شرح وتحليل لحن تي شوري (٣)


بقلم: م. منير وصفي بطــرس

باحث في موسيقى الألحان القبطية

مـدرس مــــادة اللــــحن الكنــــسي

بمعــــهـــد الرعـــــاية والتـــــربيـة

البعد الطقسي:

إن أجزاء القداس الالهي تتكون من: تسبحة عشية، صلاة رفع بخور عشية، تسبحة نصف الليل، صلاة رفع بخور باكر، صلاة الاستعداد وتقديم الحمل والتحليل، قداس الموعوظين، قداس المؤمنين. ولحن تي شوري يقع ضمن منظومة قداس الموعوظين، وأحيانا يسمونه قداس الكلمة؛ لأن فيه نسمع الكثير من التعاليم الروحية من خلال الألحان والقراءات الكنسية، ويشمل قداس الموعوظين البولس، الكاثوليكون، الإبركسيس، السنكسار، المزمور، الإنجيل، العظة، بما يتخللهم من ألحان كنسية، ويمكن إضافة الثلاث أواشي الكبار السلامة، والآباء، والإجتماعات، وعندما يقول الشماس: “انصتوا بحكمة الله يارب ارحم بالحقيقة”، كان يحدُث خروج للموعوظين، ولذلك ينبههم حتى لا يحدث شَغَب أو ضجيج وحركة كثيرة أثناء الخروج. وفي أوقاتٍ أخرى أُضيفت صلاة الصلح على أساس أن الكنيسة تصالح الموعوظين مع الله، فالموعوظون هم الأشخاص الذين قَبِلَوا الإيمان وصاروا تحت التعليم الكنسي الانجيلي، حتى ينالوا سر المعمودية ويدخلوا العضوية الكنسية وكانوا في طقس الكنيسة في العصور الأولى يظلوا ثلاث سنوات يتم إعدادهم للإيمان والتعاليم الروحية، فكانوا يتعلمون، وتخاطب الكنيسة عقلُهُم وضميرُهُم، والله يفتح قلوبَهم؛ ليستمعوا إلى كلمة الايمان، ولذلك تمهدهم الكنيسة للإيمان بكل القراءات الكنسية التي تُقرأ عليهم، والألحان التي يسمعونها، والطقوس التي يشاهدونها، أما بالنسبة للمؤمنين أنفسهم فهم يتعلمون بصورة مستمرة، ويتقدمون في الايمان، وتعمل فيهم كلمة الله بقوة الروح القدس.

ولحن تي شوري يقع في فترة قراءات البولس، والطقوس التي تحدث من ألحان وقراءات وحركات ودورات في هذه الفترة تُشير إلى القديس بولس الرسول الذي نشر بشارة المسيح للمسكونة كلها، وتركيزاً لموضوع التحول للإيمان والتوبة التي حصلت مع القديس بولس ، وهي تُناسب حالة الموعوظين، الذين كانوا يمرون بنفس الوضع، ونجد توافقاً مع كلمات تي شوري التي تتكلم عن الخلاص ومغفرة الخطايا.

ومجموعة ألحان دورة البولس: (ني سافيف تيرو، طاي شوري، تي شوري، انثو تى تي شوري، الهيتنيات، لحن الفضائل، اي أغابي، تاواضروس توماكاريو، لحن البولس) تتكلم بصورة عامة عن كرازة الكنيسة ممثلة في البابا كرأس للكنيسة والكرازة المرقسية، وعن التشفع بالقديسين وأولهم العذراء لطلب الغفران من الله، والشورية رمز لها، وللتجسد، والبخور هنا الذي يمثل صلوات القديسين.

لحن تي شوري (يسمى في الخولاجي لحن العذراء) ضمن مجموعة الألحان التي تُقال في دورة البولس، ونجد أن هذا الجزء في الطقس، يتكامل معا ليُصور لوحة متكاملة جميلة عن تأملات في البخور والشورية، فهو يُقال في الفترة السنوية، وفي سبوت وآحاد الصوم الكبير ويقال بالأخص في عيدي الصليب، والساعة التاسعة يوم الجمعة العظيمة، وفي حل زنانير الشمامسة، وفي الأكاليل.

في هذه الجزئية، نجد تلاحم ما بين العهد القديم (ممثلا في لحن طاي شوري)، والعهد الجديد (ممثلا في لحني تي شوري و انثو تى تي شوري)، الأول يتكلم عن الشورية في يد هارون الكاهن ومن هذا الوقت وحتى عصرنا الحالي يمثل البخور حضور الله، وصلوات القديسين. والثاني والثالث يتكلمان عن العذراء كمثال للشورية التي حملت العنبر الذي هو المسيح الإبن المتجسد.

وفي هذا الجزء أيضا، ونحن ناظرين الى إرتفاع البخور الى أعلى، نجد الكاهن يصلي خلال رفع بخور البولس في الجزئية المعروفة بالارباع الخشوعية “هذا الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة، قأشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة” يتكلم عن خلاص المسيح.

كما يقول الكاهن في أوشية البخور “طهر قلوبَنا، وقدس أنفسَنا، ونقنا من كل الخطايا، التي صنعناها بإرادتنا، وبغير إرادتنا “، وهنا نجد لمسة التوبة والنقاوة ، ولذلك فنحن نقول أن المسيح خلصنا، وغفر لنا خطايانا، وذلك تأكيدا لتوبتنا الصادقة، وفرصة مناسبة للإنسان، أن يقدم توبة، نتذكر فيها توبة القديس بولس وإستخدام الله له.

كذلك نتشفع بالسيدة العذراء والقديسين ونطلب غفران خطايانا بشفاعتهم في لحن تي شوري ولحن الهيتنيات أيضاً وفيها تدور أعيننا وهي ناظرة إلى القديسين حينما يُبخر الكاهن أمام صورهم.

كل هذه الصلوات، والطقوس، والألحان، تمثل سيمفونية رائعة متوافقة، تتجمع كلُها لتأخذ الشعب في رحلة ذِهنية، وحالة روحية، تساعد للصلاة بخشوع ورهبة وروحانية، وفي هذه الملحمة الطقسية، تصلي الكنيسة من خلال دورة الكاهن والشماس حول المذبح، من أجل سلامتها، ورعاتها، ورعيتها، في الاواشي التي تقال سرا، وفي كل هذا نجد الربط مابين ما يُصَلَى من صلوات سرية على المذبح، وما يُرفع من بخور من الكهنوت، وما تُردده الكنيسة من ألحان.

لذلك فأن لحن (تي شوري) بنغماته السريعة النشيطة، التي تحمل لمسة من الشجن والجدية، مع رفع البخور، مع شكل الشورية ورموزها، مع التشفع بالعذراء، وكذلك التبخير أمام صور القديسين؛ كل هذا يعطي للمؤمن أفكاراً روحية عديدة ومتكاملة.

(لينك حلقتان من خمسة تسبيح لشرح تي شوري لغوياً وطقسياً و عقيدياً).

تاريخ الخبر: 2022-02-10 09:21:23
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

نافاس يغادر إشبيلية نهاية الموسم بعد مسيرة حافلة بالألقاب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 21:26:04
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 65%

نافاس يغادر إشبيلية نهاية الموسم بعد مسيرة حافلة بالألقاب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 21:25:55
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

تزنيت.. الاحتفاء بالذكرى الـ 68 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-16 21:25:05
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية