص ترشحوا في هذه الانتخابات.

بهذا يكون السياسيون من أصول تركية سجَّلوا حضوراً أكبر في البرلمان الحالي، مقارنة بوجود 14 نائباً في البرلمان السابق، حسب التليفزيون الألماني "دويتشه فيله".

ويتوزع النواب من أصول تركية على أحزاب عديدة، فهم 9 من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (حزب المستشار الجديد)، و5 من حزب الخضر، و3 من حزب اليسار، ونائب من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي.

ومن أبرز هؤلاء النواب آيدان أوز أوغوز، التي أصبحت أول برلمانية من أصول تركية تُختار نائبة لرئيس البرلمان في ألمانيا، بعد أن حازت على أصوات 544 نائباً من أصل 727 خلال جلسة التصويت التي جرت لاختيار رئيس البرلمان ونوابه. يُشار إلى أن أوز أغوز من مواليد مدينة هامبورغ الألمانية عام 1967، ودخلت البرلمان عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي، إثر الانتخابات البرلمانية لعام 2009. وفي عام 2011 أصبحت أوز أوغوز نائبة رئيس الحزب، كما باتت وزيرة دولة معنية بشؤون الهجرة والاندماج، لتكون بذلك أول شخص من أصول تركية يتولى هذا المنصب.

فيما يفيد بعض وسائل الإعلام الألمانية بأن جيم أوزدمير، نائب رئيس حزب الخضر، مرشح لتولي وزارة الزراعة في حكومة المستشار الألماني الجديد المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتز.

وزيرتان في الحكومة الهولندية

وزيرتان من أصول تركية داخل الحكومة الهولندية. (Others)

ستشغل نائبتان من أصل تركي مقعدين في الحكومة الائتلافية الهولندية الجديدة المكوَّنة من أربعة أحزاب، عقب توصُّل الأحزاب السياسية في البلاد إلى اتفاق بقيادة رئيس الوزراء مارك روته، بعد انقضاء 271 يوماً بلا حكومة في البلاد.

من جانبها، ستشغل ديلان يشيلجوز، السياسية المولودة في أنقرة والبالغة من العمر 44 عاماً، عن حزب الشعب اليميني من أجل الحرية والديمقراطية (VVD)، والتي كانت عضواً في مجلس النواب منذ الانتخابات العامة التي جرت عام 2017، منصب وزيرة العدل والأمن في الحكومة الجديدة. يُذكر أن يشيلجوز كانت شغلت منصب وزيرة الشؤون الاقتصادية وسياسة المناخ سابقاً.

فيما ستُعيَّن جوناي أوسلو البالغة من العمر 49 عاماً، وهي من عائلة تركية تعود جذورها إلى مدينة أفيون قرة حصار الواقعة وسط الأناضول، في منصب وزير الدولة للإعلام والثقافة في الحكومة الجديدة.

TRT عربي