تتجه الحكومة لإلزام الموظفين بالإدلاء بجواز التلقيح أو شهادة الإعفاء من التلقيح لولوج مقرات العمل، وسيتم منع جميع الموظفين الذين لم يمتثلوا للقرارات التي أقرتها وزارتي الانتقال الرقمي وإصلاح الادارة، والعدل، من الولوج إلى مقرات عملهم مع خصم إجرائي للأجورهم، ما اعتبرته أصوات نقابية وسياسية ومدنية إجراء غير قانوني ولايحق للحكومة فرضه.
وبررت الحكومة على لسان ناطقها الرسمي، مصطفى بايتاس، بحر الأسبوع الماضي، القرار بالحرص على “العودة إلى الحياة الطبيعية بإعتبار أنه لا يوجد حل آخر غير التلقيح، واستكماله”، مؤكدا أن أغلب الذين نقلوا إلى غرف الإنعاش من المصابين بكورونا هم من الفئة غير الملقحة.
ليس بنص قانوني
وقال عماد أزنود المحامي بهيئة الدارالبيضاء في اتصال مع “الأيام 24″، إن “قرار الذي اتخذته الحكومة في شأن الاقتطاع من أجور الموظفين حال عدم الإدلاء بجواز التلقيح، هو إجراء غير قانوني، إذ لا يوجد نص قانوني يضع القرار في إطاره المشروعي، وإنما هو قرار إداري ولا يرتقي إلى مرتبة نص قانوني”.
“القرار يتسم بالشطط في استعمال السلطة والتعسف”، يضيف المحامي، وبالتالي فكل أجير موظف تم الاقتطاع من أجره بناء على ما اتخذته الحكومة، “عليه بانتداب مفوض قضائي لمعاينة المنع من الولوج للعمل، بعد ذلك يتوجه إلى المحكمة الابتدائية بالنسبة للأجير، وتضمين دعوى الفصل التعسفي والمطالبة بتعويض عن الفصل”، معتبرا أن الاقتطاع من الأجر هو بمثابة فصل تعسفي مقنع.
وبالنسبة للموظف في إطار الوظيفة العمومية، يقول عماد أزنود، إن “عليه التوجه إلى المحكمة الادارية، بعد معاينة المفوض القضائي للمنع، إبان تفعيل دعوى للمطالبة بتعويض عن الفصل”.
وتنص المادة 3 في الفقرة الأخيرة من القانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية، أنه “لاتحول التدابير المتخذة دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية، وتأمين الخدمات التي تقدمها للمترفقين”.
في غضون ذلك، الحصول على الراتب الشهري مرتبط بالقيام بعمل، يضيف المتحدث، أن قانون الوظيفة العمومية ومدونة الشغل يحتويان على مقتضيات قانونية لحماية الأجر والراتب وخارج هذا الإطار لايمكن المساس به.
قرار بارتدادات اجتماعية
اعتبر مفتش الشغل السابق والمستشار في قانون الشغل والعلاقات المهنية، سعيد لماني، أن الإجراء الحكومي الرامي إلى الاقتطاع من الأجور في حالة الامتناع عن التلقيح يتضمن خرق قانوني واضح لا لبس فيه، على اعتبار أن “مدونة الشغل ليس فيها ما يحيل على العقوبات في هذا الإطار”.
ويضيف في حديث مع “الأيام 24” أن مدونة الشغل تم وضعها لحماية جميع الأطراف والمتداخلة في عقد الشغل، لاسيما الأجير باعتباره الحلقة الأضعف، مؤكدا أن إخراج صيغة اقتطاع الأجور من رصيد الموظفين والمنع من ولوج مقرات العمل يتسم بالتسرع في اتخاذ القرار.
منع الأجير من العمل بحجة عدم الإدلاء بجواز التلقيح، وفق لماني، قرار غير دستوري وخارج عن النص القانوني المؤطر، إذ يتعين إحضار مفوض قضائي ليقوم بالمعاينة ويرفع شكاية في الموضوع.
تداعيات القرار لها انعكاسات على الوضع الاجتماعي والاقتصادي لفئات عريضة من الموظفين، كما أنها ستوقف الإنتاج في عدد من القطاعات الحيوية، يضيف المتحدث، مستبعدا أي اجتهاد قضائي في هذا الباب مستقبلا قد يتم الإستناد عليه “لقوننة الإجراء”.