سعت إسرائيل ولا تزال منذ عام 1948، إلى ترجيح الكفة الديموغرافية لليهود في فلسطين من خلال استقدام اليهود من أنحاء العالم كافة. وهو السيناريو الذي لا يزال مستمراً وتجلى مؤخراً في عمليات استقدام اليهود من إثيوبيا بعد استغلال الأحداث التي دارت في إقليم تيغراي. فيما يبدو أنها بدأت بالفعل باستغلال الأزمة الأوكرانية لاستقدام مزيد من اليهود.

وتصف إسرائيل الفلسطينيين وبخاصة في أراضي الـ48 بأنهم "قنبلة ديموغرافية"، وتسعى إلى الحد من تكاثرهم من خلال سياسات كثيرة من ضمنها الأوضاع الاقتصادية وكذلك قوانين عنصرية تهدف إلى منع لم شمل الفلسطينيين وتحد من عملية بناء الأسر المشتركة عبر الزواج مع الفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة.

طلائع يهودية تصل إلى إسرائيل

ووصل إلى تل أبيب، الأحد، 75 يهودياً من يهود أوكرانيا في إطار المساعي الإسرائيلية الحثيثة لاستقطابهم ومنحهم الجنسية الإسرائيلية وتسيهلات إضافية.

وذكرت قناة "I24" العبرية، أنه من المتوقع وصول 22 يهودياً آخرين خلال الأيام القريبة القادمة، وذلك حسب وزارة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية.

وفي السياق ذاته، قالت وزيرة استيعاب المهاجرين الإسرائيلية بنينا تمنو-شاتا "رسالتنا إلى يهود أوكرانيا واضحة للغاية. إسرائيل ستبقى وطنهم على الدوام".

وأضافت: "أبوابنا مفتوحة لهم في الأوقات العادية وكذلك في حالات الطوارئ".

وفي ظل احتدام المشهد، عقدت الجهات الإسرائيلية المعنية اجتماعاً عاجلاً مع منظمات يهودية بهدف تقييم أوضاع يهود أوكرانيا حال قررت روسيا غزو البلاد واجتياحها.

وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن المنظمات اليهودية تعتقد بأن إسرائيل ستضطر إلى إجلاء آلاف اليهود من أوكرانيا خلال وقت قصير من مناطق مهددة بالغزو والمواجهات حال اندلعت.

وعقد ممثلون عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع ووزارات أخرى مشاورات خاصة في هذا الشأن أيضاً، وحضر الاجتماع ممثل عن منظمة سرية معنية في تنسيق العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية واليهود في دول مختلفة حول العالم.

وتأكد خلال الاجتماع المذكور أنه وحتى اليوم لم تسجل عملية استقدام عالية لليهود الأوكرانيين إلى إسرائيل، لكن التقديرات أشارات إلى أن آلاف اليهود سيكونون في خطر حال اندلاع حرب، بالتالي ستزداد عمليات الإجلاء.

كم يهودياً في شرق أوكرانيا؟

تقول صحيفة "هآرتس" إن تقديرات المنظمات اليهودية تؤكد أن نحو 75 ألف يهودي يعيشون في منطقة شرق أوكرانيا المهددة أكثر بالغزو الروسي، بخاصة في مدن كبيرة مثل أوديسا، حيركوف وغيرها.

وأشارت إلى أن هؤلاء كلهم مرشحون للحصول على جنسية إسرائيلية بموجب ما يسمى بقانون "العودة" الذي يتيح لليهودي الحصول على مواطنة إسرائيلية فوراً في حال أثبت أصوله.

وتذكر مصادر إسرائيلية أن غالبية يهود أوكرانيا قد لا يطلبون الإجلاء لإسرائيل حال اندلعت الحرب، "لكن رغم ذلك فإن على إسرائيل الاستعداد لتفعيل برنامج إجلاء كبير وواسع النطاق لإخراجهم من أوكرانيا".

وتقيم إسرائيل علاقات وطيدة مع الحكومتين في روسيا وأوكرانيا، وتسعى، حسب مصادر عبرية، عبر قنوات مختلفة إلى التأكد من سلامة اليهود في أوكرانيا حال اشتداد النزاع.

خطط لإجلاء اليهود

يقول موقع "واللا" العبري إن منظمات "إنقاذ اليهود" نشرت تعليمات ليهود مدينة أومان الأوكرانية، وشملت تعليمات لحمايتهم في حال بدأ الغزو الروسي.

ووضعت المنظمات اليهودية مخططات لإنقاذ يهود أوكرانيا حال بدء الغزو، ومن ضمنها خطة لإخراج الآلاف منهم إلى العاصمة كييف مباشرة وبشكل سريع من خلال قواهم وقدراتهم الذاتية واستخدام المواصلات العامة، ومن ثم يجري إجلاؤهم بطائرات إلى تل أبيب.

وكذلك وضعت المنظمات خطة لإخراج اليهود من شرق أوكرانيا إلى بولندا، وتتطلب الخطة إجلاء عائلات بأكملها من جميع مناطق أوكرانيا بواسطة حافلات.

إسرائيل تدخل على الخط

التزمت إسرائيل الصمت حيال الأزمة الأوكرانية، وذلك في ظل مساعيها للحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا وكذلك الحكومة الأوكرانية، إضافة إلى "خشيتها" على مصير عشرات الآلاف من يهود أوكرانيا.

لكن، خرجت تل أبيب عن صمتها مؤخراً وقررت الدخول على الخط من خلال تصريحات رسمية، أعقبت اجتماعات حثيثة عقدها رئيس الوزراء نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لبيد وعدد من المسؤولين في المستوى السياسي.

وقالت تل أبيب في بيان، الأربعاء، إنها "تدعم وحدة الأراضي الأوكرانية، وسيادة أوكرانيا في مناطقها".

وأضافت: "إسرائيل تخشى أيضاً على سلامة الآلاف من مواطنيها الذين يعيشون في أوكرانيا وكذلك على الجالية اليهودية الكبيرة هناك".

وقالت صحيفة "معاريف" العبرية إن "تل أبيب تستعد لإرسال مساعدات إنسانية لأوكرانيا وتجري اتصالات متواصلة مع السلطات هناك".

مداولات مستمرة

وحسب الصحيفة، البيان الإسرائيلي جاء بعد أيام من عقد مداولات رفيعة المستوى في الحكومة الإسرائيلية بشأن الموقف من الأزمة. وقد أكد المسؤولون في جلسات مغلقة أنه على الرغم من التنسيق الأمني المتواصل مع روسيا في سوريا إلا أن إسرائيل عليها أن تأخذ جانباً مع الغرب والولايات المتحدة التي تعتبر شريكاً مهماً لتل أبيب.

وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى إن "إسرائيل بهذا البيان لم تأخذ جانباً في الأزمة، هذا الموقف الأكثر توازناً فيما يتعلق بالمصالح الأمنية والسياسية لإسرائيل".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد قال الأسبوع الماضي إن حكومته "

تبذل جهوداً حثيثة ومتواصلة لاستقدام يهود أوكرانيا"، ورغم ذلك شدد على أن "قدرة الحكومة الإسرائيلية على ضمان سلامتهم في حالات الطوارئ محدودة".

وتوجهت حكومة إسرائيل بطلب إلى السلطات الروسية لمساعدتها في إجلاء مواطنين ودبلوماسيين في حال حدوث غزو روسي لأوكرانيا.

TRT عربي - وكالات