تتواصل فعاليات مهرجان تسويق تمور الأحساء المصنعة «ويا التمر أحلى 2022»، الذي تنظمه أمانة المحافظة، بشراكة إستراتيجية مع هيئة تطوير المنطقة الشرقية وغرفة الأحساء، بقلعة أمانة الأحساء التراثية، فيما شهدت أركان المعرض فعاليات عدة وسط إقبال كبير من الزوار، ورواج للمبيعات خاصة الصناعات التحويلية، ومن بينها سكر التمر السائل، والشابورة بالخبز الأحمر، وغيرهما.
وقال المحلل الاقتصادي راشد الفوزان: زرت المهرجان عدة مرات في سنوات ماضية، وما شاهدته الموسم الحالي يعكس مدى التطوير، من ناحية المساحة والمعروضات والمنتجات وكذلك الابتكار.
وأضاف: شاهدنا التمور والصناعات التحويلية من الشامبو والبودرة وكيك التمر وغيرها من المعروضات المتنوعة، مشيرا إلى الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة لكل المصنعين والمنتجين للتمور بمحافظة الأحساء وخارجها، ودعم المزارعين الذين قد يجدون صعوبة في مسألة تسويق التمور.
وأكمل: المصانع موجودة وتستقبل منتجاتهم بشروط تضمن الجودة العالية وتطبيق كل المواصفات، التي تكون مطلوبة لتسويقها وبيعها في الداخل أو الخارج، مؤكدا أن التمور الآن ليست مسألة زراعة تقليدية، وإنما صناعة كبيرة وواعدة، تولد فرص عمل ومصدر دخل كبير.
وقال: النخلة قيمة اقتصادية، وليس صحيحا أن صناعة التمور لم تعد كالسابق، فالتمور آمن غذائي، وصناعة ومصدر ثروة، بسبب الدعم اللامحدود الذي تقدمه حكومتنا الرشيدة في هذا المجال.
صناعة متميزة تولد آلاف الوظائف
خلال زيارته للمهرجان، أعرب رئيس المجلس البلدي السابق لمحافظة الأحساء د. أحمد البوعلي عن أمله في تحول المهرجان إلى العالمية، إذ إن هناك ارتباطا وثيقا بين تراث الأحساء والنخلة، بل ولا تزال الأحساء موطنا للتمور كمًّا وجودة.
وأضاف: تظل ثمرة التمر المباركة بمكونها الغذائي المتنوع ذات قيمة غذائية ترتبط غالبا بموروث الأمة وعاداتها، وتوجد قيمة غذائية وصحية تحتويها هذه الثمرة الصغيرة الطيبة، حيث تعتبر غذاء مثاليا كافيا للإنسان، وكما قيل هي حلو الغني وطعام الفقير، ولقد أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين حرصا كبيرا للزراعة، خاصة النخيل وتطوير منتجات التمور، وطورت أمانة محافظة الأحساء جهودها.
وأضاف: ما رأيته هذه السنة تطور مذهل وعمل كبير وجهد واضح وتكامل جميل ودعاية جيدة وحضور فاعل، إلا أنني آمل أن تكون هناك شراكة مع مصانع عالمية للاستفادة من الكم والكيف، ولتنقل جمال وجودة النخلة من المحلية وبشكل احترافي، من خلال منافذ التسويق العالمية وفق برامج وشراكات محلية وإقليمية وعالمية في تسويق التمور، والعمل على رفع مستوى الإنتاج للوصول بها إلى مختلف الأسواق العالمية.
انتقال من «المحلية» إلى العالمية
في معرض عبير الأحساء للفنون التشكيلية المصاحب للمهرجان، تفاعل الزوار مع الرسالة المقدمة لعدد من الفنانات التشكيليات ممن حرصن على إبراز جائحة كورونا والجهود المبذولة لمواجهة هذا الوباء بفنون تشكيلية جاذبة، ففي اللوحة الأولى عرضت منسقة ومشرفة المعرض الفنانة التشكيلية مريم بو خمسين، لوحتها التي تحكي وقوف الإنسان وهو ضعيف وعاجز رغم كل عبقريته وحضارته وماضيه الطويل في عمارة هذه الأرض، أمام مخلوق لا يُرى بالعين المجردة، ويبدو كل ما في هذا الكوكب وكأنه يتلاشى من حوله ويبقى هو وحيدا في مواجهة هذا المخلوق، فيصبح البيت هو البلورة التي تحتضنه وتحميه، والأسرة هي الأمان وكل ما يحتاج إليه، والعزلة هي الحل الوحيد المتاح بين يديه.
وفي اللوحة الثانية، عرضت الفنانة التشكيلية بيان الهبوب لوحتها التي تتحدث عن الجائحة، التي هزت الكرة الأرضية بأكملها وأصبحت تشكل المعاناة، وكيف ظهرت بصمة الكوادر الطبية في العالم بأكمله يحاربون ويعملون جاهدين لإنقاذ مَن يعيش على هذه الكرة الأرضية من هذا الوباء، وكيف هم يكافحون ليلا ونهارا من أجل علاج الناس، وكيفية السيطرة على هذا الوباء، حيث كان لهم السبب الكبير بعد الله، وبعد الاهتمام الكبير من حكومتنا الرشيدة في تخفيف آثار هذا المرض القاتل والسيطرة عليه، فاللوحة توضح الأطباء وهم يحملون الكرة الأرضية على سرير التعب وهم ينقذونها من هذا الوباء وكيف تم انتشال الكرة الأرضية من عتمة الوباء إلى نور الشفاء وهو وصف لإنجاز الكادر الطبي.
وفي اللوحة الثالثة عرضت الفنانة التشكيلية هدى العرور لوحتها التي تحكي معاناة الناس من جائحة كورونا والبحث الحثيث عن اللقاح، والغموض والظلام والشر، الذي كان سببا في انتشار هذه الجائحة واستنجاد الناس بالطب للتخلص من هذا الوباء.
جهود مواجهة كورونا بريشة المبدعين
وسط التنوع الكبير لصناعات التمور التحويلية، يحرص الكثير من زوار المهرجان على طلب منتج الشابورا بالخبز الأحمر والممزوج بالتمر الأحسائي، الذي تحتوي مكوناته على «طحين البر، التمر، حبة البركة، الحلوة»، ويقدم دون أي إضافة للسكر أو الدهون، ومدة صلاحيته للاستخدام 6 شهور.
كما يجد سكر التمر السائل طلبا كبيرا من الزوار، وهو عبارة عن سكر تمر سائل طبيعي، مستخلص من التمر بنسبة 100 % كونه بديلا للسكر الأبيض، والسعرات الحرارية فيه قليلة، وله استخدامات عدة في اللقيمات والكنافة والشاهي والحليب، كما تجد بابكة التمر طلبا من الزوار، وهي مكونة من الدقيق وعجين التمر والدبس والقرفة والسمسم الأحسائي.
طلب على الشابورة وسكر التمر السائل
لفت انتباه زوار المهرجان ما يقوم به حراس الأمن من جهود كبيرة من خلال وجودهم اليومي، ونجح حارسا الأمن دكنه الدوسري وزميله نايف القطري، في إعادة عمل ما يسمى بـ (العسة) واستذكار الماضي، وما كان عليه الآباء والأجداد في ذلك الزمن من خلال ارتداء اللبس الخاص بهذه المهمة بلونيها الزيتي والشماغ، والقيام بدور رجال العسة والتنقل من مكان لآخر، وسط فرحة كبيرة من الجميع الكبير قبل الصغير، وحرص الكثير على مشاهدتهم والتقاط الصور التذكارية معهم، ولما يقدمانه من دور في المتابعة وتوجيه الزوار.
محاكاة نشاط «العسس» في المهرجان
يقول تاجر التمور المهندس الزراعي عبدالله السماعيل، في ركنه المخصص: تعلقت بالتمور وأنا طالب في قاعة المحاضرات بجامعة الملك فيصل قسم الزراعة «اقتصاد وإرشاد زراعي»، ووجدت التشجيع والتوجيه من أحد أساتذتي حينما قال لي بالحرف الواحد: توجهك بعد التخرج سيكون تجاريا وليس حكوميا، ومن هنا بدأت الفكرة وقدمت مهر زواجي الذي جمعته ليكون بداية مشواري مع تجارة التمور، ووقتها كنت أبحث عن وظيفة، وبدأت بأول وظيفة كمهندس في قسم الحدائق والتجميل بأمانة الأحساء لمدة سنة، ثم انتقلت للعمل بمختبر فحص التمور بالمؤسسة العامة للري لمدة سنتين، ومن ثم انتقلت للعمل بمدينة الملك عبدالله للتمور وأكملت فيها ثلاث سنوات، حيث استفدت منها كثيرا وتعلقت كثيرا بالتمور لدرجة أنني كنت أذهب للعمل داخل المدينة منتصف الليل، ثم تركت وظيفتي وتفرغت لتجارة التمور ما بين شراء وبيع، ووجدت الابتسامة من المزارعين الذين تعلمت منهم قصة الصبر والكفاح.
وأضاف: استفدت من المزارعين معرفة أماكن التمور الجيدة، وقمت بشراء بعض القطع الزراعية للاستثمار، لأقوم بالمتابعة ما بين التسميد والري ومرحلة الصرام للتمور، وقد واجهت بعد ذلك عقبات قوية، حيث احترقت المؤسسة وخسرت الكثير وانسحب الشركاء، إلا أنني لم أستسلم وبدأت من جديد، ومن الصفر بتشجيع من الأهل، وعدت بفضل الل، أقوى مما كنت، خاصة مع انطلاق مهرجان تسويق تمور الأحساء في نسخته الأولى، الذي كان فعلا البداية الحقيقية.
وأضاف: كثير من أقاربي يحملون شهادات جامعية ويعملون معي ولا يريدون الوظائف؛ كون العمل بالتمور مصدر رزق وخير كبير.
