هل الجيل الحديث أكثر واقعية فيما يتعلق بالحب والجنس؟

  • جيسيكا كلاين
  • بي بي سي

صدر الصورة، Getty Images

لا يتواعد الشباب الصغار أو يكونون علاقات عاطفية اليوم بنفس الطريقة التي كانت تتبعها الأجيال السابقة، فهل يعد نهج هذا الجيل الحديث في العلاقات أكثر واقعية؟

"هل أنت مستعد للاستقرار؟" هذا هو السؤال الذي طرحته كيونغ مي لي، طالبة بجامعة ييل الأمريكية، في مقال نُشر في فبراير/شباط 2020، بعنوان "الاستقرار: الرومانسية في عصر الجيل زد"، لصحيفة "ييل ديلي نيوز" التابعة للجامعة. فهل ستتبع هي ومن في سنها نفس الاتجاه الذي يتبعه جيل الألفية لتأجيل الزواج؟

(الجيل "زد" هو الجيل الذي يلي جيل الألفية، ويستخدم في الغالب للإشارة إلى مواليد الفترة من منتصف التسعينيات إلى أواخرها).

وبعد ما يقرب من عامين من كتابتها للمقال، شعرت مي لي أن الإجابة هي "نعم" - لكن لسبب قد يكون مختلفًا عن غيرها من أبناء جيل الألفية.

تقول مي لي، البالغة من العمر 23 عامًا: "في مخيلتي الثقافية، كره جيل الألفية للعلاقات طويلة الأمد يعني أن الناس يدخلون في الكثير من العلاقات". بعبارة أخرى، بدا لها أن جيل الألفية انتظر حتى يستقر لأن المنتمين لهذا الجيل كانوا مشغولين بالاستفادة من حياة العزوبية.

تخطى مواضيع قد تهمك وواصل القراءة
مواضيع قد تهمك
  • الزواج: ما المشاكل التي تواجه السوريين في المهجر لبناء أسرة؟
  • فيروس كورونا: هل ساعد الوباء العمال الذين لا يكشفون عن إعاقتهم في مكان العمل؟
  • لماذا تتراجع رغبة الآباء في الإنجاب في الوقت الحالي؟
  • شركة كبرى تستعين بمجلس استشاري من المراهقين لمعرفة آرائهم قبل اتخاذ القرارات

مواضيع قد تهمك نهاية

أما بالنسبة للجيل زد، فتقول مي لي: "الناس يكرهون العلاقات طويلة الأمد لأنهم يفكرون كثيرا في أنواع العلاقات التي يريدون الدخول فيها".

وتؤكد مجموعة متزايدة من الأبحاث صحة هذا الرأي: يبدو أن المنتمين للجيل زد يتخذون نهجًا عمليًا بشكل خاص تجاه العلاقات مقارنة بالأجيال السابقة، ولا يمارسون الجنس بنفس القدر.

تقول جولي أربيت، نائبة رئيس شركة "فايس ميديا غروب": "لقد أدركوا أنه قد يكون لديهم شركاء مختلفين في أوقات مختلفة من حياتهم وقد يُلبون احتياجات مختلفة".

وفي بحثها، الذي درس حالة 500 مشارك من المملكة المتحدة والولايات المتحدة (معظمهم من الجيل زد وجيل الألفية)، وجدت أربيت أن واحدا فقط من بين كل 10 أعضاء من الجيل زد يقول إنه "ملتزم بأن يكون ملتزما (بعلاقة دائمة)".

وتوصل باحثون آخرون إلى استنتاجات مماثلة. ووفقًا لدراسة أجريت على الجيل زد من الهند، على سبيل المثال، فإن 66 في المئة من المشاركبين في الدراسة يوافقون على أنه "لن تكون كل العلاقات دائمة"، بينما يرفض 70 في المئة "علاقة عاطفية محدودة".

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

بين الجيل زد، كان هناك زيادة في "الأشخاص الراغبين في استكشاف حياتهم الجنسية"

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

تابوهات المراهقة، من تقديم كريمة كواح و إعداد ميس باقي.

الحلقات

البودكاست نهاية

ويعزو كل من الباحثين وأعضاء الجيل زد هذا الأمر إلى عدد من العوامل.

أولاً، يدخل هذا الجيل مرحلة البلوغ خلال فترة صعبة للغاية تشهد تفشى وباء كورونا، وتغير المناخ المتفاقم باستمرار، وعدم الاستقرار المالي. ويشعر الكثيرون أنهم بحاجة إلى تحقيق الاستقرار لأنفسهم قبل إدخال شخص آخر في الصورة.

وهناك أيضًا إمكانية الوصول بشكل متزايد إلى المعلومات الخاصة بالعلاقات عبر الإنترنت، وهو ما يُمكّن المنتمين للجيل زد، من خلال اللغة التي يريدونها، من التعبير عن هويتهم وكذلك ما يريدونه من علاقة لا تهدد هويتهم واحتياجاتهم.

تقول أربيت: "إنهم يركزون بشدة على أنفسهم، ليس لأنهم أنانيون، بل لأنهم يعرفون أنهم مسؤولون عن نجاحهم وسعادتهم، ويعلمون أنهم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على الاعتناء بأنفسهم قبل أن يتمكنوا من رعاية الآخرين".

تقول ستيفاني كونتز، مديرة الأبحاث والتعليم العام في مجلس العائلات المعاصرة الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له: "في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كان بإمكان الرجل البالغ من العمر 25 عامًا في المتوسط إعالة أسرة من دخله ولا ينتظر أن تعمل زوجته لكي تساعده".

وبالنسبة للعديد من المنتمين للجيل زد، فإن فكرة أن شابًا يبلغ من العمر 25 عامًا يمكنه إعالة أسرة بأكملها، وأن يتوقع الرجل أن تبقى الزوجة في المنزل بلا عمل، لم تعد تناسب الظروف المعاصرة - بل تبدو هذه الفكرة مثيرة للضحك بالنسبة للبعض.

وبدلاً من ذلك، يعطي الجيل زد الأولوية للأمور المالية، وهو ما يطيل الطريق نحو الزواج، كما تقول أرييل كوبربيرغ، الأستاذة المشاركة في علم الاجتماع بجامعة نورث كارولينا في جرينسبورو بالولايات المتحدة، والتي تضيف: "يستغرق الناس وقتًا أطول الآن للاستقرار، لأنهم يستغرقون وقتًا أطول للوصول إلى الاستقرار المالي".

وتتفق مي لي وصديقاتها مع ذلك. وتقول إن "هذا هو أكثر جيل غير آمن وغير مستقر ماليًا في التاريخ"، وهو ما يساهم في رغبة أفراد هذا الجيل في الحصول على "الاستقلال المالي" قبل الاستقرار مع شريك طويل الأمد.

وكطالبة في الجامعة، تقول مي لي إنها وصديقاتها يملن أكثر إلى إعطاء الأولوية لمسيرتهن المهنية على العلاقات، من أجل الوصول إلى مكان أكثر استقرارًا من الناحية المالية.

وتقول: "من النادر أن أسمع صديقا يقول مثلا إنه سينتقل إلى هذا المكان حتى يكون مع شريكه". وبدلاً من ذلك، فإنهم يركزون على ما هو أفضل لوظائفهم، وكيف يمكنهم جعل العلاقات مناسبة لذلك، وليس العكس.

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

أفاد أعضاء الجيل زد أنهم يركزون أكثر على حياتهم المهنية للعثور على الاستقرار المالي قبل الدخول في علاقات

ويتوافق بحث كوبربيرغ حول الجيل زد مع هذا، إذ وجدت أن الأشخاص الأصغر سنًا ممن هم في بداية تأسيس حياتهم المهنية أقل عرضة للدخول في علاقات رسمية مقارنة بجيل الألفية.

وتقول: "لا أعتقد أن ذلك يعني أنهم لا يريدون إقامة علاقات طويلة الأمد، لكن أعتقد أنهم يؤجلون مثل هذه العلاقات".

بالإضافة إلى ذلك، وجدت كوبربيرغ أن عدم الاستقرار الحالي في سن المراهقة دفع المزيد من الشباب إلى العودة للعيش في منازل والديهم لأنهم لا يستطيعون العيش بمفردهم في العشرينيات من العمر.

وتقول: "زادت العلاقات غير الرسمية وقلت العلاقات الجادة، لأنه أصبح من الصعب الدخول في علاقات جادة".

وفي الآونة الأخيرة، يرجع هذا إلى حد كبير إلى وباء كورونا، الذي جعل من الصعب على الشباب غير القادرين العيش بشكل مستقل.

أجرت كوبربيرغ مقابلة مع رجل من الجيل زد في ربيع عام 2020 انتقل من واشنطن العاصمة إلى ولاية كارولينا الشمالية مع والديه بعد فترة وجيزة من تفشي الوباء في البلاد. وقال هذا الشاب للباحثين إنه لن يدخل في علاقة أخرى قبل أن يعود إلى العاصمة.

وأظهرت دراسة عالمية أجرتها شركة "فايس ميديا غروب" اعتبارًا من شهر سبتمبر/أيلول 2020، بعنوان "الحب بعد الإغلاق" والتي شكل الجيل زد 45 في المئة من المشاركين فيها، أظهرت أن 75 في المئة عُزاب حاليًا ولا يتواعدون أثناء الوباء. وقال كثيرون إن هذا يرجع جزئيًا إلى رغبتهم في قضاء بعض الوقت للتعرف على أنفسهم بشكل أفضل قبل السعي للدخول في علاقة.

وقال رجل من الجيل زد من إيطاليا، في هذا الاستطلاع: "بدأت أفكر في نفسي، وما أريد أن أفعله وما لا أريد أن أفعله، وقد تعلمت من ذلك الكثير".

وقالت امرأة من الجيل زد من الولايات المتحدة: "أنا بعيدة جسديًا عن الجميع، ويمكنني أن أتراجع خطوة إلى الوراء وأقول: من أنا؟"

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Worklife