ومضى يقول: كان الموعد هذا العام أكثر إثارة للمشاعر؛ لأن نجله سعد، أعلن انسحابه من السياسة.
وأضاف: في خطاب استقالته، بدا الحريري متشائمًا، وقال «إنه مقتنع بأنه لا مجال لأية فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والانقسام الوطني وتلاشي الدولة»، وأبلغ أعضاء البرلمان أنه يتوقع أن يزداد الوضع سوءًا، ونصح تيار المستقبل، الذي كان يتزعمه، بعدم خوض الانتخابات هذا العام، إجمالًا، ثمة نظرة سياسية متشائمة.
وأردف: التوقعات الاقتصادية خطيرة بالمثل، على الرغم من الموافقة على ميزانية الحكومة الأسبوع الماضي، فإن الاقتصاد في حالة انهيار كامل، حيث فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها، والفقر منتشر، ورأى كثير من اللبنانيين مدخراتهم تتلاشى.
مسار تنازلي
واستطرد اليافعي: مع وجود الكثير من الأمور في مسار تنازلي في البلاد، فلا عجب من عودة وصف «الدولة الفاشلة»، حتى في بعض الأحيان من قبل أولئك الموجودين داخل البلاد.
وتابع: لكن على الرغم من أن هذا الوصف «جذاب»، إلا أنه يتسم بالكسل والابتذال، كما أنه غير مفيد على الإطلاق.
ومضى يقول: عادة ما تكون هناك 4 طرق يقرر من خلالها المحللون ما إذا كانت الدولة قد فشلت وهي الحدود، والمرافق، والبنادق، والحكومة.
وأوضح أنه قبل إطلاق هذا الوصف يجب التساؤل عما إذا كان بإمكان الدولة أن تحمي حدودها، وهل يمكنها أن توفر المرافق والخدمات الأساسية، وهل تستطيع أن تحكم الناس في جميع أنحاء أراضيها وهل تحتكر استخدام القوة؟
وأضاف: غالبًا ما يُنظر إلى السؤال الأخير على أنه الأكثر أهمية، الدول التي بها شرطة لا تستطيع القيام بما تقوم به مجموعات داخل أراضيها وليست جزءًا من الدولة، كاعتقال وسجن وحتى قتل مواطنين، عادة ما تكون مرشحة لوصف الدولة الفاشلة.
وتابع: من خلال هذا المنظور، يمكن بالتأكيد تصنيف لبنان على أنه دولة فاشلة، حيث لا يوجد احتكار لاستخدام العنف، حيث إن الموارد العسكرية لـ «حزب الله» تقع خارج سيطرة الدولة، لكن الشيء نفسه ينطبق على العديد من البلدان الأخرى، أوكرانيا لديها جزء من أراضيها في شبه جزيرة القرم المحتلة، والعديد من البلدان عبر منطقة الساحل لا تتحكم في حدودها.
سيطرة النظام
ومضى الكاتب يقول: في الحقيقة، إن العديد من الدول التي كانت تسمى دولًا فاشلة على مدى السنوات القليلة الماضية، كسوريا وأفغانستان واليمن، لم تتفكك لدرجة أن الدولة لم تعد قادرة على العمل.
وتابع: في الواقع، في سوريا، على الرغم من أن أجزاء من البلاد كانت خارجة عن سيطرة النظام، فإن السلطات في دمشق كانت بشكل مأساوي لا تزال تأمر الجيش لتنفيذ الهجمات، إذا كانت سوريا دولة فاشلة، فربما يتمتم العديد من السوريين بحزن بأنهم لم يفشلوا بما فيه الكفاية.
وأوضح أن الدولة الفاشلة النموذجية كانت الصومال في التسعينيات، وهي التي تم إنشاء التصنيف من أجلها والوحيدة التي يمكن تطبيقه عليها بشكل معقول.
ومضى يقول: بعد انقلاب أطاح بالديكتاتور سياد بري عام 1991، انقلبت الميليشيات المتناحرة على بعضها البعض، ثم على العاملين في المجال الإنساني، ثم على الولايات المتحدة، ومر عقدان قبل عودة وجود حكومة مركزية.
وأردف: بصرف النظر عن النقد الواضح بأن تسمية «الدولة الفاشلة» هي تسمية سياسية بطبيعتها، إلا أنها ليست مفيدة.
وتابع: هل لبنان على حافة الهاوية اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا؟ نعم دون شك، لكن تصنيف الدولة على أنها دولة فاشلة هو فعلاً عمل بلاغي، إنه لا يغير الحقائق على الأرض ولا الطريقة التي يستجيب بها المجتمع الدولي.
وأشار إلى أن هذا الوصف يثير استعجال ذلك الوضع، على الرغم من أنه لم يحدث حتى الآن.
الدولة الفاشلة
ويقول الكاتب اليافعي: إذا كان وصف لبنان بالدولة الفاشلة غير دقيق، فقد يكون من الصواب القول «إنه فشل كدولة».
وأردف: هذا يعني أنه بينما تظل فكرة لبنان كمجتمع متعدد الطوائف دقيقة، فإن البناء السياسي لتلك الدولة يمثل إشكالية، هذا البناء السياسي الطائفي تسبب في العديد من مشاكل اليوم، ومن المنطقي أن نقول إن هذه الطريقة في تنظيم الدولة قد فشلت.
وتابع: السبب واضح لكل مَن اطلع على تاريخ لبنان منذ، كفل النظام الطائفي عدم ظهور هوية وطنية، وبدلاً من ذلك، تم تجميد التطور السياسي في لبنان على أسس دينية، وكل من شكّك في هذا النظام تعرّض للتنمر من خلال التهديدات بالعودة إلى الحرب الأهلية.
وأضاف: كان هذا بالتأكيد نتيجة الاحتجاجات الجماهيرية التي بدأت في عام 2019، بقيادة جيل جديد حريص على القضاء على النظام الطائفي، ومن المؤسف أنه بعد 3 سنوات، لا تزال تلك الحركة تتعثر ولم تحصل على الدعم الذي تستحقه من داخل وخارج حدود لبنان.
وأردف: تبقى عواقب انسحاب الحريري من الحياة العامة، وإعلانه العلني أنه لا يثق في الانتخابات، غير واضحة، لكن من غير المرجح أن تكون بعيدة المدى.
واختتم بقوله: الحياة في لبنان على حافة الهاوية بالتأكيد، هذه أيام مظلمة للبلاد، أما إذا فشل لبنان فذلك لأن الدولة أفشلته.
قال موقع «سينديكيشن بورو»: إن لبنان أصبح بلدا على حافة الهاوية، لكنه لم يصل بعد إلى مرحلة الدولة الفاشلة.
وبحسب مقال لـ «فيصل اليافعي»، على مدى العقدين الماضيين، شهد 14 فبراير لحظة تأمل بالنسبة للكثيرين في لبنان، الذكرى السنوية للهجوم بسيارة مفخخة عام 2005، الذي قتل فيه رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وأدى إلى إنهاء الوجود السوري.
