تمر اليوم الذكرى السادسة لرحيل المفكر والأكاديمي الدكتور علي مبروك، الذي رحل في مثل هذا اليوم الموافق 19 مارس 2016.

وعلي مبروك واحد من أبرز المفكرين المصريين، والذي يعد بمثابة امتداد لجيل الكبار من المفكرين المصريين، وهو أحد تلامذة المفكر المصري  الدكتور نصر حامد أبوزيد.

يكشف الكاتب الصحفي محمد حربي العديد من التفاصيل حول تجربة المفكر والأكاديمي المصري علي مبروك، وذلك عبر حوار أجراه منذ أكثر من 16 عاما. 

علي مبروك: كنت رافضا للتخصص في علم الكلام

قال علي مبروك: عندما علمت أنه قد جرى تكليفي بالعمل فى تخصص علم الكلام، كان لذلك وقع سيئ على نفسي؛ حيث تصورت أنه سيتم اقتلاعي من المنطقة التي تستهويني بشكل كبير، وهي الفلسفة المعاصرة، وإجباري على العمل فى منطقة ميتة. هكذا تصورت الأمر فى البداية، ولكني عندما بدأت الدراسة اكتشفت أنه قد تم غرسي في التربة التي تناسبني حقاً. فأن تكون مأخوذاً بأسئلة العصر ومسكوناً بهمومه، ثم يتم غرسك في موروثك القديم- الذي لا يزال حياً- لابد أن يجعل منك شيئاً مختلفاً.

عن تخصصه وعمله في علم الكلام، أضاف المفكر والأكاديمي الراحل علي مبروك: "عندما ىتم تكليف أوائل الدفعات للعمل كمعيدىن فى الجامعات المصرية، فإنه يتم اختىار التخصصات التي سيعملون بها على أساس احتياجات القسم العلمي، والفراغ الحاصل فى تخصص من التخصصات، وليس على أساس الرغبات الآنية لهؤلاء المعيدىن. ورغم أن ذلك كان إيجابياً فى حالتي كما أشرت، فإنه يبقى أن تلك الإيجابة قد جاءت بمحض الصدفة السعيدة؛ وأعني- وتلك مشكلتنا الكبرى- أننا جميعاً ضحايا نظام تعليمي لا يسمح لنا بالتعرُّف على ما نريده- أو نقدر عليه- حقاً، ناهيك بالطبع عن أننا ضحايا نظام اجتماعي يحتفي بالمبهر على حساب الحقيقي.

وعن سؤال كيف وفقت بين رغبتك، وتكليف القسم؟ جاءت إجابة علي مبروك "كانت تستهويني الحداثة فعلاً، وبالطبع فإنك لا يمكن أن تطلب من شاب فى مقتبل عمره أن يغلق أبواب عالمه دونها.. وحتى إذا أردت ذلك، فإنك لا تقدر عليه. ورغم أن هذا الإعجاب لم يكن خالياً من بعض الانبهار، فإني سعيت إلى فهم ظاهرة الحداثة والوعي بأصولها. لم أكن غارقاً في الفتنة بإكسسواراتها وزخارفها؛ بل سعيت إلى امتلاك الوعي النقدي بالمفاهيم المؤسسىة لها. ولم يفارقني هذا النوع من الانشغال عندما رحت أعمل في حقل الدراسات الإسلامية.

وإذا كان تحقق الحداثة، وما ترتب على هذا التحقق من تحويل الغرب إلى قوة جبارة قادرة على أن تتحكم فى العالم، قد ارتبط بتبلور وانبثاق مفاهيم الإنسان والعقل والتاريخ، فإنى قد سعيت إلى إثارة الأسئلة حول تلك المفاهيم الحاكمة للعصر، فى ثقافة الإسلام. وهنا فإنه لا يمكن القول بأني أفرض على عالم التراث مفاهيم عالم الحداثة، لأن مدار الإنشغال فى ثقافتنا على مدى القرنين الأخيرين هو التساؤل عن سبب "تقدم الأوروبيين" فى مقابل "تخلُّف المسلمين"؛ الأمر الذي يكشف عن أن وعي صانعي النهضة العربية لا يفصل بين العالمين، بل يربط بينهما إلى حد أنه لا يفهم "تخلفنا" معزولاً عن "تقدمهم".

أما عن علي مبرووك فهو باحث وكاتب مصري، كان أستاذا للفلسفة بكلية الآداب- جامعة القاهرة، وعمل كنائب لمدير المعهد الدولي للدراسات القرآنية في جاكرتا. أصدر العديد من الكتب منها: "النبوة.. من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ"، و"لعبة الحداثة بين الجنرال والباشا"، و"الخطاب السياسي" و"السلطة والمقدس: جدل السياسي والثقافي في الإسلام". وله العديد من الدراسات المنشورة في دوريات وكتب مشتركة بالعربية والإنجليزية. توفى بتاريخ 19 مارس 2016.