يومين على انطلاق أولمبياد بكين الشتوية، آثرت الأمم المتحدة أن تحيي تقليد الألعاب العريق كما كانت تقام باليونان القديمة. حيث كانت تكتسي الأولمبياد طابعاً دينياً جامعاً لشعوب البلاد، توضع خلاله السيوف والحراب جانباً، كما يتوقف الاقتتال طوالها، فاسحاً المجال للتنافس الرياضي أن يحل محل الحرب.

هكذا دعا الأمين العام للمنظمة الأممية أطراف النزاع الإثيوبي إلى إعلان هدنة بهذه المناسبة، من أجل إيصال المساعدات الإنسانية للساكنة العالقة وسط المعارك، في وقت تتواصل التقارير الدولية المحذرة بوقوع كارثة إنسانية مع صعوبة إيصال تلك المساعدات.

غوتيريش يدعو لهدنة أولمبية!

في تصريحات صحفية يوم الثلاثاء، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، جميع أطراف النزاع في إثيوبيا على الالتزام بهدنة بمناسبة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، واستغلال وقف الأعمال العدائية لتسهيل إمداد جميع الإثيوبيين بالمساعدات الإنسانية.

وقال غوتيريش: "بينما أستعد للمغادرة لحضور دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، أوجه أقوى نداء ممكن لجميع الأطراف في إثيوبيا من أجل وقف فوري للأعمال العدائية". مضيفاً أن تعليق الأعمال العدائية يوفر فرصة لـ"وصول المساعدات الإنسانية الفعالة والإغاثة لجميع السكان المتضررين في جميع أنحاء إثيوبيا".

يأتي هذا في وقت أعلن برنامج الغذاء العالمي، في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، إيقاف توزيع المساعدات الغذائية في شمالي منطقة تيغري محط النزاع، وتقول الأمم المتحدة إن هناك أكثر من تسعة ملايين شخص يحتاجون إلى إمدادات غذائية أساسية، بعد أكثر من عام من القتال.

ما هي الهدنة الأولمبية؟

ولد التقليد الإغريقي القديم المسمى "إيكيتشيريا" أو "الهدنة الأولمبية" في القرن الثامن قبل الميلاد، وشكّل المبدأ المقدس الذي تستند إليه الألعاب الأولمبية. حيث يبدأ سريانها قبل سبعة أيام من افتتاح الألعاب، وتنتهي في اليوم السابع من اختتامها. وخلال هذه الفترة كان يجري وقف جميع النزاعات لتمكين الرياضيين وأقاربهم من السفر بأمان لمناطق الألعاب والعودة لاحقاً إلى بلدانهم.

وذكَّر غوتيريش في معرض كلامه بأن الهدنة الأولمبية تعود إلى آلاف السنين "ويدعو جميع الأطراف في كل مكان لوقف الأعمال العدائية طوال فترة الدورة".

وترجع إعادة هذا التقليد في وقتنا المعاصر إلى 1992، حين جددته اللجنة الأولمبية بأن دعت سائر الأمم إلى مراعاة هذه الهدنة. ومنذ عام 1993 نما التأييد للهدنة الأولمبية بشكل كبير داخل الجمعية العامة، في حين قررت اللجنة الأولمبية الدولية عام 1998 رفع عَلم الأمم المتحدة في جميع مواقع مباريات الألعاب الأولمبية.

وشرع رؤساء الجمعية العامة للأمم المتحدة، بداية من عام 1994، في إصدار نداء رسمي لمراعاة الهدنة خلال الألعاب الأولمبية، قبل بدء الدورة الصيفية للألعاب الأولمبية والبارالمبية أو الدورة الشتوية.

فيما هي المرة الثانية التي يدعو فيها غوتيريش لهذه الهدنة، بعد دعوته الأولى التي كانت قبيل انطلاق دورة طوكيو الصيف الماضي. حيث قال وقتها: "كان عليهم التغلب على عقبات هائلة للمشاركة، في خضم جائحة كـوفيد-19. نحن بحاجة إلى إظهار نفس القوة والتضامن في جهودنا لإحلال السلام في عالمنا".

TRT عربي