إعادة أسر مقاتلي داعش الأجانب من سوريا الى مواطنهم الأصلية


“أخبرونا أن سوريا هي بلاد الشام، هي أرض مقدسة. وإذا متنا هناك في المعركة، فسنرتقي إلى الجنة على الفور، ونصبح شهداء. كنا متحمسين في ذلك الحين – 150 شخصا من كازاخستان – أن نشترك بنفس العقلية، ذهبنا جميعا إلى سوريا في 2014.”هكذا تسترجع أسيل إي. (32 عاما) وتروي اثناء مقابلتها لممثلي الأمم المتحدة عن بداية مشوارها إلى سوريا، حينما توجهت هي وزوجها وابنها إلى سوريا بحثا عن “السعادة الوهمية” ثم عادت ارملة تحمل طفلين في عمليات اعادة المواطنين الأجانب من سوريا الى مواطنهم التي هاجروا منها للقتال مع داعش.

إن إعادة المواطنين الذين ذهبوا طواعية إلى مناطق الصراع للانضمام إلى المتطرفين والإرهابيين عملية معقدة للغاية، تبحث خلالها سلطات جميع البلدان المهتمة، بدعم من الأمم المتحدة، عن “وسيلة ذهبية” لإيجاد هذا التوازن بين أمن السكان وحقوق الإنسان والرحمة الإنسانية العادلة.

وتقدم الأمم المتحدة الدعم الشامل للدول التي أصبحت رائدة في “حقل الألغام” هذا. وقام مركز الأمم المتحدة الإقليمي للدبلوماسية الوقائية لمنظمة آسيا الوسطى بتطوير برنامج عالمي للتحقق من هوية المرتزقة الأجانب المزعومين، أولئك الذين يعودون وغيرهم ممن يستعدون للعودة، وملاحقتهم إذا ثبتت إدانتهم، وإعادة تأهيلهم والاندماج في المجتمع.

كما تقدم وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك مكتب مكافحة الإرهاب، الدعم المباشر للسجون الكازاخية في التعامل مع السجناء المتطرفين. حيث ناشدت الأمم المتحدة مرارا وتكرارا رؤساء 57 دولة حول العالم لإعادة مواطنيها الذين لا يزالون يعيشون في ظروف لا تطاق في مخيم الهول للنازحين بسوريا. الذي يضم أكثر من 70 ألف شخص وأكثر من 90% منهم نساء وأطفال. ويشكل العراقيون والسوريون أكثر من 80% من عدد سكان المخيم وبحسب الخبراء، لا يزال حوالي 65,000 شخص في هذا المخيم وغيره من المخيمات السوريّة، كثير منهم نساء وأطفال، وهم عائلات لأفراد من مقاتلي داعش السابقين أجلت السلطات الكازاخية أكثر من 600 من مواطنيها على مدار الأعوام الثلاثة الماضية. وأطلقت السلطات الكازاخية تسمية “جوزان” على عملية إعادة مواطنيها إلى البلاد، وهي كلمة كازاخية تعني “نبتة مرّة” تنبت في البلاد، ورائحتها مرتبطة بكازاخستان.

كانت بين العائدين اسيل فزوجها كان مقاتل داعشي.وكانت حامل في ذلك الوقت .كانت مهووسة -حسب تعبيرها- ليس فقط في الفكرة، ولكن أيضا من أجل أهداف خاصة بها. وقالت: “انجذبنا إلى حقيقة أننا لن نعمل في الأرض المقدسة، وأن الأموال، أي الغنائم، سيتم توزيعها علينا شهريا. والمنازل والممتلكات من المدن والبلدات المحررة ستكون ملكا لنا.”لكن، بعد ذلك “كل هذا مجرد جذب الرجال في الغالب.”

ترعرعت أسيل في كنف أسرة عادية شمال كازاخستان، حيث لم يكن التأثير الديني بنفس القدر الذي كان في جنوبي البلاد. وبعد تخرّجها من الجامعة، رحلت إلى العاصمة. وفي عام 2013 اعتنقت الإسلام.، وقالت إنها في البداية أحبت فكرة الحجاب حيث بدت جميلة وهي ترتديه، ومن ثمّ تزوجت رجل “بلحية” ويرتدي “بناطيل قصيرة” (في إشارة إلى التشدد الديني) – وقالت إنها تزوجت من رجل “مسلم حقيقي” وحاولت أن تصبح الزوجة الصالحة له، فأقنعها “بالهجرة” إلى سوريا.

بعد “إطاعة زوجها” توجهت أسيل معه إلى سوريا عبر بيلاروس وتركيا. ووفقا لها، كل شيء كان جيدا في البداية. ولكن “الجنة الموعودة” كانت قصيرة المدة. بعد اندلاع الأعمال العدائية، أصبحت المدينة التي يسكنون بها تحت الحصار، وبات الأمر أصعب كثيرا بدون طعام، ونفد المخزون من الطعام والنقود واستذكرت أسيل الظروف غير الصحية التي اضطرت فيها إلى وضع مولودها الثاني في سوريا.

سنوات عجاف

عاشت أسيل في سوريا لمدة خمسة أعوام، وتنقلت مع زوجها من مكان لآخر. وفي نفس الوقت، تزوج هو من امرأتين أنجبتا له أطفالا.

ولكن، في أحد الأيام لم يعد زوجها إلى المنزل – فقد أصابت قنبلة المبنى الذي كان يعمل فيه. وبعد أن أصبحت أرملة، قررت أسيل العودة مع طفليها إلى الديار. وكانت حكومة كازاخستان تنظم رحلات مباشرة لإعادة من يرغبون بالعودة. إلا أنها خشيت – هي وغيرها – من أن يتم الزجّ بها في السجن إذا عادت إلى بلادها، ولكنها أدركت أن بقاءها في سوريا يعني الموت. وإذا ظلت على قيد الحياة، فستكون الحياة جحيما. ورحلت أسيل مع نساء من تركيا، وحتى من دول أوروبية، واستطاعت العودة مع طفليها إلى بلدها ضمن العملية الثانية الخاصة للسلطات الكازاخية.

رائحة الوطن

بحسب أسيل، كانت محظوظة لأنها عاشت في مخيم الهول لمدة شهرين فقط. وهذه الأيام الستون، وقبلها خمس سنوات مليئة بالتجول والمصاعب، كانت كفيلة لأن تفهم الجحيم الذي عاشت فيه، ولم تعرّض نفسها فقط للخطر، بل أيضا طفليها.

ومرّت ثلاث سنوات على إطلاق عملية “جوزان” – وبحسب لجنة الأمن الوطني في كازاخستان، خلال هذه المدة، تم تنفيذ ست مراحل من هذه العملية، وإعادة 607 من المواطنين منذ عام 2019: 37 رجلا، 157 امرأة و413 طفلا، 34 منهم أيتام.وتمت إدانة 31 رجلا، و18 سيدة لمشاركتهم في أنشطة داعش بين العائدين.

كانت الوجهة النهائية للرحلات الجوية المباشرة لعملية “جوزان” القادمة من سوريا مدينة أكتاو الكازاخية على شواطئ بحر قزوين. وتم وضع جميع النساء والأطفال في مركز إعادة تأهيل، حيث تم تجهيزهم لبدء حياة سلمية في البلاد بعد شهر. وبعد إجراء الفحوصات الطبية عمل معهم علماء النفس وعلماء الدين. والتحق الأطفال بالمدارس ورياض الأطفال المؤقتة، حيث عمل معهم المعلمون والمدرسون.وبعد انتهاء الحجر الصحي، تم إرسال جميع النساء والأطفال إلى أقاربهم في مسقط رأسهم.

الآن، تشعر أسيل بالسعادة وتعيش في بلدها، وقد تزوجت من رجل آخر. كما أنها سعيدة بنجاح ابنيها وأكبرهما يبلغ الآن من العمر ثمانية أعوام، والصغير خمسة أعوام. “لكنّ والديّ زوجي الأول لا يزالان يعتقدان بأن ابنهما سيعود يوما ما.”

الجنوح للتطرف

تحدث مدير مركز “أكنيت” لإعادة التأهيل، عليم شونيتف، عن أسباب الهجرة الجماعية للشباب الكازاخيين، إلى سوريا في 2013-2014.وأشار إلى أن أحد الأسباب هو ما وصفه بالأميّة الدينية، والتي بحسب قوله تجعل الشباب أعزل أمام دعاة الفكر الديني المتطرف.

وقال: “لم يكن لشبابنا ما يعارضونه في العمل الجيد للغاية المتمثل في تجنيد الدعاة. الفكر الديني المتطرف هو عمل مشترك بين التقنيين السياسيين وعلماء النفس وعلماء الدين الذين زرعوها في عقول الشباب، بعد ذلك أصبحوا مستعدين للتضحية بحياتهم من أجل أفكار الآخرين.”

ثانيا، وفقا للسيد شونيتف، في السنوات الأولى لاستقلال كازاخستان، تم اعتماد قانون بشأن حرية الدين والجمعيات الدينية. وقال: “فُتحت الحدود، وتوجه الشباب إلى الخارج إلى المؤسسات الدينية ووقعوا فريسة الدعاة الكاذبين. وعندما عادوا إلى وطنهم، كانوا بالفعل ينشرون أيديولوجية خطيرة هنا.”والسبب الثالث هو إنجاز القرن الحادي والعشرين: الشبكة العنكبوتية.

وقال إن الشباب على الإنترنت كانوا يبحثون عن إجابات لأسئلتهم وحلول لمشكلاتهم التي يتعين عليهم مواجهتها في الحياة، ومن خلال المواقع الدينية والشبكات الاجتماعية حدثت عملية “التطرف الذاتي.”

وأضاف: “لقد كان هناك نزوحا جماعيا لشبابنا إلى سوريا والعراق، لهذا انتهى بهم الأمر في حرب يخوضها شخص آخر. وبين أولئك الذين يقضون عقوباتهم في المؤسسات الإصلاحية، 95 في المائة منهم تخلوا عن الفكر المتطرف، وبعضهم عاد إلى الحياة العلمانية، والبعض الآخر اعتنق الإسلام المعتدل. عملنا مستمر.”

تاريخ الخبر: 2022-02-05 18:21:03
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

نصف ماراطون جاكرتا للإناث.. المغرب يسيطر على منصة التتويج

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:31
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:25
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

نصف ماراطون جاكرتا للإناث.. المغرب يسيطر على منصة التتويج

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:26
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 18:26:18
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية