كيف تواجه الحكومة «مستثمرى الحرب» بقوة القانون؟
كيف تواجه الحكومة «مستثمرى الحرب» بقوة القانون؟
بعد اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية؛ برز وجه سيئ للأزمة فى مصر، تمثل فى الجشع الذى أبداه بعض التجار، ممن استغلوا الأزمة فى رفع أسعار العديد من السلع لديهم، خاصة الغذائية، بينما عمد آخرون إلى تخزين هذه السلع، وعدم طرحها فى السوق بغية رفع أسعارها وتحقيق مكاسب غير مشروعة من وراء ذلك.
وتصدت، ولا تزال، الجهات المعنية فى الدولة لتلك الظاهرة، وعلى رأسها وزارة الداخلية، بالتنسيق مع الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة الداخلية، وذلك بتوجيه العديد من الحملات على الأسواق، أسفرت عن ضبط أطنان من السلع التى تم حجبها عن التداول بهدف بيعها بأزيد من أسعارها الرسمية.
«حماية المستهلك»: حملات مستمرة.. وتحرير محاضر للمتهمين وتحويلها للنيابة
قالت الدكتورة سعاد الديب، رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك، إن الفترة الحالية تشهد أزمة كبرى نتيجة زيادة أسعار السلع، بسبب تراجع استيراد بعض السلع، فى ظل الأزمة الأوكرانية، فضلًا عن جشع وتحكم التجار فى الأسعار، مؤكدة أن هناك حملات تُشن، حاليًا، بالتنسيق مع مباحث التموين، للتأكد من التزام أصحاب المحال التجارية بالأسعار الرسمية لكل المنتجات.
وأضافت: «يتم تحرير محاضر للمخالفين وتحويلها للنيابة العامة، فور ضبط أى محال تجارية تفرض أسعارًا غير حقيقية، وكذلك محلات الملابس التى تروج عروضًا وهمية وتغش الزبائن، وتكون العقوبة فى هذه الحالة هى الغرامة المالية، وقدرها ٥٠٠ جنيه أو الحبس لمدة ٣ أشهر، ومن الممكن الجمع بين العقوبتين معًا فى جرائم الغش التجارى».
وطالبت «الديب» رئيس الوزارء بتطبيق المادة الـ١٠ من قانون تشجيع المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، التى توجب إعلان أسعار محددة للسلع التى تشهد زيادة غير مبررة فى أسعارها، وذلك خلال فترة زمنية محددة.
وتابعت: «لا بد من تطبيق عقوبة الاحتكار على التجار الذين يخزنون السلع لفترة طويلة؛ لبيعها بأسعار مضاعفة، مع إعلان أسمائهم للجمهور؛ ليكونوا عبرة لغيرهم»، مؤكدة أن ذلك سيسهم بشكل كبير فى مواجهة احتكار السلع وزيادة الأسعار.
كما طالبت جميع المستهلكين بعدم التكالب على شراء سلع تفوق احتياجاتهم، فضلًا عن الشراء من المجمعات الاستهلاكية ومنافذ البيع الرسمية، التى تشهد تخفيضًا فى الأسعار مقارنة بغيرها من المنافذ الأخرى.
«التموين»: مصادرة السلع المضبوطة لدى أى متلبس بالتخزين
حذرت وزارة التموين محتكرى السلع من تطبيق عقوبات رادعة طبقًا للقانون، بجانب مصادرة السلع المضبوطة لدى أى تاجر متلبس بتخزين السلع، على أن تطرح المضبوطات بفروع المجمعات الاستهلاكية التابعة للوزارة بأسعار مخفضة ومدعمة للمواطنين.
وأكدت الوزارة شن حملات مكثفة للتفتيش على الأسواق والمحال التجارية؛ من أجل تشديد الرقابة، وذلك بالتعاون مع مديريات التموين على مستوى المحافظات، للتأكد من توافر السلع للمواطنين بالأسعار المعلنة من الوزارة، وضبط المخالفين من التجار، سواء بتغيير الأسعار، أو بحجب السلع عن بيعها للمواطنين، أو بتخزين السلع فى مخازن المحلات.
قانونى: الحبس سنة وغرامات تصل لمليونى جنيه للمخالفين
قال المحامى أيمن محفوظ إن عقوبة إخفاء السلع هى الحبس سنة والغرامة تصل إلى مليونى جنيه.
وأضاف: «هناك تجار ينتظرون حدوث أى أزمة لتحقيق أكبر استفادة ممكنة، باستغلال المواطنين واحتكار السلع ورفع أسعارها ومنع بيعها، لكن القانون الخاص بحماية المستهلك رقم ١٨١ لسنة ٢٠١٨، يفرض عقوبات رادعة لمن يرتكب أفعالًا تتعلق باحتكار بعض السلع، خاصة السلع الاستراتيجية».
وواصل: «القانون نص على أن يحدد رئيس الوزراء هذه السلع، ويتخذ إجراءات شديدة مع من يمارس إخفاء السلع أو زيادة أسعارها واحتكارها، فقد نصت المادة ٨ من قانون حماية المستهلك على تجريم احتكار السلع».
وتابع: «يحظر حبس المنتجات الاستراتيجية المعدة للبيع عن التداول بإخفائها، أو عدم طرحها للبيع أو الامتناع عن بيعها أو بأى صورة أخرى، ويلزم القانون الخاص بحائزى المنتجات الاستراتيجية من التجار، بإخطار الجهة المختصة بالسلع المخزنة لديهم، والكميات المحددة».
وأشار إلى أن عقوبة الاحتكار، كما نصت المادة ٧١ من القانون فى باب العقوبات، هى أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة تصل إلى مليونى جنيه، أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيهما أكبر.
وقال: «شدد القانون فى حالة العودة، بمعاقبة المتهم بالحبس مدة تصل إلى خمس سنوات، وتضاعف قيمة الغرامة أيضًا، وفى جميع الأحوال، تقضى المحكمة بالمصادرة وينشر الحكم فى جريدتين يوميتين واسعتى الانتشار على نفقة المحكوم عليه». واختتم: «رغم تصدى القانون لعمليات احتكار السلع، إلا أننى أطالب بتشديد هذه العقوبات، خاصة أثناء فترات الأزمات التى تمر بها الدولة».
«تجارية القاهرة»: جشع المستوردين سبب الأزمة
كشف عبدالفتاح مصطفى، عضو شعبة المواد الغذائية فى الغرفة التجارية بالقاهرة، عن تعمد مجموعة معينة من كبار التجار وأصحاب المخازن تخزين بضائعهم ومنعها عن الأسواق، بقصد حدوث ارتباك لدى المحال التجارية، وبيعها لأصحاب هذه المحال بأسعار مضاعفة، فيضطرون لبيعها بسعر أغلى مما كان فى السابق.
وقال «مصطفى» إن مصر تستورد الزيوت بنسبة ١٠٠٪ من أوكرانيا، والقمح من أوكرانيا وروسيا، ما يبرر وجود تأثر واضح لسعر هاتين السلعتين بالزيادة بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، لكن هناك منتجات أخرى ليست لها أى علاقة بما يحدث حاليًا، ومع ذلك عمد التجار إلى زيادة سعرها لكسب أكبر قدر ممكن من الأموال.
وألقى باللوم كذلك على بعض مستوردى السلع الغذائية، ممن يفرضون أسعارًا باهظة على التجار، وبالتالى التسبب فى رفع أسعارها لدى تجار الجملة والتجزئة على حد سواء، ليصبح الجميع فى النهاية ضحية مستغلى الأزمة من الجوانب كافة.
«الصناعات الغذائية»: تجار رفعوا ثمن منتجات متوافرة محليًا ولا نستوردها من الخارج
ذكر خالد عيش، عضو مجلس الشيوخ رئيس النقابة العامة للعاملين فى الصناعات الغذائية، أن العديد من التجار رفعوا أسعار منتجات متوافرة محليًا، ولا يتم استيرادها من الخارج، وبالتالى لا علاقة لها بالتطورات الأخيرة فى أوكرانيا.
وأوضح «عيش» أن السكر من بين هذه السلع الغذائية التى شهدت ارتفاعًا غير متوقع فى الأسعار، خلال الفترة الأخيرة، رغم زراعة قصب السكر بمساحات كبيرة فى مصر، وعدم استيراد هذه السلعة إطلاقًا، مضيفًا: «التجار تعمدوا فرض أسعار وهمية لاستغلال المواطنين بحجة الحرب الروسية الأوكرانية».
وشدد على أن المخزون الاحتياطى للسلع الغذائية لا يلزم معه رفع أسعار المنتجات لدى التجار، لأنه مناسب ويكفى عدة شهور مقبلة، لذا تعمل الجهات الأمنية على رصد وملاحقة كل من يستغل الأزمة العالمية، سواء باحتكار السلع أو بيعها بأكثر من سعرها الحقيقى بغرض كسب أموال غير مشروعة.
واختتم بقوله: «نعتقد أن أزمة احتكار السلع ستنتهى قريبًا، بعد تدخل الجهات المعنية، وشن الحملات الأمنية على المتسببين فى ذلك، بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين دون استغلالهم، وفى نفس الوقت، نطالب المواطنين بعدم شراء أى سلع يفرض تُجارها أسعارًا غير رسمية».
