خطابات الود متواصلة..المغرب وألمانيا تفاهمات تقفر على “الألغام السياسية”


 

بعد سنة جفاء دبلوماسي تعود المياه الراكدة لتتحرك تحت جسر العلاقات الألمانية المغربية، وتحرك معها ملفات كبرى، فصعود حكومة جديدة في برلين، أحدث تغيرا واضحا في المواقف السياسية تجاه المغرب، الذي عبر عن استعداده لفتح صفحة بيضاء خالية من نذوب التوتر الماضي السياسي ، وبالتالي السعي في اتجاه علاقات متوازنة.

 

اخر حبال الود الممتدة بين الجانبين،  كانت إبان تهنئة الملك محمد السادس لرئيس ألمانيا الاتحادية فرانك فالتر شتايتمر بمناسبة إعادة انتخابه، مؤكذا حرصه على إعطاء نفس جديد في العلاقات بين البلدين بناء على مبادئ الصداقة والتعاون، والمساهمة في استتبات الأمن والاستقرار والرخاء في الفضاء الأورومتوسطي.

 

خطوات في مسار تقويم دبلوماسي

 

وبخصوص ذلك، يقول محمد مكاوي الباحث في العلاقات الدولية في اتصال مع “الأيام 24” إنها خطوة في مسار شهد تطورا ملفت ومنعرجات هامة في تقويم العلاقات بين البلدين التي تميزت خلال السنة الماضية بحال من التصعيد والتوتر والجمود، إذ “لطالما كانت الخطابات الملكية الأخيرة تتميز بنوع من النقد للمواقف الرمادية والغامضة لبعض البلدان الاوروبية، وهذا ما فسر اتجاه الرباط نحو عدم القيام بأي خطوة تجارية مع هذه البلدان ما لم تشمل الأقاليم الجنوبية، حال لم تغير من مواقفها العدائية”.

 

التغير في المواقف، بحسب المتحدث، يعني بحث أفق استراتيجي للتعاون في مجالات متعددة، خاصة مايتعلق بصناعة السيارات التي تعتبر عماد الاقتصاد الألماني، كما تحقق أرباح مهمة للاقتصاد المغربي، معطى أكيد “دفع برلين إلى التطلع نحو بناء علاقة أفضل مع الرباط وإبعادها عن التصدعات والضربات السياسية”.

 

أوراق ضغط وعودة العلاقات 

 

الرباط مركز أساسي بالنسبة لألمانيا، لاسيما في قضايا الهجرة وتوفر المغرب على امتداد فترات معلومات استخبارتية، هذا كاف لوضع جوانب قياس الربح والخسارة في علاقتها مع المغرب حال القطيعة، مضيفا أن “الحكومة الألمانية استهلت عملها بالإعلان عن فتح صفحة جديدة مع المغرب، والخروج بموقف من قضية الصحراء المغربية عزز المكاسب الاستثنائية التي تحققها الدبلوماسية في هذا الملف”.

 

قدوم المستشار الجديد للحكم أولاف سولتش سمح بالقيام بنقلة اضطرت معها برلين إلى تغيير مواقفها، فالسلاح الاقتصادي والتجاري كان ورقة ضغط أسهمت في عودة العلاقات بين البلدين، إذ اعتبر الباحث في العلاقات الدولية أنها “سمحت بإحداث نقلة نوعية في العلاقات السياسية، على ضوء قيام المغرب بدينامية دبلوماسية اضطرت معها برلين إلى تغيير مواقفها، بعد حرمانها من فرص استراتيجية واعدة كمشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر والاستفادة من المعادن التي يوفرها جبل التروبيك لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية”.

 

في سياق انفتاح المغرب على قوى اقتصادية كبرى على غرار بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الشرقية، يؤكد محمد مكاوي، اتاح فرص استثمارية كبرى في الأقاليم الجنوبية المغربية ومنطقة الغرب الافريقي، وضع وجدت معه ألمانيا بحرج وضيق ما دعاها إلى تغيير جذري في تعاملها مع المغرب بناء على علاقات دبلوماسية ندية وعودتها إلى وضعها الطبيعي.

 

وتمتع المغرب بوضع متقدم كشريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي، يعني أن للرباط مكانة دبلوماسية قوية حولته إلى محطة للاستمثار والتعاون الاقتصادي، متجاوزا تفكيك البنية السياسية التي تعرقل هذا المسار، وهو ما نجحت في القفز عليه العلاقات المغربية الألمانية عكس ما ترزح تحته نظرتها الإسبانية المغربية، إذ ماتزال رهينة مواقف ضبابية ورمادية.

 

واعتبر أن الموقف الألماني الجديد وعودة المياه إلى مجاريها بين الدولتين، “لا شك ستكون له انعكاسات ايجابية، وسيدفع إلى تنويع أوجه الشراكة الاقتصادية والتنسيق الأمني، كما سيكون له تأثير كبير على إسبانيا حليفة ألمانيا داخل الاتحاد الأوروبي”.

 

تجاوز سوء الفهم

 

تذهب برلين والرباط في اتجاه تجاوز سوء الفهم الذي توترت بسببه العلاقات بين البلدين على مدى أشهر العام الماضي، تهدئة تسبق عودة السفيرة المغربية إلى ألمانيا وقرب وصول سفير ألماني جديد إلى الرباط.

 

في هذا الإطار، اتفق وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك ، خلال مباحثات عبر تقنية الاتصال المرئي، أمس الأربعاء، “على ضرورة استئناف التعاون ليشمل جميع المجالات”، و”إطلاق حوار جديد يهدف إلى تجاوز سوء الفهم الطارئ وكذا تعميق العلاقات الثنائية المتعدّدة الأوجهّ”.

 

وكانت العلاقات الثنائية المستقرة تاريخيا شهدت توترا شهر مارس عندما قرّرت الرباط تعليق كلّ أشكال التواصل مع السفارة الألمانيّة في المغرب، في خطوة أتت رداً على “الأعمال العدائية لبرلين” التي زادت في أعقاب قرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه أواخر العام 2020. ما دعا الرباط إلى استدعاء سفيرتها في ألمانيا للتشاور.

 

بيد أن علاقات البلدين انفرجت في الفترة الأخيرة إذ أعلنت وزارة الشؤون الخاارجية والتعاون الافريقي نهاية العام الماضي عزمها على استئناف علاقات دبلوماسيّة “طبيعيّة” مع ألمانيا، وذلك غداة نشر الخارجية الألمانية تصريحاً أكّدت فيه أنّ موقف برلين من النزاع المفتعل “لم يتغيّر منذ عقود”.

 

 

تاريخ الخبر: 2022-02-17 18:17:31
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 61%
الأهمية: 84%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية