الممرضون والأساتذة..كيف وجدت الحكومة نفسها في قلب زوبعة احتجاجات فئوية؟


تنتقل عدوى الاحتجاجات من فئة إلى أخرى، فلا يكاد يمر أسبوع دون إضرابات أو وقفات ومسيرات احتجاجية، يقصد أصحابها مطالب بعينها ودفع الفاعل الحكومي إلى انتهاج سكتها بما يحفظ مصالحهم ويتوافق مع ماينص عليه دستور المملكة، وعلى رأسهم الأساتذة المتعاقدون وحاملوا الشهادات وطلبة كلية الطب والممرضون والمتصرفون ودكاترة الوظيفة العمومية وغيرهم من الفئات من الفئات التي اختارت الإضراب والنزول للشارع للصدح بمطالبها.

 

منذ تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة المليادير عزيز أخنوش، حملت في طياتها متغيرات على “الكم والنوع السياسي” كونها أول حكومة يتم الاقتصار فيها على ثلاث أحزاب فقط وهي بالمناسبة المحتلة للترب 3 الأولى فيسباق انتخابات الثامن من شتنبر ” أحزاب التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، والإستقلال”، مايعزز وفق التصريح الحكومي سبل الانسجام وتضامن الأغلبية.

 

تشكيل جديد رافقته مشاورات جديدة قديمة لحل إشكالات عالقة على غرار ملف الأساتذة المتعاقدين، ذلك الملف الشوكة في حلق وزارة التربية الوطنية التي أجرت حوارات ماراتونية بشأن حلحلتها دون نتيجة تذكر، وما زاد من حجم التعقيد والاحتقان داخل منظومة التعليم الوطنية “تجويد خدمات المدرسة العمومية وارتباطها بتسقيف سن المترشحين الراغبين في ولوج مباريات التعليم في 30 سنة كحد أقصى”، من هذا الملف وجهت سهام النقد للحكومة الجديدة.

 

متعاقدون إلى حين

 

يعيش المغرب على وقع احتجاجات وشد وجذب بين الحكومة وأفواج من المتعاقدين في قطاع التعليم تحديدا. وتعود فصول الأزمة إلى اعتماد الحكومة لنظام التعاقد بدلا عن التوظيف المباشر في إطار سياسة الدولة للتحكم في كتلة الأجور وضبط الميزانيات العمومية، والتقليل من نسب البطالة.

 

وكانت الحكومة قدر أصدرت مرسومين سنة 2016  أحدهما يقلص من منحة التكوين والثاني يقضي بفصل التكوين عن التوظيف، على عكس ما كان معمولا به سابقا، حيث كان الأساتذة يُعتبرون مدمجين بمجرد تجاوزهم للمباراة. وكان المرسومان تمهيدا لانطلاق نمط التشغيل بالتعاقد الذي اقترحته الدولة لمواجهة الخصاص في المدرِسين بحسب تصورها، كما شكلا انطلاق شرارة الاحتجاج.

 

وتخوض تنسيقية الأساتذة المتعاقدين، منذ ما يقارب أربع سنوات، احتجاجات قوية تطالب من خلالها بالإدماج ضمن الوظيفة العمومية، لكن الوزارة المعنية تصر على أن نظام العقدة هو “خيار دولة” لا محيد عنه جاء من أجل تجويد المنظومة التعليمية.

 

ممرضون ولكن

 

ودخل الممرضون منذ مدة في إعلانات عن إضراب واحتجاجات مطالبة بتسوية وضعهم الإداري، حيث يتهم الممرضون وتقنيو الصحة، القطاعات الحكومية للصحة والحماية الاجتماعية والاقتصاد والمالية، بـ”إقصائهم”، ويتمثل ذلك في “التعتيم الغريب الذي يطال إعدادها لمشروع قانون الوظيفة العمومية الصحية”.

 

ويعتبر أصحاب الوزرة البيضاء أنفسهم مقصيين من مخرجات الحوار القطاعي؛ واصفين  الاتفاق الموقع بـ “المهزلة،” وأنه تنكر لمطالب الممرضين وتقنيي الصحة الذين كانت مطالبهم مدرجة ضمن اللجان الموضوعاتية التي تم تشكيلها في عهد الحكومة السابقة من أجل مناقشة مطالب الممرضين قبل تحويلها إلى اللجان المركزية.

 

ويتجلى لمطلب الأساسي القاضي بالتعويض عن الأخطار المهنية لم يتم إدراجه ضمن الاتفاق. كما أن هناك مطالب لا تحتاج لأي كلفة مادية؛ ومنها الهيئة الوطنية لممرضين وتقنيي الصحة ومصنفي الكفاءات والمهن، ومراجعة شروط الترقي، بالإضافة إلى توظيف الخريجين الذين يعانون العطالة، أكثر من 6000 خريج عاطل علما أن الوزارة الوصية على القطاع الصحي تعرف خصاصا كبيرا في الأطر.

 

أسباب بنيوية

 

يقول في هذا الإطار محمد يحيى المحلل السياسي وأستاذ القانون العام إن أسباب الاحتجاجات التي يعرفها المغرب ولاسيما خلال الأشهر الماضية هي نتيجة ارتباطها بمطالب فئوية أو قطاعية ليست وحدها وراء موجة الاحتجاجات التي يشهدها المغرب، بل هناك أسباب بنوية تتعلق بعدم قدرة الحكومة على تنفيذ التزاماتها وإن مازال الوقت مبكرا نسبيا على محاسبة الحكومة على عملها، بيد أن مؤشرات تذهب في اتجاه تقصير السياسات العمومية في الدفاع عن المواطن البسيط والطبقات المتوسطة التي زاد عبؤها من خلال السنوات الماضية.

 

وفي حديثه ل”الأيام 24″ يضيف المتحدث أن حكومة أخنوش ورثت عبأ ثقيل نوع ما من الحكومات الماضية سواء مايتعلق باعتماد نظام التعاقد أو اتباع سياسات اجتماعية واقتصادية كإصلاح صندوق المقاصة الذي أفضى إلى تحرير سوق المحروقات وبالتالي انعكاسها السلبي على الوضع المعيشي للمواطن، أيضا الظروف المناخية التي عطلت وتيرة الاقلاع الاقتصادي، خاصة وأنه مرتبط بشكل وثيق بالتساقطات المطرية.

 

سقف عال

 

القضايا والمطالب الفئوية، ترخي بظلالها على أولى جولات الحوار الاجتماعي،فسقف الانتظارات عال للغاية بالنظر إلى المطالب المتزايد وفك مشاكل اجتماعية واقتصادية كمرتبطة بفئات في وضعية هشاشة إلى  الارتفاع الكبير للأسعار نتيجة عدم تدخل الدولة بشكل سريع وعدم تجاوبها مع التقلبات الحالية في الظرفية الاقتصادية العالمية خصوصا في سوق الطاقة.

 

من جملة  الإشكالات ذات الصلة، مايتعلق بالقدرة الشرائية للمغاربة والأجور المتدنية والحريات النقابية، وتسريع الآلاف من العمال من الشركات نتيجة تداعيات جائحة كورونا بالإضافة إلى تحسين ظروف عيش المغاربة، خصوصا الطبقة العاملة.

 

يأتي هذا في الوقت الذي اعتبر فيه نقابيون أن دعوة رئيس الحكومة لعقد أولى جلسات الحوار الاجتماعي، متأخرة بالنظر إلى الاحتجاجات وتنامي الاحتقان الاجتماعي والجفاف وتداعيات جائحة كورونا والظرفية الاقتصادية والاجتماعية.

 

تاريخ الخبر: 2022-03-06 00:17:43
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 83%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية