الأزمة الأوكرانية تظهر الانقسامات العميقة في صفوف المشرعين الأميركيين


يسود تقليد قديم في السياسة الأميركية يقضي بتوحد الديمقراطيين والجمهوريين عندما تلوح أزمة في الخارج، وذلك مهما كانت الخلافات التي تهيمن على الأجندة المحلية.
لكن تهديد الحرب في أوكرانيا يختبر بجدية الدور التقليدي للكونغرس بوصفه شريكاً للبيت الأبيض في السياسة الخارجية، على خلفية الانقسامات العميقة في صفوف المشرعين التي تحول دون تشكيلهم جبهة موحدة.
حاول الجمهوريون في مجلس النواب هذا الأسبوع إذلال الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن بنشر صورة له على «تويتر» وهو يبتعد عن المنصة بعد إعلانه فرض عقوبات على روسيا. وجاء في تعليق على الصورة: «هذا ما يبدو عليه... موقف ضعيف على الساحة الدولية».
وهذا التعليق يؤكد أن القول المأثور: «السياسة تقف عند الضفة» أصبح من مخلفات أمة كانت أقل انقساماً قبل التدخلات في أفغانستان والعراق وليبيا ودول أخرى.
وتأكيداً على غياب توافق، أمضى أعضاء مجلس الشيوخ شهراً في محاولة غير مثمرة للاتفاق على تشريع من شأنه أن يضر بالاقتصاد الروسي ويحرر الأموال لدعم قدرات أوكرانيا الدفاعية.
في مجلسي النواب والشيوخ، حث السياسيون من كلا الفريقين الرئيس بايدن على اتخاذ موقف حازم من عدوان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا؛ حليف الولايات المتحدة.
لكن العديد من الجمهوريين حاولوا استغلال الفرصة وهاجموا بايدن لكونه «ضعيفاً» في مواجهة الأزمة، بينما اقترحوا في الوقت نفسه أنه ينبغي على الولايات المتحدة ألا تتدخل.
وقالت الخبيرة في السياسة الأميركية، كارلي كوبرمان، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الكونغرس لم يعد يضع جانباً الخلافات المحلية من أجل تشكيل جبهة موحدة قوية من الخارج. وهذه السياسة سيئة للغاية».
وأضافت: «هذا يجعلنا نبدو ضعفاء ويعزز موقع بوتين ويضر بديمقراطيتنا».
أثارت كوبرمان والمؤلف المشارك داغلاس شون قضية الانقسامات الداخلية التي تقوض السياسة الخارجية للولايات المتحدة في كتابهما الأخير «أميركا: الاتحاد أو الموت».
وقال شون (عمل مستشاراً لحملتي مايكل بلومبرغ وبيل كلينتون) لوكالة الصحافة الفرنسية: «من الصواب القول إن العديد من أعضاء الكونغرس تخلوا عن أدوارهم التقليدية في السياسة الخارجية».
وأضاف: «هذا تطور فظيع يضر بالديمقراطية الأميركية ويضر بمصالحنا الوطنية».
في حين كان بايدن واضحاً في أنه لن يكون هناك جنود أميركيون على الأرض في أوكرانيا، استغل بعض الجمهوريين المخاوف بشأن اتساع النزاع الأوروبي لطرح شعار الرئيس السابق دونالد ترمب: «أميركا أولاً» مجدداً.
حتى إن ترمب نفسه - الذي لا يزال الزعيم الجمهوري الفعلي - أشاد بـ«عبقرية» بوتين في الاعتراف بمنطقتين انفصاليتين في أوكرانيا، وهي خطوة نُظر إليها على أنها مقدمة للغزو.
كان الجمهوريون العاديون يتوقعون حضورا قوياً للولايات المتحدة على الساحة الدولية في مؤتمر ميونيخ حول الأمن في نهاية الأسبوع الماضي، لكن معسكر «أميركا أولاً» دفع باتجاه انعزالية أكبر.
وكتب عضو الكونغرس عن ولاية أريزونا، بول غوسار، على «تويتر»: «يجب أن نطلق على أنفسنا اسم (أوكرانيا) وعندها ربما يمكننا حمل حلف شمال الأطلسي على التدخل وحماية حدودنا».
قال مؤلف كتاب «هيلبيلي إيليجي» جاي دي فانس، وهو من أنصار ترمب ويتنافس على مقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، إنه غير مهتم بما يحدث في أوكرانيا.
وأضاف في تصريح عبر الفيديو: «ما يهمني حالياً هو أن السبب الرئيسي للوفيات في مجتمعي للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عاماً هو مادة الفنتانيل المكسيكية التي تهرب عبر الحدود الجنوبية».
وكانت المواقف المشككة أكثر حذراً والنقد أكثر اعتدالاً.
وأعلن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، أن الانسحاب الفوضوي من أفغانستان شجع بوتين، بينما اتهم ليندسي غراهام حليف ترمب رغم أنه من المحافظين في السياسة الخارجية، بايدن «بمغازلة» بوتين.
في واشنطن، تتجه النخب في مجال السياسة الخارجية إلى أن تكون أكثر دعماً للدور النشط لأميركا على الساحة الدولية من الرأي العام عموماً.
لكن 54 في المائة من الأميركيين يؤيدون قرار بايدن تعزيز الجبهة الشرقية لـ«حلف شمال الأطلسي»، وفقاً لاستطلاع أجرته جامعة «كوينيبياك» الأسبوع الماضي. وبهامش يقارب «اثنين إلى واحد»، قال المستطلعون إن روسيا تشكل تهديداً عسكرياً على الولايات المتحدة.
في الجانب الديمقراطي، كانت الانتقادات للبيت الأبيض معتدلة والتساؤلات حول رد الإدارة الأميركية على الأزمة في أوكرانيا أقل حدة.
وأثارت زعيمة مجلس النواب نانسي بيلوسي، أمس (الأربعاء)، أسئلة قالت إن النواب يطرحونها؛ بما في ذلك دور القوات الأميركية في أوروبا الشرقية.
وقالت: «أحد التحديات التي نواجهها هو التوصل إلى اتفاق حول ما يمكن للرئيس أن يفعله. ما الإطار؟ ما الجغرافيا؟ ما الجدول الزمني لكل ذلك؟». وأضافت: «غالبا ما كان ذلك مثيراً للجدل».


تاريخ الخبر: 2022-02-24 15:22:04
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 90%
الأهمية: 92%

آخر الأخبار حول العالم

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:46
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:49
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية