تعهّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة بالبقاء في كييف، حيث تقاتل قواته الغزاة الروس الذين يتقدمون صوب العاصمة في أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

وشنّت روسيا غزوها براً وجواً وبحراً الخميس، بعد إعلان فلاديمير بوتين الحرب. وفرّ ما يقدّر بنحو 100 ألف شخص، بينما هزت الانفجارات وإطلاق النار المدن الرئيسية. ووردت أنباء عن مقتل عشرات.

ويقول مسؤولون أمريكيون وأوكرانيون إن روسيا تهدف إلى الاستيلاء على كييف والإطاحة بالحكومة. وسيطرت روسيا الخميس على محطة تشيرنوبل للطاقة النووية سابقاً في شمال كييف، على امتداد أقصر طريق مؤدٍّ إلى العاصمة من بيلاروسيا، حيث نشرت موسكو قوات.

رقعة العقوبات تتسع

كشفت الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وكندا وأستراليا والاتحاد الأوروبي عن مزيد من العقوبات على روسيا بهدف إبعاد البنوك والحكومة والنخبة الروسية خارج النظام المالي العالمي. وكانت روسيا تعرّضت لعقوبات هذا الأسبوع، منها تحرُّك ألماني لوقف خط غاز "نورد ستريم 2" من روسيا الذي يتكلف 11 مليار دولار.

ووصف مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إجراءات الاتحاد بأنها "أقسى مجموعة من العقوبات نفذناها على الإطلاق".

وتعرّضت الصين لضغوط بسبب رفضها وصف الهجوم الروسي بأنه غزو.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن متحدثاً للصحفيين في البيت الأبيض: "أي دولة تقبل العدوان الروسي السافر على أوكرانيا ستُلطخ (بدمائه)".

ورفض التعليق مباشرة على موقف الصين.

وروسيا واحدة من أكبر منتجي الطاقة في العالم، وهي وأوكرانيا من بين أكبر مصدري الحبوب. وستضر الحرب والعقوبات بالاقتصادات في جميع أنحاء العالم في وقت تواجه فيه بالفعل أزمة مع خروجها من جائحة فيروس كورونا.

تقدم عسكري

وقال زيلينسكي الجمعة إنّ 137 من العسكريين والمدنيين لقوا حتفهم في القتال حتى الآن وأُصيب مئات آخرون. وكان مسؤولون أوكرانيون أعلنوا بوقت سابق مقتل 70 على الأقل.

وقال أنطون غيراشينكو مستشار وزير الداخلية الأوكراني إن القوات الأوكرانية أسقطت طائرة فوق كييف بوقت مبكّر الجمعة، قبل أن تصطدم بمبنى سكني لتشتعل به النيران.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الطائرة مأهولة.

في غضون ذلك قالت خدمة حرس الحدود الأوكرانية الجمعة إن ضربة صاروخية أصابت موقعاً حدودياً أوكرانياً في منطقة زابوريجيا جنوب شرقي البلاد، ما أدى إلى مقتل وإصابة لبعض الحراس.

وليس للمنطقة حدود برية مع روسيا، لكنها تقع على ساحل بحر آزوف الذي تشترك فيه أيضاً دول جوار.

وأرسلت واشنطن وأعضاء آخرون في حلف شمال الأطلسي مساعدات عسكرية لأوكرانيا لكن لا يوجد تحرك لإرسال قوات للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية خوفاً من اندلاع صراع أوروبي أوسع.

وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن أوكرانيا بحاجة إلى "مزيد من الأسلحة لمواصلة القتال (..) عدد الدبابات والعربات المدرعة والطائرات والمروحيات التي ألقتها روسيا على أوكرانيا لا يمكن تصوره".

فقدان السيطرة على تشرنوبيل

هذا وقد قالت هيئة الرقابة النووية الحكومية في أوكرانيا إن قوات لا تحمل شارات تعريف استولت على محطة تشيرنوبل على بعد 90 كيلومتراً شمالي كييف، ونزعت سلاح وحدة عسكرية أوكرانية تحرس المحطة.

وقالت الهيئة التنظيمية إنه لم يقع ضحايا ولم يُدمّر أي شيء وإن مستويات الإشعاع لم تتغير.

وأضافت أنها أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها فقدت السيطرة على المحطة.

ومع ورود أنباء عن قتال عنيف على جبهات متعددة يصوّت مجلس الأمن الدولي الجمعة على مشروع قرار يندد بالغزو الروسي ويطالب بانسحاب موسكو الفوري.

ومع ذلك يمكن لموسكو استخدام حق النقض (الفيتو) ضد هذا الإجراء، ولم يتضح كيف ستصوّت الصين التي رفضت وصف الخطوة الروسية بأنها غزو.

وقال البيت الأبيض إن تقارير موثوقة تفيد باحتجاز جنود روس العاملين بمحطة تشيرنوبل "رهائن".

جاء ذلك على لسان المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي في مؤتمر صحفي مساء الخميس، إذ لفتت إلى سيطرة القوات الروسية على محطة تشيرنوبل النووية.

وأعربت عن انزعاج الولايات المتحدة من هذا الأمر، وإدانتها لهذا التصرف.

وأكدت أن واشنطن تشعر بقلق بالغ بهذا الشأن، ودعت إلى إطلاق سراح​​​​​​​ الموظفين بأسرع وقت.

انفجارات تهزّ كييف

وأفاد مراسل وكالة "الأناضول" بسماع دوي انفجارات في العاصمة الأوكرانية كييف فجر الجمعة.

وأوضح أن أصوات انفجارات متتالية سُمعت بعد الساعة 04.20 بالتوقيت المحلي في كييف.

وانطلقت صافرات الإنذار في كييف عقب وقوع انفجارات عديدة الخميس، ما دفع بعض الأهالي إلى محاولة مغادرة المدينة.

فيما لجأ آخرون إلى محطات المترو والطوابق السفلية للمباني، وتشكّلت طوابير طويلة أمام المصارف والصيدليات.

وأوكرانيا دولة ديمقراطية يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة، وهي أكبر دولة في أوروبا من حيث المساحة بعد روسيا. وصوتت لصالح الاستقلال عند سقوط الاتحاد السوفيتي، وكثفت في الآونة الأخيرة جهودها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وهي تطلعات تثير حنق موسكو.

ونفى بوتين لأشهر عدة أنه كان يخطط للغزو، حتى عندما حذّرت الولايات المتحدة من أن هجوماً يلوح في الأفق ونشرت صور الأقمار الصناعية للقوات الروسية وهي تحتشد على حدود أوكرانيا.

وأطلقت روسيا فجر الخميس عملية عسكرية في أوكرانيا تبعتها ردود فعل غاضبة من عدة دول في العالم ومطالبات بتشديد العقوبات على موسكو.

وأثار الغزو احتجاجات في الولايات المتحدة وأوروبا وداخل روسيا نفسها، إذ اعتقلت السلطات مئات المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع أمس الخميس.

TRT عربي - وكالات