موجة الجفاف وندرة المياه..مطالب بوقف زراعة “الدلاح والأفوكادو”


ماتزال أعين الفلاحين ومزارعي المغرب ترقب غيثا قد يحفظ نسبيا موسما تبدو معالمه مظلمة على القطاع، فئة تتحس ظلال الجفاف على معيشها وعلى عموم ساكنة العالم القروي، وعلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي ككل، فنذرة المياه واقع أرق الجميع.

 

ظروف مناخية صعبة، تعيد السؤال الإشكالي، هل حان الوقت لتغيير نمط زراعة منتوجات تنهك الفرشة المائية؟ بمعنى اعتماد مزروعات تستنزف المخزون المائي وهي التي تعيش على وقع تهديد بعطش أرضها وعبادها.

 

“الدلاح”..خطر على الفرشة

 

اعتبر كمال الناجي، مهندس فلاحي، أن زراعة البطيخ الأحمر أو “الدلاح”، زراعة دخيلة على مناطق مختلفة بالمملكة خاصة من تتميز بطابعها الجاف، زراعة أحدثت خللا في التوازن البيئي، ما أدى إلى استنزاف مفرط غبر مسبوق للفرشة المائية.

 

وسجل في حديثة مع “الأيام 24″، انخافظا خطير على مستوى منسوب المياه في الفرشة المائية، مما أدى وفقه إلى جفاف العديد من العيون والآبار، ما يزيد من احتمالية الخطر المائي حاليا وفي المستقبل القريب على مختلف المزروعات المعيشية، خاصة في ظل تعاقب سنوات الجفاف وقلة التساقطات.

 

وأكد الناجي، أن المشاكل البيئية التي تخلفها زراعة الدلاح هو انتشار استعمال مبيدات سامة غير مراقبة وبطرق لا تراعي مجموعة من الاحتياطات لتفادي تسربها إلى الفرشة المائية، ما يعرض صحة المواطن إلى الخطر، على اعتبار أن تلك المبيدات السامة تصل بسرعة إلى الفرشة غير العميقة.

 

وتعود أسباب الجفاف الذي يضرب مجموعة من المناطق كل سنة، بحسب المهندس الفلاحي إلى لجوء عدد من الفلاحين إلى زراعة البطيخ الأحمر الذي يستنزف أطنانا من المياه الجوفية، وكذا إلى غياب سدود بهذه المناطق التي تصل فيها درجات الحرارة في فصل الصيف إلى أكثر من 45 درجة.

 

وتتراوح احتياجات البطيخ من المياه خلال فترة النمو بأكملها من 400 إلى 600 ملم، ويمكن أن تكون الاحتياجات المائية مختلفة تماما في ظل ظروف الطقس والتربة المختلفة، إذ تحتاج التربة الطينية الثقيلة عادة إلى دورات ري أقل من التربة الرملية. بالإضافة إلى ذلك ، قد لا تتطلب الرطوبة العالية أو الأيام الممطرة دورات الري على الإطلاق. من ناحية أخرى ، قد يتطلب يوم جاف مع ارتفاع درجة الحرارة للغاية جلسة ري واحدة في اليوم.

 

الأفوكادو..ذهب بلون الجفاف

 

الزيادة المهولة على طلب  الأفوكادو أو “الذهب الأخضر”، يدفع ثمنها الكائنات والنباتات الأخرى والبيئة الخضراء والمزارعون والمجتمعات التي كانت تعيش عليه، وذلك لأن عملية زراعة الأفوكادو تستهلك كميات ضخمة من المياه.

 

فمن أجل الحصول على رطل واحد من الأفوكادو، يلزم الأمر 270 لترًا من الماء، ومن أجل حصاد 200 مليون رطل، يستلزم نحو 54 مليار لتر من الماء، علاوة عن كونه يخضع لظروف زراعية صعبة، من مبيدات حشرية متنوعة وحماية من أشعة الشمس، يوضح المهنس الفلاحي.

 

أما عن تضرر المحاصيل الزراعية، فإن زراعة الأفوكادو تستنزف المياه التي يمكن أن تستفيد منها النباتات الأخرى، والجهد الضخم بدلًا من الاهتمام بالمحاصيل الأخرى، إضافة لتفضيل المزارعين طمعاً بأرباح تزيد من أي محصول آخر، حيث يرون أن الأفوكادو أكثر فائدة لهم من الذرة والقمح وغيرهما، ومن الغابات نفسها، الأمر الذي يسبب أزمة بيئية واقتصادية في آن واحد.

 

وضعية صعبة

 

وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد دق ناقوس الخطر في عام 2019 من وضعية ندرة المياه، محذراً من احتمال تزايد الوضعية سوءاً مستقبلاً، مؤكدا إنه “عندما تقل المياه التي يتوفر عليها بلد ما عن 1000 متر مكعب للفرد سنوياً، فإنه يعتبر في وضعية خصاص في الموارد المائية، أما في المغرب فإن الوضع قد أصبح مقلقاً على اعتبار أن موارده المائية تقدر حالياً بأقل من 650 متراً مكعباً للفرد سنوياً، مقابل 2500 متر مكعـب سنة 1960، ومن المتوقع أن تقل هذه الكمية عن 500 متر مكعب بحلول سنة 2030”.

 

ويورد المجلس أن بعض الدراسات الدولية تشير إلى أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى فقدان 80 في المئة من الموارد المائية المتوفرة في المملكة خلال 25 عاماً المقبلة، معتبراً أنه على الرغم مـن تناقصها المطرد، فإن الاستهلاك المفرط للموارد المائية لا سيما المياه الجوفية، يتزايد في المغرب، من دون تقيد صارم بما يقتضيه القانون لاستغلال الموارد المائية، فضلاً عـن الضعف المسجل على مستوى فعالية آليات المراقبة، مذكراً بأن بعض المدن المغربية شهدت في السنوات الأخيرة احتجاجات شعبية بسبب تواتر ظاهرة العطش وصعوبة الوصول إلى الماء الصالح للشرب، في وقت تستمر فيه في مدن أخرى باستخدام مياه الشرب لسقي المساحات الخضراء، بالإضافة إلى استمرار وجود بعض الزراعات المتطلبة للكثير من المياه.

 

السياسات الحكومية

 

وفي ما يرتبط بالمخططات التي تنتهجها الحكومة لمواجهة أزمة نقص المياه، صرح وزير التجهيز والماء، نزار بركة، في وقت سابق إن  “برامج تم إطلاقها تهدف أساساً إلى تعبئة المياه من خلال إنشاء السدود التي تكتسي أهمية بالغة بالنسبة إلى المملكة، حيث نتوفر اليوم على 148 سداً، كما تم العمل على تحسين وصول العديد من المواطنين إلى الماء، خصوصاً في المناطق القروية والجبلية، حيث إن أكثر من 98 في المئة من هذه المناطق مغطاة بقنوات تزويد الماء، و40 في المئة من ساكنة العالم القروي تتوفر على الربط المنزلي بالماء، والحواضر بنسبة مئة في المئة”.

 

إلى ذلك  تم وضع عدة مشاريع للعمل على مواجهة التغيرات المناخية، وذلك عبر إطلاق “البرنامج الوطني للتزويد بماء الشرب ومياه السقي 2020-2027 بتكلفة إجمالية بلغت 115 مليار درهم،  الذي يهدف بالأساس إلى العمل على تزويد المواطنين بماء الشرب، والعمل من ناحية أخرى على ضمان ماء السقي بالنسبة إلى القطاع الفلاحي”.

 

وصدر قانون متعلق بالماء يرتكز على مبادئ أساسية لضمان حق الماء للجميع، ومبدأ “المُلوِّث المؤدي” لمواجهة إشكالية تلوث الماء وتحسين جودته، إلى جانب الاستراتيجية الوطنية للماء التي تم إطلاقها سنة 2009 بهدف مواجهة سنتي جفاف متتاليتين وتأمين وصول ماء الشرب لجميع المواطنين وتفادي الضغط على الأقاليم، وفي الوقت نفسه ضمان تزويد كل القطاعات المعنية بالماء، بخاصة القطاعات الفلاحية والصناعية والسياحية”، بالإضافة إلى “العمل على تحسين جودة الماء وتطعيم الفرشة المائية من أجل ضمان إمكانية مواجهة الظروف المناخية الصعبة، خصوصاً أن التغيرات المناخية أبانت عن تراجع في التساقطات المطرية”.

تاريخ الخبر: 2022-02-15 21:17:28
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 67%
الأهمية: 71%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:09
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية