الاسقاط النفسي هو محاولة الانسان الهروب من أخطاء سلوكية وحالات اخفاق ورميها على الآخرين، ويجد المصاب بالاسقاط النفسي في ذلك راحة نفسية كبيرة، تبدأ مراحل الاسقاط النفسي لدى الانسان حينما يتعرض في حياته إلى حالة إخفاق سواء في دراسة أو عمل أو زواج أو مشروع تجاري أو أي تجربة تتعلق بمستقبل الإنسان، فيبدأ يشعر بنقص حاد في قدراته لأنه لم يقتنع أن الاخفاق جزء من حياة الانسان كما هو النجاح جزء من حياة الانسان.

الاسقاط النفسي هو نوع من أنواع اللوم وتحويل المشاعر إلى شخص أخر، حتى يحمي الفرد نفسه ويتبرأ من عيوبه، وهي عملية دفاعية يحمي بها الفرد نفسه والتبرأ من عيوبه ونقصه ورغباته المحرمة بالآخرين، بدلاً من الاعتراف بالمشاعر الغير مرغوب فيها او التعامل معها، يبدأ عقل المصاب بربط الاخفاق بتأثير الناس المحيطين به من أقارب أو أصدقاء، فهو بهذه الحالة يصل إلى درجة تصديق ذاته وأفكاره والاقتناع أن الأخرين دائما على خطأ فيبدأ في قراءة أفكارهم وتبرير كل تصرفاتهم وفقا لما يراه، يسمح هذا الإسقاط للفرد بتبرير تصرفاته وسلوكه ودوافعه.

ليس عيبا أن يفشل الإنسان في بعض أعماله، لأنه ربما أن العمل الذي كلف به كان أكبر من قدراته، ولكن العيب هو أن يسقط فشله على غيره، ويحاول الإساءة لهم، للبحث عن إرضاء من حوله، ولعله يستطيع أن يغطي إخفاقاته، لأن هذه الحيلة تجعل الشخص المريض مرتاحا نفسيا، وتخفف عنه وطأة شعور الإحساس بالنقص والدونية.

ليس هناك من لايخطأ، ولكن ادعاء أن تلك السقطات سببها آخرين، ذلك من صميم الفعل الاسقاطي النفسي القائم على إلصاق الفشل بالغير، وقيل قديماً "قد يفشل المرء كثيراً في عمله ولكن لايجب اعتباره فاشلاً إلا إذا بدأ يُلقي اللوم على غيره.."

يقول علماء النفس أن الأفراد الذين يستخدمون الإسقاط هم أشخاص على درجة السرعة في ملاحظة وتجسيم السمات الشخصية التي يرغبونها في الاخرين ولايعترفون بوجودها في أنفسهم، ولو أن القوة الذاتية في الانسان تتراكم عبر تعلمه من أخطائه وفشله، ولايمكن أن توجد قوة ذاتية في إنسان لم يفشل ابداً، لأن الذي لم يفشل ابداً لم يعمل عملاً حقيقياً ابداً.

يتضمن الإسقاط النفسي شكلاً من أشكال التفكك، قد يؤدي إلى استنزاف الفرد من شخصيته، يُعزى ذلك إلى القلق الأخلاقي والبارانويا، لأن الإسقاط يبرر السلوك غير المقبول، فإنه يؤثر سلبًا على العلاقات ويساهم في النزاعات والتحديات بين الأشخاص.

الصحة أساس الإنسان المفيد لنفسه ومجتمعه، وكذلك سلامة العقل يلازم للشخص المسؤول، فالاسقاط النفسي يعطل الإنسان عن القيام بدوره الطبيعي ويجعل الحياة بلا منطق، والجهد والعمل بلا فائدة، ومن هنا جاءت ضرورة أن يخلو الإنسان من الإسقاط النفسي، وهنا تلعب التربية السليمة دورا بارزا للأبناء أن تخلق جيلاً واعياً ومستقبلاً أفضل لهم مما يساعد على بناء شخصية سوية جسمياً ونفسياً وروحياً وفكرياً على قدر من المسؤولية والأخلاق والسلوك الحسن.

الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

جامعة عالية، كولكاتا - الهند