نشر معهد "مونتيني" الفرنسي للأبحاث دراسة جديدة حول شباب البلاد، بعنوان "شباب بصيغة الجمع: دراسة استقصائية في الفئة العمرية ما بين 18 و24 سنة". حاول من خلالها الباحثان أوليفييه غالان ومارك لازار الإجابة عن سؤال: ما الخصائص التي تميز الشباب الفرنسي؟ وهل هذا الجيل من الشباب يختلف عن سابقه؟

هذا، ومن أجل الإجابة، عمل الباحثان على سبر آراء الشباب الفرنسي في عديد من القضايا، على رأسها مدى إحساسهم بالسعادة ورغبتهم بالهجرة، وكذلك توجهاتهم السياسية. في هذا الصدد، علَّل كل من غالان ولازار، في ديباجة دراستهما، بأنها تأتي "في ظل سنة انتخابية أثبتت كل الاستطلاعات السابقة عزوف الشباب عن التصويت".

فيما ترسم الدراسة صورة قاتمة لواقع الشباب الفرنسي، حيث يسود عدم الرضا عن التعليم ومكابدة المشاكل الاقتصادية، كذلك عدم الثقة في سياسيي البلاد وعدم القدرة على التموقع سياسياً. بالمقابل تكشف عن ميول هذه الفئة نحو الاحتجاج وتقبل العنف السياسي، واعتدادهم بأن الثورة قد تكون حلاً لمشاكل البلاد.

تعيسون وفقراء

حسب دراسة غالان ولازار، فإن 72% من الشباب القادمين من عائلات فقيرة يواجهون مشاكل مادية، و44% منهم يجدون مشاكل في العمل، 45% في العلاقات الغرامية. كما أن "إنشاء صداقات صعب بمرتين لدى الشباب من أسر فقيرة منه عند الشباب ممن ليست لها مشاكل مادية".

هذا وأجابت نسبة 35% من الشباب الميسور مادياً بأنهم "سعداء جداً" في حياتهم، مقابل 13% من الشباب الفقير. وإجمالاً 18% من الشباب الفرنسي يصنفون أنفسهم تعساء، و59% قالوا بأنهم يجدون صعوبات مادية في حياتهم. ومع ذلك يجمع الباحثان على أن "مفهوم السعادة عند الشباب الفرنسي منفصل عن المسألة المادية".

فيما يخص التعليم، تورد الدراسة بأن 41% من الشباب الفرنسي اعترف بأنه واجه مشاكل دراسية، و45% من طلاب المرحلة الثانوية اشتكوا من سوء التوجيه خلال مسارهم الدراسي. هذا ويسلط الباحثان الضوء على أن مسألة الهجرة ليست حكراً على شباب دول الجنوب، بل وبنسبة 21% من الشباب الفرنسي يرغبون في مغادرة البلاد من أجل العيش في الخارج.

الثورة هي الحل

من ناحية التوجهات السياسية التي يميل إليها الشباب الفرنسي، فالنسبة الكبرى منه تتشاطر الدفاع عن قضايا البيئة والمناخ، وبنسبة أقل يهتمون بقضايا النوع والأقليات الجنسية. فبحسب ما تكشفه الدراسة فإن 62% من الشباب الفرنسي يقول بأن قضايا البيئة "مهمة للغاية"، مقابل 28% فقط يقولون بأن قضايا النوع "مهمة للغاية".

مع هذا فإن 43% من الشباب الفرنسي لا يستطيع مَوْقَعة نفسه سياسياً على اليمين أو على اليسار، كما يسودهم مناخ من عدم الثقة في الساحة السياسية الفرنسية، حيث 68% منهم يعتقدون بأن "كل السياسيين فاسدون".

بالمقابل، يكشف استقصاء غالان ولازار بأن جانباً من الشباب الفرنسي تسوده ميول احتجاجية، فإن 25% منهم أبدوا استعدادهم على المشاركة في أشكال احتجاجية، و 25% يعتبرون أن الثورة هي الحل. فيما بالنسبة للعنف السياسي، يرى الشباب الفرنسي بنسبة 22% أنه "من المشروع استعمال العنف في الاحتجاج"، و49% يرون أنه "من المقبول مواجهة السياسيين خلال الاحتجاجات"، و39% يقولون إنه "من المقبول مواجهة رجال الشرطة أثناء الاحتجاجات".

TRT عربي