الأكثر شهرة والأكثر تحطيما للأرقام القياسية على مستوى شباك التذاكر وعدد مرات العرض... و«في هاك السردوك نريشو» أعاد هذا الثنائي المميز حشد الجمهور الغفير حول ركح ضاحك وناقد، لينقطع حبل الود بين الاثنين لأكثر من 20 سنة بسبب خلافات مادية وأزمات صحية ... إلا أن «الكيمياء المشتركة» التي تجمع بين «ذويب» و»النهدي» كانت أكبر من كل الاختلافات وهي التي جعلتهما يلتقيان من جديد في «نموت عليك».
بعد عرض أول يومي 30 و31 ديسمبر 2021 بالمسرح البلدي، تتواصل لقاءات مسرحية «نموت عليك « مع عشاق الفن الرابع وأحباء مسرح منصف ذويب ولمين النهدي، وذلك يوم 17 فيفري بالمسرح البلدي على الساعة السابعة ونصف مساء.
قضايا تونس على ركح السخرية الناقدة
عندما اتخذ منصف ذويب ولمين النهدي قرار العودة للعمل معا، وضع كل واحد منهما نصب عينيه ما حققاه من نجاح سابق وساحق. فلا مجال للخطإ أو الفشل والكل ينتظر رجوعا مدويا يليق بمكانة الرجلين في افتكاك لقب أفضل ثنائي كوميدي في تونس. هي نصوص أسرة يكتبها منصف ذويب بحبر من السخرية المُرة والضحك الممزوج بالوجع عن تونس والتونسيين وعبث البشر. وهو الفنان المبدع الذي يلبس الشخصية على المقاس ثم يزّكيها ببعض من لمساته السحرية ويضفي عليها نكهة أمين النهدي الفريدة من نوعها. ومن النص إلى الركح، يتحوّل منصف ذويب في براعة الحرباء من كاتب متمكن إلى مخرج متمرس يحسن توجيه بطله وتأطير خشبته ليكون العرض عبارة عن وجه من وجوه تونس بل كل تونس !
ليس منصف ذويب من هواة الظهور والتسرع في الإنجاز بل يحبذ التأني والتروي إل حين «طبخ» مشروعه ونضج فكرته، فإذا بأعماله ترسخ في الذاكرة وتأبى النسيان انطلاقا من فيلم «يا سلطان المدينة»، مرورا بفيلم «التلفزة جاية»، وصولا إلى مسرحية « المكي وزكية»... والقائمة تطول . وقد استهلكت مسرحيته الجديدة «نموت عليك» من عمره ووقته أكثر من 3 سنوات قضاها في الكتابة وإعادة الكتابة وفي البحث والتمرين صحبة رفيق دربه وشريكه في النجاح لمين النهدي. وقد تسببت «الكورونا» في تأجيل موعد عرض «نموت عليك» لأكثر من مرة خلال السنة الفارطة وما قبلها وحرمان الجمهور من لحظات من الضحك الصادق النابع من أعماق القلب .
وليست «نموت عليك» مجرد «وان مان شو» جديد بل هي ورقة المصالحة بين الثنائي الشهير «ذويب و»النهدي». وسبق أن قال المخرج منصف ذويب عن عودة المياه إلى مجاريها مع بطل مسرحه المفضل لمين النهدي في تصريح لـ»المغرب» ما يلي : «لاشك أن 20 سنة من العمل المشترك والتعاون الفني بيني وبين لمين النهدي قضيناها في العمل وحصد النجاحات هي أهم وأبقى من السنوات القليلة التي قضيناها في الجدال والخصام...لهذا كان كلانا على قناعة بضرورة العودة إلى الركح سويا. فكان الاتفاق على إنتاج مسرحية جديدة اخترنا لها عنوان «نموت عليك».
لعلها الروح التونسية والطرفة التلقائية وحميمية الخطاب التي جعلت البعض يطلق على لمين النهدي ألقاب «ملك الوان مان شو» و»إمبراطور» الضحك في تونس وفي «نموت عليك» يجيد لمين النهدي اللعب على حبل السهل الممتنع وهو يتقمص عشرات الشخصيات في نقد ساخر وكوميديا سوداء للثورة والنقابات والأحزاب والمنظمات الحقوقية والتنظيمات الإرهابية... إنها تونس التي «نموت عليها» ومن أجلها وفي سبيلها حتى تبقى حرة و تقدمية وفنانة.
