تسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا في أزمة لأكثر من 10 آلاف طالب عربي، بينهم العديد من المغاربة والمصريين، وجدوا أنفسهم عالقين بين رحى الصراع، بينما تطرح إعادتهم إلى بلدانهم معضلة لحكوماتهم التي يفتقر بعضها إلى تمثيل دبلوماسي في كييف.

وفي 24 فبراير/شباط الجاري، شنّت روسيا هجوماً عسكرياً على جارتها أوكرانيا، مما أثار غضباً دولياً ودفع دولاً إلى فرض عقوبات على موسكو.

وأثر هذا التدخل العسكري سلباً على رعايا العديد من الدول في أوكرانيا، وبينهم رعايا الدول العربية، ما دفع العديد منها إلى التحرك لضمان سلامتهم.

ويقصد طلاب من دول عربية عدة أوكرانيا سنوياً لمتابعة تحصيلهم الجامعي خصوصاً في اختصاصَي الطب والهندسة نظراً إلى سهولة الحصول على تأشيرات الدخول، فيما يشكل المغاربة مع المصريين المكون الأساسي من الطلاب العرب الذين توجهوا إليها هرباً من نزاعات أو أزمات اقتصادية في بلدانهم.

والجمعة، تجمّعت عائلات الكثير من الطلاب المغاربة أمام مقر وزارة الخارجية في الرباط، مبدية قلقها إزاء مصير أبنائها، إذ يقطن حوالي 12 ألف مغربي بينهم 8 آلاف طالب في أوكرانيا، التي غادرها ثلاثة آلاف منهم ولا سيما في رحلات جوية خاصة، وفق وزارة الخارجية المغربية.

من بين هؤلاء الطالبة في اختصاص الصيدلة نسيمة أقتيد (20 عاماً) التي لم تجد وسيلة للخروج من مدينة خاركيف، ثاني مدن أوكرانيا وحيث دارت معارك في الشوارع بين قوات كييف وموسكو، بينما يلازم السكان منازلهم.

وتقول نسيمة: "فكّرت في مغادرة المدينة لكن الأمر مستحيل، فالحدود الأقرب إلينا هي الحدود مع روسيا"، وفق حديثها لوكالة الصحافة الفرنسية.

ووفق السفارة المصرية في كييف، عبر صفحتها بـ"فيسبوك" الأحد، فإنه بالتنسيق بينها والسفارات المصرية في الدول المجاورة بولندا والمجر وسلوفاكيا ورومانيا ووزارة الخارجية الأوكرانية، صدرت تعليمات إلى حرس الحدود الأوكراني بالسماح للمصريين بالمغادرة من نقاط الحدود مع الدول المجاورة كافة.

وقالت وزيرة الهجرة المصرية، نبيلة مكرم، في تصريح متلفز السبت، إن 800 مصري غادروا أوكرانيا وفى الطريق إلى رومانيا، وإجمالاً، يوجد 6 آلاف مصري في أوكرانيا، بينهم 3964 طالباً، وفق الوزيرة.

أما محاولات الطالب اللبناني سمير عطالله (25 عاماً) لمغادرة أوكرانيا لم تثمر بعد، شأنه شأن نحو 750 طالباً لبنانياً عالقين في مدن أوكرانية عدّة، من إجمالي 1300 كانوا موجودين قبل بدء الأزمة.

ويقول سمير قبل وقت قصير من مغادرة خاركيف إلى منطقة أخرى "تركت لبنان قبل شهر ونصف جراء الانهيار الاقتصادي بعدما ادخرت مالاً وبعت سيارتي من أجل الدراسة هنا"، لافتاً إلى أن الحرب بدأت بعد وصوله بوقت قصير.

ويوضح "نحاول التواصل مع السفارة اللبنانية وملأنا استمارة على موقعها"، من دون جدوى، وفق حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية.

وتحدّث علي شريم، رئيس الجالية اللبنانية في أوكرانيا، عن معاناة الطلاب اللبنانيين وبينهم شابات "يبتن في محطات المترو".

وأوضح أنه "أرسل لهن الطعام" لأنه غير قادر على إيوائهن، لافتاً إلى وجود طلاب في العشرينيات "لا يتكلمون اللغة الأوكرانية ولا الروسية".

في بيروت، نصح وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب اللبنانيين في أوكرانيا بـ"البقاء في أماكن آمنة لحين جلاء الأمور"، إذ لا توجد "ممرات آمنة لمغادرتهم".

وفي الأردن، قالت وزارة الخارجية، عبر بيان السبت، إن "القناصل وموظفي السفارات سهّلوا إلى الآن إجراءات عبور ودخول 61 مواطناً أردنياً على النقاط الحدودية بين أوكرانيا و5 دول هي بولندا ورومانيا وهنغاريا (المجر) وسلوفاكيا ومولدوفا".

وأفادت سفارة الجزائر في بولندا، بتنظيم عمليات إجلاء لرعاياها في أوكرانيا عبر حدود بولندا، بالتعاون مع سلطات الأخيرة.

فيما أوضح طلاب عراقيون وسوريون، أنهم أكثر من يواجهون صعوبات في العودة إلى بلدانهم.

وحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف، هناك 5537 عراقياً في أوكرانيا بينهم 450 طالباً يتوزعون على 37 جامعة.

وتبذل دول عربية أخرى جهوداً لإجلاء مواطنيها، فدعا المغرب رعاياه للتوجّه نحو نقاط حدودية مع رومانيا والمجر وسلوفاكيا وبولندا، وتعتزم تونس، التي لا تمتلك تمثيلاً دبلوماسياً في أوكرانيا، إرسال طائرات إلى بولندا ورومانيا لإعادة من يرغب من رعاياها البالغ عددهم 1700، ثمانون في المئة منهم طلاب.

ولم تصدر عن كل من الإمارات والبحرين وجزر القمر وجيبوتي وسلطنة عمان وقطر وسوريا والكويت، أي إفادة حديثة عن الوضع الراهن لرعاياها في أوكرانيا.

لكن قطر والبحرين والكويت والإمارات سبق أن طالبت، عبر بيانات منفصلة في 12 فبراير/شباط الجاري، رعاياها بمغادرة أوكرانيا، وحثت الراغبين في السفر إليها على تأجيله في الوقت الراهن.

TRT عربي - وكالات