تلقى المرشح الرئاسي والناشط النقابي من أصول مغربية أنس كزيب، استدعاء من الشرطة للمثول أمامها للتحقيق معه في ارتكابه مخالفة "التجمهر غير المرخص له"، بسبب استضافة طلبة جامعة السوربون له، لعرض برنامجه الانتخابي عليهم.

لقاء شنّت ضده الجماعات الطلابية اليمينية المتطرفة داخل ذات الجامعة حملة شرسة، وحرّضَت ضد المرشح الضيف باستعمال أوصاف عنصرية. حملة لم تتدخل الجامعة لوقفها، ولم تتابع الشرطة الواقفين خلفها، وفي المقابل قررت متابعة المرشح.

هذا الأمر الذي قرأت فيه حملة كزيب تحرشاً ذا أهداف سياسية، ومحاولة لتخويف مرشحها وإخراس صوته، ومحاباة لليمين المتطرف، والنزول عند ضغطه المتزايد ضد المرشحين اليساريين. وحمّل منظمو اللقاء رئاسة الجامعة المسؤولية في ما حصل، إذ رفضت ترخيص إقامة اللقاء في قاعة تسع كل الذين حضروا له.

قصة تحقيق ذي أهداف سياسية

"لقد طفح الكيل!"، هكذا علّق مرشح حزب "الثورة الدائمة" أنس كزيب، بمرارة على خبر استدعائه إلى الدائرة الخامسة لشرطة باريس للتحقيق معه في ارتكابه مخالفة "التجمهر غير المرخَّص"، بعد أن حرَّك مدّعي عامّ باريس بشكل منفرد القضية ضده.

فيما تعود ملابسات الواقعة إلى الساعة السابعة من مساء 9 فبراير/شباط، حين حضر كزيب لقاءً تواصلياً نظّمه طلبة جامعة السوربون، من أجل عرض برنامجه الانتخابي على مسامعهم. لقاء جرى بحضور 300 شخص، وامتدّ على طول ساعة واحدة أمام مبنى الجامعة، وانفضَّ في هدوء تامّ.

وليست تلك أول مرة يحضر فيها مرشح رئاسي إلى الجامعة المذكورة، بل يدخل هذا اللقاء في إطار برنامج أطلقته السوربون مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المنتظرة. غير أن الشيء المغاير عن سابقيه هو رفض الجامعة منح لجنة تنظيم اللقاء تصريح تنظيمه في قاعة تسع كل الحضور، فانتهى الأمر بتنظيمه خارجاً على أعتاب المؤسسة التعليمية.

في المقابل كانت دفوع الجامعة في اتخاذ ذلك القرار أنها خافت حدوث صدام بين الطلبة، بسبب ما عرفته حملة الترويج للقاء من استقطاب حولها، وبسبب الحملة التحريضية التي شنّتها الجماعات اليمينية المتطرفة ضد اللقاء، ناعتةً المرشح وحملته بأوصاف عنصرية، متوعدة بإجهاض الحدث.

هذا اللقاء مع أنه جرى في هدوء تامّ، فإن ذلك لم يمنع الشرطة الفرنسية من متابعة المرشح الذي كان ضيفاً خلاله. هذا ما يقرأ فيه كزيب تحركاً ذا أهداف سياسية، وعلّق عليه قائلاً: "مهما كانت النتيجة التي ستنتهي إليها القضية، وسواء وقفنا أمام المحكمة أم لا، فنحن نعتبرها هجمة سياسية حقيقية، ولا يمكنني أن أتخيل أن دارمانان (وزير الداخلية) أو ديبون موريتي (وزير العدل) لا يعرفان باستدعاء مرشح رئاسي إلى مخفر الشرطة".

متواطئة مع اليمين المتطرف؟

قُبيل إجراء اللقاء، أطلق فصيل "الأصليين" الطلابي اليميني المتطرف حملة ضدّ كزيب واللجنة المنظمة، الفصيل المكون أساساً من أعضاء سابقين في منظمة "أجيال الهوية" العنصرية العنيفة، التي حُلّت سنة 2021، وتضمنت تلك الحملة تعليق نشطاء الفصيل ملصقات عنصرية ضد اللقاء بمحيط الجامعة وداخلها، تصف فيها المرشح الرئاسي بأنه "0% فرنسي، 100% إسلامي".

ونشر الناطق الرسمي السابق لمنظمة "أجيال الهوية" مقطع فيديو يحرّض فيه ضدّ لقاء كزيب، واصفاً إياه بـ"وجه العار داخل الساحة السياسية الفرنسية"، وأن حضوره في السوربون "إهانة للعباقرة الذين مروا بها".

ولم تتدخل الشرطة لمنع الحملة عنصرية التي تَعرَّض لها المرشح الرئاسي، في المقابل تحركت ضد المرشح ضحيتها. وعلَّق كازيب على الأمر مستغرباً: "عندما شنّت (أجيال الهوية) حملة كراهية وتشهير ضدي، لم تتدخل الشرطة لمعاقبتها... إنني أتعرض يومياً لتهديدات بالقتل، ولا شرطي اهتمّ بالأمر أو تدخل لمحاسبة المهدّدين، في المقابل انشغلوا بتهديد مرشح رئاسي والتحرش به".

كذلك وصفت منظّمة اللقاء وعضو نقابة "القبضة المرفوعة" الطلابية اليسارية أريان، الأسئلة التي وجّهتها إليها الشرطة بأنها كانت "تجريمية وعنيفة"، هي التي استُدعيت شاهدةً في القضية. وحمَّلت أريان رئاسة الجامعة مسؤولية ما وقع، لأنها "من الأول اعتبرت كزيب مرشحاً على غير العادة، وانصاعت لإملاءات اليمين المتطرف بحرمانها من تنظيم اللقاء في قاعة أوسع".

TRT عربي