أدانت السلطات باماكو ما وصفته ب "انتهاك أجوائها" من طائرة فرنسية، يوم الثلاثاء 11 يناير/ كانون الثاني، محلقة من العاصمة الإيفوارية أبيدجان إلى مدينة غاو شمال مالي. متهمة إياها بغلق أجهزة التواصل مع الأمن، ورفض التعليمات الموجهة إليها من الأرض.

وفي ذات السياق هددت الحكومة المالية نظيرتها الفرنسية بإسقاط الطائرة إذا ما تكرر "الانتهاك" حسب تعبيرها. هذه الأخيرة التي تواجه عقوبات أوروبية وإفريقية جراء نشرها قوات تابعة للمتعهد الأمني الروسي فاغنر في البلاد، يدفع تهديدها ذاك إلى التساؤل حول: ما إذا قررت روسيا إدخال دفاعاتها الجوية لمعركة الساحل الإفريقي؟

تهديدات مالية ونفي فرنسي

وفي بلاغ صادر عن المتحدث باسمها، العقيد عبد الله مايغا، قالت الحكومة المالية: "شكوى رُفِعت إلى فرنسا إزاء تحليق إحدى طائراتها العسكرية يوم الثلاثاء بين عاصمة ساحل العاج أبيدجان ومدينة غاو شمالي مالي". معتبرة أن هذه الرحلة الجوية تشكل "خرقاً واضحاً لمجالنا الجوي".

وحسب مايغا فإن "الطائرة التابعة للجيش الفرنسي، أغلقت جهاز الإرسال والاستقبال الخاص بها حتى لا يُتعرف عليها وقطعت الاتصال بهيئات مراقبة الحركة الجوية المالية". مضيفاً: "السلطات المالية لن تتحمل أي مسؤولية عن المخاطر التي قد يتعرض لها مرتكبو هذه الممارسات في حال حدوث انتهاك جديد للمجال الجوي المالي".

هذا ونفى مسؤول عسكري فرنسي مزاعم الحكومة المالية، قائلاً إن "جهاز الإرسال والاستقبال الخاص بالطائرة تحول إلى الوضع العسكري وأنه جرى احترام جميع الإجراءات". وأكد أن السلطات المالية كانت موافقة على خط رحلة الطائرة.

معركة العقوبات

فيما سبق لفرنسا أن أيدت العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية التي أعلنتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، في 9 يناير/كانون الثاني الجاري، والتي تضمنت إغلاق المجال الجوي والبري أمام الرحلات المتجهة والقادمة من مالي.

فيما يدرس الاتحاد الأوروبي هو الآخر فرض عقوبات على باماكو، ذلك بعد قرار المجلس العسكري الحاكم فيها تمديد الفترة الانتقالية إلى خمس سنوات، كما تورد تقارير عن نشر 350 عنصراً من مرتزقة فاغنر الروسية في قاعدة تومبوكتو (شمال البلاد) بعد إخلائها من القوات الفرنسية.

وفي تصريح أخير له، قال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إن "مالي أصبحت قضية أوروبية"، مؤكداً عزم الاتحاد على فرض عقوبات ضد البلد الإفريقي. معتبرا ما يحصل فيه عبارة عن "هو هروب إلى الأمام من جانب المجلس العسكري الحاكم الذي رغم تعهداته، يرغب في مصادرة الحكم على مدى سنوات وحرمان الشعب المالي من خياراته الديمقراطية".

الدفاعات الروسية تدخل مالي؟

لا يملك الجيش المالي دفاعات جوية مضادة للطائرات، ما يدفع إلى التساؤل حول الآلية التي سينفذ بها تهديده بالمخاطر التي قد يتعرض لها مرتكبو هذه الممارسات في حال حدوث انتهاك جديد للمجال الجوي المالي.

بالمقابل، لطالما قدمت أنظمة الدفاع الجوي للجيش الروسي إسناداً دفاعياً لمرتزقة فاغنر في البلدان التي تنشط فيها. كان ذلك في ليبيا حيث وفرت موسكو منظومة بانتسير الدفاعية لقوات حفتر المدعومة بمرتزقة فاغنر الروس.

وفي أغسطس/آب 2020، رصدت مصادر لموقع قناة الجزيرة القطرية نشر مرتزقة من قوات فاغنر لبطاريات S-300 الدفاعية الروسية في ميناء راس لانوف بمنطقة الهلال النفطي في ليبيا. وأفاد الموقع بأن "مسلحي فاغنر نشروا المنظومة على مسافة 250 متراً جنوب المصنع الذي سيطروا عليه خلال الأيام الماضية برفقة مرتزقة سوريين ومسلحين ليبيين من قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر".

فيما تحيل هذه الأحداث إلى إمكانية تطبيق روسيا نفس النهج في مالي، وتدخل أنظمة دفاعها الجوية إلى منطقة الساحل فيما قد يجرها إلى صدام مكشوف بين فرنسا وحلفائها من جهة وبين روسيا متمثلة في مسلحي فاغنر.

TRT عربي